السبت، 10 يناير 2015

هل نحن شعب حقاً؟ أم عشائر وقبائل وكالين عيش ؟ أم عابرى سبيل ؟




هل نحن شعب حقاً؟

أم عشائر وقبائل وكالين عيش ؟

 أم عابرى سبيل ؟

 

 
المهندس / فتح الله سرقيوه

يشير القرآن الكريم إلى حقيقة ، أن التقُرب من الله تعالى والبعد عنه والأفضلية لديه  سبحانه وتعالى ، لا يتحدد بلون البشرة أو النسب أو العرق .. قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقال أيضاً عز وجل (فإذا نفخ فى السور فلا أنساب بينهم) .. فنحن فى ليبيا نعتبر أنفسنا أمة واحدة وجسد واحد وإن ظهرت هذه الأيام بعض المُطالبات التاريخية من قبل بعض الليبيين  التى تستحق الإحترام منا جميعاً والله لا يستحى من الحق ، فهذا حق ولا يرفُض الحق إلا ظالم فإذا تواجد على هذه الأرض الليبية هذا قبل ذاك أو هذه العرقية قبل تلك فهذا لايعنى أن يُحاول أحد منا تهميش الآخر أو الإساءة إليه وإلى موروثه الحضارى والتاريخى وإلى طلباته المشروعة والدستور كفيل بمراعاة حقوق الجميع دون تآمر أو تلاعب فى بنوده ومواده القانونية ، لأن ذلك سيزيد من الهوة بيننا وزرع الأحقاد وربما إعطاء الفرصة لجهات أخرى خارجية بالتدخل للإستفادة من الإختلاف فى الرأى وخصوصاً نحن فى ظل مجلس برلمانى همه المكاسب الشخصية وحكومة يصفها الكثيرون بالضعف وقلة الحيله وعدم الخبرة السياسية .

فى فترة من الزمن الماضى أُتيحت لى فرصة لحضور دورة تدريبية علمية فى أسبانيا وبعد إنتهاء البرنامج العلمى إشتركت مع (جروب) سياحى لزيارة الجنوب الأسبانى وما يُعرف تاريخياً فى أسبانيا بالأندلوسيه (الأندلس) وقد كانت المجموعة المشاركة تتضمن الكثير من المشاركين من  أمريكا الجنوبيه وعرب من شمال أفريقيا  ومن أوروبا الغربيه ، المهم ..  كانت فى الرحلة معنا مرافقة أسبانية متخصصة فى مجال التاريخ والجغرافيا وعلم الإجتماع وقد كنا فى حافلة إنطلقت من مدريد إلى الجنوب عبر طريق مزدوج مُتعرج فى الكثير من المناطق وكنا من حين لآخر نشاهد مبان قديمة على هيئة (قصور) محمية بأسوار وسط الغابات الكثيفة والمتشابكة ، وكلما كنا نمر على أحد من هذه القصور ... تبتسم وتقول  (قصرعربى) ومع تكرار المشهد أثارت حفيظتى وقلت لها ... أليس هذا تاريخاً يُفتخر به ؟  تجنى منه هيئات السياحة الأسبانية  اليوم مئات  الملايين !!! فأجابتنى بقولها أننى أستغرب لحضارة عربية تواجدت على أرض (الأندلوسية) لما يقرب من ثمانية قرون ، وأصبحت اليوم أثر بعد عين ... لماذا ؟؟

 وهنا قالت ... رجاءً لا تحاول إيجاد المبررات وتقول لى أن الأسبان أهل الأرض الأصليين تآمروا على العرب بمساعدة اليهود وتم إخراجهم بعد هذه المدة الطويله من الأندلوسيه وتنكروا لهذه الحضارة التى يشهد لها العالم ، وأضافت بقولها أن العرب عندما جاءوا لأسبانيا .. جاءوا كمستعمرين وليسوا فاتحين وليس من أجل نشر الدين الإسلامى ولو كان كذلك لوجدنا اليوم فى الأندلوسيه من يقول (أشهد أن لا إله  إلا ألله وأشهد أن محمداً رسول الله) غضباً عن الرافضين للدين الإسلامى ، ولا تنسى أن فى سنة 1000 م كان عدد العرب والمسلمين هنا ما يقرب من (30) مليون نسمه جاءوا من الجزيرة العربية والشام وشمال أفريقيا .. كلهم عرب ... وأضافت بقولها أستميحك عذراً  حيث أننى درست تاريخ العرب وأنا مؤهلة للحوار فى هذا المجال ، فالعرب لم يكونوا ديموقراطيين مع غيرهم وخصوصاً مع أهل الأرض فقد كانوا يعتبرون تقديم الجزيه بعدم الدخول فى الإسلام نوع من الحرية ولكنها فى طبيعة الأمر محاولة لإبعاد غيرهم من التمتع بالمزايا التى يمنحها الإسلام لمن هو مسلم .

 وهنا حاولت التدخل فقاطعتنى ، أعلم أنك تود قول الكثير ولكن ألا تعلم أن العرب فى الأندلوسيه عندما إستنجدوا (بالبربر) من شمال أفريقيا أولئك المحاربين الأشداء وهم ليسوا عرباً كما تقول كتب التاريخ ، فبمجرد أن ساعدوهم وثبّتوهم فى الحكم حتى رجعوا إلى شمال أفريقيا لأنهم لم يجدوا قبولاً فى البقاء حيث تخوّف منهم العرب من أن يستولوا على الحكم ، وهو ما يؤكد أن العرب يحبون أنفسهم ويتخوفون على الحكم أكثر من خوفهم على الدين الإسلامى فكان همهم السلطة والبذخ وحب النساء والمال والإستحواذ والتآمر مع الغريب ضد الشقيق ومن يجلس على الكرسى ينسى الكل ويبدأ فى ظلم وقهر شعبه ورعيته ، وهو ما جعل من الأسبان الترصد لهم حتى تم  إبعادهم من الأندلوسيه للشمال الأفريقى فى سنة 1492م بعد أن دخلوها فى سنة 711م ولا أود قول طردهم كمستعمرين جاءوا لإستعمار بلادنا ونهب خيراتها .

تلك المرافقة تتحدث لغات عدة ومن بينها العربية (بطلاقه) وقالت لى سأُعطيك الوقت  الكافي لترد على وتشرح وجهة نظرك كما شئت بعد وصولنا وزيارتنا للمدن الأندلوسيه والمعالم التاريخية ، وما أن وصلنا وبدأنا فى زيارة المدن والحضارة العربية التى تُبهر الأبصار غرناطه وإشبيليه وجرنادا ومعلم قصر الحمراء وغيره من المعالم التاريخيه ، حتى بدأ الجميع يبدون إعجابهم بالعرب وحضارتهم وبدأوا يتساءلون هل من بنى هذه الحضارة العظيمة هم العرب ؟؟ .


 وهنا لم تجد تلك المرافقة إلا الرد والقول .. إنك فى الأندلوسيه لو قمت بحك جلد الأندلسى لوجدت تحت جلده جلد عربى فأكتفيت بذلك وقلت لها لقد ظلمتى العرب ولم تنصفيهم وربما كنت تحت تأثير من يكتبون ضد العرب ، وليس ملوك الطوائف فقط الذين أساءوا لسمعة العرب والمسلمين وهم  ليسوا بمرجعية لتقييم العرب فى الأتدلس أما ما حدث بين العباسيين والأمويين فهو أمر الله تعالى وله حكمة فيما أراد ولا راد لقضائه .. أعذرونى  ربما إبتعدت عن الموضوع ولكنى أقول أن  العرب كان لهم دوراً فى نشر الدين الإسلامى واللغة العربية وقد توافدوا على شمال أفريقيا على هيئة (تجاريد) إما من الشرق إلى الغرب أو من الغرب إلى الشرق وأستوطنوا أينما حل بهم المقام وعاشوا فى ظل الشريعة السمحة للدين الإسلامى .

نحن فى ليبيا شعب غصباً عن الإنفصاليين والقبليين والجهويين والأيدولوجيين والحزبيين والحاقدين ، ولسنا سكان أو عابرى سبيل ، لنا حقوق وعلينا واجبات فى ظل الشريعة الإلهية والدساتير الوضعية ، ولسنا مثل عرب الأندلس الذين تواجدوا يوماً فى شبه جزيرة إيبيريا ، ونحن لسنا عبارة عن قبائل وعشائر (وكالين عيش) حلوا بهذه الأرض إبتلاهم ألله لقرون بحكام على مر الزمن كانوا ينظرون إليهم من علو شاهق وحكموهم بالحديد والنار كما كان حكام الطوائف فى أسبانيا فقد نهبوا خيرات الوطن وبنوا القصور وأودعوا أموالنا التى نهبوها فى بنوك العالم وأهانوا المواطن الليبى ووضعوه فى درجة متدنية لا حقوق له ولا رأى له إستباحوا  دمه دون  رحمة ولا شفقة وإنتهكوا عرضه دونما حياء ولا خجل.

وحتى لا يتكرر ما تعرض له الشعب الليبى فى الفترة الماضية  من خلال ما نشاهده من إقتتال ونهب أموال وسفك دماء وسجون غير شرعية كسجون ملوك الطوائف فى أسبانيا التى تعرّض فيها العرب والمسلمون إلى أبشع أنواع التعذيب ثم تهجيرهم من دولة بنوها وأرسوا فيها القواعد الإسلامية لمدة ثمانية قرون ، نحن نقترب هذه الأيام من الإنتهاء من إستكمال صياغة الدستور الذى سيكون بإذن إلله عادلاً بين فئات الشعب الليبى من تبو وأمازيع وطوارق وعرب وأى عرقيات يرى الدستور من حقها أن يكون لها صوتاً وحقاً مشروعاً بحكم التواجد على هذه الأرض دون تهميش وبعيداً عن المزايدة وهيمنة الكثرة أو عنجهية القبيلة والمكانية والجهوية ، وهنا سنكون شعباً له قيمته الحضارية حتى ولو تعددت موروثاته الحضارية وسينظر إلينا العالم نظرة مُختلفة بأننا شعب يستحق الحياة ولسنا عابرى سبيل أو كالين عيش كما يقول البعض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق