أحد فرسان الإستقلال
ووفاء قبائل برقه العريقة
10/5/2014
المهندس / فتح الله سرقيوه
يقول الشاعر … (لجواد إتنادوا وين ما تقصدهم …. ولنذال من بعيد إن جيتم تنقدهم ) ، وهو ما يؤكد أن الأجواد يمكن لصاحب الحاجة والمظلمة أن يقصُدهم لأنهم أهل لذلك أما الأنذال يمكن أن تنتقدهم بمجرد أن تشاهدهم عن بعد وقبل أن تخالطهم أو تتحدث معهم …. ويقول كذلك أهلنا فى البادية (علىّ وجوهها تشرب لبنها) وهى فراسة فى تقييم البيت المُضيف وهل هو جدير بالضيافة وأصولها ؟ ! ويقال كذلك (الربيع يبان من فم الدار) أى انه لوكان هناك جود وكرم وإستعداد للضيافة يمكن أن يشعر بها الضيف بمجرد وصوله أمام البيت ، موروث شعبى لم يأتى من فراغ بل جاء نتيجة خبرة فى الحياة الإجتماعيه والعلاقات الإنسانية ، وقد قيل المثل الشعبى (ضيف الأجواد إضيّف) وهو مثل تعارف عليه أهلنا بأنه يمكن للضيف أن يسطحب معه ضيوف وهو فى طريقه للمُضيفين إذا كانت تنطبق عليهم مواصفات الكرم والجود وإحترام الآخرين ، ولا شك أن من عُرف عنه الجود والكرم عُرف عنه كذلك الشجاعة لأن البخيل الذيلى (ردئ بطبعه) لا يمكن أن يكون شُجاعاً ولا كريماً .
هذه الأمور تعارف عليها أهلنا منذ زمن بعيد وعندما تبحث عن هذه الصفات تجدها مطابقة للواقع فى أى مكان أو زمان ، ولذلك تغنى الشعراء بالأجواد وأهل الجود والكرم كما استهزؤا واستخفوا بالبخلاء ومن إشتهروا بالنذالة ولكنهم اشادوا بالشجاعة فى شعرهم ، وأتذكر هنا ما قاله أحد الشعراء فى حق إحدى القبائل بالجبل الأخضر وهى قبيلة أشتهرت بالجهاد وبالجود والكرم والفزعة كغيرها من قبائل وعشائر المنطقة وهى قبيلة (البراعصه) العريقة عرين المجاهدين والكُرماء ، الشهيد البطل ، حسين الجويفى والمناضل المجاهد ، مفتاح بوشاح والمرحوم ، حسين مازق وغيرهم ، حيث قال أحد الشعراء الأفذاذ وهو المرحوم / إدريس الشيخى الذي حطت به الرحال فى الجبل الأخضر وتحديداً مدينة البيضاء وهو أحد الذين جاوروا تلك القبيلة وعاش بينهم وتعرّف عليها عن قرب وهو حقاً رأى محايد يؤخذ فى الإعتبار فى حقهم ……..
(تريس كرب ما تنهاس وإنت إحذاهم
ديما على الشرقان ديّارين)
(حسيت توا ما نقدر إنعيش بلاهم لجل
رفق لا يوم لا يومين)
( وإن قرضهم شخص يبقى واهم وألا
عدوا عندا عليهم دين )
وهذا ليس قول الشاعر فقط فإننى سألت الكثير من أبناء درنه الذين شدوا الرحال منذ الخمسينيات ايام النظام الملكى الزاهر وإستقروا بمدينة البيضاء فهم يقولون نفس ما قاله ذلك الشاعر ، ويؤكدون بأنهم جاوروا وتصاهروا مع أهالى منطقة البيضاء من براعصة وقبائل أخرى فوجدوهم نعم الجار ونعم صلة الدم ونعم الأمن والأمان والفزعة ، هذه ليست مجاملة أو إطراء ولكننى أؤمن بأن أقول الحق وإعطاء الناس حقها .
أستميحكم عذراً فكما عودتكم أن كتاباتى لا تخلوا من موروثنا الشعبى وتاريخ أهلنا المشرّف الذى يدعوا إلى إكرام الضيف ورفع الظلم عن المظلوم وإحترام الجار وهى حقاً ما أوصانا بها ديننا وما جاء فى سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، حيث كانت قبائلنا دائماً تتنافس على تلبية النجدة والفزعة والذود والدفاع عن الأرض والعرض وما جعلنى أكتب ذلك لما أسمعه من وقت لآخر فى الإذاعات المحلية والقنوات الفضائية من تطاول بعض الجهلة على القبائل الليبية العريقة ووصفها بأوصاف لا تليق بتاريخها النضالى والجهادى فى زمن الإستعمار المتعاقبة.
ولذلك وجب على الإعلام المحلى المسموع والمرئى أن يحترم هذا التاريخ وإن كان ذلك عن جهل كما أسلفت ، وجب عليهم قراءة التاريخ جيداً حتى لا يجدوا أنفسهم وقد وقعوا فى الخطا الذى سيُحاسبون عليه أمام الله وأمام التاريخ ولزاماً عليهم الإبتعاد عن الإساءة لقبائلنا فى جميع أنحاء الوطن فكلنا من قبائل وهذه القبائل هى التى كان لها الفضل فى إقامة الدستور وفى إنجاح وترسيخ الديمقراطية والعدالة والقانون فى زمن الإستقلال من أجل أن نعيش نحن فى حرية وديمقراطية ولكن القدر هو الذى جاء بذلك الديكتاتور الذى أفسد كل ما ناضل من أجله أجدادنا وآباؤنا فلا ننسى أن الكلمة الطيبه صدقه .
إننى اتذكر منذ أكثر من أربع سنوات إستضافنى فى مدينة البيضاء السيد المحترم / حسن بوشاح البرعصى لإطلاعى على الكثير من الوثائق والمستندات التاريخية وكان من بينها (بطاقة قام بتصميمها وتغليفها) وهى للسيد المناضل المرحوم/ عمر فائق شنيب وقد أجاد فى إنتقاء المعلومات بها وقال لى لقد عرضت هذا الأمر على العديد من الصحفيين والكتاب والمهتمين بالتاريخ لكى يعطوا هذا الرجل حقه وهو بطل من أبطال الإستقلال ولكن الجميع خاف أو تخوّف ولكن هناك من قال لى أن أتصل بك .. وفعلاً قمت بتوثيق ذلك ونشره ، ومن هنا أود أن أشكر ذلك السيد الفاضل / حسن بوشاح على شجاعته فى زمن لم يكن لآى أحد أن يُغامر بمثل هذا الموضوع … وهذا الموقف يؤكد تلك الأبيات التى تغنى بها ذلك الشاعر.
حتى لا أبتعد كثيراً عن الموضوع .. أتذكر أننى فى شهر مايو 2012م ذهبت للمركز الإنتخابى دائرة درنه وذلك لإستلام بطاقتى الإنتخابية بمركز الإنتخاب بمدرسة الزهراء الثانوية فوجدت الأستاذ المحترم / عبدالمنصف المنصورى مدير المدرسة وتفاجئت بعدم وجود لجنة لإستقبال المواطنيين (واحد على الأقل) وتزويدهم بالشروحات الوافية حول العملية الإنتخابية والرد على إستفساراتهم ، فسألته مباشرة قبل أى شئ (تغديت يا استاذ) فلم يُعلق وقد فهمت الرد من خلال عدم الرد … وما أدهشنى كذلك أن الأستاذ / عبدالمنصف قال لى لم يزودونا بأى نثريات خاصة للوجبات والمشروبات والتنقلات إضافة إلى الغياب الإعلامى وقالوا لنا (أصرفوا من عندكم وهاتوا فواتير) والمعروف فى تراثنا الشعبى أن من يقيم عُرساً لابد أن يجهّز له.
أقول لا حول ولا قوة إلا بالله أليس هذا (عُرس) الليبيين ومن واجب مفوضية الإنتخابات الصرف عليه من ميزانياتنا والموارد المالية للشعب الليبى دون جميل من أحد علماً بأننى تأكدت أن هناك مبلغاً مرصوداً للإنتخابات فى ليبيا بقيمة (140) مليون دينار ، هؤلاء الرجال والشباب الأفاضل يتواجدون منذ الصباح وحتى المساء ألا يستحقون الإحترام على هذا العمل الصعب بالرغم من عدم وجود أى نوع من الحماية الأمنية ، ناهيك عن عدم الإهتمام بما يحتاجه المواطن الليبى الذى جاء سعيداً وفرحاً ليُشارك فى هذا العُرس التاريخى ،، أليس من حق المواطن أن يجد بمجرد دخوله للمركز الإنتخابى من يستقبله ويستضيفه على الأقل (بحبة تمر وكوب حليب لتعم البركة ) وتقديم الإبتسامة له لكى يستبشر بمستقبل لا زال فى علم الغيب …
أقول للمسؤولين عن هذا العُرس بالذات لا بد أن يكون لديكم زمام للمبادرة وتقديم كل ما يلزم من خدمات كفيلة بإستقطاب المواطنيين لخوض هذا الحدث التاريخى وهو ليس بالجديد على الليبيين فقد خاضه أجدادنا وآباؤنا فى زمن الإستقلال ولكن الحق يُقال فى شأنكم (فاقد الشئ لا يعطيه) ويبدو أن منحنى قبولكم السياسى والإجتماعى لدى المواطن هبط قبل إنتخابكم والمثل يقول (الربيع يبان من فم الدار) وهذا ما قلته يومها وأنا على يقين من تلك الوجوه التى تقدمت للإنتخابات ، وأيقنت أن المستقبل لا يبشر بخير وأن تلك الوجوه تُخفى ورائها الكثير من التساؤلات والأجندات غيرالمرئية ..
والحمد لله تعالى أن ما قلناها يومها بالرغم من أن ذلك لم يُعجب البعض ها هو اليوم يتحقق على الواقع ويجعل الكثير نادماً عن وضع إصبعه فى تلك المحبرة ليصوت لتلك الوجوه ، ولا أنسى قول شاعر المدينة ببنغازى (يا ريتا صبعى ينقص إللى أمعاكم فى الحبر غطّس).. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
البطاقة التى أعدها السيد المحترم
أحد أبناء قبيلة البراعصه / حسن بوشاح
فى حق أحد فرسان الإستقلال إبن درنه البار المرحوم/ عمر فائق شنيب
وقد تم أعدادها منذ سنوات وليس بعد ثورة فبراير ، فتحية لك أستاذ حسن
على موقفك الوطنى وشجاعتك النادرة فى قول الحق وجازاك الله خيراً
على موقفك الوطنى وشجاعتك النادرة فى قول الحق وجازاك الله خيراً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق