الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

الحمروش لليبيا الجديدة إستلمت وزارة من الفوضى ومناخ من الابتزاز والـتآمر


الحمروش لليبيا الجديدة

إستلمت وزارة من الفوضى ومناخ من

الابتزاز والـتآمر

3/9/2013

ef0e05dda840007f9b8a13f32637e807[1]

لأول مرة تحاور صحيفة ليبية، الدكتورة فاطمة الحمروش وزيرة الصحة في حكومة الكيب، نقف معها على عدة نقاط وقضايا مهمة، منها العراقيل التي منعت العمل بصورة صحيحة، ومنها محاولاتها، لإصلاح مايمكن إصلاحه، في هذا اللقاء تكشف بعض الأوراق الخفية عن الناس، والتي كانت تدور في كواليس الوزارة قبل وأثناء وبعد فترة توليها لشؤون وزارة الصحة.

بداية لنتعرف على فاطمة الحمروش الطبيبة والمواطنة الليبية التي عاشت في المهجر؟ وأسباب مغادرتها لليبيا؟


بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً أشكركم على استضافتي في هذا الحوار ولصحيفتكم كل التوفيق والرقي. لقد غادرت ليبيا لاستكمال دراستي العليا في طب العيون وذلك في يناير 1996، بعد أن عملت كطبيبة عيون في بنغازي لمدة 12 سنة، ولكني كنت أيضاً أفكر في الهجرة بسبب تدهور الأوضاع في ليبيا وعدم قدرتي على الاستمرار، ولعدم قدرتي على الصمت وعدم الاعتراض على الفساد، الذي بدأ يظهر في مفاصل الحياة الليبية، وخصوصا أني عبّرت في عدة مواقف عن اعتراضي، واستيائي مما كان يحدث من مظالم بحقنا، الأمر الذي أدى إلى لفت انتباه بعض من أعضاء اللجان الثورية ناحيتي، خصوصا هدى بن عامر، ويونس معافة، ومحاولتهم استقطابي لصفوفهم، الأمر الذي جعلني حذرة جداً في تعاملاتي، حتى لا أتسبب في الأذى لنفسي أو لأسرتي  في ذلك الوقت.

ووجدت في خروجي لبضع سنوات للدراسة العليا، فرصة لكي أتخذ قرارا واضحا إما بالعودة إلى الوطن أو البقاء خارجه، ومع تطور الأمور في ليبيا بشكل خطير وحدوث بعض الأمور المشينة والجرائم البشعة، منها جريمة بوسليم، وجريمة حقن الأطفال بفيروس الإيدز، و بدأ يظهرالفساد جليا، والقتل لاغطاء عليه.… رافق ذلك تفوقي في دراساتي العليا، وفي مجال عملي، وعُرِضت عليّ وظيفة مستشار ورئيس قسم العيون بمستشفى في ضواحي العاصمة الايرلندية، فقبلت، لأن هذه الفرصة تؤمن لي العيش الكريم، وتضمن حقوقي كإنسانة، وتحفظ كرامتي وحريتي، وتمنح الفرصة لأبنائي في الدراسة والاستفادة، على أمل أن نعود جميعا بخبراتنا إلى الوطن متى تغيّر النظام.


مارست الكتابة بعضا من الوقت فما قصتك مع الكتابة؟


خلال المدة التي قضيتها في الغربة، كنت أتابع أخبار الوطن في الإذاعات والنت ومواقع المعارضة الليبية، في البداية كنت أكتب بعض التعليقات بأسماء مستعارة مختلفة، وكان صداها لدى المتابعين مشجعا، فقررت كتابة بعض المقالات القصيرة، ثم تطورت إلى مقالات ثابتة عام 2007، في مواقع شتى منها جيل ليبيا، وليبيا المستقبل، والجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وموقع المؤتمر الوطني للمعارضة، ثم في عام 2009، طلب مني السيد حسن الأمين أن أعمل معه كمساعد مدير التحرير في موقع المستقبل، فقبلت وتعاونّا إلى أن تركت إدارة المجلة في يناير 2011.

في بدايات الثورة كنت من ضمن أعضاء المؤسسة الليبية الايرلندية للاغاثة؟ حديثنا عن هذه المؤسسة؟ وأهم ما أعترض عملكم من صعاب؟

المؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة هي مؤسسة خيرية لا ربحية، تم تأسيسها يوم 27 فبراير 2011، ومؤسسها ابني “عبدالله النيهوم” وطلب مني رئاستها، كان اسمها في البداية “المؤسسة الليبية للإغاثة العاجلة” ولكننا قمنا بتغيير الاسم إلى “المؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة” بعد أن رأينا تجاوبا كبيرا من الشعب والحكومة الايرلندية لتقديم المساعدات…. خلال أسبوع واحد فقط، وصلتنا مساعدات كبيرة من المستشفيات الايرلندية بما يكفي لإرسال حاوية كاملة عبر البحر إلى مصر، وواجهتها حينها بضع مشاكل، أراها جديرة بالذكر هنا، كما أرى أنه من الضروري أن يعلم بها القراء لما لها من أهمية فيما حدث من تشويه شخصي وللمؤسسة خلال الفترة التي تلت…. القانون الإيرلندي يفرض ضريبة دخل تصاعدية تصل إلى 55 % من الدخل الإجمالي، ويعفى الدخل الخيري منها، ولكن القوانين التي تحدد وتنظم العمل والضرائب لا تعترف بالدخل الخيري إلا بعد إثبات ذلك عمليا، من خلال قيمة الأعمال الخيرية التي تقدمها المؤسسة، لذلك خشينا أن تضيع علينا نصف قيمة التبرعات فاستشرنا محاسبا قانونيا، ونصحنا بأن نطلب من مؤسسة خيرية مسجّلة بالبلد، بأن تسمح لنا باستخدام رقم تسجيلها، وبالمقابل تصبح مؤسستنا تحت اسمها كفرع لها، لم يهمنا حينها هذا الشرط، بل رأينا فيه مخرجا لحفظ مال المتبرعين ولاستخدامه بأقصى ما يمكن لخدمة ليبيا والغرض الذي تم إنشاء المؤسسة من أجله، وهو تقديم ما يمكن تقديمه لإنقاذ الأرواح وتسهيل الحياة في المناطق التي قُطِعت عنها الميزانية.… في البداية حاولنا مع الهلال الأحمر، وعدة مؤسسات أخرى، ولكن لعدم معرفتهم بمن نكون، لم نلقَ استجابة، ورغم أن المجهود في البداية كان لابني ولي فقط، لم نشأ أن نرسل المعونات باسمينا فقط، فقررنا أن نلتقي بما كان اسمه حينها “لجنة الأزمة” والمشكلة من أعضاء في الجالية الليبية في ايرلندا، كانت هذه اللجنة تلتقي وتتناقش في كيفية تقديم الدعم لليبيا.

ولكن عملها لم يصل إلى درجة الاتفاق على تقديم عمل كالذي قمنا به.… حضرنا معهم الاجتماع الرابع، ورحّب الجميع بنا وأثنوا على العمل الذي قمنا به وأظهروا نيتهم في المشاركة، لكن يبدو أنه كان من بين المجتمعين بعض ممن لا تزال لديّ عليهم علامات استفهام فيما يخص ولائهم للثورة، أو لايزالون ينتمون أو يخشون نظام الطاغية، هؤلاء الأشخاص كانوا قبل الثورة يتحاشون حتى حضور مناسبة يتم فيه نقد الطاغية، ومنهم من أبدى استعداده للمشاركة زمنهم من شارك في برنامج ليبيا الغد لسيف القذافي، وحين قامت الثورة، لم يشاركوا في أول اعتصام قمنا به في ايرلندا، بل اكتفوا بمراقبتنا من موقف السيارات القريب، وهم بداخل سياراتهم.… هؤلاء شنوا حربا إعلامية شرسة ضدي شخصيا، بعد أن فشلت جميع مساعيهم في سرقة جهود من عملوا حقا بالمؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة، ومن أطرف ما يمكنني أن أسرده هنا كمثال فقط، حين قاما كل من، د ابراهيم الشريف وشخص آخر يُدعى محمد الحجاجي، بمنع المساعدات المالية من الجالية لنقل القافلة الطبية الأخيرة، وقد جاءتني هذه المعلومة من رئيس الجالية الليبية في ايرلندا، السيد فهيم بوخطوة، وهو لا يزال حيا إلى اليوم، وأتمنى أن يتذكر ما أفادني به بهذاالخصوص.

كيف حاولت التغلب على مشكلة التسجيل كجمعية خيرية؟ 

في الاجتماع السابق كان يتواجد السيد إبراهيم بازاما، وهو مقيم منذ سنوات في ايرلندا، وعرض علينا رقم “مجموعة التضامن الاجتماعي الليبية Libyan social solidarity group، كي نستخدمه على أنه رقم خيري، وحقيقة وللتأكد، سألته حينها إن كان متأكدا من إنها جمعية خيرية، فأكّد لنا ذلك أمام جمع بلغ حوالي خمس وعشرين رجلاً، وبناءً على ذلك، قمنا بالإعلان عن مؤسستنا كمؤسسة تابعة لمؤسسة التضامن الاجتماعي الليبية، وقام الكثير من رجال الأعمال الايرلنديين، ومن شتى انحاء العالم بالتبرع لنا، ووعدناهم بأننا سنزودهم بإيصالات رسمية حتى يقدموها لمصلحة الضرائب لديهم لإعفائهم من الضريبة الخاصة بتلك المبالغ…. حدث كل هذا بعلم الجميع، ثم تفاجأنا للأسف الشديد، بعد ستة أسابيع من هذا الإجراء، أن الجمعية المذكورة لم تكن مسجّلة لدى السلطات الايرلندية على أنها خيرية لعدم توفر ما يكفي من العمل لتكون كذلك، رغم تأسيسها منذ ما لا يقل عن عشرة أعوام، وتبين لنا أن صاحبها قدّم لنا ذلك العرض، لكي يصل إلى هذا الاعتراف من مصلحة الضرائب الايرلندية كمؤسسة خيرية فاعلة، غير آبهٍ بما عرّضنا إليه من صفة انتحال لوصف يعاقب عليه القانون الإيرلندي بتهمة الاحتيال! اضطررنا إلى الاستعانة بمحامي، وقد نصحنا بأن ننشر اعتذارا على النت، ولكل من تبرع لنا، موضحين سوء الفهم بخصوص الرقم المشار إليه، ونعرض معها إرجاع المعونات المادية، وبالفعل قمنا بذلك والحمد لله تفهّم الجميع الأمر، ولم نتعرض للشكوى، ومنها كانت بداية الحملة الإعلامية التي أشرت لها سابقا، سواء خلال المجالس، والاجتماعات، والايميلات الجماعية، والفيسبوك.

كيف حاولتم التغلب على هذه العقبات، وماذا فعلتم للعمل داخل ليبيا؟

في يونيو 2011، فتحنا فرعا في بنغازي برئاسة الدكتور رجب الخازمي، وقد قام هذا الفرع باستقبال المساعدات وتنظيم وضمان وصولها إلى الجهات التي كانت بحاجة لها. ساعدتنا أيضاً جمعيات أخرى من مالطا (IGO-AID) وجمعية تواصل التابعة لجبهة ليبيا للإنقاذ، والتي كانت تعمل على خط مصر- ليبيا في البداية، وكذلك مجموعة من الأطباء المصريين، والجيش الايطالي، والحكومة الايرلندية والبريطانية…. نقلنا ثماني شحنات من المساعدات الطبية خلال الفترة فبراير 2011 إلى أغسطس 2011، وكانت القيمة الكلية المقدّرة للمعونات التي وصلت ليبيا من خل مؤسستنا ستة ملايين يورو، وذلك بفضل الله وبفضل التعاون بين المخلصين واهل الخير من كل أنحاء العالم.


هل واجهتكم صعاب في العمل داخل ليبيا؟


واجهتنا الكثير من المصاعب، أولها كان ما ذكرته سابقا، فوجئنا أيضاً بالكثير من الجشع والطمع، والسرقات، التي حصلت لبعض المعونات، إضافة إلى أن البعض حاول حتى سرقة جهودنا المعنوية، مثل التواصل مع لجنة الإغاثة في ليبيا، وكذلك الإعلام  بمعلومات كاذبة، لكي يظهر بأنه صاحب هذه الجهود، ووصل بهم الأمر إلى أخذ صورة جماعية، والتحدث في لقاء صحفي تم نشره بصحيفة ليبية، على أنهم مؤسسي المؤسسة وأن عبدالله النيهوم سائق فقط، مكلّف بقيادة إحدى سيارات الإسعاف التي كانت جزءاً من القافلة الأخيرة التي أرسلناها إلى ليبيا، إضافة إلى معلومات أخرى كادت أن تؤدي بسائقي القافلة إلى السجن، لولا حماية الدول التي مرت من خلالها القافلة، وبالمناسبة،   الصحيفة قدمت اعتذارا لنا وقبلنا ذلك، تفهما ظروفها لم نشأ التصعيد، بل إننا قمنا بدعم تلك الصحيفة بتحويل مبلغا ماليا يساعدها لفترة في الاستمرار بالعمل.

هل واجهتكم صعوبات من دول أو اشخاص عند مرور المساعدات بالأراضي غير الليبية؟

الحقيقة أن اغلب المعاناة كانت من أفراد ليبيين، منهم من امتنع عن المساعدة لعدم موافقتنا على إلصاق اسم مؤسستهم على مساعداتنا مقابل تكفلهم بالنقل، وللأسف هذا جاءنا من مؤسسة “وفا” التابعة للإخوان المسلمين على لسان السيد آدم الرقيق، محرر موقع ليبيا اليوم، المقيم في ايرلندا، وامتنعوا بالكامل بعدها من تقديم أي مساعدة لنا. أيضا فإن طمع البعض الآخر في الاستفادة المادية من خلال المساعدات وذلك باستخدام اسم المؤسسة أدى بنا إلى قطع التعامل معهم، كما حاول أيضا بعض الأجانب، بالتعاون مع بعض الليبيين، أن يستخدموا مؤسستنا لإدخال أدوية مغشوشة، وسلاح إسرائيلي، فتصدينا لهذا الأمر.… يضاف إلى ذلك أنه في بداية تشكيل المكتب الصحي الليبي، حاولت بعض لجان تسفير الجرحى ابتزازنا، فمنعنا ذلك وقطعنا التعاون معها، كما عرض السيد حافظ قدور أن يساعدنا في نقل القافلة الاخيرة، ولكنه اشترط أن لا نرسلها الى بنغازي، بل إلى تونس ليستلموها “هم” على حد قوله، فرفضت أيضا، والحمد لله تقدم اهل الخير من داخل ليبيا، واخص بالذكر هنا السيد مصطفى الساقزلي، والذي كان له اتصال بالجيش الإيطالي، فقام الجيش بتقديم ما احتجناه لإيصال المعونة الى بنغازي، واستلمها السيد رجب الخازمي وتم توزيعها.

كيف تصفين الأجواء في بدايات الثورة؟ وكيف كنتم تتعاملون كليبيين خارج ليبيا مع الداخل؟

كانت الأجواء في بداية الثورة رائعة، والتعاون بين الوطنيين الحقيقيين كان يفوق أي وصف، ولاتعبر عنه أي كلمات قد تخطرعلى البال، تعرفنا فيها على رجال ونساء من أنبل الخلق، وتساقطت فيها أقنعة كثيرة، ورغم الألم والخسارة المادية، فإني أعتبر أن من كسبتهم خلال تلك الفترة أثمن من مال الدنيا، وسيظلون أقرب الناس لي ما حييت…. كنا نتعامل كجسد واحد، ولم تعد للمسافات معنى، فالتواصل عبر النت كان آنياً ومباشراً وفعالاً جداً، ولم تكن للمسافات أثر ولا للوقت حاجز، بل كأننا في مكان واحد، نعمل في نفس الوقت على تحقيق نفس الهدف، وهو إنجاح الثورة وتحقيق حلم الشعب الليبي في الحرية والعدالة، واسترداد كرامتنا المغتصبة.

ماهي  رؤية الشعب الايرلندي للثورة في ليبيا ببداياتها؟

الشعب الإيرلندي معجب جداً بالثورة الليبية وبشعب ليبيا، لأنهم شعب يعرف معنى الاضطهاد ومعنى الثورات، ويعرف أيضاً ثمن التضحيات، كذلك فقد احترم تفانينا في خدمة ليبيا، وحبنا لأهلنا وجزعنا عليهم، فتقدموا بكل ما يمكنهم للمساعدة والمساندة.

وماهو الرأي الرسمي الايرلندي؟ وهل لمستم ترددا من قبل المسؤولين الايرلنديين من الثورة أو توجهاتها؟

في بداية الثورة، أظهرت لنا الحكومة الايرلندية تعاطفها معها ورغبتها في المساعدات الإنسانية، وبالفعل فالمساعدات التي أوصلناها إلى ليبيا كانت جميعها من المستشفيات الحكومية، بما فيها ايرلندا الشمالية التابعة للحكومة البريطانية، ولكن كانت الحكومة متحفظة في الإعلان عن موقفها الداعم للثورة، واعتقدأنالسبب هو أن ايرلندا من الدول المحايدة، إضافة إلى علاقة القذافي بالجيش الجمهوري الايرلندي في الماضي القريب، والذي لا تزال بقاياه موجودة إلى الآن رغم نجاح عملية السلام مؤخراً.… ومع هذا حين تم الإعلان عن اسمي وزيرا للصحة بالحكومة الانتقالية، قام وزير الصحة  الايرلندي شخصيا بالإشراف على توفير بديل لي في المستشفى الذي أعمل به، كما قام أحد المستشارين المعروفين عالميا بالعناية بالمرضى الذين يترددون عليّ في عيادتي الخاصة، إضافة إلى دعوتي للقاء رئيس الحكومة الايرلندية وزير الصحة ووزير الخارجية في لقاء للتهنئة والتعاون، إلا أنه ولعدم وجود سفارة ليبية في اأيرلندا، عرضوا علي استعدادهم لزيارة ليبيا بوفد رفيع المستوى، وقد قمت بإبلاغ رئيس الوزراء ومراسلة وزير الخارجية السيد عاشور بن خيال وقتها، ولكنني لم ألق جوابا حينها.

متى بدأت تتصلين بالمسؤولين في المجلس الوطني؟ وماهي أوجه التعاون بينكم؟

اتصالاتي بالمسؤولين بالمجلس الوطني كانت منذ بداية العمل الإغاثي، أي منذ بداية الثورة، وقد كان السيد عبد المنصف البوري مدير مكتب السيد محمود جبريل، كان ولا يزال بمثابة أخ لي، ورفيق في النضال، كنا نعمل معا قبل الثورة، ولم تنقطع صلتنا ببعض إلى يومنا هذا، أما رئيس المؤتمر السيد مصطفى عبدالجليل فقد تواصلت معه بواسطة المراسلات أيضاً، بخصوص الأموال المجمدة والقنصلية، وكذلك في موضوع آخر يخص أمير كويتي أبدى رغبته في شهر مايو 2011 في المساعدة والتواصل مع المجلس الانتقالي، ولكن للأسف وبعد الجهد الذي بذلناه معه، تبيّن أن غرضه كان شخصياً ليحصل على اعتراف الأمم المتحدة بمؤسساته، وحين لم توافق الأمم المتحدة على طلبه، تراجع عن كل وعوده، الطريف في هذا الموضوع، أن أول مراسلة لي للسيد مصطفى عبدالجليل بالخصوص، رغم وصولها إلى مكتبه، إلا أنها لم تصل للسيد المستشار ولكني رأيتها في يد هالة المصراتي في إذاعة القذافي تعرضها على الشاشة، مستهزئة بالليبيين، وتصفنا بأننا حوّلنا دولتنا إلى دولةٍ متسوّلة، وأمر وصول الرسالة لقناة القذافي يضع أسئلة عديدة حول عمل مكتب رئيس المجلس وسرية مراسلاته.

ماهي أهم الأعمال التي شاركت بها إلى جانب المؤسسة الاغاثية قبل المجيء إلى ليبيا؟

أول الأعمال كان تأسيس المؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة، وكذلك التواصل مع كثير من الثوار والمستشفيات لتوفير النواقص، كما قمت كذلك بالاتصال بمصرف ايرلندا المركزي، وقابلت نائب المصرف الذي أعلمني بوجود ما لا يقل عن ملياري يورو من الأموال الليبية المجمدة في المصرف، ولذلك تواصلت مع السيد المستشار مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي، والسيد محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي وراسلت محافظ المصرف الليبي المركزي، والسيد علي الترهوني وزير النفط والمالية حينها بالمكتب التنفيذي، لأجل تخويلي لإجراء المحادثات، أو إرسال من يرونه مناسبا.… وكنت كذلك أسعى للحصول على الموافقة لفتح سفارة أو قنصلية ليبية في ايرلندا لكي نتبادل الخدمات على مستوى دبلوماسي، وأجريت محادثات مع الخارجية الايرلندية وتواصلت بالخصوص مع السيدين المستشار مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي ود. محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي بالخصوص.… كما طلب مني د. ناجي بركات، المكلف بالملف الصحي في المكتب التنفيذي، بأن أفتح مكتبا صحيا لعلاج الجرحى في ايرلندا، فقمت بذلك واستعنت ببعض ممن رأيت فيهم الإخلاص والتفاني من خلال عملهم بالمؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة، وهم عبدالله النيهوم، وعلاء الدين لاغا، ولم أستطع إضافة المزيد حينها لعدم علمي بحجم العمل القادم، أقول هذا لإنصف ثلاثة آخرين كانوا بالفعل خير مثال للوطنيين الصادقين، وهم السادة عبدالحميد وبشير ونزار.… للأسف حتى في هذه المهمة الإنسانية الصعبة قابلنا من كانوا يرغبون في الاستفادة المادية، وقد كانت هذه أول صدام لي مع من تاجروا بآلام بالجرحى، لم يكن لي علم حينها بأني سأصبح وزيرة للصحة بعد شهرين، كما لم يكن لدى من حاولوا الاحتيال عن طريق هذا المكتب علم بذلك أيضاً، ولهذا فقد كشفوا عن أنفسهم مبكراً، وعرفتهم حتى قبل أن أتولى الوزارة. للأسف الشديد، أحد الأشخاص الذين كنا نتوسّم فيه الخير ممن تعاونوا معنا في المؤسسة الليبية الايرلندية للإغاثة، اختلط عليه الأمر حين سمع بالمكتب الصحي، وظن أن بإمكانه التصرف في الأموال المرصودة لعلاج الجرحى، واتفق مع شخص ايرلندي كان هو أيضاً معنا في المؤسسة وكان حقيقة داعما أساسيا لها، فاضطررنا لإسقاط عضويتهما.… وسط هذا كله، تم اختياري وزيرة للصحة في الحكومة الانتقالية، فقمت بتكليف طبيبة ليبية مقيمة في ايرلندا بالمكتب بدلا عني، وكانت حينها كل الإجراءات الخاصة بالمكتب مع الحكومة الايرلندية قد تمت، وكذلك إجراءات أول دفعة من الجرحى والذين وصلوا بضعة أيام فقط بعد مغادرتي إلى طرابلس.

ماذا حدث بشأن السفارة الليبية بإيرلندا؟

إلى الآن لم تتخذ أي خطوات فاعلة في سبيل ذلك، ولكني أعلم أن هناك الكثير من الانتهازيين والباحثين عن المناصب، يسعون على قدم وساق لافتتاحها، وهم نفس من فرّقوا الجالية الليبية في ايرلندا، فلا أتوقع منهم إلا أن يسيؤوا إلى ليبيا لو تحقق لهم ذلك، أعرف أنهم تواصلوا مع الحكومة الجديدة بالخصوص، ولكني أرى أن اختيار هؤلاء لن يكون اختيارا حكيما، أما بالنسبة للسيد الكيب، فكل ما أتى مني كان مرفوضا بسبب خلافنا على برنامج الجرحى، فرفض أي برنامج يتصل بإيرلندا، بما فيها تلك التي تخدم الجرحى…. من المعلومات التي لدي أنه تقدم 200 شخص من الجالية الليبية بإيرلندا، إلى الحكومة الجديدة ليكونوا سفراء ليبيا في ايرلندا، وهو رقم مضحك فعلا حيث أن هذا العدد يفوق بكثير من عارضوا النظام السابق أو دعموا الثورة من الليبيين في ايرلندا، أو شاركوا فيها، واليوم نراهم يتسابقون على المناصب فقط .

متى عُرض عليك مهام وزارة الصحة؟ وماهي  ردة فعلك الأولى تجاه هذا التكليف؟

علمت من مصدر من المجلس في نفس اليوم الذي تقرر فيه اختياري، وذلك عبر اتصال هاتفي، كنت في اجتماع مع مدير البرنامج الوطني للمعاقين في المكتب الصحي الليبي للاتفاق على استجلاب عمالة لتدريب الليبيين، وإنشاء مركز للتأهيل، وأصابني الخبر بالذهول، كان خبرا خطيرا جداً بالنسبة لي، ولم يفرحني بتاتا، إلى درجة أن من كان معي في الاجتماع، اعتقد أني سمعت خبرا سيئا عن أهلي بسبب القصف، فقد كان قلقي شديدا على مايحدث في ليبيا…. اعتقدت بأن الأمر قد يتغير قبل الإعلان الرسمي عنه، أو سيتم اختيار شخصا آخرا، إلى أن تأكد لي الخبر بعد أن أعلن السيد الكيب عن أسماء وزراء الحكومة في اليوم التالي استغرق مني التفكير في الأمر ثلاثة أيام، ولإيماني بأن “الوظيفة تكليف لا تشريف”، وكنت أعرف أنها مسؤولية كبيرة، ولا يمكنني التكهّن بما يمكنني أن أقدّمه في المرحلة الانتقالية، وكنت أعرف جيدا أننا رغم قضائنا على رأس هذا النظام، إلا أننا كشعب عاش تحت قوانين وممارسات هذا النظام لمدة اثنين وأربعين عاما، فقد ترسخت في أذهان الكثيرين سلوكيات وأخلاقيات هذا النظام، إضافة إلى أنني حينها كنت أسعى لاسترجاع الأموال المجمدة، بالإضافة إلى إنشاء المكتب الصحي الليبي بإيرلندا، وكنت أسعى لإنشاء سفارة ليبية في الجمهورية الايرلندية، بالتواصل مع المكتب التنفيذي ورئيس المجلس الانتقالي، ولديّ أسرة وعمل والتزامات مع أبنائي، وجهة العمل التي كنت اعمل بها، ومرضاي، إلخ.  لكن أخيرا قررت ” أن هذا نداء الوطن، وليس لديّ عذر أكبر من هذا الواجب لكي لا ألبّيه، خبر التكليف وصلني يوم الإثنين، وكنت في طرابلس الأحد التالي.

كيف وجدت وزارة الصحة حين تسلمك للعمل؟

كانت الوزارة تعمها الفوضى والإدارات بها متوقفة عن العمل، إضافة إلى أن البعض استغل فرصة الفراغ بين المرحلتين، فانتحل شخصية رئيس إدارة اثنين من أهم إدارات الوزارة، إدارة الخدمات الطبية، وإدارة القوى العاملة، وأكدا لي بأنهم موظفون بالوزارة وأوحوا للموظفين بأنهم قدموا معي! لم اكتشف هذا إلا بعد اشهر من الفشل المتواصل بالإدارتين، قمت بفصلهما في منتصف مدتي بالوزارة، ولكن للأسف تمت إعادة تعيين أحدهما في إدارة أخرى، بعد تولي د نورالدين دغمان للوزارة بعدي، ولا شك لدي أنهم قاموا بخداع الوزير الجديد، بطريقة أخرى ليتم هذا التعيين…. يجدر بي هنا أن اذكر أن د . ناجي بركات كان قد أرسل لي ايميلا به أسماء يحذرني منها، ولكني لم أرَ هذا الايميل إلا في شهراغسطس 2012، بالصدفة لدى مراجعتي لايميلاتي، التي لم تسلّم لي من قبل من أعطيتهم كلمة السر، ليطلعوني على ما يردني من ايميلات، فقد كان من المستحيل أن أقرأ جميع إيميلاتي، مع البرنامج الزمني الذي كنت أعاني منه خلال تلك الفترة، ويبدو أن  أحدهم أخفاه عني، هذا مثال من أمثلة كثيرة من الخداع والفساد في الوزارة عموما والتي يستحيل معها العمل بشكل  صحيح مهما كان الجهد كبيرا.


ماهي أول الصعاب التي اصطدمت بها في عملك بالوزارة؟


أول الصعاب تمثل في أنه لم يتم تسليم واستلام بيني وبين د بركات، رغم إصراره على أن ذلك قد تم، لكنني أؤكد من جديد على أنه لم يحدث أي تسليم واستلام، كان بيننا لقاء في كورنثيا، حوالي بعد عشرة أيام من وصولي إلى طرابلس، وأذكر أنه حذّرني من كثيرين شفويا، ولم يكن من الممكن حينها أن أتذكر كل تلك الأسماء، وللأسف هذا ما وجدته شهر أغسطس 2012، في الايميل الذي تم إخفاؤه عني، وهذا ليس تسليم واستلام بل مجرد لقاء ودي بيننا، لم يكن هناك محضرا للتسليم ولم تكن هناك لجنة، واستغرب أن لا يعرف د بركات بالإجراءات اللازمة عند التسليم والاستلام، ليسمي هذا اللقاء بأنه كذلك، ويكرر هذا مرار وتكرارا في الكثير من المناسبات.… وجدت نفسي في وزارة، عدد كبير من موظفيها لا يعمل لأجل الصالح العام، بل كل همهم أن يحصلوا على أكبر قدر من المال، والمزايا، والمكافآت، بدون تقديم ما يعطيهم الحق في ذلك، أضف إلى ذلك فإن غالبية من وجدتهم على رأس الإدارات أو عاملين بها، كانوا أشخاصا قد تعودوا على تلبية الأوامر، وعدد منهم كان يقبل أي شيء لينفذ أي شيء، لأجل مصالحهم الخاصة، إضافة إلى افتقارهم للخبرة، وللمعلومات الكافية لإدارة الإدارات التي تولوا مهامها، الأمر الذي جعل من الوزارة عند استلامي لها، وزارة للفوضى العارمة.… من الأشياء المهمة التي صادفتني أنني بعد تسعة اشهر من العمل المضني، خلال إعدادي لملفات التسليم للوزير الجديد، اكتشفت أن د بركات قام بتسريح 19 مدير إدارة بحجة أنهم عملوا مع د الحجازي في عهد القذافي، هذا الأمر لو كان لي علم به في بداية عملي، لكنت التقيت بمن رغب منهم لقائي والمساعدة، ولاستفدنا من خبرتهم وما يعلمونه عن الوزارة، خدمة للصالح العام، بدلا مما حصل معي خلال المدة التي كنت بها في الوزارة، إضافة إلى ذلك، فقد علمت بأنه خلال التحرير خرج الكثيرون بخزائن كاملة بما فيها من عقود ومستندات (وأموال) وفقدت إلى يومنا هذا.


ماهي طبيعة العمل في المستشفيات والمرافق الصحية التابعة للوزارة؟


فيما يخص المصاعب التي واجهتني في المرافق والمستشفيات التابعة للوزارة، باختصار وجدت تسيباً، ولامبالاة من الكثيرين، رغم وجود بعض المخلصين، كذلك وجدت أجيالا من الأطباء العاطلين عن العمل، وآخرين يعملون بدون مرتبات، وآخرين يتقاضون المرتبات بدون أن يؤدوا عملهم، وكان هناك تناحر شديد على المناصب، وكان الكثيرون يفسدون عمل الآخرين، لا لشيء سوى ليثبتوا أنهم غير جديرين بالوظيفة التي يشغلونها، أملا في أن يحلوا محلهم، وللأسف هذا تسبب في الكثير من المشاكل وساهم في تعطيل عجلة التقدم.


هل حاولت علاج بعض هذه المشاكل وإصلاح مايمكن إصلاحه؟


أصدرت قرارا بتوزيع ميزانية طارئة لجميع المستشفيات، وللأسف لم يستفد منها إلا القليلون، بينما الأغلبية تفرغوا للخلافات مع زملائهم ومع الوزارة، والضحية كانوا المرضى، إضافة إلى هذا فقد كانت سرقة الأدوية من المستشفيات الحكومية ظاهرة مستشرية، إذ أننا رغم توفرها الدائم، لاحظنا استمرار نقصها بالمستشفيات والصيدليات الحكومية، مما يضطر المرضى إلى شرائها من الصيدليات الخاصة، أو طلب العلاج بالخارج، لعدم تمكنهم من سداد ثمن الأدوية، والجميع كان يضع اللوم على الوزير، ولكن الخلل كان  يطال جميع الأسس التي يقوم عليها العمل.… أيضا افتتحنا في مصراتة مركزا للعقم، ومركزا للمناظير، وقسماً للإسعاف، وفي الكفرة افتتحنا صيدلية مركزية، ومركز علاج طبيعي وعيادتين، أيضا في بنغازي افتتحنا مركز العلاج الإشعاعي، كما أسسنا لاستكمال البرج الثاني لمركز بنغازي، وصيانة مستشفى النفسية بعد استبدال إدارته، كذلك في صبراتة تم افتتاح مركز الأورام، وتمكّنا من توفير الخدمات الطبية العاجلة للأماكن التي ثبت فيها النزاعات في مختلف أنحاء ليبيا، إضافةً إلى الغسيل الكلوي وتفعيل برامج زرع القوقعة، وزرع القرنية، وزرع الكلى، والتي بدأت بالفعل منذ عام 2012، أيضا استكمال المشاريع التي كانت عالقة بنسبة استكمال فوق الـ 50 %، في مختلف أنحاء ليبيا، إضافة إلى الاتفاق مع منظمة الصحة العالمية على إقامة المركز العالمي للأمراض في شمال إفريقيا، كما قمنا أيضا بتشكيل لجنة للتأهيل النفسي وأخرى للتأهيل الجسدي، وقدمت الوزارة لها العروض التي وصلتها من عدة جهات لدراستها، واختيار الأصلح منها للبدء في تنفيذه.… كما قمنا بدعوة رئيس البرنامج الوطني الإيرلندي للتأهيل الجسدي، وتقابل مع السيد جمعة الشين، الذي عينته رئيساً للجنة التأهيل الجسدي، وزار معه مركز بنغازي الطبي، وكان بالمركز مبنيان شاغران، يصلحان لإقامة مصنع للأطراف الصناعية وللتدريب والتأهيل، وللأسف الشديد جاء رد مدير المستشفى بالرفض بحجة أنهم لا يريدون زحمة في المركز، ولم نستطع التعاقد لعدم وجود نية لإنشاء هذا المركز من الطرف الليبي رغم استعداد الطرف الإيرلندي للتدريب والعمل في ليبيا.… كذلك، طلبت من لجان العلاج المحلية أن تستخدم بند تطوير العلاج من ميزانياتها لعلاج الجرحى والمرضى محليا، بدلا من إرسالهم للخارج، ولم ينفذ هذا إلا في مصراتة حيث تم إنشاء مركز المناظير من ميزانية العلاج، كما طلبت أيضاً تقارير دورية وتحويل نسخ منها إلى ديوان المحاسبة، وأنشأت إدارة لمتابعة اللجان بالوزارة، ولم يقم أحد بالعمل المطلوب والمتابعة، بما فيها هذه الإدارة.… أيضا تظل المشكلة الدائمة والتي تعيق أي برنامج هي الحالة الأمنية، الأمر الذي يمنع الشركات من المجيء لاستكمال مشاريعها، ويمنع الكثير من العمالة من القدوم إلى ليبيا، ويمنع أيضاً الليبيين العاملين في الدولة من تأدية عملهم بأمن وسلام.


ماذا عن الخبرات الليبية الطبية في الخارج والاستفادة منها؟


من المفارقات العجيبة التي حدثت خلال فترة عملي بالوزارة عندما عرضت على بعض الأطباء الليبيين بالخارج من ذوي الخبرات عروضا خاصة ليستفيدوا منها بدلا من أن يستفيد منها الأجانب،  لأنه حسب القانون يحق  للوزير تعيين مائة طبيب بعقود خاصة وبالمرتبات التي يراها مناسبة، فعرضت مرتبات أعلى من مرتبي كوزير (تتراوح نقدا بين الثمانية آلاف والعشرة آلاف) إضافة إلى سكن مجاني ونقل مجاني وتذاكر مجانية، وذلك تشجيعا للعناصرالوطنية والعقول المهاجرة على العودة والمشاركة في بناء الدولة الليبية التي نطمح لها، فتقدّم للوظيفة 40 طبيبا فقط من 2000 طبيب ليبي بالخارج، ولم تباشر الإدارة المختصة بالوزارة في إجراءاتهم إلا بعد عدة أشهر، وحين وافقت على أول اثنين، واجهنا صعوبات لا تعد ولا تحصى، الأول اضطر إلى العمل في مستشفى خارج العاصمة، والثانية طبيبة رُفِض قراري من قبل مستشفى الجلاء للنساء والولادة في طرابلس، بحجة أن المستشفى لم يكن بحاجة لخدماتها، مما اضطرها إلى تغيير رأيها وتقدمت إلى مستشفى في دولة من دول الخليج، فقبلوها رئيسة لقسم النساء والولادة  به، وهنا أؤكد لو أن الأمور مستقرة ومؤسسات الدولة تعمل بشكل طبيعي لكنت أحلت مدير المستشفى إلى مجلس تأديبي، ولكن كنت أعرف أن ذلك سيزيد الأمور تعقيدا في ظل الفوضى التي كانت موجودة، كذلك تشجيعاً للعناصر الطبية الوطنية للعمل في المناطق النائية رفعنا مرتباتهم 100 % مع الحق في دراسات عليا بعد ثلاث سنوات، ولا أعرف أن كان هذا القرار قد طبق أم لا.… وبالرغم من كل هذه الإخفاقات فإني أعتبر ما تم إنجازه خلال المرحلة الانتقالية في وزارة الصحة بمثابة  نجاحا ملموسا في خضم ما مررنا به من صعوبات جمّة، والفضل يعود إلى العناصر الطبية والإدارية والطبية المساعدة التي جعلت هذا النجاح ممكنا، بينما وقف غيرهم بنفس الإمكانات يلقي بفشله على غيره، لكي لا يعترف بعجزه عن القيام بالمهام الموكلة اليه.


قضايا الجرحى وعلاج الثوار، من الملفات الشائكة التي عملت عليها؟ كيف كانت تسير الأمور الإدارية بالوزارة في هذا الشأن؟


حين تم تشكيل الحكومة الانتقالية، تم تشكيل هيئة شؤون الجرحى لتُعنى بالجرحى، ولم تكن هذه الهيئة تابعة لوزارة الصحة، بل كانت هيئة مستقلة إداريا وماليا، يرأس إدارتها السيد أشرف بن اسماعيل، ود علي الشواشي، والمهندس عثمان الريشي كأعضاء، هذه الهيئة كانت تتبع رئيس الوزراء مباشرة، ولا صلة لها بأي شكل من الأشكال بوزارة الصحة.… حين تبيّن لي حجم الفساد الذي جرى تحت هذه الهيئة طلبت في البداية من مجلس الوزراء بالتحقيق والتدقيق، ولكن طلبي لم يُلبَ، ثم طلبت بإنهاء أعمالها، وتسليم ملف الجرحى لوزارة الصحة، تحت إدارة مستحدثة للعناية بالجرحى، وكان ذلك في شهر أبريل 2012، وبعد أان صُرِفت ثلاثة مليار دولار من الميزانية.… هنا واجهتني صعاب جمّة، فبعد أن قمنا بتقليص عدد من سافروا تحت اسم الجرحى إلى الأردن مثلا، من 50000 «خمسين ألف« إلى 2500 والمشرفين من عدة مئات إلى خمسة أشخاص لم يعجب هذا الإجراء السماسرة الذين أثروا من ملف الجرحى، وبدأت تصلني تهديدات بالقتل، ومطالبات إلى رئيس الوزراء بإعادة الملف إلى الهيئة من جديد، مع هذا أيضاً كنت تحت ضغوطات أخرى، فالميزانية التي رصدت للجرحى لم تصلنا من وزارة المالية، واستمرت وزارة المالية في سداد ديون الهيئة، ولم تسلم منها درهما واحدا لوزارة الصحة، إلا بعد جهد كبير وتحديدا في شهر سبتمبر، عندما تم تحويل مبلغ مئة مليون دينار من إجمالي مليار ومائتي مليون، كانت مخصصة لوزارة الصحة للعناية بالجرحى، إضافة إلى ذلك فقد عرقل رئيس الوزراء قرارات استبدال الملحقين الصحيين، والمراقبين الماليين الذين ثبت عليهم تورطهم في الاحتيال أيضا سفير ليبيا بتركيا كان لايعترف بقراراتنا ومستندا لعلاقته بالنائب الأول لرئيس الوزراء السيد بوشاقور، رغم مالدينا عليه من أدلة تثبت تورطه في الفساد الإداري والمالي هو وشركائه.

ولعدم وجود إلا القليلين ممن كانوا يعملون بوطنية خالصة، اضطررت إلى أن أطلب من هؤلاء (وقد كان عدد منهم مديرين لإدارات الوزارة الذين استبدلت بهم الذين وجدتهم غير صالحين حين استلمت الوزارة)، طلبت منهم أن يساعدوا في إنهاء الفساد في هذا الملف، مما أدى إلى إرهاقهم، فقد كان هذا العمل حملا إضافيا على عملهم الأصلي في إداراتهم.… كان الصراع مريرا مع السفراء المفسدين والمسؤولين عن الملفات الصحية والمراقبين الماليين، ولجان التسفير، والمجالس العسكرية، والمجالس المحلية، والجمعيات الخيرية والهلال الأحمر الليبي والمواطنين، كان من بالداخل يخرجو من ليبيا بحجة العلاج، وآخرون كان همهم أن يحصلوا على عمولة من خلال تسفيرهم، بينما كان من بالخارج يريدون الحصول على عمولات ومزايا.… اضطررت في النهاية إلى تجاوز رئيس الوزراء السيد عبد الرحيم الكيب، بتخويل مباشر من رئيس المجلس الانتقالي السيد مصطفى عبدالجليل لكي أفتح باب التحقيق، وقد كلفت السيد سليمان زوبي بذلك، والذي بدوره اقترح اللجان وأصدرت قرارا بخصوصها، ثم شكلت لجان التدقيق بتوقيع عقد مع شركة تدقيق عالمية للتحقق من الفواتير وتعديلها.… بهذه الإجراءات تم توفير عشرات الملايين من الدولارات، وتم أيضاً التعرف والتأكد من المتورطين في أكبر عملية احتيال في تاريخ ليبيا، والآن نقوم بتجهيز التقرير العام لتقديمه إلى النائب العام، وقد سبقته تقارير مبدئية إلى النائب العام وإلى ديوان المحاسبة وإلى هيئة مكافحة الفساد، والفضل في ذلك يعود إلى الله، وإلى جميع الجنود المجهولين الذين يعملون بصمت لخدمة الوطن.

المستشفيات الأردنية تطالب بأرقام كبيرة من ليبيا، مامدى صحة هذه الأرقام؟

هذه الأرقام التي طالبت بها غالبية المستشفيات، الأردنية وغيرها، كان مبالغ فيها بالاتفاق مع اللجان التي تم تكليفها من هيئة شؤون الجرحى، وقد أحلنا التقارير بخصوصهم إلى النيابة العامة، أما فيما يخص الفواتير من المستشفيات والفنادق  فقد تم التحقق منها ووصلنا إلى اتفاق بتخفيضها.

هل لك بوضع إضاءة حول بعض المشاكل التي كانت تحدث في ديوان وزارتك وكانت سببا في عرقلة العمل؟.

نعم منذ الأسبوع الأول من عملي في الوزارة لاحظنا اختفاء الرسائل من مكتب مدير مكتبي مباشرة بعد توقيعي لها، أو من مكاتب أخرى قبل أن تصل وجهتها، كذلك لم يكن كل البريد الوارد يصلني، الأمر الذي سبب لي الكثير من الحرج مع السفراء والوزارات الأخرى، إضافة إلى أنني اكتشفت بعد ثلاثة أسابيع أن الفاكس الخاص بي لا يصلني ولكنه يصب في مكتب أحد وكلائي، والذي بدوره كان يقوم بإخفائها عني، أضف إلى أمر غريب آخر، فقد كانت الزحمة أمام مكتبي من المواطنين شديدة، بشكل يستحيل معه إنجاز أي عمل لصالح الشعب، فقد كانوا مصرّين على شغلي بأمور شخصية، من الممكن إنجازها في إدارات محلية، أو في إدارات الوزارة، ولم تكن تستدعي تدخل الوزير المباشر، كانت الأعداد تصل إلى مئة شخص أو أكثر أحيانا.… كان البعض منهم يعتدي على الموظفين، ومنهم من يحمل السلاح، وبالطبع هذا يدل بوضوح على تواطؤ الحرس الخاص بالوزارة، وقد تأكد لنا ذلك حين قررت الحضور إلى الوزارة يوم جمعة، لإعادة صياغة الرسائل الضائعة كسبا للوقت، فوجئنا بأعداد غفيرة من المواطنين يدخلون علينا بطلبات مختلفة لكل واحد منهم، ولم يكن لاحد علم مسبق بأننا سنكون في الوزارة!.

كما تم في هذا اليوم إطفاء الكهرباء على الوزارة، حتى لا نستطيع استخدام الكمبيوتر، كذلك تمكّن أحدهم في أحد الأيام من إصابة الكمبيوتر الخاص بمدير مكتبي بفيروس محا جميع المستندات بالذاكرة، حدث أيضا أن عدد من رسائلي كانت تنشر في الفيسبوك خلال نصف ساعة من صدورها من مجهولين، وأمور كثيرة أخرى لا تعد ولا تحصى.… وأخيرا وبعد خمسة أشهر من المعاناة قام السيد مصطفى عبدالجليل بإرسال مجموعة لفحص الوزارة فوجدنا جهاز تنصت في مكتبي وفي قاعة الاجتماعات الخاصة بي.… كما تعرض موظفو الوزارة المخلصون إلى محاولات الابتزاز من بعض رجال الأعمال لتمرير عقودهم، ومن بعض المستفيدين من ملف الجرحى أيضاً، فتعرض بعضهم للخطف، وآخرون إلى التهديد والترهيب، وتم الاعتداء بالضرب على البعض أيضاً.... كما أنني لم أسلم من هذا، فقد أطلق تجاهي الرصاص مرتين وكانت هناك محاولة لاختطافي وأخرى للاعتداء عليّ، وخامسة تم فيها الاعتداء عليّ فعلا ولكنها انتهت بإبعاد المعتدين عني قبل إصابتي بضرر، ولكل منها قصة، لا يتسع المقام هنا لسردها.

نشرتَ عبر صفحتك بأنك سلمت أحد أعضاء المؤتمر وشخص آخر مستندات في غاية الأهمية  ماهي هذه المستندات؟ 

نعم لقد سلمت السيدين عضو المؤتمر السيد المستشار سليمان زوبي، والسيد عمر الأسود رئيس هيئة مكافحة الفساد، وتحتوي المستندات على إثباتات دامغة على تورط أشخاص في الدولة، ومواطنين آخرين يتظاهرون بالنزاهة والوطنية في الاختلاسات التي جرت في ملف الجرحى، وأنا على تواصل مع كلا السيدين، وأعلماني بأن الإجراءات القانونية بالخصوص تسير مسارها الصحيح.

خلال توليك للوزارة، كيف تصفين التعاون مع بقية أركان الحكومة؟

ـ بالنسبة لرئيس الحكومة السيد عبد الرحيم الكيب، ونائبه الأول السيد مصطفى بوشاقور فقد ناصبوني العداء منذ أن أعلنت عن استنكاري للفساد الذي كان يجري في ملف الجرحى، رغم أني لم اتهمهما بالضلوع فيه، ولكنهما للأسف قاما بعرقلة الكثير من الإجراءات التي كان بإمكانها تسهيل مهمتنا بالخصوص، الأمر الذي اضطرني في النهاية إلى العمل بدون الاعتماد على مساندتهما، كذلك فإن وزارة الداخلية كانت متقاعصة جداً في تأدية واجبها تجاه الوزارة، وتجاهي شخصيا، فلم توفر لي الحماية ولم توفر الحماية للوزارة أو للمرافق التابعة لها، جزء من هذا أعرف جيدا أنه بسبب التركيبة الخاطئة في عناصر وزارة الداخلية، وتعاون هؤلاء مع المهاجمين، ولكن من جانب آخر كان الأمر فيه تعمدا وبأوامر من وزير الداخلية حينها، بعدم توفير الحماية، بل وبترك الوزارة تحت رحمة كتيبة يرأسها أحد الأشخاص الذي كان يتفق مع المهاجمين، أو من يأتون لخطف الموظفين، ثم يذهب لإطلاق سراحهم ليظهر بمظهر البطل المنقذ، وقد قدمت شكوى للداخلية ضد هذا الشخص أطالب بالتحقيق معه واستبداله

فما كان من السيد المسؤول عن اللجنة الأمنية العليا حينها إلا أن ثبّته بقرار رسمي…. كذلك حين تمت محاصرة الوزارة من مجموعة جرحى يقودهم مجرمون ومتعاطو مخدرات رفض وزير الداخلية ورئيس الحكومة ونائبه ورئيس الأركان، رفضوا جميعهم طلبي بحماية الوزارة، كل ذلك كرد فعل على إصراري على فتح باب التحقيق والتدقيق في ممارسات هيئة شؤون الجرحى، أدّت إلى المزيد من عدم الثقة في الطبيب الليبي، وضياع الموارد المالية خارج الوطن، في حين كان بالإمكان استثمارها محليا وتحسين الخدمات الطبية بالوطن، إضافة إلى ما أثارت هذه الإدارة الرديئة من تأجيج للرأي العام، وتعطيل عجلة الاستقرار بسبب عدم إنصاف الثوار والإهدار للمال العام.

نشرت سلسلة حول الحكومة العميقة؟ هل لك أن توضحي لنا ذلك؟ ومدي خطر ذلك على  مستقبل ليبيا؟

أتمنى على كل ليبي تهمه مصلحة الوطن أن يقرأ هذه السلسلة، ففيها سرد لأحداث عايشتها في الفترة التي قضيتها بالوزارة كوزيرة، وما لها من تداعيات إلى يومنا هذا، هذه التسمية يُعنى بها وجود جسم آخر يشبه حكومة الظل، يوجّه الحكومة المُعلنة ويُحرّكها بما يتماشى مع مصالحه، ويمكن تعريف «الدولة العميقة» DEEP STATE على أنها مرادف «للأمن القومي»، فهي حكومة خفية موازية للحكومة المعلنة، أي أنها «دولة داخل دولة»، تنظمها أجهزة مخابراتية وأمنية، بتمويل وسيطرة وتحكّم من أشخاص أو جماعات قوية، تمتلك من الإمكانات ما يكفي لتحريك فئات أخرى تنفذ لها برامجها، إن جُل من يشكلون الدولة العميقة هم من رجال الأعمال المتحكّمين في اقتصاد الدولة، ومهربي المخدرات، وتجار الأسلحة، والمتاجرين في الهجرة غير الشرعية، لا يبدو عليهم أنهم يقومون بأي دور في السلطة التنفيذية للدولة، ولكن هذه الجماعات تقوم بحماية وضمان استمرار النظام الذي يحفظ لها مصالحها، وذلك بتنظيم وتنفيذ أعمال عنف غير مشروعة ضد كل من يقف في طريقها، بما فيها أعضاء الحكومة المنتخبة، كما أن الدولة العميقة تظل جزءاً من السلطة التنفيذية بالدولة، ولكنها تنفذ أعمالها بشكل سري، وذلك بتنفيذ عمليات منها المشروع في حال اتفاقها مع القانون، ومنها غير المشروع في حال عدم اتفاقها معه، وتسجّل هذه العمليات ضد مجهول.… من خلال هذا التعريف، يمكن أن نرى مدى تطابقه مع ما يجري عندنا في ليبيا، وبالطبع ليس صعبا أن نتوقع تأثيره، فلو دام هذا الحال، وآمل من الله ألا يحدث ذلك  سنتّجه إلى حالة «اللادولة».

ماهي أهم العراقيل التي تواجه قطاع الصحة الليبي الآن؟

باختصار شديد: انعدام أو ضعف الأخلاقيات الطبية والأخلاقيات المهنية لدى غالبية من يعملون في قطاع الصحة الليبي هي أهم العراقيل التي تواجه القطاع، وهنا لا أعني أطباء فقط، بل أعني الجميع، من مدير المستشفى ورئيس القسم إلى عامل النظافة، إلى المواطن أيضاً.

هل يمكن إيجاد آلية سريعة وناجعة بدل العلاج في الخارج؟ وكيف يمكن إقناع المواطن بجدواها؟

نعم الآلية موجودة وقد قدمت المقترح إلى المؤتمر والحكومة المؤقتة، وبدأت في تنفيذها فعليا خلال الفترة القصيرة التي ترأست فيها الوزارة، ولكن على الجميع أن يشعروا بالوطنية الصادقة، والالتزام بالأخلاق والقانون وتنفيذه ومعاقبة المفسدين والمتقاعصين، فبدون ذلك لن تنجح القلة المخلصة، وستستمر العرقلة وسيستمر الفساد، والابتزاز وسيستمر الجاهل لتداعيات هذا السلوك في قناعته، بأن كل ما يستطيع أن ينهبه من المال العام هو غنيمة وحق له، بدون أن يدري أنه بذلك يهدم وطنا كاملا، ويفني خيراته وسينتهي المطاف بأحفاده كمتسولين، بسبب جشعه وطمعه، وانعدام الحس الوطني في قلبه.

هل كان بإمكان الحكومة التي كنت من ضمنها، تقديم عمل أكثر نجاحا مما قدم؟ وماهي الأسباب التي عرقلت أداء الحكومة؟ وهل من خلفوكم تغيرت معهم الأمور؟

أعتقد أن ما قامت به الحكومة الانتقالية كان جيدا خلال الفترة القصيرة التي تولينا فيها زمام الأمور، لقد كانت هناك عراقيل كثيرة، ويمكنك رؤية هذا من خلال ما تقدم من أجوبة على أسئلتك السابقة، لا تتوقع أن تنتقل دولة من دكتاتورية وفساد دامت أربعة عقود، إلى دولة ديمقراطية وخالية من الفساد خلال ثمانية أشهر أو حتى أربع سنوات أخرى.… بالنسبة للعراقيل فما حدث لوزارة الصحة هو مثال فقط لما حصل في جميع الوزارات الأخرى، وقد تكرر نفس السيناريو لدى جميع زملائي الآخرين في وزاراتهم.

أخيرا في نقاط ماذا تودين إيضاحه للشعب الليبي بعد تركك للوزارة؟

1- لم أنتسب إلى حزب القمة أو أي حزب آخر، لقد دعتني بعض الأحزاب لحضور احتفال تأسيسها ولبيت الدعوة تشجيعا للديمقراطية، كذلك لم يحدث يوما أن وفر لي الحراسة السيد عبدالله ناكر أو أي كتيبة تحت إمرته تحت أي ظرف.

2- لم يحدث أبداً أني ذممت النساء الليبيات، بل إني أفتخر بكوني امرأة ليبية، وأعتز بذلك، وكل ما قيل عني بهذا الخصوص ليس سوى محض افتراء وكذب افتراه ونشره الجيش الإلكتروني،  وردده آخرون بدون أن يتأكد أي منهم من المصدر.

3- فيما يخص ما يتناقله الكثيرون بأن وزيرة الصحة قد اختلست ميزانية الصحة، وهربت بها إلى إيرلندا، فأدعو من يردد هذا الهراء أن يتقي الله ويستغفره، وأؤكد للجميع بأنني كنت حريصة على أن أظل نزيهة وحريصة على نفسي وبلادي، أقولها بكل ثقة لمعرفتي بما قدمت يداي، وأدعو من جديد كل من تقوّل عليّ بالباطل أن يأتي بدليل عما يقول، وأخص بالذكر هنا أعضاء الجالية الليبية في إيرلندا، الذين نشروا في صفحات الفيسبوك الخاصة بهم، وعبر الرسائل البريدية الجماعية للجالية وللأطباء في مختلف جهات العالم، وقالوا ما سيحاسبهم عليه الله يوم الحساب، وما قاله السادة محمد بوقعيقيص، والسيد حامد الحاسي، وآخرون لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم الآن، ولكني لست متنازلة عن حقي منهم أمام القضاء، حين تعلو كلمة القانون في ليبيا، وحين ينتهي تحكم العصابات في مفاصل الدولة.

4- لم يحدث أبدا أني تحدثت بسوء عن ليبيا أو أهلها، وأن ما قيل بحقي حين خرجت إلى إيرلندا كله كان افتراءً أيضاً، وللأسف ردده الكثيرون وصدّقوه.… لقد خدمت أهلي وبلدي بأمانة وصفاء نية كامل تحت ظروف صعبة جداً وتحديت الكثير من الصعاب وصبرت واستعنت بالله فوفقني ووهبني ما يكفي من القوة لأصمد وشملني برعايته، ولم أفعل ذلك طمعا في منصب أو جاه بل كان خالصا لله  والوطن  على ما أقول شهيد، ولا يسعني هنا سوى أن أقول في كل يوم حسبي الله ونعم الوكيل، فلا شك لديّ في عدالته، وهو دوما المستعان.

نقطة أخيرة لأهميتها أوضحها للذين يرددون هذه الترهات بأن القانون في الدولة التي أقيم بها لا يسمح بإيداع أي مبلغ في الحساب المصرفي بدون معرفة مصدره، ويتم التحفظ عليه في المصرف الأوروبي، إلى التأكد من نظافة المبلغ، هذا في حال الحوالات المصرفية، أما إذا كان من يرددون هذا اللغط سذّج إلى درجة أنهم يعتقدون بأني نقلت المليارات في حقائب فلا يسعني سوى أن أضحك لبساطة تفكيرهم وأشفق عليهم لجهلهم بالكيفية التي يسير بها العالم خارج إطار جماجمهم الفارغة.

حاورها: عبد العزيز الرواف – ليبيا الجديدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق