السبت، 20 أغسطس 2016

التغيير والإصلاح … ولا إزهاق الأرواح

(هذه المقالة نشرتها يوم 4/2/2011م قبل إنتفاضة الشعب الليبى فى 17 فبراير 2011م لما إستشعرته من خطر قد يُداهم البلاد العربية جميعها وتنتهى أمة كانت تسمى الأمة العربية )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التغيير والإصلاح … ولا إزهاق الأرواح

4/2/2011 


بقلم / فتح الله سرقيوه


بالأمس القريب إنتفض شعبنا العربى فى تونس الخضراء .. تونس إبى القاسم الشابى الصوت الحر الذى دوى صوته فى ربوع الوطن العربى مردداً إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر حقاً أيها الشاعر العربى الوطنى يا صاحب الصوت الصادق الذى زمجّر فى أرض وسماء تونس فهب الشباب الذى طالما نادى بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وحفظ المال العام ونادى بتكافؤ الفرص للجميع …. لقد طفح الكيل ولابد من أن تسيل الدماء بدون حدود لكى تتحقق المطالب لأن الحرية لا توهب بل تنتزع إنتزاعاً من أيدى المستبدين والظالمين ، فكانت البداية من سيدى بوزيد تلك القرية الفقيرة التى لم تصلها التنمية ولم تعرف لها طريقاً وربما لم يسمع عنها أحد فى بعض الدول العربية .. ومن سيدى بوزيد كانت الشرارة التى أشعلت الثورة الشعبية بسبب تطاول رجل أمن على شاب يحمل مؤهلاً جماعياً فقد الكرامة الآدمية فلا فرصة عمل ولا طموح ولا مستقبل فلم يجد سوى أن يبيع الخضروات على أرصفة الوطن وحتى هذه لم يسمح له من أن يكسب قوت يومه كمواطن حر وشريف بينما أبناء السلاطين والحكام والمتنفذون وزوجات الحكام الطاغيات والأجهزة القمعية ينعمون بخيرات الوطن … بداية لم يتوقعها أحد ولكن ألله قادر على تغيير كل شئ … فما بين ومضة عين وإنتباهتها … يغير الله من حال إلى حال .

فى البداية وأنا أتابع أحداث الثورة الشعبية فى تونس لم أكن أتوقع ما تتناقله وكالات الأنباء والقنوات الفضائية التى تعودنا على تضخميها للأمور أحياناً وربما هى كذلك يكون لها أهداف غير واضحة أو أجندات خفية ، ولكن بعد أن هرب الرئيس وغاب عن الأنظار وظل عالقاُ بين السماء والأرض حيث لم يقبل أحد إستضافته من حكام أوروبا من أصدقائه ومن الحكام العرب … قلت فى نفسى أين تلك الأحضان والمجاملات التى كنا نشاهدها فى اللقاءات العامة وإجتماعات الجامعة العربية ، كل شئ تبخر وإنتهى وشعرت هناك .. أن علاقات الحكام العرب علاقات حتى إشعار آخر فقد رأينا ذلك الإشعار الآخر فى تخلى الكل عن الرئيس التونسى ، خوفاً من تلك الجماهير الهادرة التى تجوب شوارع وميادين وأزقة تونس ويُسمع صداها فى كل عاصمة عربية .
وما هى إلا أيام أو أسابيع حتى إنتلقت الصرخة المدوية إلى مصر العروبة وإشتعلت شرارة الإنتفاضة وهنا إتضح أن الآلام والمواجع واحدة ، وهنا تذكرت الحديث الذى يقول (المؤمنون فى توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا إشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) حقاً أن الجسم العربى جسم واحد طالما إشتكى من الألم وسهر الليالى يتوجع من هدر الكرامة والإهانة ومن العوز والفقر وفقدان المساواة والعدالة ، فمن من المواطنين العرب لم يهان من رجل أمن أو شرطى مرور أو من متنفذ كبير جاهل إستكبر وتعالى على فقراء الأمة وداس عليهم بأقدامه القذرة ومن من المواطنيين العرب لم يكتب فيه تقرير كيدى حاقد ليدمر مستقبله وحياته دون أن يجد من يغيثه ويعينه ومن المواطنين العرب لم يفقد أخ أو قريب أو صديق أو جار فى معتقلات وسجون بلده تلك الإنجازات التى سيذكرها التاريخ بأحرف سوداء لكل حاكم عربى وما رايناه فى سجون تونس ببعيد وهاهى سجون بلد الكنانة بعد أن فُتحت ابوابها تكشّفت الجرائم للعيان حيث حُشر فيها شرفاء شاركوا فى حرب التحرير مع جمال عبدالناصر وفى حرب رمضان ومن الوطنيين الذين يرفعون أصواتهم بين الحين والآخر يطالبون بالحرية الحقيقية .


ربما للمواطن العربى مطالب وإصلاحات يترقبها من حكامه وينتظرها على أحر من الجمر حتى يهدأ باله ويعود له الأمل ولو كان محدوداً .. فما أسهل الإصلاح يا حكام الأمة لو أردتم ذلك فدراسة ورسم الخطط المستقبلية للأجيال القادمة على الكراسى الوفيرة ثم إصدار القرارات الإصلاحية من أجل شعوبكم أمر فى غاية السهولة ، ألم يكن هذا أسهل من خروج الجماهير الهادرة فى الميادين والشوارع ويسمع العالم نداءاتها وهى تطالب بسقوط حكامها ورحيلهم عن الوطن !! لم نسمح بهذه الفضائح العلنية والحلول فى أيدينا ؟؟ يقول المثل الشعبى الليبى (إللى تحلها بأيديك أفضل من أن تحلها بسنونك) أى من السهل أن تحل العقدة بيديك مهما كانت معقدة ولكن ما أصعبها عندما تتعقد وتحاول ان تحلها بأسنانك وما يصاحبها من خطورة فربما أسنانك لم تعد تحتمل وقد تفقد بعضها نتيجة لكبر السن أو مرض السكرى والأسنان أصبحت جاهزة للخلع.
صدقونى كل شئ يمكن قبوله … ومن حق الدولة أن تحافظ على أمن البلاد والحرمات والممتلكات وهذا طبيعى ولا إختلاف فيه ، ولكن أن نشاهد سيارات الأمن المركزى وهى تندفع نحو جماهير الشباب لتصدمهم وتسحلهم تحتها !!! هذا الأمر جعلنى أتحدث مع نفسى واقول .. هل تحولت الساحة التظاهرية السلمية إلى معركة بين أعداء؟ ، إن ما حدث على جسر كورنيش النيل جعل العالم يتحدث بلغة أخرى عن السلوك العربى وعن الحقد العربى وتم إستغلاله من قبل العدو الصهيونى … حيث قال أحدهم هؤلاء هم العرب يستخدمون خراطيم المياه الساخنة فى تفريق المصلين على الجسر ويدهسون الجماهير المنتفضة بالمجنزرات الثقيله لتكسير عضامهم فى بلدانهم من أجل ماذا ؟؟ من أجل بقاء رئيس على كرسى الحكم تجاوز الثمانين عاماً ، فكيف يا سيادة الرئيس ستقابل الله وربما بعد حين لأن الآجال بيد الله ،ويسألك الله عن مئات سالت دماؤهم على أرض مصر الغالية ومنهم أبناء وأحفاد أولئك الذين عبروا معك لتحرير الأرض المصرية ، هؤلاء أثمن واغلى من علاقة مع العدو اليهودى الذي إستخدمت الأجهزة الأمنية سلاحه الفتاك فى الفتك بأبناء مصر وتقتيلهم برصاص القناصة المتطورة .


هنا وقبل فوات الأوان … وحتى لا نشاهد ما حدث فى مصر وتونس أن يحدث فى دول عربية أخرى ، وربما الزمن لا يُسعف الأنظمة العربية لتسارع الأحداث فالرياح عاتية وعاصفة ولا يعلم إلا الله مداها ، ولهذا نأمل أن نرى من قبل حكام الدول العربية إجراءات سريعة وعاجلة من أجل التغيير والإصلاح الذى ينادى به شباب الأمة وكل الجماهير العربية ولا أعتقد أن الحكومات العربية غافلة عن ذلك وأن تتم المباشرة فى الإصلاحات التى تخدم الجماهير اليوم قبل غد حتى لا يتكرر المشهد وتسيل الدماء وتترسخ العداوة بين ابناء الشعب الواحد كما حدث فى مصر بين رجال الأمن وأجهزة الشرطة والشباب وهى عداوة لا يعلم الله مداها ومتى ستنطفئ … نسال الله تعالى الأمن والأمان للأمة العربية وأن يبعدها عن سيناريوهات العدو الإسرائيلى والتغلغل الأمريكى وأن يحمى الشعوب العربية … فكفانا دماءً وقهراً وظلماً ولنرفع شعار التسامح وطى صفحا ت الماضى من أجل صنع أجيال مؤمنة بتحرير فلسطين ورفع راية الأمة المهانة أمام شعوب العالم ومن أجل مستقبل أفضل . وليعلم الجميع أنه بالإمكان الوصول إلى بر الأمان وتحقيق الإصلاح بدون أن تُزهق الأرواح ولا ننتظر شيئاً من أمريكا وسياساتها المخادعة فأمريكا كما كان يقول الممثل الدكتور شديد فى فيلم المجانين فى نعيم (ساعه تروح … وساعه تيجى) ولا أمل فى صداقتها لأنها صداقة مصالح لا أكثر ولا اقل وتأتى مصلحة إسرائيل أولاً فهى خادمة مطيعة للعدو الصهيونى.

تحرير.

تعليق واحد

بالفعل الشعوب العربية ليست من طبيتها العدوانية إلا أن ممارسات الأجهزة الأمنية في بعض الدول بشكل يثير الحقد لتشابه القمع فيها بالقمع الصهيوني للشعب الفلسطيني فإن مشاهد القتل التي حدثت في مصر من جهاز أمن النظام المصري في حق الشعب المصري و أبنائه المسالمين تذكر البقية من الشعوب العربية بما يفعله الصهاينة في الفلسطينيين و أكثر .
كما أنه للنظام المصري الحالي رواسب سيئة في نفوس الليبيين مما أقترفه في حق الشعب الليبي عندما كان أول من طبق العقوبات الجائرة و الظالمة بحصاره كما فعلها مؤخراً في حق الشعب الفلسطيني في غزة وكل هذا و ذاك في مصلحة من تمارس هذه السياسات بالإضافة إلى إهدار أموال شعوبهم الذين ينتظرون بكل عزم و صبر و بسلم و بكل عفوية أن يلتفت لهم و إلى حقوقهم المشروعة و هم أولى بالأمن و الأمان و بالرفاه و الرقي إلى مستوى أحلامهم و تطلعاتهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق