الأحد، 15 سبتمبر 2013

الغاسقــون..وعبث الطائشـــين


الغاسقــون..وعبث الطائشـــين


14[1]

بقلم الأستاذ / رمضان عبدالله العريبى


باحث فى الشؤون الاستراتيجية.


عندما شخْص علماء الثورات التى حدثت فى تاريخ الانسانية أجمع هؤلاء الرساليون الثوريون على أن الثورة يخطط لها عقل وينفذها شجاع ويتولاها انتهازيون.. والانتهازيون هنا تتعدد صفاتهم وتتعدد ارتباطاتهم وهم يملكون عادةً خطب جوفاء وكلام ذرائعى يريدون من خلاله اقصاء وتهميش رساليو الثورة وابعادهم او قتلهم او تحجيم أدوارهم وحينها يتمكن الانتهازيون من السيطرة على مسار الثورات بمختلف الوسائل وباسناد خارجى عابث بطموحات وأمانى (أهل الثورة) وهنا تصبح المبادئ الاساسية التى قامت من اجلها الثورة فى مهب الريح وتُداس بالاقدام آمانى وطموحات الشهداء ويتم عبر هذا العبث ردم الامكانية الثورية القاضية ببناء دولة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الناس ويصبح الانتهازيون الذين هم فى سدة الحكم عبارة عن أحجار شطرنج وبيادق تحركها وسائط التدخلات الاجنبية ويصبح الارتباط  بقوى التدخل الاجنبي فى الشأن المحلى هو المحرك الوحيد والاوحد لتلك الادوات العابثة .

ويُباع فى مزاد علني مفهوم استقلال ارادة القرار الوطنى بدون خجل أو حياء ويتشبث العابثون ببلدانهم بكراسى العار والمهانة ويضربون عرض الحائط بمصالح مواطنيهم الحياتية .. ونتيجة لهذا السلوك العبثى تُفتح أمام آليات التدخل الاجنبى دروب واسعة ويصبح حلفاء الأنماط الانتهازية يملكون القدرة على احداث ارباكات ذهنية واجتماعية وترتفع درجة الاحتقان الشعبي وفى علم النفس الذى يقول ان ارتفاع درجة الاحتقان فى اوساط الناس تؤدي الى أمرين فقط أما ينهض الشعب بطلائعه من جديد لاعادة مسار الثورة الى اهلها أو تتطور حالة الاحتقانات الى ان تشكل هزيمة للشعب ودفن آمانيه فى غياهب التاريخ ويصبح الادعياء هم النسخة الجديدة من انظمة الاستبداد..

ولكن حينما نملك القدرة ببواعثها الوطنية ونسمى الاشياء بمسمياتها عبر تشخيص دقيق وأمين فأننا نقول ان الذى يشرف على تمييع الثورات العربية يتمثل فى تنظيم سري اسمه ( الحركة التدبيرية ) بقياداتها المعلنة والغير معلنة وهى فى الاساس حركة صهيونية تعتمد استراتيجية جديدة وتستخدم امكانيات الدول الغربية مالياً واعلامياً وعسكرياً وتعتمد سلوك ارهابى عبر هذه الامكانيات و الادوات وتتصرف بهذا الاسلوب تحت ظل غطاءات مختلفة الألوان والأشكال وتدفع أمامها رؤساء و وزراء هذه الدول الذين هم في واقع الحقيقة عبارة عن دمى و أحجار شطرنج لكن المعول الحقيقى الذى يحرك وسائط العدوان يتمثل فى المطبخ الاستراتيجى للحركة التدبيرية الصهيونية لكن المشكلة الحقيقية فى هذه المواجهة الحاسمة تتمثل فى نقص الوعى لدى أهل الثورة فى فهمهم لطبيعة الصراع فى العصر الحديث ومصادر علته الاساسية ..ان الحركة التدبيرية قد تمكنت منذ سنوات من اعداد و انشاء جيوش سرية نذكر أسماء هذه الجيوش كما يلى : ـ


1 ـ جيش الثعالب الرمادية..

2 ـ جيش الفئران القارضة..

3 ـ جيش الفهود السود..

4 ـ جيش المياه السوداء..

هذه الجيوش تعتمد على أسس النظرية التدبيرية القائلة فى أحد أركانها أنه يجب علينا تجنيد كل سفهاء الأمم والشعوب أى تجنيد ما يسمى فى مصطلحاتهم ب(الغويم) كما أنهم استندوا الى قرار استراتيجى يقضى بالعمل على اختراق كل الاديان والمذاهب بحيث يتشكل من خلال هذا الاختراق سلسلة هائلة من المقولات والتقولات التى تمكن التدبيريين من احداث فتن مذهبية وفتاوى تفكك البنية الرسالية لاديان الارض وتمكنهم من تشتيت البعد الرسالى لهذه الاديان وفى مقدمة ذلك الدين الاسلامى الحنيف وتوسيع دائرة الفتن بهدف القضاء على جوهر الابعاد الثقافية والتشريعية للاديان ومع الاسف الشديد فقد تمكنت هذه الحركة من احداث اختراق كبير ذهنى عقائدى فى المكون المذهبي للدين المسيحى ولم يسلم من ذلك الا مذهب واحد فى المسيحية وهو ( المذهب الارثوذكسى ) كما أن الاختراق الاخر قد تم بنجاح رهيب فى المكون( البوذى) على مختلف فروعه وطوائفه وجُند رموزه على سبيل المثال ( الدالاي لاما) وأتباعه..

اما عن الدين الاسلامى الحنيف فقد كان الاسلوب مختلفاً وذكياً وخطيراً فقد تم ترتيب حملة منذ سنوات تستهدف مقام الرسول الاكرم وتشوه صورته عبر وسائط مختلفة وذلك بقصد ضرب مفهوم القدوة عند المسلمين بصرف النظر عن ردات الفعل المدافعة عن مقام وهيبة الرسول الاكرم كما تم عبر هذا المخطط الجهنمى اختراق اخر للاسلام حيث تكونت مجموعات من الناس تمارس فتاوى تفرق ولا توحد ومن المعروف ان ما بين الفتوى والفتنة خيط ذهنى رفيع وقد نشأت حركات فى الضمير الانساني الرسالي تدعو الى خلط الاديان فى بعضها البعض وفى مقدمة هذه الحركات  (الحركة القادينية ) والتى تستند الى تقولات معروفة لدى الجميع كما تم استغلال العاطفة الدينية لدى بعض الشباب الاسلامى ودُفع دفعاً تغريرى الى اعتماد منهج تحريف الكلم عن مواضعه وهنا لايمكننى التمادى اكثر فى شرح سلوكيات التعدي على الرسول الاكرم وآله و اكتفى بما قاله سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه) :يضيق صدري ولا ينطلق لسانى )  ..

ان التدبيريين الصهاينة يعملون ليلاً نهاراً على ضرورة استكمال احتواء الاديان وتخريبها من الداخل وقد شُكلت الفرق لهذا الغرض و رُصدت الاموال ومع شديد الاسف ان بعض من هذه الاموال هى أموال عربية فى بنوك أجنبية ( من لحيته افتل له حبلاً ) اما فى التركيز البنيوى لاستراتيجية العدوان والمعتمدة لدى الجيوش المذكورة اعلاه  فهى تركز تركيزاً شديداً على العنصر الرسالى العربي باعتبار ان العربي قد حمل رسالة الكتاب الذى جاء هديً للعالمين فان هذا الانسان قد أصبح هدفاً رئيسياً لقوى العدوان لأنهم يقولون عنه ( ان العربى انسان ذو ذهنية رسالية مهاجرة ) يجب تطويقه وعزل مكوناته النفسية والجغرافية والحضارية انتقاماً من هذا الانسان الذى حمل على عاتقه نشر رسالة القران الكريم بالحكمة و الموعظة الحسنة والجدل بالتى هى احسن …

واذا عدنا الى مقارنة ما يجرى في ارض الثورات العربية حول مضمون الثورة والهوية سوف نجد أمراً غريباً  فعلى سبيل المثال فى ليبيا فقد انبثقت سلسلة هائلة  من القنوات الفضائية التى تستخدم خطاباً اعلامياً عجيباً خالى من اى قراءة حقيقية لهذا المخطط الرهيب العبثى الذى يجرى فى أرض الثورة والشهداء .. خطاب لا يتناول من بعيد او قريب مضمون الثورة وأهدافها ..ولا يتناول لا من بعيد ولا من قريب مضمون الهوية وابعادها المعنوية لدى الناس فقد شارك خطاب هذه القنوات الرسمي منها والخاص فى تمييع مبادئ الثورة وأهدافها وبالتالى قدم خدمة مجانية بقصد او بدون قصد للمخطط الذى تحدثنا عنه آنفاً فقد ساعد هذا الخطاب المرتبك التقليدي الوسائط العاملة على احتواء الثورة وتحريف مسارها وذلك على الرغم من النداءات المتكررة التى يبعث بها شرفاء الثورة على أمل ان يتكون خطاب رصين وعاقل عسى ان يساهم فى  كشف كل عناصر لعبة العابثين ولعبة التدخلات المخربة  لمشروع الحرية ولم يتصدى خطاب هذه القنوات بشكل او بأخر لكل الذين قفزوا هابطين بالمظلات على هامات الشهداء والامل معقود على شرفاء الثورة والاعلام بأن تكون هناك مراجعة جريئة ينجم عنها بلورة خطاب اعلامى ثورى يساهم بجرأة فى تصحيح المسار .. و عودة مشروع الثورة الى أهله.. وبناء دولة العدالة الاجتماعية المستقلة.. واختزال زمن التخلف فى ليبيا.. ومن أجل شعبها الجسور.. و الانصياع للحكمة القائلة (أفضل العقــل معرفــة المرء بنفســـه ) …والحذر من المقولة الصهيونيـــة التى تقول عن العرب  ( ان العربــى الجيـــد هو العربــى الميت  )

ملاحظــة:

ان الذى نستطيع تأكيده بشكل لا يقبل الجدل حول مهام تيار الأمة المقاوم أنه عقد العزم على هزيمة التدبيريين الاشرار واحياء مشروع الأمة بكاملها على انقاض كل انماط العبث والتأمر والذين وصفوا شعوبهم بأنهم رعاع وخردة وكلاب وجرذان فأن تيار الأمة الباسل سيصحح المسار.. وسيعيد الكرامة المهدورة لشعب الأمة الرسالى الناهض.. وسيعلم الذين انقلبوا اى منقلب ينقلبون امتثالاً لقوله تعالى ):(سنريهم آياتنــا فى الافــاق وفى أنفسهم  ))

قال الرسول الأكرم :ـ (( من رضى بالذل طائعاً فليس منا ))

*رمضان عبدالله العريبي
باحث فى الشؤون الاستراتيجية.
(.218918075212+) *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق