الجمعة، 20 سبتمبر 2013

ضربة عسكرية أم ضربة شمس!!!...


ضربة عسكرية أم ضربة شمس!!!...

   


misouri[1]
بقلم /الحسين المسوري
20/9/2013

الجميع كان يتحدث عن الضربة العسكرية التي ستقوم بها واشنطن ضد بشار الأسد في سوريا المدهش إننا نتابع عبر الإعلام هذه الضربة العسكرية ونحلل ونناقش جدوى هذه الضربة العسكرية وماهو المقصود والمبتغى منها  هل هي لإسقاط نظام بشار الأسد أم للسيطرة على الأسلحة الكيميائية أم لحماية المدنيين من تهور ووحشية نظام الأسد الذي يمارس القتل اليومي بحق شعبه  وخرجت المبادرة الروسية التي تقضي بوضع السلاح الكيميائي السوري تحت المراقبة الدولية تمهيدا لتدميره، وأفضت إلى اتفاق أميركي روسي بشأن هذا الموضوع وهو مازاد التكهنات وأثار العديد من الأسئلة.


كل هذه التحاليل والآراء تغفل أمر مهم وهو ضربة الشمس التي أصابت العقول ولم تترك لصوت العقل لدى شعوبنا ونخبتها أي مكان فلم تعد ترى إلا أحذية العسكر أو عمامة رجال الدين في غياب وتغييب كامل لصوت العقل و عدم الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في بناء دولة تحترم مواطنيها وتوفر لهم الحياة الكريمة وتضمن لهم الحرية والعدالة وتحافظ على حقوقهم ببناء مؤسسات تقوم بخدمة المواطن  وتسعى الى الارتقاء به وفق آليات سلمية حضارية.


إن مايحدث الآن في مجتمعنا من خلافات حول أساليب الحكم وطريقة بناء الدولة هو مجرد مضيعة للوقت وإصرار على التخلف وعودة الى أساليب العسكر أو البحث عن أوهام الحكم الرشيد والدولة العادلة في مورثونا الذي يؤكد دائما أن تجربتنا في بناء دولة عادلة لم تتحقق بسبب بعض الظروف التاريخية في ذلك الزمن صحيح أن تاريخنا مليء بالانتصارات العسكرية الكبيرة ولكن أيضا فان تاريخنا لم يحمل إلا القليل حد الندرة عن دولة عادلة استمرت تعمل بمؤسساتها فكل حكم ارتبط بأشخاص فان صلح هؤلاء الأشخاص صلحت الدولة وان فسد هؤلاء الحكام فسدت الدولة وهذا يؤكد غياب دولة المؤسسات و عدم استمراريتها عبر تاريخنا الطويل.


في الحرب العالمية الثانية تعرضت اليابان الى ضربة عسكرية لم يتعرض لها أي شعب وبلد في العالم لا قبلها ولابعدها حيث قامت الولايات المتحدة بقصف هيروشيما وناجازاكي بالقنبلة الذرية عندها اثر إمبراطور اليابان إعلان الاستسلام خوفا على شعبه من الاندثار ورأفت بهم من سلاح فتاك  رغم أن قادة الجيش الياباني رفضوا الاستسلام وفضلوا الانتحار عندما أعلن الإمبراطور  استسلام  اليابان وقام بالتوقيع  على  المعاهدة النهائية في 15 أغسطس 1945م.


حيث بقيت اليابان بعد الحرب تحت الوصاية الأمريكية  حتى 1952. حيث شهدت فترة نقاهة اقتصادية استعادت البلاد فيها عافيتها وعم الرخاء الأرخبيل الياباني ولا زالت الولايات المتحدة  تحتفظ ببعض  القواعد العسكرية في البلاد حتى اليوم.


الجميع يبدى إعجابه باليابان كدولة وشعب يتواجد في مقدمة الدول الصناعية ويمدح ويثني على هذا الشعب الذي يتصف بالاحترام والأدب الجم  ولكن الجميع يتناسى أن التحول الذي كان سببا في تحديث اليابان هو الاستفادة من تجارب من سبقهم ومن كان عدوهم خلال الحرب العالمية حيث أبدى اليابانيين استعدادهم للتعلم والاستفادة من نجاحات الولايات المتحدة الأمريكية حيث دخلوا في تعاون وثيق فقد تم كتابة الدستور الياباني الجديد وبعد ما كان الإمبراطور مقدس ونصف اله بالنسبة لليابانيين ويملك ويحكم  أصبح  وفق الدستور الجديد المستلهم من التجربة الغربية رمزًا للدولة ولوحدة الشعب ولكن ليس لديه سلطة على الحكومة حيث يقوم دستور اليابان والذي أصبح ساريًا منذ عام 1947، على ثلاثة مبادئ أساسية هي:


سيادة الشعب، واحترام حقوق الإنسان، ونبذ الحروب. وينص الدستور أيضاَ على استقلالية السلطات الحكومية الثلاث: التشريعية (المجلس التشريعي)، والتنفيذية (مجلس الوزراء)، والقضائية (المحاكم) وتقوم اليابان بالتبرع أو التصدق على كثير من دول العالم منها دول إسلامية مثل أفغانستان  والصومال والسودان ومصر وتونس والمغرب وباكستان ورغم أن اليابان تسمى ببلاد الشمس فان شعبها لم تصبه ضربة الشمس التي أصابتنا  ويطبق اليابانيين قول الرسول صلى الله عليه وسلم  ((الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها)) كما أن الاستفادة من التجربة الغربية لم تؤثر في الجانب الديني والاجتماعي لليابانيين حيث تبقى تعاليم ديانة الشنتو والبوذية مرسخة في كل جانب من جوانب الحياة اليابانية اليومية  من احتفال معظم اليابانيين بالأعياد والمناسبات التي تجري على مدار السنة والتي تتبع ديانات الشنتو والبوذية، حيث يتردد معظم سكان اليابان على المعابد البوذية وأضرحة الشنتو في المناسبات المختلفة حيث يذهب معظم الأشخاص في اليابان إلى أضرحة الشنتو في رأس السنة،ومهرجانات الربيع والصيف، كما يحتفلون بمهرجان أوبون الذي يتبع من البوذية كما تقام طقوس الدفن في الغالب على الطريقة البوذية واجتماعيا  لا يزال  المنزل يضم  الوالدين والأبناء.


السؤال هو  لو أن العراقيين ألقوا السلاح وخلعوا جلابيب طوائفهم وبدل هذه الحركات التي تمارس العنف اليومي  التحقوا بالمدارس  والجامعات والعمل  واحتكموا الى العقل والعلم لأصبحت بغداد مثل طوكيو!!! كذالك السوريين اليوم ينهضون في الصباح ليمارسوا العنف اليومي ضد بعضهم رئيس يقتل شعبه وثوار وحركات متطرفة تتطاحن مع النظام الاستبدادي وتمارس الاستبداد في المناطق التي سيطرت عليها  فهل لو تدخلت القوى الغربية وأسقطت نظام بشار الأسد فماذا سيختار السوريون التجربة اليابانية أم التجربة الأفغانية عقب خروج السوفييت.


كذلك الأمر بالنسبة لليبيين والمصريين والتونسيين الى أين هم ذاهبون بعد سقوط الدكتاتورية؟!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق