الخميس، 19 سبتمبر 2013

الشيخ المجاهد .. سالم بن عبدالنبى الزنتانى


 

الشيخ المجاهد

سالم بن عبدالنبى الزنتانى

سالم الزنتانى

نبذة  تاريخية موجزة عن حياة رجلا  من رجال ليبيا المغاوير الافذاذ الذين رأو بأن أنفسهم ليست ملكا لهم أنما هى ملكا لتراب ليبيا الطاهر وخلقو من اجل الذوذ عن حرية وكرامة  هذا التراب , وعن زعيما من زعماء الجهاد الوطنى المخلصين الذى كان  شعاره :

الظالم عليك اقتاله ………….الظالم سوا مسلم  سوا نصرانى . واللى يموت دون حلاله …….ميت شهيد وشنى يدور ثانى .

بداية هو سالم بن عبدالنبى بن على الناكوع  المولود فى سنة  1287 هجرى الموافق  1867  ميلادى تقريبا  بالقرية الغربية احدى قرى بادية قبيلة الزنتان بمنطقة القبلة , وهو احد اولئك الرجال الذين اتصفوا بالشجاعة والحكمة والراى السديد والذين سطروا تاريخا مشرفا مجيدا لقبيلة الزنتان كُتب بأحرف من نور, وذلك خلال الفترة مابين اواخر العهد التركى والعهد الايطالى , وهو لبنة من لبنات تاريخنا الشامخ وبطلا صنديدا من ابطال ليبيا وفارسا مغوار شغف بحمل البندقية وقد استخدمها كأحسن مايكون الاستخدام فى الدفاع عن الدين والوطن والعرض ضد من تواجدو على ارض ليبيا الطاهر بدون وجه حق . ولقد تحدث عن هذا المجاهد الكبير الكثير من  الكتّاب منهم على سبيل الحصر : الملازم الايطالى  ( أريكو بيتر نانى ) الذى ذكره فى كتابه صحراء طرابلس الغرب : ” هو سالم بن عبدالنبى القائد الاعلى للحملة التى أغارت وأستولت خدعة على قارة سبها ,  كان يتصف بحدة الذكاء وبالنشاط الكبير وبسرعة العمل واتخاد القرارات , وكان دائما فى طليعة الصفوف الامامية أثناء أحتدام وطيس القتال , ولم يتوقف عن نشاطه المعادى للحكومة الايطالية ” بينما ذكره العقيد الايطالى ( بيلاردينللي ) فى كتابه القبلة : ” سالم بن عبدالنبى زعيم مرموق للزنتان الرحل , بالرغم أنه أمى  الا أنه جرئ وشجاع وذو طاقة وحيوية هائلة  فضلا عن قدرته الفائقة فى تنظيم المحلات المقاتلة , وهو دائما على استعداد للكفاح حيثما كان هناك دافع لذلك وكلما سنحت الفرصة للغزو والسطو , وفى العهد التركى كان له نشاط مشبوه فى دواخل القطر ظلت تطارده السلطات التركية بدون هوادة , ولكنه استطاع دائما أن يفلت منها رغم المكافأة السخية التى خصصتها تلك السلطات لمن يقبض عليه أو يمكنها من ذلك , وأسمه الذى كان مجهولا حتى وقت أحتلالنا برز فجأة عند أقتحام  قارة سبها فى شهر نوفمبر من سنة 1914 م الذى كان هو مدبره ومنفده , ولم يتوقف ابدا عن محاربتنا وانشقاقه عن الحكومة الايطالية ” اما الجنرال قراسيانى فقد ذكره فى كتابه اعادة احتلال فزان :”سالم بن عبدالنبى رئيس مهم من رؤساء الزنتان , شجاع وثرى يقيم بأدرى الشاطئ”  ولقد ذكره ايضا المجاهد السياسى  المرحوم  (  احمد زارم الرحيبي  ) فى كتابه مذكرات احمد زارم : ” سالم بن عبدالنبى من زعماء الجهاد المخلصين , فهو نظير عبدالعاطى الجرم , بالرغم من أنه رجل أمى ولكنه على جانب من الشجاعة وعلو الهمة , وان المجال السياسى ليس مجاله وأنما مجاله منازلة العدو فى ميادين القتال , وأن أسمه كان يثير حفيظة الايطاليين وبقدر ما تأكد لنا مدى أثارة هذا الاسم لحفيظة الاعداء بقدر مادفعنا عناد الطفولة الى ترديده , وفى الحقيقة لقد كان أسما على مسمى فعلا أذ أن صاحبه أعطى الكثير ” والشيخ سالم بن عبدالنبى  هو أحد أولئك الرجال المجاهدين الذين لبوا نداء حي على الجهاد ضد الغزاة الطليان  ، كقائد لمحلة من  محلتي مجاهدي قبيلة الزنتان بمنطقة القبله , حيث ساهمت هذه المحلة في معارك الشط, والهاني, وعين زارة والتي خاضها المجاهدون الليبيون للدفاع عن مدينة  طرابلس في بداية الغزو الايطالى . ولقد أبلى الشيخ المجاهد  سالم بن عبدالنبى بلاءا حسنا فى معركة سوانى بن يادم  التى تعتبر من المعارك الاولى التى خاضها المجاهدون الليبيون  ضد الغزاة الطليان  بعد مؤتمر العزيزية الذى عقده زعماء واعيان المجاهدين بالمنطقة الغربية من ليبيا بتاريخ 18 / 11 / 1912 م , حيث استشهد سبعة من رفاقه المجاهدين فى هذه المعركة والذين كانو ضمن المحلة سالفة الذكر وهؤلاء الشهداء هم : مسعود الناكوع , امحمد بالطويرات , عمر بالطويرات , الزروق الماترسى , الداهش القرج , ابراهيم القرج , احمد الجبو.  والشيخ سالم بن عبدالنبي  من المشاركين البارزين فى معركة جندوبة الشهيرة التي خاضها المجاهدون من مختلف مناطق الجبل الغربي والقبلة بتاريخ 23 / 3 / 1913 م بمنطقة الاصابعة، حيث كان برفقته الشيوخ المجاهدون القياديون من أمثال: ( سليمان البارونى  - قائد المعركة- ، محمد سوف المحمودي,   أحمد السني,  الشهيد محمد بن عبدالله البوسيفي, احمد البدوى الازهرى الزنتانى , أبوبكر قرزة البوسيفي, الشهيد والفدائي البطل محمد بن عمر البوسيفي أحد شهداء معركة جندوبة البارزين, محمد بن عامر المقرحي,   الشهيد خليفة بن عسكر النالوتى ) . وفى سنة 1915 م  منح الشيخ سالم بن عبدالنبي وسام الشجاعة من قبل العقيد ( أنور باشا ) قائد القوات التركية فى تلك الفترة , وذلك عرفانا لما قام به هذا الشيخ من مجهودات قتالية متميزة فى معركة القاهره  , التى وقعت أحدثها بتاريخ 27 / 11 / 1914 م  بقلعة سبها , هذه القلعة التى كانت تمثل المقرالرئيسى للعقيد أميانى قائد القوات الايطالية بمنطقة الجنوب , حيث كان الشيخ سالم بن عبدالنبى هو المخطط والقائد الفعلى لهذه المعركة التى تعتبر من المعارك الهامة فى الجهاد الوطنى الليبي ضد الغزاة الطليان , وذلك لما حققته من نتائج مميزة على الصعيد الوطنى فى تلك الفترة منها :

1-الاخذ بالثأر لشهداء معركة قارة محروقة الى وقعت أحداثها بتاريخ 24 / 12 / 1913 م بمنطقة الشاطئ , وعلى رأس هؤلاء الشهداء المجاهد محمد بن عبدالله البوسيفى , وهذا ماأكدته قصيدة الشاعر والمجاهد على عمر معتوق الزنتانى أحد حاضرى هذه المعركة حيث قال :

نهار قاهره خلص نهار القاره …………………وقعدت براطيل العدو بالحاره.

خلص دين غابى دوله ……………………خلص سي محمد قبل يوفي حوله.

2- أنسحاب الايطاليين من مناطق الجنوب نحو الساحل وهم يجرون أذيال الهزيمة بقيادة العقيد أميانى .

3- الاستيلاء على كميات كبيرة من االعتاد الحربى من مختلف الانواع والاحجام  والتى استفادا منها المجاهدون فى معاركهم التى خاضوها ضد الغزاة فيما بعد.

ولقد تحدث عن هذه المعركة الجنرال قراسيانى فى كتابه اعادة احتلال فزان حيث قال” كان الزنتان ولازالوا بدون شك اكثر الرجال تحمسا للحرب فى الجبل والقبلة , كانو دائما خصومنا الذين لاينثنون وكانو المؤسسين والعاملين الرئيسين لثورة سنة 1915 م فى الجبل ثم فى فزان , فقد أنطلقت فى الواقع من القبلة برئاسة الزعيمين سالم بن عبدالنبى ومحمد السنى فى أوخر سنة 1914 م المحلة التى هاجمت بغتة قاهرة سبها فاستولو عليها بعد ان دمرو حاميتنا وكانت الشرارة التى أذكت نار الثورة فى فزان كلها ثم انتشرت فى كل مكان فتسببت فى انسحابنا التدريجى الى الساحل”. والشيخ سالم بن عبدالنبى  من القيادات البارزة التى خاضت معركة وادى الوخيم  التى وقعت احداثها بتاريخ 30 / 6 / 1922 م برفقة الشيخ المجاهد محمد فكينى الرجبانى قائد المعركة وعددا اخر من مشايخ الزنتان والرجبان والحرابة والصيعان والحوامد , حيث تعتبر هذه المعركة  من المعارك الاولى التى حدتث اثناء زحف القوات الايطالية من اجل اعادة احتلال الجبل الغربى بقيادة الجنرال قراسيانى   . ومرة اخرى نجد المجاهد والفارس المغوار سالم بن عبدالنبي  يقود ثلاثمائة وخمسون رجلا وثمانون فارسا من مجاهدى الزنتان المرابطين بمنطقة الطابونية الذين خاضو معركة ودى الخيل ضد الغزاة الطليان بتاريخ 12 / 3 / 1924 م , هذه المعركة التى جاءت لثتأر لشهداء معركة العميان التى وقعت احداثها بتاريخ 9 / 3 / 1924 م بين الغزاة الطليان بقيادة الرائد الايطالى ( غاليانى ) ومرحول من عشيرة العميان احدى عشائر قبيلة الزنتان الذى لايتجاوز عدد افراده سبعة  واربعون رجلا بقيادة الشيخ المجاهد عمر الغز . وبتاريخ 15 / 3 / 1924 م قاد الشيخ سالم بن عبدالنبي  معركة ضارية مريرة ضد الغزاة الطليان بمنطقة الطابونية حيث تكبد فيها الغزاة خسائر فادحة فى العتاد والارواح , ونتيجة لهذه الخسائر الجسيمة فى صفوف القوات الايطالية لجأ هولاء الغزاة الى استخدام الطائرات لضرب هؤلاء المجاهدون الافذاذ بالقنابل والغازات السامة . وعن هذه المعركة يقول الدكتور المرحوم خليفة التليسي فى كتابه معجم معارك الجهاد الليبي :” تدخل هذه المعركة فى نطاق الحملة العسكرية التى شنها الايطاليون على المجاهدين من قبائل الزنتان الذين عرفو بصمودهم ومقاومتهم العنيدة للاحتلال الايطالى وسيطرتهم على منطقة القبلة سيطرة تامة الامر الذى دفع بالايطاليين الى اعداد حملة  قمع واسعة ضد هذه القبائل , وفى هذه المعركة لجأت القوات الايطالية الى استخدام الطائرات فى رميهم بالقنابل كما قامت بالقاء الغازات السامة فى محاولة شريرة دنئية لانهاء المقاومة التى رفع الزنتان لواءها فى هذه المنطقة”  وفي يوم 9/ 4 / 1929 م نجد الشيخ سالم بن عبدالنبي  يقود مع رفاقه في الجهاد الشيخين المجاهدين محمد فكيني الرجبانى ، ومحمد حسن المشاى معركة ضد الحامية الايطالية  ببئر علاق التى  تقع فى جنوب منطقة جادو , ولقد كانت نتيجة هذه المعركة لصالح المجاهدين حيث استطاعو ابادة جميع القوة الايطالية المتواجدة بهذه الحامية تقريبا ولم ينج منها الا عددا قليلا من الجنود . وفى اواخر سنة 1930 م هاجر الشيخ سالم بن عبدالنبي الى منطقة دوز الواقعة فى  جنوب دولة تونس الشقيقة , بعدما استطاع الافلات من قبضة الايطاليين الذين استطاعو ان يقبضو عليه وسجنه فى احدى السجون الايطالية بطرابلس , ولكن الشيخ سالم استخدم ذكائه الذى كان يتميز به فى الافلات من هذه القبضة وذلك من خلال قصة مثيرة تم نشرها فى كتاب روايات المجاهدين للاستاذ المبروك الساعدى . وللشيخ سالم بن عبدالنبي قصيدة طويلة قالها وهو فى الغربة ونورد منها الابيات التالية :

ياريت ياغمامة خاطرى تجلى……….يجى نصر فايت نأخدوهم ثانى .

ويارجل تبدى فى البلاد تطلى……….فى كل خرمه يلاطمك زنتانى .

يلاطمك ياساير………………………عقاد خيلهم زى القطا اللى طاير .

ويطربو ليجاهم كلام نذاير…………..رباط يصبح وراء الحيوانى .

فى كل وطن معقبات جراير…………..نعال خيلنا منين الفلك واتانى .

وفى اواخر سنة 1943 م انتقل الشيخ سالم بن عبدالنبي إلى جوار ربه عن عمر يناهز ثمانية وسبعون عاماً تقريباً في بيته بالقرية الغربية التى عاد اليها بعد ثلاثة عشرة سنة عاشها فى الغربة  بعيدا عن وطنه ليبيا, رحل الشيخ سالم بن عبدالنبي  الى جوار ربه راضياً مرضياً بعدما أدى الأمانة على أحسن وجه كمجاهدا دافع عن دينه ووطنه وعرضه ضد من تواجدو على تراب ليبيا الطاهر بدون وجه حق, صعدت روحه الطيبة إلى بارئها لاحقاً بكوكبة من رفاقه في الجهاد الذين نسأل الله أن يكونوا قد سبقوه إلى جنة عرضها السموات والأرض وهم مغتبطون بعدما لّقنوا الظالمين دروساً في ساحات الوغى مقبلين غير مدبرين, رحم الله الشيخ المجاهد سالم بن عبدالنبى وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

بقلم / خليفة محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق