السبت، 27 فبراير 2016

درنة الليبية تقاتل لمحو آثار تنظيم «الدولة الإسلامية» ومنع عودته


درنة الليبية تقاتل لمحو آثار تنظيم «الدولة الإسلامية» ومنع عودته

يسيطر عليها تحالف جماعات مسلحة 
وتحاول الخروج من عباءة التنظيم الجهادي


ليبيا – أ ف ب: 

بعد سبعة أشهر على طرده من درنة في شرق ليبيا، يعود تنظيم الدولة الإسلامية ليهدد هذه المدينة الساحلية التي لا تزال تحاول الخروج من عباءة التنظيم الجهادي ومحو آثار تطرفه عنها.

ولا تخضع درنة لسلطة أي من الحكومتين المتنازعتين على السلطة في ليبيا، السلطة المعترف بها دولياً في الشرق، والسلطة غير المعترف بها في العاصمة طرابلس، بل يحكمها تحالف جماعات مسلحة، بعضها إسلامية، تحت مسمى «مجلس شورى ثوار درنة».

وقتل الاثنين ستة من مسلحي المجلس خلال تصديهم لهجوم لتنظيم الدولة الإسلامية حاول من خلاله دخول المدينة من جهتها الجنوبية الشرقية، بعد محاولة فاشلة مماثلة في كانون الثاني/يناير الماضي.

وفي ظل هجمات التنظيم هذه، عادت مؤخراً اجواء الاستعدادات للحرب عند اطراف المدينة، إذ اغلقت الشوارع بالكتل الاسمنتية والاشجار لقطع الطريق بين درنة ومواقع التنظيم المتواجد عند بعض الاطراف الجنوبية والغربية والشرقية.

ويتحصن مقاتلو مجلس الشورى خلف المتاريس من الأكياس الرملية في محاور القتال الشرقية، بينما ينتشر قناصته في المباني المرتفعة. وتتمركز دبابة عند الطرف الغربي للمدينة، موجهة مدفعها نحو اعلى الجبل المقابل استعداداً لقصف تحركات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال قائد ميداني عند احد محاور القتال في الشرق «قررنا قتال التنظيم بسبب جرائمه. نفعل ذلك لاجل الله والوطن»، مضيفا «لسنا تنظيم قاعدة. نحن شباب ليبيون لا ننتمي لأي تنظيم ولا لاي تيار، ونحن نقاتل لرفع الظلم».

في الساحة الرئيسية التي نفذ فيها التنظيم الجهادي عمليات إعدام وقطع أياد وجلد على مدى نحو عام، يقف محمد المنصوري مستذكراً مشاهد العنف والدماء التي طبعت الحياة اليومية لسكان درنة.

 ويقول «في هذه الساحة، كان داعش ينفذ اعداماته بحق المواطنين. ومن هنا تحديداً، اراد ترهيب الناس وزرع الفزع فيهم ليثبت انه القوي». ويضيف «لكننا طردنا هذا التنظيم»، آملاً ان يكون ذلك «الى غير رجعة».

على بعد امتار قليلة من «ساحة القصاص»، كما كان يطلق عليها ابان حكم تنظيم الدولة الإسلامية، يقع مبنى «المحكمة الشرعية» وقد امتزج لون واجهته الاخضر باللون الاسود بعدما احرقه مواطنون اثر طرد التنظيم من المدينة.

وصدرت من هذا المبنى الأحكام المتشددة، ليكون بذلك الشاهد الرئيسي على مرحلة غلب فيها الخوف الذي دفع بمئات العائلات الى مغادرة منازلهم واعمالهم والفرار نحو مناطق أخرى هرباً من بطش التنظيم.

وبعد نحو عام من السيطرة، انتفض مسلحو «مجلس شورى ثوار درنة» في المدينة التي لطالما عرفت في ليبيا على انها «المعقل التاريخي للجهاديين»، على التنظيم، وتمكنوا في تموز/يوليو الماضي من طرده منها بعد معارك طاحنة. وفي موازاة التصدي العسكري لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، تعمل درنة بجد لمحو اثار اعماله من شوارعها وتفاصيل حياتها اليومية.

ويقول حلاق للرجال فضل عدم الكشف عن هويته «في فترة حكم تنظيم الدولة للمدينة كانت مهنة الحلاقة تتعرض للتقييد. منعونا من حلاقة الوجه وبعض القصات التي تحاكي التسريحات العصرية الشبابية الحديثة». وتابع «نحن نعمل براحة تامة الآن».

ومنذ طرد التنظيم، عادت مؤسسات المدينة الى العمل شيئاً فشيئاً، ففتحت مراكز الشرطة أبوابها، واستعاد المجلس المحلي نشاطاته، واعيد تفعيل جهاز الحرس البلدي الذي يراقب المحال التجارية ويفرض عقوبات على مخالفي الأسعار وشروط السلامة الغذائية.

ويقول رئيس المجلس المحلي للمدينة محمد استيتة «أقفل تنظيم الدولة أبواب المجلس المحلي ووضعنا في السجن كونه لا يرى بأحقيتنا في تقديم الخدمات للمدينة وفق معتقداته».

 ويضيف «نحن الآن نتعاون مع مجلس شورى المدينة في تأمين المدينة وتوفير احتياجات المواطنين اليومية».

وعلى الرغم من ان «مجلس شورى ثوار درنة» يقدم نفسه على انه مستقل، فان تحالف «فجر ليبيا» الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقراً، أعلن دعمه له لا سيما في حربه ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتبقى العلاقة غامضة بين الجانبين، اذ ان سلطة حكومة العاصمة، غير المعترف بها دولياً، لا تشمل درنة.

ويرفض قياديو «مجلس شورى ثوار درنة» ربطهم بأي من الجماعات المتطرفة في ليبيا، مثل جماعة انصار الشريعة الموالية لتنظيم القاعدة والتي تملك حضوراً في درنة، وفي بنغازي (الف كلم شرق طرابلس)، وفي صبراتة (70 كلم كلم غرب طرابلس).

ويعارض هذا التحالف بشكل خاص قائد قوات السلطات المعترف بها خليفة حفتر الذي غالباً ما تشن قواته غارات تستهدف مواقع «مجلس شورى مجاهدي درنة» في المدينة. وقتلت امراة وابنها ومقاتلان من المجلس في غارة جوية اصابت مستشفى في المدينة في السابع من شباط/فبراير، من دون ان تتضح الجهة التي تقف وراءها.

وبينما تسعى درنة للخروج من عباءة التطرف التي فرضها عليها تنظيم الدولة الإسلامية، يتصاعد خطر التنظيم في ليبيا منذ سيطرته على مدينة سرت الساحلية (450 كلم شرق طرابلس) في حزيران/يونيو. أما في درنة، فتزخر جدران الشوارع بالعبارات المناهضة للتنظيم المتطرف. وقام احدهم بشطب عبارة «الدولة الإسلامية باقية» على أحد الجدران، وكتب تحتها «لا باق الا وجه الله».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق