الخميس، 17 أكتوبر 2013

هذا هو الحل المضي مباشرة إلى انتخابات برلمانية


هذا هو الحل

المضي مباشرة إلى

انتخابات برلمانية




39af013e4f6171d2bcf612d05e37414a_174[1]


بقلم : د . يونس فنوش



منذ عدة أيام نشرت مقالة بعنوان (باق من الزمن خمسة أشهر) تحدثت فيها عن أن المدة المتبقية في ولاية المؤتمر الوطني العام، وفق القراءة الراجحة لمضمون الإعلان الدستوري، لا تزيد عن خمسة أشهر، ينبغي في نهايتها أن تكون هناك سلطة شرعية بديلة، يسلم إليها المؤتمر الوطني السلطة، لتنجز ما يظل لازماً إنجازه في المرحلة الانتقالية، حتى الانتهاء من وضع دستور دائم للبلاد، وانتخاب المؤسسات الدستورية وفق ما ينص عليه ذلك الدستور.


وقد عبرت في مقالتي تلك عن تقديري أن هذه المدة الآخذة في التناقص بمرور الأيام لن تكون على الإطلاق كافية لإيجاد المؤسسة الشرعية البديلة، لا سيما إذا ما تمسكنا بمواصلة السير في اتجاه انتخاب لجنة (الستين)، التي سوف تحتاج إلى  ما لا يقل عن سنة كاملة حتى تنتهي من تنظيم الانتخابات البرلمانية بعد الانتهاء من وضع الدستور والاستفتاء عليه.


ومن هنا فإني عبرت عن قناعتي بأن الحل الفعلي الذي ربما يكون كفيلاً بانتشالنا من هذا المأزق، وإيجاد حل مناسب للأزمة السياسية التي وقعنا فيها، يتمثل في اتخاذ المؤتمر الوطني العام قراراً حاسماً بالخطوتين التاليتين:


الأولى: إلغاء الإعلان الدستوري، وتفعيل العمل بدستور دولة الاستقلال الذي كان نافذاً في 31 أغسطس عام 1969.


الثانية: تنظيم انتخابات عامة لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان، بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ).


إن هذا هو الحل الممكن للأزمة: المضي مباشرة نحو انتخابات برلمانية، نخرج منها بمؤسسة تشريعية، تتمتع بالشرعية الكاملة، تتولى السلطة من المؤتمر الوطني العام، وتشرف على إدارة شؤون البلاد في مرحلة انتقالية جديدة، نتفق على تحديد مهمتين أساسيتين لها هما: تشكيل حكومة أزمة تضع في قمة سلم أولوياتها إيجاد حلول عملية فعلية للمسألة الأمنية، وإدارة حوار وطني عام حول التعديلات التي قد يكون من الضروري إدخالها على الدستور المعتمد.


ومن هنا فإني أبديت تحفظاً شديداً على الدعوات التي انطلقت، سواء من جانب الحكومة أو من جانب بعض القوى السياسية لعقد جلسات أو مؤتمرات للحوار، من جهة أني أرى أن هذه الدعوات قد تأخرت كثيراً جداً، وأنها كان ينبغي أن تبرز وتبدأ منذ مدة طويلة. أما الآن، ونحن نواجه ضغط الزمن القصير المتبقي لولاية المؤتمر الوطني العام، وما يفرضه من ضرورة إيجاد حل للمأزق قبل حلول تلك النهاية، التي يتفق الجميع تقريباً على تحديدها في شهر فبراير القادم، فإني أرى أن الوقت لم يعد متاحاً للجلوس حول مناضد الحوار، ولكنه يلح في اتجاه الاتفاق على رؤية واضحة ومحددة، ومساعدة المؤتمر الوطني لاتخاذ القرارات اللازمة لتجسيدها على أرض الواقع.


إن الأشهر الأربعة الباقية من ولاية المؤتمر الوطني العام يجب أن تستثمر في إنضاج الظروف والمعطيات السياسية لاتخاذ تلك الخطوة الحاسمة، وهي تفعيل العمل بدستور دولة الاستقلال، ومباشرة وضع جدول زمني محدد لتنظيم الانتخابات البرلمانية..


وإني أزعم أن وضع مثل هذا الجدول الزمني، حتى لو وجد أنه سوف يتجاوز نهاية ولاية المؤتمر الوطني العام بمدة يسيرة (شهرين أو ثلاثة أشهر مثلاً) هو الكفيل بالتخفيف من ضغط الهواجس التي تقلق المواطنين من أن المؤتمر الوطني يماطل في اتخاذ قرارات حاسمة بالخصوص، لأن أعضاءه، إن لم يكن كلهم فعلى الأقل جلهم، يرغبون في تمديد ولايتهم، إما لمواصلة التمتع بما يتمتعون به الآن من مزايا مادية ومعنوية، وإما لإدامة سيطرتهم على مواقع نفوذ وسلطة، لا يريدون أن يفرطوا فيها، ويريدون إدامتها أطول فترة ممكنة.


فدعونا ننتهي من الجدل والدوران في حلقات مفرغة من الحديث والحوار والكلام، ونتفق على خطة واحدة، نصوغها في خطوات عملية واضحة ومحددة، ونتعاون مع المؤسسة الشرعية، أي المؤتمر الوطني العام، على بلورة محتواها وحدودها وآلياتها، ثم وضعها موضع التنفيذ.


ودعونا نختصر الطريق، ونكسب الوقت، وندعو المؤتمر الوطني إلى أن يحدث تغييراً جوهرياً في مفهوم وغاية العملية الانتخابية التي نتجه إليها، بتحويلها من انتخابات لجنة لصياغة الدستور، إلى انتخابات برلمانية عامة، نخرج منها بتشكيل مجلسين للبرلمان: مجلس نواب ومجلس شيوخ، يتوليان وفق ما ينص عليه الدستور المستأنف العمل به، السلطة التشريعية في البلاد، والإشراف على عمل الحكومة ومتابعتها.


هذا هو الطريق الذي أراه مناسباً لبلوغ الغاية التي نتطلع إليها، وآمل أن يحدث حوله توافق وطني عام، كي نخرج من عنق الزجاجة، ونجد حلاً للمأزق السياسي الخطر الذي انتهينا إليه.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق