الاثنين، 22 أغسطس 2016

شاهد من أهلها

شاهد من أهلها

 

محمد عقيلة العمامي

محمد عقيلة العمامي

تهدف فكرة علي الصلابي من تأسيس التجمع الوطني كمظلة وطنية شاملة تجمع الإسلاميين في ليبيا للعمل سياسيًا ككيان موحد، فالصلابي يعتقد منذ وقت طويل أن حزبًا إسلاميًا سياسيًا واضحًا لن يبلي بلاء حسنًا في ليبيا.

قال إنه يفهم المجتمع الليبي، فهو يختلف عن نظيره في مصر وتونس، حيث الانقسام بين الليبراليين والمحافظين كان أكثر وضوحًا. يقول إنه يعي أن معظم الليبيين مسلمون، وأن الإسلام سوف يلعب دورًا في توجيه الحياة العامة، ولكن ذلك لا يترجم بالضرورة إلى دعم إسلام سياسي، الذي لم يكن لديه الفرصة في الانتشار في ليبيا مثلما حدث في مصر وغيرها من البلدان.

بدلاً من ذلك، يقول الصلابي، "إن الأحزاب بجدول أعمال وطني يحترم الإيمان- بالإسلام- والتقاليد يكون أوفر حظًا في النجاح". هذه فقرة وردت بالكتاب الذي نترجمه وينشر على حلقات بجريدة الوسط، والتي على أثرها، مثلما ورد في الكتاب نفسه، «استنكرت في أبريل 2011 تصريحاته المثيرة» التي- كما قالت الكاتبة- ستكلفه في مسيرته السياسية الكثير.

وقال أحد المقربين من الصلابي إن قبيلته سألته أن يبعد نفسه من رجل الدين. وفي أولى جلسات التجمع الوطني من بعد سقوط طرابلس، تبودلت آراء ساخنة بشأن نشاط الصلابي واتفقوا في النهاية على قيامه بدور استشاري من المقاعد الخلفية، بعيدًا عن الواجهة.

القضاة في العهد الأموي كانوا يعتمدون على الرأي وعلى الأعراف المدنية ولم يُعتمد على الحديث.

رأي الدكتور علي الصلابي، لفت انتباهي، لأنه من أساسيات فكر الإخوان المسلمين، لكن الواقع الآن يبرز غير ذلك، ذلك لأن نخبة منهم نبذوها واتجهوا إلى السياسة والحكم، بوسائل سطحية كتأسيس حزب لا يقوم على أسس دينية ولكنه يحقق مصالحهم وهذا، فيما يبدو، سبب خلاف الدكتور علي الصلابي معهم بحسب ما اتضح فيما ورد بالكتاب الذي أشرت إليه، راجع العدد 39 من صحيفة الوسط بتاريخ 18 أغسطس 2016.

دعوة الإخوان المسلمين تبتديء من أسفل إلى أعلى، من النشء إلى الصبية، ثم الشباب والكبار وهذا سبب من أسباب دقة تنظيمهم. في أول رمضان من بعد قيام ثورة فبراير التقيت السيد سليمان عبدالقادر، مسؤول الإخوان، آنذاك، وأخذنا نقاش بمكتبه من بعد مقابلة أجراها مع نائب رئيس تحرير الأهرام الأستاذ خالد زغلول وضح فيه أمورًا كثيرة كانت غائبة عني وقد نشرتها بمقالة في حينها عنوانها: «دولة الإسلام مدنية». مما قاله السيد سليمان عبدالقادر: «إن فكر الإخوان يسعى ويؤيد قيام دولة مدنية، لأن الإسلام لم يكن من البداية إلا كذلك تسعى لتحقيق ما صرنا نسميه (ديمقراطية) وأن الشعب مصدر السلطات، منوهًا أن بالعالم العديد من الديمقراطيات التي تختلف عن بعضها البعض، إذ لكل منها جوهرها تمامًا مثلما للإسلام جوهره».

إن التعددية في بنية الإسلام مؤكدة لقوله تعالى: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين»- هود :18- الإمام الشافعي يقول «إنه لا سياسة إلاّ ما وافق الشرع»، التي وضحت بأن (ما وافق) الشرع تعني: لم يخالف ما ينطق به الشرع. وذلك صحيح، ولكن إن عنينا بقوله: «لا سياسة إلاّ ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة» لأن الصحابة وعلماء الإسلام أفتوا بما وافق الشرع وليس ما نطق به.

تقول كتب التاريخ الإسلامي إن «القضاة في العهد الأموي كانوا يعتمدون على الرأي وعلى الأعراف المدنية ولم يُعتمد على الحديث إلاّ بعد أن نادى به الإمام الشافعي بعد حوالي مئة عام» والخلفاء الراشدون عالجوا أمور الدنيا بحسب ما ورد في القرآن وعلى ما كان سائدًا من أعراف متفق عليها، وهذا على نحو ما يؤكد أن دولة الإسلام مدنية وليست دولة دينية. وهكذا أجد نفسي قد أخطأت في حكمي على الداعية علي الصلابي لأنني كنت أراه، بغض النظر على كونه من علماء المسلمين، يريد أن يجعل من ليبيا دولة دينية، في حين أن ما قاله يصحح لي خطئي.

ويتوافق رأيه مع ما يقره ديننا الحنيف وهو: إن دولة الإسلام في أساسها مدنية تستقى أحكامها مما يتوافق مع الشرع، وفي تقديري هذا يعززه رأي الدكتور الصلابي، وإن ما كتب على لسانه في مقالة الكاتبة الآيرلندية يبرز بشكل واضح أنه يدعو إلى بسط سماحة الإسلام ونشر مبادئه وتعاليمه وليس للحكم باسم مثل الدين من خلال أفواه المدافع ومفخخات بيوت المسلمين الآمنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق