المرحوم / سليمان بوليفه المسورى أحد رجالات الوطن المخلصين .
المرحوم / سليمان بوليفه المسورى
أحد رجالات الوطن المخلصين .
المرحوم العصران/ سليمان إبراهيم
رمضان المسورى وشهرته (سليمان بوليفه) من مواليد درنه 1928م عاش كغيره من
أبناء قبائل مصراته بحى المغار ذلك الحى الذى إشتهر أهله بالجود والكرم
والفزعه ورابطة الدم القوية ، ولا زال التاريخ فى هذه المدينة يذكر صلة
الرحم التى كانت تتجلى للعيان فى درنه عامة والمغار خاصة
(سليمان بوليفه) رجل عصران لا
يقبل على نفسه إستجداء أحد مهما كانت حاجته ، كل ما فى يده ليس له حتى ولو
كانت عازته فى أمس الحاجة لما يُطلب منه ، هادئ الطبع ،حنون ، تسبقه دموعه
قبل الكلام عندما يكون فى زيارة مريض أو مواساة صديق أصابه مكروه، أحبابه
وأصدقاؤه ومعارفه يعرفون عنه ذلك ولا زالوا يذكرون مآثره وصفاته الحسنة
وسمعته الطيبة.
تحصل المرحوم / سليمان بوليفه
على دبلوم معلمين بعد الدراسة لمدة سنتين فى مدينة بنغازى سبقتها الدراسة
الثانوية فى بنغازى سنة 1950م …. بعدها تم تعيينه فى قرية المقرون (بمدينة
المرج) فى يناير 1951م. وقد كان التعيين مع مجموعة من زملائه طلبة معهد
المعلمين .. ومن ذلك التاريخ وهو يتنقل من قرية إلى أخرى ومن مدينة لغيرها
عدا مسقط رأسه مدينة درنه ، حيث كان يجد متعة فى التدريس بالقرى لإيمانه
القوى فى نشر العلم فى قرانا الحبيبة بعد إستقلال ليبيا من أيدى الغاصبين
.
غير أن الظروف الإجتماعية لم
تسعفه فى مواصلة العمل بقرانا ونواجعنا ، ونتيجة لتلك الظروف القاسية قدم
أكثر من طلب إلى وزارة المعارف للعودة إلى درنه لأنه ولولا تلك الظروف
لإستمر فى العمل من أجل نشر الرسالة التعليمية المقدسة فى تلك الفترة.
وتذكر البطاقة الوظيفية للمرحوم
/ سليمان بوليفه بأنه المعلم الوحيد الذى نقل سبع مرات إلى قرية المقرون
بمدينة المرج القديمة فى مجال مهنة التدريس نتيجة لكفاءته العالية وتمسك
الأهالى به فى تلك القرية بالرغم من ظروفه الإجتماعية .
ويذكر أبناؤه أنه عندما كان يقوم
برسالة التدريس فى البيضاء إنتقلت معه أسرته للعيش معه هناك وفى شبه بيت
متواضع خلف مقبرة رافع الأنصارى وكان البيت عبارة عن (براكه صغيرة) وهذا
يدل على أن ابناء درنه فى الخمسينيات والستينيات كان هدفهم نشر العلم فى
منطقة الجبل الأخضر والمشاركة فى تطور المجتمع الليبى وليس من أجل المادة ،
وهذا الأمر الذى نسعى من أن يتعلمه الأبناء والأحفاد فنشر العلم رسالة
إنسانية ووطنية قبل كل شئ .
وفى فترة السبعينيات وبترشيح من
أهل الثقة تم إختياره للعمل فى مديرية الإسكان فى بنغازى لما يتمتع به من
كفاءة علمية وإجتماعية وخبرة فى الإدارة وعلى ضوء ذلك صدر قرار بتوليه
مديراً للإسكان والمرافق بمدينة درنه وطبرق معاً. وكان يُعرف عنه النزاهة
ونظافة اليد والعمل فى صمت والتفانى دون أن يُسجل عليه أى تحيز لأى كان
وكان لايخاف فى إلله لومة لائم مهما كانت الضغوط الإدارية فى العمل
ونتيجة لتلك السمعة الطيبة التى
كانت تسبقه فى كل مكان ، فقد تم تكليفه من قبل مديرية الإسكان والمرافق
للعمل كمديراً للأملاك العامة بها ولكن الظروف الإجتماعية حالت دون ذلك
ومنعته من السفر إلى الزاوية لتولى تلك المهمة.
فى بداية الثمانينات قدم
إستقالته نتيجة لظروف نفسيه صعبه عايشها فى العمل جعلته يصر على الإستقالة
ويرجع للتعليم حيث رحب بالعمل فى مجال (تعليم الكبار) وهو العلم الذى طالما
أحبه وهو لنشره بأمانة المعلم وإخلاصه .
إستقالته التى كتبها بخط يده .
بعد تفكير عميق ودراسة وافية فى
أمر يتعلق بوضعى كإنسان يملك تقرير مصيره وتحديد معالم مستقبله معتمداً فى
هذا كله على ألله … رأيت وبكل صدق أن أتقدم بإستقالتى هذه راجياً عرضها على
جهة الإختصاص لقبولها لأسباب صحية ونفسيه نتيجة عمل متواصل فى مجالات
مختلفة منها مهنة التدريس المقدسة … بيد أن أخطاءنا سببها نحن نفكر فيما
يجب أن نسلّم به ، ونسلّم بما يجب أن نفكر فيه .. كما يقولون .. علماً أننى
فكرت فيما لا يجب أن أسلم به كإنسان يعرف قدر نفسه أعطى لبلده قدر
إستطاعته من جهده وعرقه فى صمت خاصة فى مجال التعليم وذلك كله إحتراماً
للواجب وتقديراً للمسؤولية .. وفى النهاية لكى أكون منصفاً ينبغى أن أعترف
أننى أخذت من بلدى الكثير .. والله الموفق .
من صفات المرحوم / سليمان بوليفه .
لقد كان رحمه ألله محباً للقراءة
نهماً للإطلاع والمعرفة يقرأ أناء الليل وأطراف النهار ولا يكاد يخلو وقته
منها … وكان يقول الشعر ويتذوقه ولديه أسلوباً بارعاً فى الحديث والتعبير
ويحفظ الكثير من الأخبار والأشعار والأحاديث والآثار ولقد كانت لديه مكتبة
علمية ضخمة تضم أمهات الكتب فى شتى العلوم وتزخر بمئات الكتب والرسائل فى
شتى المعارف والفنون.
ولقد إستمر رحمه ألله تعالى فى
العمل بكل إخلاص وأمانة حتى تدهورت صحته وداهمه المرض بعد سنوات تعب
ومعاناة … ولم يصل إلى سن التقاعد حيث توفاه الله عن عمر يناهز الستين
عاماً وكان ذلك تحديداً فى صباح يوم الثلاثاء بتاريخ 24/10/1989م.
رحمك ألله تعالى أيها الرجل
العصران الرافض للظلم ، لقد عشت شجاعاً كريماً لا تقبل ظلم الناس ولم توافق
على تأميم وأخذ ونهب أملاكهم فى ظل قرارات عشوائية لم تراعى فى إلله
الملكية المقدسة للمواطن يوماً ما ، لقد حاولت قصارى جهدك أن تشرح وتناقش
وتوضح لتلك الإدارات التى أصرت على تطبيق القوانين التى تبيح مصادرة أملاك
المواطنين وعقاراتهم ومحلاتهم التجاريه ومصادر قوتهم عن جهل وعدم دراية
ولكنهم رفضوا وأخذتهم العزة بالإثم فما كان منك إلا أن إبتعدت وقدمت
إستقالتك حتى لاتكون طرفاً فى ظلم أحد ، وللأسف لقد كان المتربصون
والنفعيون الذين لم يصدقوا مع ألله ولا مع الدولة ولا مع أنفسهم ينتظرون
خروجك لأخذ مكانك حتى يباشروا تنفيذ القرارات لأغراض فى نفوسهم ، أولئك
الذين إبتعدوا عن ألله تعالى ، فأين أنت ؟؟ واين هم ؟؟ من سجلات التاريخ ،
وإين أنت ؟؟ واين هم ؟؟ عندما يُذكر الشرفاء والوطنيين.
وها هم اليوم يعودون إلى الوراء
و يرجعون إلى ما قلته ورفضته فى تلك الفترة ، فقد قامت الدولة بتعويض
المواطنين الذين أُخذت وصودرت أملاكهم وعقاراتهم بتعويضهم أضعاف الأضعاف عن
ما أخذ منهم غصباً .. فلماذا لم تسمع جهات الإختصاص فى تلك الفترة من أهل
الرأى والمشورة الذين يخافون ألله أولاً وأخيراً ؟؟ ولماذا لا يكون الرجل
المناسب فى المكان المناسب ولماذا والف لماذا على أخطاء أرتكبت بإسم
القانون وهو منها براء .؟؟
فإلى جنة الخلد أيها الرجل
الوفى المخلص ،فقد تركت لأبنائك تاريخ مشرّف هو زادهم المعنوى فى هذه
الدنيا فلم تترك لهم أرصدة فى البنوك ولا محلات تجارية منهوبة ولا عقارات
بالمال الحرام ولا مزارع بتزوير كاف سبعه .. فهنيئاً للسجل الوطنى لشرفاء
الوطن بإحتضانه لرجل من رجالات درنه العصارى .
هذا الموضوع كتبته فى شهر 10 / 2010م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق