شعبنا العظيم .. حطّ المذارى على التبن
ويرجى فى ريح العون
مقالة كتبتها ونشرتها فى سنة 2012م
المهندس / فتح الله سرقيوه
بداية أستميحكم عذراً
أيها السادة والسيدات القراء الأعزاء لأشرح لكم المثل الشعبى القائل
(حطينا المذارى على التبن ونرجوا فى ريح العون) ومع أننى أعلم علم اليقين
أن هناك من هو أقدر منى وعلى دراية تاريخية بالأمثال الشعبية وهذا المثل
الشعبى بالذات أتذكر أن قاله يوماً أحد مشائخ قبيلة العبيدات الذين يتذكرهم
أهل المنطقة بكل إحترام وتقدير لصيتهم الطيب وإنسانيتهم فى حل المشاكل
العرفيه وعدم تحيزه لأى طرف حتى ولو كان قريبه حيث قال فى رد على سؤال
سأله له القذافى فى إجتماع عام منذ عقدين من الزمن عن المنطقة وكيف حالها
،، فرد عليه (حاطين المذارى على التبن ونرجوا فى ريح العون) ففهمه الطاغيه
وماذا يعنى ؟؟!! وهنا وقف الطاغيه وطلب من مرافقيه الرحيل ، أقول ….
أن من عادة أهلنا
الطيبين فى زمن التسامح والود والفزعة والنجده ، فكانوا يستبشرون بالغيث
النافع والذى يأتى بعده الحرث بتعاون الجميع فاليوم فى أرض هذه القبيلة
وغداً يتحرك الكل للحرث فى أرض القبيلة الأخرى وهكذا ، وهو ما تعود عليه
أهلنا بودهم ومحبتهم لبعضهم وبعد أن يستكملوا الحرث حتى يتوجهون إلى الله
تعالى بالدعوات الصالحات من أجل إرزاقهم بالخير وحماية حرثهم وفى النهاية
تأتى أيام الحصاد اليدوى وتُجهز (المناجل) وهم يُرددون الأغانى كل حسب
موروثه الإجتماعى (الزرع إيريد مناجل ويد) فتتفازع الأيدى من كل حدب وصوب
لتقديم المساعده وعندما ينتهى الحصاد ، ينتظر الجميع وعيونهم على السماء فى
إنتظار الرياح لكى يتم (التذراى) كما يقال لفصل القمح أو الشعير عن التبن
، ولكن عندما تتأخر الريح ويطول الإنتظار يُقال المثل الشعبى الشهير
(حصدنا وحطين المذارى على التبن ونرجوا فى ريح العون).
وحيث أن لكل مقام مقال
وبعد أن قدم الشعب الليبى أرواح أبنائه الأشاوس من أجل تحرير الوطن فهل
سنحصد الأمن والأمان والحرية والديمقراطيه والخير والإنتعاش الإقتصادى
والإجتماعى ؟ ، أم أننا لا زلنا نضع آمالنا ومُستقبلنا بين أيدى من لا
يستحقون أن يكونوا أولياء أمورنا من مجلس إنتقالى مُتعثر بدرجة إمتياز
ويقول ما لايفعل ويتراجع فى وعوده بعد حديثه عنها بأيام أو ساعات وربما
لحظات وحكومة تخطو خطوة واحدة للأمام وترجع للوراء خطوات وتحولت إلى حكومة
(ما إصير شئ) حيث تأتى فزعتها ونجدتها بعد ما يقع الفأس فى الراس كما حدث
فى الكفرة وسبها ورقدالين والجميل وزوراه ، حيث أُعيب عليهم تركهم لدماء
الليبيين التى تسيل فى بعض المدن والقرى وبحجج واهية لا أساس لها ولا تخدم
الوطن فى شئ ويتركونهم لأسابيع وأيام يتناحرون فيما بينهم دون أن يكون
للمجلس أو الحكومة موقفاً إنسانياً قبل أن يكون وطنياً وتاريخياً حيث وصفهم
العالم بأنهم حكومة عاجزة عن أداء أى دور إيجابى من أجل ليبيا ويُعرضّون
ليبيا للتقسيم والحرب الأهلية ..
أيها السادة .. ليلة
البارحة ومن خلال القناة الفضائية ليبيا الحرة على ما أعتقد تم طرح موضوع
مطالبات الثوار بالمكافآت والهبات الماليه وكان الحوار متركزاً على ما صرح
به أحد الساسة الجدد فى ليبيا بأن مصرف ليبيا المركزى ربما يُعلن إفلاسه
نتيجة لضخ أموال تصل إلى المليارات كمكافآت وهبات وعطايا وكم تأسفت أن جميع
الإتصالات كانت تُبرر حق الثوار فى هذه الأموال والتى يعتبرونها حقاً
مشروعاً وإذا لم تُصرف لهم يمكنهم الحصول عليها بأى طريقة كانت (تهديد بقوة
السلاح ) وقد يكون هذا الطرح جاء نتيجة لما يتعرض له المال العام الذى بات
يُهرّب خارج الوطن وما المواطن الليبى الذى تم القبض عليه فى إسطنبول
بمبلغ (2.5) مليون دولار خلال الأيام الماضية إلا دليلأً على إنتهاك حرمة
الدولة حيث أثبتت التحقيقات بأنها أرقام مُسلسلة خرجت من مصرف ليبيا
المركزى وغير هذه الحادثة كذلك تهريب الذهب والعُملة الصعبة عن طريق الحدود
البرية ، ومن هنا أود القول وأذكّر الجميع أن شيخ الشهداء عمر المختار
ورفاقه الأبطال والمناضل البطل السويحلى ومعه المجاهدين من مصراته والمجاهد
عبدالنبى بالخير وأشاوس ورفله وعسكر ومعه أبطال جبل نفوسه وكل مناضلى
ليبيا الذين لعبوا درواً فى التصدى للإستعمار الإيطالى ، فمن بقى من
المجاهدين على قيد الحياة الذين قادوا حرب التحرير ضد إيطاليا .. لم نسمع
أحد منهم أن جاء بعد الإستقلال وقال (أريد مكافأة أو أريد حقى فى الجهاد
والدفاع عن ليبيا) بل وبعد حصر الشهداء والمجاهدين والذين تضرروا آن ذاك
كان منهم من يرفض أن يُسجل إسمه ويقول أنا جاهدت من أجل رفع كلمة الله ومن
أجل الوطن ، أيها الثوار الأشاوس إحذرو التاريخ ولا تجعلوا من المال هدف
ومكافأة لما قدمتموه للوطن ولا تزنوا ما قدمتوه بمال الدينا الزائل فقيمتكم
عندنا أكبر من ذلك بكثير وأقصد بهم الثوار الحقيقيين فقط وليس من يُطلق
عليهم أشباه الثوار أو أولئك الذين فى نفوسهم مرض .
نحن اليوم فى إنتظار
ريح العون لنقوم بفصل التبن عن (النعمة) كما يُقال وهل ستأتى ريح الأمن
والأمان والعدالة سريعاً ؟؟ … نحن اليوم فى إنتظار مجلسنا لكى يكون أكثر
شفافية وصراحة وأن نطالبهم بالإعلان عن أسماء جميع أعضاء المجلس وكيف وصل
كل واحد منهم ليكون عضواً به وعن سيرتهم الذاتيه وذممهم الماليه قبل
الإلتحاق بالمجلس فهناك كلام كثير يُقال ولا تستهينوا بما يقال (وإللى
يخربش عند راسك يسمّرك) ولا تستكينوا لعدم تفعيلكم المقصود للقانون وديوان
المحاسبة والرقابة والمتابعة !ّ ، فأنتم وعدتم فى السابق بذلك وأخلفتم
وعودكم كما عوتمونا ، وقد كان لتراجعكم عن وعودكم والتى كان من بينها
إستقالة البعض ولم تفعلوا (ويبدوا أنكم زامقين وإيديكم فى القصعه) كما يقول
المثل ! ، وهو ما ساعد فى طمس بريقكم والإستخفاف بشخصياتكم وبما قدمتموه
من أعمال ولو كانت ضئيله فكم كنا نتأسف عندما تُوصفون بالعجر والضعف وقلة
الحيله من الإعلام الغربى والعربى ، وكم نُصاب بالخجل عندما يوصف أعضاء
حكوتنا بالحكومة المستورده والموجهة من الخارج دونما نشاهد ونسمع صوتاً
قوياً من الحكومة يرفص أى نوع من التبعية علناً خوفاً على المصالح الشخصية
للبعض فى تلك الدول ، فاليوم أيها السادة أعضاء المجلس والحكومة لم يعد
أمامكم إلا أن تخطو خطوات سريعة وقوية من أجل إستتباب الأمن والأمان وأن
تجعلوه من أولوياتكم وإلا ستقع الواقعة والخروج عليكم (بالشباشب والعصى ولا
أكثر من ذلك ) وليس بقوة السلاح ، وأعلموا أنه لو زادت الإختراقات الأمنيه
فأول من يتأذى منها أنتم ولا شك فى ذلك !! ولو أنكم رخضتم لطلب كل من
يتطاول عليكم بحجة قفل طريق أو مدرسة أو مصرف ويقول لكم (إما وإلا) فأعلموا
أنكم ستكونون مجرد ساسة من المُسيّرين العاجزين الذين فقدوا هيبتهم
وستراودكم نفوسكم بأنه لا أمل فى تغيير الواقع الراهن وستتمنون أن وجودكم
ينتهى اليوم قبل غد إما هرباً من الساحة أو إحباطاً أو عجزاً فى القدرات .
وهنا أذكركم بأن رب الأسرة الذى تهمه أسرته ويهمه أمنها وإقتصادها
ومقدراتها يحتاج أن يكون قوياً وأحياناً قاسياً من أجل المحافظة على بيته
وأولاده ويحسب له ألف حساب فى غيابه قبل وجوده فهل أنتم كذلك ؟؟؟!.. والله
من وراء القصد .
تحرير.