ليبيا.. السلطة في يد الميليشيات
ليبيا.. السلطة في يد الميليشيات
19/10/2013
قد
يختلف الكثيرون حول أداء رئيس الوزراء الليبي علي زيدان، ولكن عملية
اختطافه بهذا الشكل المهين، تمس في العمق هيبة وسيادة الدولة الليبية،
وتشكل إشارة بالغة السلبية على مستقبل بناء ليبيا في ظل هذه الفوضى
والتناحر السياسي، الذي يتكئ على هذا الكم من السلاح خارج مؤسسات الدولة،
فاستباحة الدولة ورموزها ستزيد من إضعافها ويجعل من هب ودب يتمرد عليها
سواء في الداخل أو الخارج.
المفاجئ
للنظام في ليبيا، ترك البلاد في حالة فوضى عارمة تسيطر فيها الميليشيات
المسلحة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على الشارع الليبي، بعد انهيار
الجيش الليبي وأجهزة الأمن التي كانت تهيمن على كل مناحي الحياة تقريبا
خلال عهد القذافي.
انهيار متوقع.
هذا
الانهيار كان متوقعا بعد عقود من سيطرة الحكم المركزي، لم يترك خلالها
النظام السابق بديلا يمكن أن يقود البلد في أي مجال من المجالات الاقتصادية
أو السياسية أو الأمنية. فالانفلات الأمني أخذ أشكالا متعددة، من أعمال
السطو في وضح النهار إلى عمليات الاغتيال السياسي وجرائم الخطف حتى في
طرابلس. ضعف قوات الأمن الرسمية، التي يقتصر تسليحها على
الأسلحة الخفيفة مقابل الأسلحة المتوسطة وحتى الثقيلة التي تملكها
الميليشيات المسلحة، جعل من الصعب حماية المؤسسات الرسمية وكبار
المسؤولين. لقد كان متوقعا أن يحصل شيء ما من هذا القبيل
في ليبيا ــ (اختطاف رئيس الحكومة) ــ فلم تفاجئ هذه الحادثة العارفين
بخبايا الشأن الليبي.
فالدولة لا هيبة لها وهي غير موجودة على الأرض لفرض النظام، وهي ضعيفة إلى
الحد الذي يجعلها مستباحة ليس فقط من مواطنيها وإنما من قبل أجهزة
الاستخبارات الغربية، وخير دليل على ذلك عملية اختطاف القيادي في تنظيم
القاعدة «أبو أنس الليبي» من قبل كوماندوس أميركي من أمام بيته في العاصمة
الليبية طرابلس.
فوق العقاب.
ولذلك
يعتقد مراقبون أن الميليشيات المسلحة، قررت اختطاف زيدان وتصوير ذلك على
أنه عملية «اعتقال» بناء على شكوى من ناشط ليبي ضده. ولأن حكومة زيدان لم
تكن تتمتع بشعبية كبيرة نتيجة أدائها السيئ، لم تتوقع قيادة الميليشيات
المسلحة ردة الفعل القوية والاستياء الواسع الذي تلا اختطافه، ولذلك اضطرت
إلى إطلاق سراحه بعد ساعات فقط. وعلى الرغم من تحرير
زيدان بعد ساعات من خطفه، إلا أن ما حدث يعتبر نقلة استثنائية في الوضع
الليبي، يؤكد فشل الحكومة ومؤسساتها في السيطرة على الوضع العام، خصوصاً أن
ليبيا باتت تعج بالمسلحين العرب والأجانب، الذين انضموا الى الميلشيات
المسلحة ووجدوا لديها المأوى الآمن. وبات من الطبيعي أن يتم خطف ليبي من قبل مجموعة متعددة الجنسيات كما في عمليات سبق أن طالت مدير مكتب رئيس الحكومة.
إن
مثل هذه العملية الخطيرة يجب ألا تمر بلا عقاب مناسب، وإلا فستكون لها
تداعيات خطيرة. فمحاسبة رئيس الوزراء أو أي فرد من أفراد الشعب يجب أن تتم
وفق القوانين والأنظمة المرعية، ولا يحق لأي ميليشيا أن تقوم بممارسات لا
شرعية مهما كان حجم قوتها السياسية والعسكرية. فهذه إهانات تحط من شأن
مشروع الدولة بحد ذاته، وليست متعلقة بأفراد وتنظيمات معينة.
الوهن المؤسسي.
لقد
تخلص الليبيون من حكم القذافي بعد ثورة مجيدة وتضحيات كبيرة، وبينما كان
إصرار الليبيين إبان الثورة قويا وحماسيا، فإن إصرارهم على إعادة بناء
مؤسساتهم الجديدة التي تتناسب مع تضحياتهم وطموحاتهم في دولة متماسكة تلتزم
القانون والحريات يبدو أضعف بكثير، فالوهن المؤسسي هو الغالب، والانغماس
في المطالب الجزئية والقبلية هو المسيطر، والسعي نحو المصالح الشخصية يفوق
ارإدة التغيير الحقيقية، والمحصلة الطبيعية هي سيادة الميليشيات والجماعات
المسلحة والانفلات الامني وتغييب هيبة الدولة، والهجوم على المؤسسات
ومحاصرتها ونهب أموالها وتخريب وثائقها.
خطر «القاعدة».
يتوقع
أغلب الخبراء والمحللين، حصول الأسوأ في ليبيا خلال الأيام المقبلة، حيث
تنتظر المنطقة المغاربية عمليات إرهابية تحمل بصمات تنظيم «القاعدة» في
بلاد المغرب الإسلامي، ردا على عملية اختطاف أبي أنس الليبي، القيادي في
التنظيم من قبل الأميركيين، وردا أيضا على عمليات الجيش التونسي التي
استهدفت التنظيم الإرهابي في جبل الشعانبي على الحدود التونسية الجزائرية.
وقد
ذهب البعض إلى حد الربط بين عملية اختطاف علي زيدان وتحذيرات جهات
استخباراتية إقليمية وغربية من قرب شن القاعدة لعمليات إرهابية تتضمن خطف
رهائن. وقد دعم هذه الشكوك نفي ما يسمى بـ«غرفة عمليات ثوار ليبيا» تورطها
في عملية الاختطاف. وهو ما جعل البعض يتهم «القاعدة» صراحة بالتورط في
احتجاز زيدان.
المصدر: البيان الاماراتية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق