السبت، 19 أكتوبر 2013

سرق عمرنا... فلا تسرقوا أحلامنا


سرق عمرنا...


فلا تسرقوا أحلامنا





a6982ebddd4149326837f6ae5c6e8dff_174[1]

بقلم / الحسين المسوري

19/10/2013

حينما كان الدكتاتور المقبور القذافي  يعبث ببلادنا الحبيبة ليبيا لم نكن نملك أي شيء سوى حلم دائم بليبيا الجميلة الرائعة  نعم كان ولا يزال لدينا حلم بدولة يتم فيها تداول السلطة سلميا ويتمتع فيها المواطنين بحقوقهم السياسية وتحترم فيها حرية الرأي والتعددية السياسية بأحزاب وطنية وإعلام حر وصحافة حرة تعمل كسلطة رابعة.


نعم لدينا حلم بدولة المؤسسات التي تحمي الليبي والأجنبي وفق القانون وتحترم الإنسان وحقوقه وحرياته  قد تكون هذه أحلام النخبة وقد يكون هم المواطن كان في توفر مستشفيات تقدم خدمات صحية ممتازة ومدارس راقية يتعلم فيها أبنائه  ومرتب يجعله يعيش براحة ورفاهية وبنية تحتية تتوفر فيها الطرق السريعة والمطارات العالمية والمرافق الحضارية التي تجعل المواطن يشعر بالرقي والتحضر رغم أن هذه الأشياء لم يعد تحقيقها ممكن إلا ببناء دولة المؤسسات التي تبني الإنسان والبلاد معا.


لقد ضيع القذافي  أربعة عقود  كان يمكن فيها بناء الإنسان الليبي وفق منظومة أخلاقية رائعة تحمل طيبة شعبنا وأخلاق  وقيم العائلة الليبية الأصيلة وسماحة  مبادئ  الدين الإسلامي الحنيف  وتوعية المواطن  ورقيه بالتعليم الراقي والممتاز وكما الإنسان دمر القذافي البلاد فأصبحت ليبيا الى جانب البترول تنتج الفساد  فلاطرق صالحة ولا مستشفيات تقدم العلاج الكافي ولامدارس تتوفر فيها أساليب التعليم المتطورة ومطارات تخجل من الوقوف فيها بما في ذلك مطار طرابلس العالمي بالاسم  فقط.


من  تونس عاد الأمل من جديد وأصبح   تحقيق الحلم  يلوح في الأفق لتنجح ثورة الياسمين في تونس ويصل عبيرها الى مصر وليبيا ورغم أن الثمن كان كبير فان الحلم قاد الناس الى الشوارع والميادين والشباب الى ساحات المعارك و جبهات القتال وتحركت النخبة في الداخل مع المعارضة الليبية في الخارج  في جمع التأييد الدولي لينجح الليبيين بمساعدة المجتمع الدولي في إسقاط  الدكتاتور المقبور القذافي نعم سقط الذي سرق عمرنا وعمر أجيال كثيرة حلمت بليبيا الجميلة.


اليوم وبعد انتصار الثوار عسكريا وإعلان التحرير رسميا منذ عامين للأسف لازلنا في مرحلة الفشل السياسي  وبالتالي الفشل في بناء الدولة التي حلم بها الليبيين شعبا ونخبة وذلك بسبب عدم احترام بعض الثوار لشرعية الدولة وعدم إخلاص بعض السياسيين للشعب الليبي وثورته في 17 فبراير.


كم تمنيت أن تبقى جرائم الدكتاتور القذافي هي الأخيرة في ليبيا ولكن للأسف بعض  الثوار تحولوا الى مليشيات تسجن وتحقق وتعذب وتمارس ما كان يمارسه المقبور القذافي وعصاباته من امن داخلي وخارجي ولجان ثورية وحرس ثوري.


وتحول بعض السياسيين وبعض المسؤلين الى فاسدين كما أعضاء مكتب الاتصال  والمسؤلين في عهد القذافي فعلي زيدان المناضل تصرف كما المجرم البغدادي المحمودي وأصبح مجرد كاتب يوقع لمن يحمل السلاح ويصادر القرار ويخضع كما خضع كتبت وموظفي القذافي  زيدان الذي خذل الشعب المساند للشرعية عندما حاصرو وزارة الخارجية كما خذل قبلهم الشهداء والمناضلين عندما أعلن تشكيلته الوزارية وزيدان يتحمل مسؤولية بقائه وعدم استقالته وقوله الحقيقة للشعب الليبي لكن المسؤولية  الكاملة يتحملها ممثلي  الشعب الليبي في المؤتمر الوطني وخاصة حزب العدالة والبناء وتحالف القوى الوطنية وكتلة الوفاء للشهداء.


نعم لقد ارتكبنا الكثير من الأخطاء والعديد من الحماقات وسقطة الأقنعة عن بعض الوجوه في فترة قصيرة وهذا أمر يجب أن نعترف به وننطلق منه لبناء ليبيا الجديدة حيث يجب أن نستفيد  من أخطائنا  بعدم تكرارها.


كما تمسك بعض الليبيين وخاصة تيار الإسلام السياسي بادلوجيات وأجندات لاتستطيع ليبيا تحملها ولا تحقيقها فليبيا دولة التي لا يتعدى عدد سكانها 6مليون نسمة  ولاتمتلك القدرات البشرية والسياسية ولا البنية التحتية  والمالية لتدخل ضمن مشروع سياسي إقليمي أو دولي فبلادنا هي دولة تحاول النهوض ومن الخطأ الزج بها في صراعات دولية وايدولوجيا معينة ويجب أن نستفيد ونعتبر من ضياع 42سنة تارة باسم القومية العربية وأخرى باسم القيادة الإسلامية وأخرى باسم ليبيا الأفريقية.


فالدولة التي تستطيع  قيادة العالم الإسلامي سياسيا وروحيا  ويمكن أن تنطلق منها دولة الخلافة السياسية وتستطيع أن تلعب دورا مؤثرا  في العالم هي الدولة التي يوجد فيها أهم المقدسات الإسلامية حيث مكة المكرمة والمدينة المنورة وتتوفر فيها  الإمكانيات البشرية والاقتصادية وتملك التأثير الروحي على ملايين المسلمين حيث القبلة واليها تشد الرحال وعلى تيار الإسلام السياسي في ليبيا  أن يعي ذلك بدل  أن نضيع الوقت في تخوين بعضنا وتكفير أهلنا  ونضيع ليبيا وتدخل في مصاف الدول الفاشلة.


نعم اليوم أصبحنا أمام كابوس الذهاب الى هذا النفق المظلم وهذا الأمر يتوقف على مدى وعي شبابنا ومدى المسؤولية الوطنية لقياداتهم فشباب وقيادات في خصام مع أهلهم ومجتمعهم لا يمكنهم أبدا أن يقودوا لا المسلمين ولا العالم فلا تحولوا بلادكم ليبيا الى ساحة لحروب الآخرين كما الصومال فلا احد يدفع الثمن إلا الشعب الصومالي وفي أفغانستان والعراق لا احد يدفع الثمن سوى الشعب الأفغاني والعراقي فمن دمرت مدارسهم ومستشفياتهم وبيوتهم وقتل أطفالهم  هم الصوماليين والعراقيين والأفغان وليس السعودية وقطر والإمارات والولايات المتحدة أو إيران وروسيا حيث ليس لديهم ما يخسرونه فليبيا  ليست بلادهم  ولكن تخسرون انتم ومعكم أهلكم وأطفالكم وجيرانكم وبيوتكم وشوارعكم ونخسر جميعا بلادنا ليبيا.

نعم لقد سرق الدكتاتور القذافي عمرنا...فلاتسرقو أحلامنا بليبيا الجميلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق