ليبيا ضحية
تغوّل الميليشيات وضعف
الحكومة المركزية
17/10/2013
أستاذ العلوم السياسية
بجامعة طرابلس،
عبد السلام البديني، لـ”الخبر”
“ليبيا ضحية تغوّل
الميليشيات وضعف الحكومة
المركزية”
تزداد مخاوف المجموعة الدولية من آثار الانفلات الأمني في ليبيا، هل تعتقدون أن ذلك سيضطر دول الجوار أو العواصم الغربية للتدخل بشكل لاستعادة الأمن وتفادي المزيد من الاضطرابات؟
تدخل القوات الخاصة الأمريكية لإلقاء القبض على أبو أنس الليبي دليل على أن مؤسسات الدولة في ليبيا ليست قادرة على التحكم في أي شيء، ولا أستبعد أن تكون الميليشيات والجماعات المسلحة على اختلافها في ليبيا مخترقة من طرف أنظمة ودول أجنبية، بالإضافة إلى كونها خاضعة للمنطق القبلي والحزبي. نعيش اليوم في ليبيا حالة سابقة من نوعها، إذ لم يعد هناك نظام، وإنما أنظمة تسعى إلى فرض منطقها بقوة السلاح. وبالنظر لكونها متكافئة تقريبا في العتاد العسكري، تلجأ إلى التهديد والضغط للحصول على ما تريده، وقد رأينا كيف أنها ضغطت على الحكومة المركزية حين تعلق الأمر بقانون العزل السياسي، كما حدث من خلال اختطاف رئيس الوزراء علي زيدان. كل هذه الأحداث التي لها تأثيرات سلبية على الاستقرار الداخلي، قد تتطور في أي لحظة لتتحــــــــوّل إلى تهديد لدول الجوار أو مصالح دول أجنبية بشكل عام، الأمر الذي قد يضطر هذه الدول إلى القبول ولن تتمكن الدولة الليبية حينذاك من الاعتراض، لأنها ببساطة غير قادرة على تقديم البديل في حماية مواطنيها ولا حدودها ولا حتى مصالح الدول الاجنبية.
الكل يتحدث عن هذه الميليشيات والجماعات المسلحة، لكن من دون تحديد لمطالبها أو هويتها، بمعنى هل لديها مطالب سياسية أم أنها فقط عصابات تسعى لاستغلال الوضع؟
هناك من الاثنين، اليوم في ليبيا أكثر من 200 ألف مسلح لا يخضع لرقابة ولا سيطرة مؤسسات الدولة، غالبيتهم يخضعون لقيادات قبلية أو حزبية، كما أن هناك جماعات لا تخضع إلا لمنطق المال، بمعنى أنها مرتزقة تسير وراء من يدفع لها، وهناك كذلك عصابات الاجرام والتهريب التي احترفت الاختطاف وطلب الفديات، إلى جانب تهريب السلاح والمخدرات وغيرها من أنواع الممنوعات، وهذه الأخيرة تشكّل خطرا ليس فقط على ليبيا، وإنما دول الجوار، وفي مقدمتها الجزائر ومصر، والحال أن الجماعات المسلحة التي تتبع منطقا سياسيا أو قبليا لا تقل خطورة على عصابات الإجرام، لأنها ببساطة احترفت أسلوب الضغط على مؤسسات الدولة من خلال استهداف المواطن، إذ تجد اليوم في المدن الليبية الجماعات المسلحة التي تقوم بغلق الطرقات، وقطع الكهرباء وغلق المدارس والإدارات. الليبيون اليوم مدركون أن العمل في الإدارة العامة يعني توقيع وثيقة الموت في حال تعارض منطق الإدارة مع منطق الجماعات المسلحة، هناك آلاف الموظفين الذين اضطروا للتخلي عن منصبهم خوفا على حياتهم، لذلك أعتقد أن استهداف شخصيات سياسية مثلما حدث مع علي زيدان لا يكاد يكون الجزء المرئي من جبل الجليد الأكبر، وهي الممارسات القمعية التي يعاني منها المواطن الليبي في يومياته دون قدرة الحكومة المركزية على حمايتهم.
وكيف يكون الحل برأيكم أمام هذا الانسداد؟
على الرغم من صعوبة الوضع السياسي والأمني في ليبيا، إلا أن هذا الانفلات ليس حتمية، ويمكن الخروج من هذه الدائرة من خلال التوافق الوطني، توافق الأحزاب التي تكاد تكون غائبة عن الساحة بسبب الصراعات الإيديولوجية بين الإسلاميين، المتشددين والمعتدلين منهم والقائلين بمدينة الدولة. في اعتقادي لن تخرج ليبيا من دوامتها ما لم يتفق الفاعلون، ولا يتعلق الأمر فقط بالأحزاب التي تفتقد لقاعدة شعبية عريضة، وإنما بإشراك القبائل لإعادة إيجاد توازن يرضي الأطراف المعنية ويزيح شبح تقسيم ليبيا أو دخولها دوامة حرب العصابات.
المصدر: الخبر الجزائرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق