كليات القمة.. الأسطورة الزائفة
كليات القمة.. الأسطورة الزائفة
-
نحن لا نتعلم بسرعة.. أقصد نحتاج سنوات طويلة حتي نستوعب متطلبات العصر،
والحياة.. فنحن لم نستوعب حتي الآن حكاية أو أسطورة كليات القمة: الطب بكل
أنواعه، الهندسة، الإعلام والألسن.. رغم ما يقال عنا من الذكاء.
-
ومازلنا حتي الآن نجري وراء الألقاب، وفي المقدمة لقب الدكتور رغم أن
الصواب هو: الطبيب، ولكننا نطلق لقب الدكتور علي كل من يدرس فروع الطب
البشري، وطب الأسنان، والصيدلة، والطب البيطري وحتي الطب الرياضي.. وبسبب
ذلك لا نجد إقبالاً يذكر علي دراسة الطب الطبيعي، أي العلاج الطبيعي.
*
ورغم أن نقابات الأطباء بأنواعها تحدد عدد المقبولين في كل كلية وسنوياً
حسب حاجة الأسواق.. إلا أن الصراع ما زال علي أشده علي هذه الكليات، وبذلك
مازال الإقبال شديداً علي التحاق الطلبة بهذه الكليات.. حتي تحول الكثير من
خريجيها إلي مجرد مندوبي مبيعات للأدوية.. وكذلك أدوات التجميل.. ولكن رغم
مصرع أحلام دراسي الطب، وأقصد به «خمسة عين» أي عيادة وعربية وعزبة
وعروسة وعمارة.. فإن هناك من يقبل علي دراسة الطب بفروعه المختلفة.
*
وربما مازال الطلب كبيراً علي كليات طب الأسنان بسبب ارتفاع عائد المتخصص
فيها، وربما أكثر من الطب البشري.. ولكن النكتة، أو النكبة تتكرر في كليات
مثل الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بسبب بريق العمل الإعلامي وما يقال
عما يحصل عليه من يعمل به.. ونسي كل الحالمين أن نجوم أي مهنة لا يتعدي
عددهم العشرات، فماذا عن خريجي دارسي الإعلام بالكليات الحكومية.. وإصرار
حتي الجامعات الخاصة علي أن تكون كليات هذا الإعلام– والصحافة والتليفزيون–
بين أو في مقدمة هذه الجامعات.. حتي إن هناك أقساماً للصحافة والإعلام في
كل كليات الآداب والتربية والأزهر.. وتخرج هذه كلها آلاف الخريجين كل عام.
*
وكذلك انحسر الطلب علي خريجي الإعلام في الدول العربية التي كانت تجتذب
أعداداً كبيرة من الخريجين المصريين للعمل في أجهزتها الإعلامية، ليس فقط
بسبب انحسار الصحافة الورقية هناك أيضاً ولكن بسبب «توطين» هذه الوظائف
الحيوية، والنكتة أن عدد خريجي الاقتصاد والعلوم السياسية انحسر.. وهنا
أتذكر أن الدفعات الأولي من خريجي هذه الكلية كانوا يحلمون بالعمل
الدبلوماسي، تماماً كما أن الشاب في القرن الماضي يفضل كليات الحقوق، إذ
كان يحلم– وهو بالسنة الاولي– أن يصبح وزيراً.. ثم تنخفض أحلامه في السنة
الثانية إلي وكيل نيابة.. ويظل حلمه يتناقص ليصل في السنة الرابعة الي مجرد
محام.. ورزقه علي الله.
* وكما تغير الطلب علي كليات الحقوق.. حتي أنهم لا يجدون طلاباً يدخلونها إلا مضطرين، يجب أن يتغير الطلب علي كليات القمة.
أقول ذلك لأن القمة– في الدول المحترمة– تتغير من عام إلي آخر.. حسب تغير حجم الطلب من خريجيها.
* فهل نصل إلي هذه الدرجة الآن.. أم لن نستيقظ إلا وعندنا مئات الألوف من الخريجين بلا عمل؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق