الخميس، 27 نوفمبر 2014

دبلوماسية مد إيدك وألحقها والمصالح المشتركة .




 دبلوماسية مد إيدك وألحقها 
  والمصالح المشتركة .





المهندس / فتح الله سرقيوه


 

عندما تحقق الإستقلال فى ليبيا وأعتُمد الدستور وأصبحت ليبيا دولة ذات سيادة فى 1951م بدأت بشائر النور والخير والأمان والتقدم تلوح فى الأفق ، حيث إنطلقت  أول حكومة ليبية فى سياستها لإعداد العُدة من أجل بناء (الدبلوماسية الليبية) التى إعتبرتها من الأولويات لإظهار وجه ليبيا الجديد للعالم فقد تم إيفاد العشرات من الطلبة الأوائل والمتفوقين والنوابغ للدراسة بالخارج فى مجال الإقتصاد والعلوم والهندسة والطب والسياسية والإدارة المتقدمة واللغات بالدول العربية وعلى رأسها مصر التى سبقت معظم الدول العربية فى مجال إدارة الدبلوماسية ولم يغفل ساسة ليبيا آن ذاك عن إيفاد الطلبة للدول الأوروبيه بعيداً عن الوساطة والمحسوبية والقبلية والجهوية همهم الأول بناء ليبيا والقفز بها سريعاً إلى مصاف الدول المتقدمة ولا ننسى أن الطلبة الذين أوفدوا فى تلك الفترة كانوا من جميع أنحاء الوطن ودون تمييز بينهم .

وما هى إلا سنوات حتى بدأت أشجار الإنتماء الوطنى تطرح ثمارها ، وأصبحت وزارة الخارجية الليبية تحتضن الكثير من السُفراء والخبراء فى مجال السياسة والدبلوماسية المتقدمة وقد إستطاعت الدبلوماسية الليبية أن يكون لها حضور فى جميع دول العالم لأن الإختيارات الدبلوماسية كانت مبنية على الكفاءة والخبرة والوطنية والنزاهة وليس شللية أو معرفية أو قبلية أو ولاءً للنظام الملكى !! وقد إستطاع أولئك المخلصون فى الخارجية الليبية  فى سنوات عدة أن يُعطوا فكرة حسنة عن السياسة الليبية وديمقراطية الدولة التى تنتهج النظام الدستورى الديمقراطى حيث كانت الدول تتسابق على بناء العلاقات الطيبة مع ليبيا فى ظل الإحترام المتبادل وتبادل المصالح ..

وبمجرد إنقلاب 1969م حتى بدأ الإنقلاب على الدبلوماسية الليبية وعمّت الفوضى فى الخارجية تحت غطاء ما يُسمى (الدبلوماسية الشعبية) وتغيير أسماء السفراء والسفارات بأمناء المكاتب الشعبيه وأصبحت الدبلوماسية الليبية أضحوكة لدول العالم وتم ضخ كل من هب ودب من رجال الأمن والتُبّع والنفعيين والموالين والصفاقين والبصاصين وما يُسمى باللجان الثورية ، فقد كان الكل يرغب فى العمل بالسفارات نتيجة للمرتبات المُغرية والخيالية .

 المهم هو إرضاء أصحاب القرار فى النظام وتحولت سفاراتنا إلى بؤر إرهابية وتخريبية وتآمر على دول العالم وتم محاصرة سفاراتنا فى الخارج بتسميتها الجديدة الغريبة (مكاتب شعبية) ووضعها تحت أعين مخابرات الدول التى تقيم فيها وتتبع أعضائها الجهله بإعتبارهم مصدر قلق ومؤامرات لا يتحدثون أى لغة وإن تحدثوا العربية فهى (محلية) غير مفهومة لدى المُترجمين فى تلك الدول ..

إننى أتذكر أننى كنت فى دورة تدريبية بفرنسا فى بداية الثمانينات فى مجال عملى وبعد إنتهاء الدورة إحتجت إلى توقيع أوراق من قبل السفارة فى باريس فأخذت العنوان من الشركة المُضيفة للدورة وذهبت إلي السفارة الليبية  وعندما وصلت وجدت الأبواب مغلقة وكأنها (سجن من سجون فرنسا فى القرون الغابرة) حيث طرقت الباب لمدة طويله وإذا بشخص يخرج رأسه من فتحة صغيرة بالباب ليرد على بصوت مزعج غير مفهوم ليقول لى (شنو منى إنت) قلت له أنا ليبى وأود توقيع هذه الأوراق وإعتمادها من حضرة السفير فرد على (يحّ يحّ قالك سفير .. سفير شنو.. أمين ) فقلت له المهم أريد توقيع هذه الأوراق .. فرد بقوله (أترك علوانك وتعال غدوه) .. وأقسم لكم أنه نطقها كما كتبتها (علوانك) وليس عنوانك وهناك فهت الأمر بأن مجموعة من الجهلة والأغبياء والموالين للنظام قد جاءوا بهم إلى السفارات ليسيروها من الكواليس الخلفية  كما يريدون ..
فبعد أن إستطاع النظام تغيير وجه الدبلوماسية الليبية وإبتكر التصعيد الشعبى فى السفارات ، لم نسمع عن أحد من الموظفين فى السفارات أو السفراء قد قدم إستقالته ورفض العمل تحت أولئك الجهلة الموالين وخرج بكرامته بل أن أغلبهم إستكانوا ورضوا بالعمل مع النظام بشكل الدبلوماسية الجديدة وللأسف كل ذلك من أجل المرتبات والعُملة الصعبة والإمتيازات حتى ولو كانت فى ظل المهانة والخزى واللطم على الوجوه الصفيقه ، ولا أنكر أنه ربما أن يكون هناك البعض من الدبلوماسيين قد غادروا العمل إحتراماً لكرامتهم وتاريخهم الوظيفى .

ولكننى أقول أن الشئ بالشئ يذكر … فقد يُعيد التاريخ نفسه لأن الخارجية الليبية فتحت ذراعيها بعد إنتفاضة فبراير مرة أخرى لأتباع التكتلات السياسية والموالين والمدعومين من الخارج لكى يكلّفون سُفراء وموظفين بالسفارات وبمرتبات خاليه قد تفوق تلك المرتبات فى النظام السابق وبإمتيازات أكثر، فكل نائب أو وزير أو قائد ميدانى نافذ يحمل معه ملف أو إثنين لتكليفهم فى السفارات حتى ولو كانوا (إرحم من قرا وورا).

 فهل نحن مغضوب علينا بمثل هذه النماذج أم أن الدول التى تتحكم فينا من الخارج تريد ذلك لتتحكم فى سياستنا كما يحلو لها ،فهل من وزير خارجية شجاع قادر على غربلة هذه المؤسسة الهامة ؟؟ من الشوائب العالقة  فى الماضى والحاضر وطرد كل من إنتهز الفرصة ليكون سفيراً أو موظفاً فى إحدى السفارات دون وجه حق بينما يُحرم من هم أحق منه من الوطنيين والمخلصين الذين إنتفضوا ضد نظام القذافى  منذ اللحظات الأولى للثورة  وأن تُفتح ملفات السفارات فى ليبيا منذ 1969م ومحاكمة الذين أفسدوا وشاركوا فى فساد الإقتصاد الليبى وكانوا سبباً فى تجارة السوق السوداء بداخل الوطن يوم كان المواطن محروم من رغيف الخبز .. فهل سنرى ذلك يتحقق قريباً بقرار برلمانى أو من  الحكومة المؤقتة ؟؟ أم أن الوضع يبقى كما عليه حتى يأذن الله بأمر كان مفعولا  .. ما رأيكم يا سادة؟؟ .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق