الجمعة، 22 يوليو 2016

مع جريمة ذبح الطفل الفلسطيني في حلب … لا مبرر للثورات والمعارضات رأي القدس

مع جريمة ذبح الطفل الفلسطيني في حلب

… لا مبرر للثورات والمعارضات

رأي القدس

 
Jul 22, 2016
 

امتلأت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي السورية والعربية بالتنديد والتعليق على جريمة قتل أفراد من تنظيم عسكري سوري معارض يدعى «حركة نور الدين زنكي» للطفل الفلسطيني عبد الله عيسى (12 عاماً) بدعوى تعاونه مع جيش النظام السوري.
أدان الجسم السياسي الرئيسي للمعارضة السورية (الائتلاف) الجريمة، واعتذرت الحركة العسكرية المذكورة عن فعلتها الشنعاء بل وأعلنت اعتقال الفاعلين، وآخر تبريراتها كان انه ليس فلسطينيا، وليس طفلا بل رجلا يبلغ 19 عاما، غير أن الإدانات والاعتذارات لا تغيّر الواقعة التي حصلت ولا تعفي الحركة العسكرية، ولا المعارضة السورية نفسها، من المسؤولية.
تأتي الجريمة في وقت يعاني فيه الشعب السوريّ من أفظع الجرائم الجماعية التي ترتكبها الأطراف الكثيرة التي تحتل السماء والأرض السوريتين، والتي كان آخرها قصف قوات «التحالف الدولي» المدعوم أمريكيّاً لمدينة منبج والذي خلّف المئات من القتلى المدنيين، فيما تستمر غارات النظام السوري وحليفه الروسي، وتشتعل المعارك ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» وعناصره القادمين من كافة بقاع الأرض، وتتجابه ميليشيات الوليّ الفقيه الإيراني مع تنظيمات كـ»جبهة النصرة»، الذي يوالي تنظيم «القاعدة»، وتندفع التنظيمات التي كان السوريون يعتبرونها ملجأهم الأخير من كل هؤلاء إلى ممارسات بشعة تنتهك حقوق البشر، لا تفرّقها، للأسف، عن خصومها الذين تقاتلهم، بحيث تضيع البوصلة الاخلاقية والسياسية والعسكرية وينحدر سكان سوريا الفقراء، وبينهم الفلسطينيون، نحو جحيم لا يوازيه جحيم على الكرة الأرضية.
إن القول إن قتل طفل هو حدث ضئيل الشأن في وقت يقتل فيه النظام وروسيا وأمريكا مئات الأطفال ليس إلا انحداراً نحو مستنقع الإجرام الذي عمل النظام السوري على جرّ الجميع إليه، وهو الطريق الأمثل لبقاء هذا النظام وتكريس الأسس التي قام عليها.
صحيح أن المنطق الذي يبرّر الجرائم لأسباب سياسية موجود في كل الحركات السياسية والعسكرية المعاصرة، سواء حكمت باسم الشيوعية أو النازية أو الديمقراطية، لكن منطق الحركات التي تدّعي النطق باسم المظلومين والمهانين والمحتقرين، سواء زعمت الدفاع عن مبادئ الإسلام، أو حقوق الشعوب المظلومة، سيصبّ مباشرة في وعاء الطغاة في اللحظة التي تتخلّى فيها عن مبادئ الدين أو العقيدة التي تزعم الانتماء إليها.
إضافة إلى المصداقية التي تعطيها لنظام موغل في الوحشية كالنظام السوري، فإن هذه الفعلة الشنيعة تصبّ أيضاً في طواحين كثيرة، بينها الإعلام الغربي الذي لا ينفك يؤكد، بطرق مباشرة أو غير مباشرة، أن الشعوب العربية لا تستطيع حكم نفسها بنفسها، وأن الاحتلال أو الأنظمة المستبدة هي الأحق بإدارة شؤون هذه الشعوب، كما تصبّ في المساواة بين التنظيمات الجهاديّة المتطرّفة التي تعتاش على الدماء وعلى التواجه الانتحاري مع العالم، مع أي تنظيم إسلامي أو حركة ترفع راية التصدّي لنظام استبدادي.
الإنجاز الأكبر الذي يمكن أن يصل إليه أي نظام هو أن يحوّل خصومه السياسيين إلى أشباه له في الإجرام والإساءة للروح البشرية وانتهاك حقوق الناس الذين يحكمهم بالحديد والنار. عندها، وحين يسود العدم والفوضى والإجرام لا يعود هناك مبرّر أصلاً للثورات وللمعارضات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق