المنحنيات السبعه
إنجاز بناه الأجدّاد ودمّره الأحفاد
بقلم المهندس / فتح الله سرقيوه
خلال الأسبوعين الماضيين أويزيد حدث
حريق هائل بمنطقة الفتائح الصناعية بمدينة درنه تلك المنطقة التى ترتفع فوق
سطح البحر لأكثر من مائة متر وتطل على درنه ويمكن للزائر أو العابر للطريق
أن يُشاهد درنه التى تنام فى أحضان شاطئ البحر بكل وضوح .
تلك المنطقة الصناعية التى تكدّست
فيها المصانع الحكومية والخاصة والمخازن العامة والخاصة كذلك ، دون أى
تخطيط يُذكر فقد تم فى وقت سابق فى ظل الإدارات المتعاقبة إبان النظام
السابق بتوزيع هذه المنطقة بطريقة المحاباة والوساطة وأحياناً بتزوير
المستندات ناهيك عن وضع اليد ظلماً ونهباً لممتلكات الدولة ، ولذلك تعذّر
تخطيط هذه المنطقة بطريقة سليمه ناهيك عن عدم وضع وسائل الأمن والسلامة
والإنقاذ وتجهيز المنطقة بسيارات الإطفاء ، ولذلك مجرد أن شبّ الحريق فى
أحد المخازن لأخطاء فنية كما يقال حتى إنتشرت النيران بكل ما يُحيط بذلك
المخزن من مصانع ومخازن خاصة للسجاد والألومنيوم وغيرها وقد كانت الخسائر
فادحة بملايين الدينارات حتى أن النيران إستمرت ليومين لإخمادها .
هذه المقدمة مجرد مدخل لما أود
الكتابة عنه وهذه ليست المرة الأولى التى كتبت فيها عن (المنحيات السبعه)
أو الكورفات السبعه كما يطلق عليها أهلنا فى درنه ، ففى العشرينات من القرن
الماضى وبعد أن قام المستعمر الإيطالى ببناء (سور درنه) المشهور الذى
شيّدته إيطاليا لفصل أهل درنه عن المجاهدين بقيادة شيخ الشهداء عمر المختار
ولعدم وصول دعمهم اللوجستى لحركة الجهاد .. حتى باشر المستعمر الإيطالى فى
إنشاء طريق جبلى يتضمن (منحيات سبعه) نظراً للطبيعة الجغرافية للمنطقة
ليكون هو الطريق الأساسى لمراقبة خركة الدخول والخروج من درنه ، والغريب فى
الأمر أن السور وهذا الطريق تم تشييدهمها على أكتاف سكان درنه الفقراء
والبسطاء وذلك ليس حباً فى درنه من المستعمر وإنما لتقييد حركة المناضلين
بهذه المدينة المجاهدة على مر التاريخ وإتصالهم بإخوانهم .
وقد إستمر المواطنون بإستخدام طريق
المنحيات السبعه حتى تم إنشاء الطريق الصاعدة فى نهاية الستينيات أسفل
الجبل وهى الطريق التى تعانى اليوم من مشاكل فنيه كثيرة نظراً لمرور
الشاحنات والسيارات التى تصل بالمئات على مدار الساعة ، المهم بعد حدوث ذلك
الحريق وكانت فترة عيد الأضحى والناس بتلك المنطقة تتواجد لشراء أضاحى
العيد إزدحمت حركة المرور بطريقة رهيبة وكادت تحدث حوادث مرورية لا تحمد
عقباها ولم يجد المواطنون سوى طريق المنحيات السبعة مخرجاً وبديلاً للنزول
من خلالها إلى مدينة درنه وهنا تكمن المشكلة التى أردت الحديث عنها .
وبالصدفة فى ذلك اليوم كنت بمنطقة
التميمى راجعاًُ إلى درنه وكلما إقتربت من درنه يزداد الدخان وضوحاً ، فقلت
فى نفسى لا بد أن هناك شيئاً كبيراً حدث بالمدينة وما أن وصلت بالقرب من
جامعة درنه ، توقفت وسألت فقيل لى أن هناك حريقاً بأحد مخازن السجاد
بالمنطقة الصناعية وهنا خطر ببالى طريق (المنحيات السبعه) الذى يمكن
إستخدامه فى هذا الظرف المرورى الصعب .
وفعلاً كما توقعت فقد كان المواطنون
يمرون من أعلى الطريق لهذه المنحيات لكى يشاهدوا الحريق وضخامته ويستمرون
فى السيير عبر المنحيات نزولاً لدرنه ويا للأسف على تلك المنحيات وما حدث
بها من إهمال وتسيب ودمار وخراب ، هذه المحنيات شيدها أجدادنا ودمرّها
أحفادنا فبقايا هدم المبانى والقمامة على جانبى الطريق وكأنها طابوراً
لإستقبال الضيوف والمسافرين .
الطريق الصاعدة النازلة
(قرية الفتائح / درنه)
وهنا أود أن أنبه أنه لو حدثت مشكلة
كبيرة فى الطريق الصاعدة درنه / الفتائح من حيث الإنهيار للعبارات الضخمة
التى تعد مجرى لمياه الأمطار العابرة من تحت الطريق أو أى كارثة كانت ،
فكيف سيكون الوضع حينها من حيث دخول المدينة من الناحية الشرقية..؟؟
وعليه أود القول مُناشداً لجميع
الشركات الوطنية المحلية والمقاولين وأهل الخير وجمعيات المجتمع المدنى
المتخصصة الحقيقية الذين ينتمون لهذه المدينة الطيبة بأن يتحركوا فى عمل
تطوعى وجماعى لتنظيف هذه الطريق ومحاولة إعادة ترميم وصيانة ما دُمّر
وخُرّب من أكتاف الطريق التى بناها أجدادنا ، ولن أناشد أى مسؤول كان
لأننى أعلم الناس بحالهم وظروفهم لأن المسؤول فى هذه الظروف الصعبة الذى
يمر بها الوطن لا يُحسد عليها ورأيت أن أرفق مع هذا الموضوع بعض الصور
لعلها تُحرك ضمائر البعض من الوطنيين … والله من وراء القصد .
هذا ما وصلت إليه
طريق المنحنيات السبعة
طريق المنحنيات السبعة ولا زالت
النار لم تخمد بعد فى المنطقة
الصناعية
المنحنيا ت السبعة
وما وصلت إليه من إهمال
طريق المنحنيات وأكوام المخلفات .
تحولت طريق المنحنيات
السبعة إلى مرمى للمخلفات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق