الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

(للمرة المائة أقول ...) لن تكون هناك دولة أبداً بدون مصالحة شاملة

(للمرة المائة أقول ...)

لن تكون هناك دولة أبداً 

بدون مصالحة شاملة


فتح الله 1

المهندس / فتح الله سرقيوه

 

المُرتعشون والمُرجفون والإنتهازيون لا يصنعون التاريخ أبداً ولا يمكنهم إتخاذ القرارات الصائبة والمصيرية والحاسمة فى حياة الشعوب وقيادة المجتمعات وخصوصاً إذا إنتصروا فى معركة ما ، فكم من حروب أهلية وصدامات إجتماعية حدثت فى الكثير من دول العالم عربية وغربية وعلى رأسها الحرب الأهلية التى دارت رحاها بين الشمال والجنوب فى أمريكا وأسبانيا وغيرها من دول العالم التى  تُعتبر اليوم من الدول المتقدمة إقتصادياً وحضارياً وسياسياً … وكم من أرواح زُهقت ومدن وقرى حُرقت وبنى تحتية دُمّرت وعشائر وقبائل هجّرت بفعل تلك الحروب الأهلية الطاحنة وكم من قبائل كانت تعيش فى الوطن آمنة مُستقرة فى وئام وحب مع أبناء عمومتها .

 ولكن فى النهاية لا بد من شخصيات إعتبارية قوية عسكرية وإجتماعية ودينية أن تتدخل من أجل وضع قطار الشعب والأمة على السكة وأن يتم وضع الفئات المُتخاصمة والمُتحاربة فى عربات القطار دون تمييز بإشراف لجان الحق والعدل التى تفرض تطبيق العدالة والمصالحة ولو بالقوة على الجميع  وفى إطار إحقاق الحق ورد المظالم ولا يُترك الأمر لأهواء البعض وأمزجة هذا وذاك ، لأنه من طبيعة البشر الإختلاف الذى يمكن تداركه ولكن إذا تُرك الأمر للزمن فقل على الوطن السلام فمن المُستحيل أن تندمل الجراح وتتصافح الأيدى وتتصافى القلوب وقد يتحول الإختلاف مرة أخرى إلى خلاف دائم وحقد متبادل وكراهية وثارات يصعب السيطرة عليها وقد تشتعل الحرب فى أى وقت وتتحول إلى ما يُسمى الحرب الأهلية لأن النار خامدة وتحتاج من يوقد شراراتها وأبناء الحرام على أتم الإستعداد لأنهم يتحينون الفرصة لذلك .

لاشك أن الشعب الليبى بشرائحه المختلفة مرت عليه كوارث ونكبات لا تُحصى ولا تُعد منذ أن وطأت أقدام العثمانيين الذين حلوا بهذا الوطن تحت شعار الدين وحماية الإسلام ، فكم من عشائر وقبائل تم تهجيرُها قصراً بتدبير من أولئك الأتراك المستعمرين وكم من مشانق نصبّت لأبناء هذا الشعب على مر العصور وكم من حروب أهلية دُبّرت من قبل الحكام الظلمة الطغاة الذين لا ينتمون إلى عشائر وقبائل وعائلات شعبنا المغلوب على أمره .

المصالحة ليست بالأمر الصعب إذا قمنا يتصفية نفوسنا وأحسنا النوايا وإتجهنا إلى الله تعالى ونحن نردد (فمن عفا وأصلح  فأجره على ألله) ، ولو أننا عُدنا إلى الماضى القريب حيث أقام الإستعمار الإيطالى معتقلات الإبادة سيئة السُمعة التى زج فيها الإستعمار قبائل برقه ومنها قبيلة العبيدات وقبائل المرابطين بالذات التى فقدت عشرات الآلاف من أبنائها وتعرّض أبناء هذه القبائل للقتل والشنق والتشريد كما تعرضت البعض من نسائها الحرائر إلى الإغتصاب وللأسف كان من يضع حبل المشانق فى أعناق الليبيين هم (ليبيون) ومن يشى بالمجاهدين هم (ليبيون) ومن يعتدى على الأعرض هم (ليبيون) ومن ينتهك الأعراض هم (ليبيون) فماذا تريدون أكثر من هذه البشاعة ؟؟ .

 ولكن بمجرد أن خرجوا من تلك المعتقلات ومن كتب له الله النجاة فى ظل ظروف قاسية لا يتحملها البشر العادى ، كانت القلوب مليئة بفكرة الإنتقام والأخذ بالثأر ولكن أيها السادة لقد كان فى الوطن رجال إستطاعوا برجاحة عقولهم أن يلموا الشمل وأن يُضمّدوا الجراح بعبارة قيلت فى إجتماع قبلى كبير على مستوى الجبل الأخضر فى مدينة درنه (حتحات علىّ ما فات) بما يعنى  فليُطوى الماضى بمآسيه وآلامه وجروحه ونُعد العدة للمستقبل والزمن كفيل بأن ننسى الآلام .. والحق إللى ما ياخذا الله باطل كما يُقال !!.

لماذا لا يوجد فى هذا الزمن مثل أولئك العقلاء وأهل الكلمة الطيبة ليتدخلوا ويُصالحوا بين الإخوة الذين تربطهم روابط الإنسانية والدم والجوار ، وأولاً وأخيراً رابطة الدين الإسلامى الذى يدعونا إلى المحبة وإقامة العدل وإحقاق الحق ورد المظالم ولكن دعانا كذلك إلى العفو والإصلاح ، وليعلم الجميع أن الدولة الليبية القادمة لن تُقام لها قائمة ولن يكون لها وجود بدون مُصالحة شاملة فى جميع أرجاء الوطن إلا بإطلاق العنان للمصالحة الشاملة وإلا ستُسيطّر علينا الأحقاد والكراهية فى ظل المؤامرات التى تُحاك ضدنا من الداخل والخارج وسنجد أنفسنا وقد رجعنا إلى المربع الأول ، فإما دكتاتورية عسكرية مدعومة من الخارج ويكون فيها الساسة الجدد تُبعاً ودُماً فى أيدى دول خارجية أو حُروب أهلية على مستوى المدن الليبية التى ستكون عواقبها وخيمة على الكل وهناك سيندم الجميع على دولة ضيعوها بأيديهم وسيتباكون كما تباكى العرب عندما ضيعوا الأندلس ويقولون بأعلى أصواتهم يا ليتنا إستمعّنا للناصحين . فهل من مجيب ؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق