عصر الجريمة في ليبيا
عصر الجريمة في ليبيا
عبد المنصف البوري
9/1/2014
في مدينة بنغازي كم يشعر المواطن
بالإحباط وبقساوة ما آلت إليه الاوضاع الأمنية من تدهور خطير ومرارة
شديدة نتيجة عجز السلطات الرسمية عن القيام بشئ فعّال لإيقاف الانفلات
والتدهور الأمني الذي فاق الحدود، فالمواطنين يكابدون مضاضة العيش وهم
يتجرعون كل يوم الإحساس بغياب الأمن والأمان من جرّاء استمرار الاغتيالات
والقتل والتفجيرات والخطف والابتزاز والفوضى حتى تأكد لسكان المدينة
المكلومة أن لغة الندب والنحيب والشكوى لن تساعد علي تغيير هذا الواقع
الاليم.
ففي الآونة الأخيرة انتشرت جرائم
خطف الأطفال مقابل فدية، خصوصاً بعد ثورة 17 فبراير، غير أن الجديد في
الأمر أن الجريمة المتعلقة بخطف الأطفال هي ظاهرة غير مألوفة وغير متعارف
عليها اطلاقا في ليبيا عبر تاريخها الطويل، ولم تعرف عمليات الخطف بصفة
عامة إلا للرجال والخصوم السياسيين في اثناء حكم الدكتاتور القذافي ولأسباب
سياسية في معظمها أو للانتقام.
بعد ثورة فبراير للأسف الشديد
اختلف الوضع تماماً، حيث تسبب الأنفلات الأمني وحالة الفوضى العارمة
وانتشار السلاح في ايدي الكثير من العابثين الذين لبسوا كل الاثواب الدينية
والثورية والمجرمين وتجار المخدرات والمتاجرين بالبشر ونمو حرفة التحايل
وصنعة البلطجة والخطف، مما أدى إلي تفشي جرائم الخطف والسرقة بالإكراه،
والاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض، أو سرقة السيارات أو الهجوم على
المحلات أو ترويع الآمنين علي الطرقات وغيرها، فكل هذه مظاهر من الانفلات
الأمني الذي تعانيه ليبيا في الآونة الأخيرة، و حالات اختطاف الأطفال ترتبط
بالظروف التي تمر بها ليبيا بعد الثورة خاصة حالات هروب العديد من
المجرمين والبلطجية من السجون، حيث وجدوا فرصة كبيرة ومهيأة ليمارسوا كل
عمليات الإجرام الممكنة.
لقد اصبح خطف الأطفال وحتى
الرجال البالغين مقابل فدية كبيرة، لإطلاق سراحهم، أو السياسيين كما حدث مع
رئيس الوزراء أو العسكريين لممارسة نوع من الابتزاز السياسي وقد أدى تكرار
تلك الحوادث “خطف الأطفال” إلي انتشار القلق والخوف على الابناء لدى الأسر
الليبية، وللأسف لم تتحرك أي جهة رسمية لمعرفة الخاطفين والسعي للقبض
عليهم واسترداد الاطفال المخطوفين وتركت اهاليهم وذويهم يتجرعون الألم
والحسرة وعذاب فراق اولادهم.
وقد يكون هناك قصوراً في العملية
التنظيمية للإبلاغ عن المفقودين، مما يؤدي إلى إعطاء فرصة للمجرمين
بممارسة الابتزاز قبل أن تتحرك الاجهزة الأمنية، فمن المفترض أن يتم
الابلاغ عن المفقود أو المفقودين بشكل سريع والتحرك فوراً عقب الإبلاغ
للبحث عن المختطف، لأنه في ذلك الوقت يمكن أن يصاب الغائب بمكروه من
الخاطفين.
لقد زادت حوادث خطف الأطفال خاصة
تلك التي لم يعلن عنها حتى كادت تكون شبه ظاهرة لم تجد من ويتصدى لها
ويردعها، فتراخي الحكومة والسلطات الرسمية وكافة الاجهزة المعنية بالأمن
ضاعف من تجرؤ العصابات والقتلة وتجار المخدرات واللصوص على تحدي الجميع
وإذا لم تواجه هذه الجرائم الخطيرة بشكل اكثر صرامة، قد يصعب السيطرة
عليها، وهي بداية لما هو أكثر في ترويع المواطنين، وبالتالي لابد بأن يكون
هناك تضافر ما بين الشرطة والجيش وكافة الاجهزة الأمنية والمخابرات
والمباحث العامة والجنائية من اجل المراقبة والمتابعة فضلا عن ضرورة تشديد
العقوبة، وأن يتم تطبيق قانون الطوارئ، وقانون العقوبات وأن تصل العقوبة
للإعدام علي كل من يقوم بخطف طفل، حتى يكون هناك رادع للمجرمين، ويجب أن
تكون هناك توعية للأسر والأهالي بعدم ترك أطفالهم في ظل الظروف الراهنة
وحدهم، وعلى المواطنين تأمين أنفسهم، والقيام بالإبلاغ عن حالات الاختطاف
وعلي كل الاجهزة المكلفة عدم التهاون مع الخاطفين، وبأن تسعى للقيام
بالقبض علي الخاطفين والقتلة بأسرع وقت ممكن، أو إطلاق الرصاص عليهم، طبقاً
للقانون، وذلك لمن يقاوم السلطات، ويجب على وسائل الإعلام الليبية التروي،
وتحري الدقة في الحديث عن حالات الاختطاف، وعدم إثارة الاضطراب ومشاعر
الخوف لدى المواطنين…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق