الأحد، 26 يناير 2014

استطلاعات الرأي العام و ليبيا المستقبل


استطلاعات الرأي العام

و ليبيا المستقبل 



قرمان

د. فرج أحمد قرمان

25/1/2014

لا شك أن لاستطلاعات الرأي العام أهمية كبيرة لا يمكن تجاهلها في عملية تعزيز الديمقراطية وممارستها من قبل المواطنين، إلى جانب أنها تُوحي لصنّاع القرار (السلطة الحاكمة) بما يرغب فيه عامة الناس فتصدُر عنهم قرارات لا تتعارض مع يُريده المواطنون.  إذاً، الديمقراطية و الرأي العام هُما متلازمتان، بل قد يُنظر للديمقراطية على أنها أتت بسبب الرأي العام ونتيجةٌ له.

تُعاني الشعوب التي تحكمها الأنظمة الشُمولية من إتساع الهوة بين الرأي العام والسلطة الحاكمة، ففي العادة لا تُعير الأخيرة أي اهتمام للرأي العام بل قد تستبدله بمشورة العرّافين والمشعوذين والسحرة مثلما كان يفعل طاغية هذه البلاد طيلة أربعة عقود ونيّف.

إذاً، الديمقراطية الحقيقية لا يمكنها أن تتطور بل لا يمكن ممارستها بدون اللجوء إلى الرأي العام الذي بدونه ستغدو الدولة دولة استبداد، فالرأي العام يُعدُّ عاملاً مُهماً في صناعة القرار وبالتالي في ممارسة السلطة ولو بشكل غير مُباشر.  ففي الدول الغربية التي استوعبت أهميته مبكراً، بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي، حكوماتها ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية فيها، بتأسيس مراكز لقياس واستطلاع الرأي العام باعتباره عاملاً مهماً لا يمكن إغفال تأثيره في مجريات الأحداث وفي صناعة القرار في تلك البلدان.

في الولايات المتحدة الأمريكية، يُشارُ إلى أن الانتخابات كانت السبب الرئيسي لنشأة وتطور استطلاعات الرأي العام، فلقد جاءت كاستجابة للطلب المتزايد من قبل المترشحين للتعرف على إتجاهات الرأي العام في كافة المسائل الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية، لأجل تبني سياسات عامة تكون أكثر إنصافاً وتؤدي الى درجة عالية من الرضاء الشعبي وبالتالي تنعكس على صناديق الانتخابات التي تمنح الثقة للسياسي الناجح وتسحبها من الفاشل.

في المقابل، لا يجب أن ننسى أنه كما للرأي العام تأثيرٌ علي السلطة الحاكمة، فللسلطة الحاكمة تأثيرٌ على الرأي العام من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي تمتلكها وسعيها الحثيث للتأثير عليه باستمالة الاعلام والاعلاميين للدعاية لها ولسياساتها.

بالرغم من أن لاستطلاعات الرأي العام هامش إنحراف (Margin of error) مُعتبرٌ، إلا أنها تُعطي مؤشرات يتوجب الوقوف عندها وتحليلها واستنباط النتائج منها. 

صحيفة ليبيا المستقبل والتي تصدر الكترونياً (http://libya-al-mostakbal.org/)، تولت طيلة السنوات الماضية، استطلاع رأي قُرأها في مواضيع عديدة تهم الشأن الليبي ولها أرشيف لهذه الاستطلاعات ( http://libya-al-mostakbal.org/poll ) أعتبره ثروة في رصد المزاج العام للشعب الليبي طيلة سنوات الثورة.

أخر هذه الاستطلاعات والذي لا يزال جارياً على الصفحة الرئيسية للصحيفة يخصُ القرار المبدئي للمؤتمر الوطني العام القاضي بتمديد مدة عمله الى 24 ديسمبر 2014.  نتيجة الاستطلاع حتى ساعة كتابة هذا المقال، تشير إلى أن 82% من الذين شاركوا في الاستطلاع يقولون لا للتمديد. 

لا شك أن هذه النسبة كبيرة جدا بكل المقاييس، عليه يجب على المؤتمر الوطني العام أن يأخد مثل هذا الاستطلاع على محمل الجد، فالليبيون لا يوافقون على التمديد.

من أوائل الاستطلاعات التي أجرتها صحيفة ليبيا المستقبل، كان في 21 سبتمبر 2011 حيث وجه السؤال عن مدى رضاء الليبيون عن أداء رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل مند توليه منصبه.  النتيجة كانت 51% عير راضيين و 49% راضيين عن أدائه.  ربما لو طُرح هذا الاستطلاع مرة أخرى هذه الأيام عن أدائه كرئيس لتكتل سياسي لاختلفت النتيجة. عليه أقترح على صحيفة ليبيا المستقبل إعادة طرح بعض الأسئلة من جديد حيث يمكن من خلال رصد إختلاف النتائج معرفة تغير مزاج الليبيين مع مرور الزمن.  أقترح أيضاً أن تجري صحيفة ليبيا المستقبل استطلاعاتها بالاتصال المباشر مع عينات عشوائية من الشارع الليبي من خلال مراسليها في مختلف المدن الليبية بُغية مقارنة النتائج وربما للتقليل من هامش الانحراف (Margin of error) قدر الإمكان.

لا شك أن عملية استطلاع الرأي العام هي عملية إحصائية تتمثل في جمع البيانات ولا تقف عند ذلك بل يقتضي استكمال هذه العملية تصنيف البيانات المُتحصّل عليها وتبويبها وتحليلها وعرض نتائجها ليستفيد منها صُنّاع القرار في المؤتمر أو في الحكومة، في فهم ما يُريده المواطنون.   

سأتولى إن شاء الله بعد إذن إدارة موقع ليبيا المستقبل، تحليل بعض من هذه الاستطلاعات وعرض نتائجها في مقالات لاحقة.


حفظ الله ليبيا


د. فرج أحمد قرمان
fargarmn@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق