السبت، 21 سبتمبر 2013

باقٍ من الزمن خمسة أشهر


باقٍ من الزمن خمسة أشهر


39af013e4f6171d2bcf612d05e37414a_174[1]

بقلم د : يونس فنوش 

21/9/2013



ثمة توافق عام، يقرب من الإجماع التام، بين المواطنين والمواطنات على رفض فكرة التمديد للمؤتمر الوطني العام بعد نهاية ولايته، حسب المفهوم من الخارطة التي حددها الإعلان الدستوري، في منتصف شهر فبراير القادم..


الأسباب التي تدفع المواطنين للذهاب هذا المذهب كثيرة ومعروفة، تتلخص جميعها في مختلف مظاهر العجز والتردي في أداء المؤتمر الوطني، على الصعيدين العام والخاص: العام باعتباره مؤسسة انتخبت لإنجاز استحقاقات محددة في الإعلان الدستوري، أهمها على الإطلاق: تشكيل حكومة، وتشكيل لجنة لوضع الدستور. وعلى هذا الصعيد أثبت المؤتمر أنه بعيد كل البعد عن الوفاء بما انتخب لأجله، وأنه يحاول التغطية على عجزه وفشله هذا بشغل وقته بمناقشة وإقرار تشريعات وقوانين ليس من صلاحياته مناقشتها وإقرارها، لأنها بطبيعتها تقع في دائرة اختصاص البرلمان المنتخب وفق الدستور الدائم للبلاد، ومناقشة قضايا جزئية بالغة التفاهة ومنعدمة الأهمية.


أما على الصعيد الشخصي فقد كان أداء أعضاء المؤتمر كأفراد مخيباً للآمال على نحو فاجع ومخجل، من حيث تردي مستوى إحساس كثيرين منهم بالمسؤولية التي كانت تحتم عليهم، في أقل تقدير، حضور الجلسات، ولو بقوا خلالها صامتين، ناهيك عن مستوى تعاطيهم مع المسائل والمشاكل، وسيطرة النوازع الشخصية على سلوكياتهم، التي تتردى في كثير من الأحيان إلى مستوى التراشق بالاتهامات والسباب والتجريح والإهانة.

إذن فدعونا ننطلق في النقاش من هاتين المقدمتين: 1) أن التمديد في ولاية المؤتمر الوطني أمر مرفوض، وغير مقبول.. 2) أن علينا أن نفعل ما ينبغي علينا فعله لإيجاد مؤسسة شرعية أخرى تحل محل المؤتمر الوطني عند انتهاء ولايته..


النتيجة التي نخلص إليها من هاتين المقدمتين هي التالية: علينا أن نوجد الحل خلال ما تبقى من الوقت قبل نهاية ولاية المؤتمر الوطني، وهي مدة 5 أشهر.


وفي تقديري أن المؤتمر الوطني نفسه قد تكفل بالإجابة عن هذا السؤال من خلال ما صرح به الناطق الرسمي باسمه عمر حميدان، عندما بين أن المضي في المسار الذي تحدده خارطة الطريق الحالية: انتخاب لجنة الستين/عكوف اللجنة على صياغة الدستور/الاستفتاء على الدستور/انتخاب المؤسسات الدستورية الدائمة، سوف يتطلب مدة لا تقل بحال من الأحوال عن سنة ونصف من الآن، أو سنة كاملة منذ انتهاء ولاية المؤتمر الوطني في فبراير القادم. فلا شك أن أحداً من الليبيين لن يقبل أبداً التمديد في ولاية المؤتمر لمدة عام آخر.


ما يبقى أمامنا هو خيار واحد، عبر عنه وشرحه بتفصيل مهم السيد سالم بوجنات رئيس اللجنة المكلفة من المؤتمر بالنظر في تعديل خارطة الطريق لما تبقى من المرحلة الانتقالية، وهو التوافق على خارطة زمنية، محددة الخطوات بجدول زمني، ينتهي في نهاية شهر فبراير القادم في أقصى تقدير، تقوم على الفكرة التي نادت بها مبادرات عديدة تقدمت بها قوى مختلفة في المجتمع المدني، وهي العودة إلى استئناف الشرعية الدستورية، من خلال تفعيل العمل بدستور الدولة الذي كان نافذاً في 31 أغسطس 1969، والمضي مباشرة إلى تنظيم انتخابات برلمانية لاختيار ممثلي الشعب في مجلسي النواب والشيوخ، ثم تسلم البرلمان المنتخب السلطة من المؤتمر الوطني، وتولي الأمر لمرحلة انتقالية جديدة، يمكن أن نتوافق على أن تكون مدتها من 3 إلى 4 سنوات.


إن هذا المسار هو في تقديري المسار الأفضل الذي يمكن أن يوفر لنا مخرجاً من المأزق الذي انتهينا إليه: رفضنا للمؤسسة القائمة في الوقت الحاضر، وفي الوقت نفسه حاجتنا إلى إيجاد مؤسسة أخرى تتمتع بالشرعية ذاتها التي تمتع بها المؤتمر الوطني، وهي شرعية الانتخابات الحرة المباشرة.... ولقد حاولت وكافة الأصدقاء الذين شاركنا بتقديم إحدى تلك المبادرات التي سبق الحديث عنها أن نوضح أموراً عدة تتعلق بهذا الطرح:


أولها: أن الفكرة ليست مجرد دعوة سطحية للعودة إلى النظام الملكي، فما يتعلق بتحديد نظام الحكم: ملكياً أم جمهورياً هو من حق الشعب الليبي وحده، وأن الشعب سوف يقول كلمته بخصوصه في استفتاء عام ينظم لهذا الغرض.


ثانيها: أن الفكرة لا تدعو لتبني الدستور الملكي دستوراً دائماً للبلاد، لأن الدستور الدائم سوف يتولى أمره البرلمان الجديد المنتخب، فيشكل له هيئة وطنية لإدارة عملية حوار وطني شاملة، لبحث مختلف القضايا التي ثبت أنها قد تكون قضايا خلافية، كي يحدث حولها توافق وطني بين مختلف الأطراف ذات العلاقة.


ثالثها: أن الفكرة تهدف في جوهرها إلى خلق معطيات جديدة، تحدث هزة قوية في الركود وانغلاق الآفاق الذي نعيشه حالياً، وربما تتيح لنا إمكانية إيجاد حكومة قوية، محددة المهام، تتمكن من إعادة ترتيب الأولويات، والسعي لإيجاد حلول للمعضلة الكبرى التي عاقت حتى الآن مسيرة بناء الدولة، وهي المعضلة الأمنية، فتوجد الظروف والآليات المناسبة لإعادة بناء المؤسستين العسكرية والأمنية، إلى جانب مؤسسة القضاء، بما يمكن الدولة من فرض هيبتها وسلطانها على كل مجالات الحياة، ووضع حد لمختلف مظاهر الخروج عن القانون والتعدي على سلطة الدولة وانتهاك حرمة مؤسساتها.


إن هذا في تقديري هو الحل الأمثل والأنسب لانتشالنا من المأزق.. وما علينا إلا المضي في بلورة الموقف حياله، بروح وطنية، تتسامى على أية حساسيات أو خلافات، فكرية أو سياسية أو شخصية، حتى نوجد جميعاً الطوق الذي يمكن أن نتعلق به لإنقاذنا من الغرق. وإن هذه المسؤولية ليست مسؤولية المؤتمر الوطني وحده، فعلينا ألا نكتفي بكيل الاتهامات للمؤتمر وأعضائه، وبيان أخطائهم، وتعداد خطيئاتهم، وأن نتجه لبذل ما بوسعنا من جهود للمساهمة في بلورة الرؤية الوطنية للحل، بكل ما سوف تحتاجه من مبادرات وأفكار ومقترحات.

د. يونس فنوش
e-mail: fannushyounis@yahoo.com
0925121949

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق