الخميس، 8 يناير 2015

مجزرة «شارلي إيبدو» المسلمون هم الضحية الأولى


مجزرة «شارلي إيبدو»

 المسلمون هم الضحية الأولى

رأي القدس


ليس سهلا العثور على كلمات تكفي لادانة هذا الاعتداء الارهابي الجبان الذي استهدف صحيفة «شارلي ايبدو» في باريس، وأوقع 12 قتيلا بينهم ثمانية صحافيين و11 جريحا بينهم اربعة بحالة خطرة، او للتعبير عن الخجل من ان أولئك المجرمين الذين قاموا به كانوا يرددون عبارة»الله اكبر» وانهم «اكدوا انهم ارادوا الانتقام للنبي محمد»، في اشارة الى الرسوم التي نشرتها الصحيفة واعتبرت مسيئة للنبي محمد (ص). 

وبالرغم من ان الحكومة الفرنسية لم توجه الاتهام رسميا بعد الى أي جهة، كما ان المتهمين الثلاثة كانوا مازالوا طليقين حتى كتابة هذه السطور، إلا انهم يبدو انهم يتبعون تنظيما «إسلاميا» متطرفا. 

ومهما كانت التسميات او السيناريوهات، فان الحقيقة المؤلمة تبقى ان الاسلام والمسلمين هم الضحية الاولى لهذه الجريمة التي قد تصبح نقطة تحول في تعامل الغرب ليس مع تنظيمات التطرف الاسلامي فحسب، بل مع دين الاسلام نفسه الى جانب الجاليات الاسلامية بشكل عام، ذلك ان هذه الانتكاسة الجديدة تهدد ما تبقى من صورة معتدلة للاسلام في العالم، وتنذر بتقويض الجسر التاريخي بين المعتدلين من العالمين الاسلامي والمسيحي الذي طالما كان «شبكة الامان» للغالبية الساحقة من المسلمين البريئين من هذه الافعال الاجرامية. وهذا بعض من محطات واسئلة معقدة لابد من التوقف عندها في تفكيك هذه الكارثة:

أولا: بداية لابد من التأكيد على انه لا شيء ينبغي ان يبررهكذا عمل ارهابي، لكن هذا لا يتعارض مع التذكير بأن الاساءة الى اي عقيدة دينية او رسول او رمز ديني مذهبي هي امر مرفوض تماما، لما تسببه من جرح لمشاعر الملايين من المؤمنين. 

ولا يعتبر هذا قمعا لحرية الرأي، اذ ان توجيه انتقادات موضوعية في اطار من البحث العلمي الجاد بشأن مقارنة الاديان او تقييمها يبقى متاحا حتى ضمن قواعد الاسلام نفسه، كما اشارت الاية المعروفة «وجادلهم بالتي هي احسن»، أما توجيه الاهانات والبذاءات الى هذا الدين او ذاك الاله او الرسول فلا علاقة له بحرية الرأي، ومع ذلك فان الرد عليه لا يكون بالقتل والذبح، خاصة ان تلك الرسوم تستهدف اساسا جمهورا من غير المسلمين. 

والا كان من حق المسيحيين ان يهاجموا عشرات الصحف والمجلات والقنوات الاسلامية التي تروج لنظرة مسيئة لدينهم وللسيد المسيح. وصحيح ان الغرب يسمح لاي شخص ان ينتقد او يسخر من اي دين، الا ان فرنسا نفسها، على سبيل المثال، تعاقب بالسجن كل من ينكر الهولوكوست او «محرقة اليهود» او يشكك في حجم ضحاياه، ولا تعتبر ذلك انتهاكا لحرية الرأي او البحث العلمي. 

ثانيا: هل انتقمتم للرسول حقا؟ واحد من الاسئلة البديهية التي يطرحها الهجوم. 

وربما ينبغي التريث هنا قبل القفز الى اجابة سهلة. كما ينبغي تذكر القاعدة الشرعية الشهيرة التي تعتبر ان «درء المفسدة مقدّم على جلب المصلحة» وهي المستمدة من القرآن، وأحاديث رسول الاسلام نفسه، وعليها عوّل الفقهاء في جملة من الاجتهادات والفتاوى وراعوها في ذلك تأسيا بمراعاة الشارع لها. وبتطبيقها يمكن تبين حجم الكارثة التي لحقت بالاسلام والمسلمين امس.

 اذ ان النتيجة المباشرة للهجوم ستكون على الارجح قيام عدد من الصحف الاوروبية باعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول تضامنا مع صحافيي «شارلي ايبدو»، ثم قيام السلطات الامنية في فرنسا وبلاد اخرى باعتقالات وتضييق وربما اضطهاد ضد مسلمين ابرياء سعيا لتفكيك الشبكة التي نفذت الهجوم، ناهيك عن موجة متوقعة من الهجمات العنصرية التي قد تضرب مساجد ومراكز اسلامية واعضاء في الجاليات الاسلامية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق