الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

الكتابة أدب، وعلم، وفن، وذوق …

الكتابة أدب، وعلم، وفن، وذوق …



بقلم الأستاذ/ عدلى البرقونى البرعصى 


من خلال متابعتي اليومية للمواقع الإلكترونية الليبية عن أخبار ليبيا وتنوع الآراء المنشورة والطروحات المقدمة والانتقادات التي لا تخلو أحياناً من الهمز واللمز وبدون دليل في كثير من الأحيان ، كذلك بعض من يدعون الفكر والعلم ويتكلمون باسم الإسلام فينتقدوا شخصيات وطنية بعدم الفهم وأنهم ( أسياد الفهم والعلم بالدين) بإساءة الظن وتحريف الكلم عن مواضعه وتقويل بعض المسؤولين ما لم يقولوه صراحة ولا تلميحا ، ولكنه داء الكتابة من أجل الكتابة وحب الظهور على المواقع الإلكترونية ولسان حاله يقول ( شوفيني يا غادة أو شوفيني يا صفية !!؟) دون مراعاة لاحترام هذه الشخصيات ولا لتاريخها النضالي على الأقل منذ اليوم أو الأسبوع الأول لثورة ليبيا المباركة وطوال فترة الحرب التي كانت مليئة بمخاطر وتهديدات القتل بينما كان هذلاء الكتاب خلف شاشات التلفاز يتابعون الأخبار ويتصايحون ويهتفون ولما تم تحرير ليبيا من حكم الطاغية وبحجة حرية الصحافة وحرية التعبير بدأت تظهر مواهبهم المدفونة ، فما أسهل الهدم والاتهام وقذف الآخرين بالتهم والافتراءات وما أصعب عملية البناء والصبر على أذى الآخرين وضبط النفس كما يقول سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ( الحلم سيد الأخلاق ) أو في قوله عليه الصلاة والسلام ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) …
ولقد لجأ البعض في انتقاداته للخروج عبر حدود ليبيا لانتقاد زعما وطنيين وإسلاميين في دول مجاورة وليس لديه مقدار عشر ما قدموا من تضحيات في سبيل الله وفي سبيل تحرير بلادهم وكأننا حللنا كل مشاكل ليبيا تماما وأكملنا إصلاح بلدنا في مختلف المجالات ولم يبق لنا شئ سوى انتقاد جيراننا ، وياليته يكون انتقادا بناءً ، ولست أريد ضرب أمثلة على ذلك، لما رأيته بالأمس من كاتب ليبي يحسن صف الكلمات واختيار المصطلحات ووضعها في إطار إسلامي جيد لكنه في كل فقرة من فقرات مقالته كان إما يخالف آية في كتاب الله عز وجل وإما يتجاهل أمرا من أمور سنة النبي صلى الله عليه وسلم مثل النهي عن إساءة الظن بالآخرين والله سبحانه وتعالى يقول ” يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ، إن بعض الظن إثم ” … وضرورة التكلم بما ينفع ويفيد ويجمع ولا يفرق والتأكيد على المعاني التي تعزز الثقة بالله وبالمستقبل امتثالا لقوله سبحانه وتعالى ”  يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ” …
ذكرني أحد الأخوة الكتاب في موقع ليبي بأكثر من مثل وقصة وحكمة كأنها وردت في شأنهم مطابقة لتصرفاتهم وأقوالهم مثل تكرار الانتقاد لشخصية ما في جميع الأحوال ، ما ذكرني بقصة الشخصية الفكاهية في التراث العربي جحا عندما دخل السوق راكبا حماره برفقة ولده يسير بجانبه ..فإذا ببعض الناس يقولون انظروا إلى جحا وقساوة قلبه يركب الحمار ويترك ابنه المسكين يمشي بجانبه !!؟ فقال جحا لولده يا بني اركب انت وأنا أسير بجانبك .. لكن أناسا آخرين انتقدوا الولد وأنه لا يملك الرحمة تجاه والده كبير السن ويتركه يمشى بينما هو راكب !!؟ عندها قال جحا لولده : إذا يابني نركب نحن الإثنين .. لكن الناس لم يتركوهما بل علقوا بالقول : انظروا إلى هؤلاء القساة الذين لا يرحمون الحيوان الضعيف !!؟ فنزل جحا وولده وسار الإثنان بجانب الحمار ..!!؟ فقال الناس : انظروا هؤلاء الجهلاء لديهم دابة للركوب ولا يستفيدان منها ، ما أجهلهما !!!؟   نعم ، هذا هو حالنا في ليبيا للأسف ، إلا ما رحم ربي من خلال بعض الكتابات الواعية ذات التوجه الإسلامي المعتدل ( انتبهوا !!؟ قد يلجأ أحد الكتاب الآن للتخطيط لمقالة نقدية حول مقولتي أو وصفي للإسلام بأنه معتدل )  ويتناسى أويجهل مقولة النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هلك المتنطعون قالها ثلاثا رواه مسلم . المتنطعون المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد ، ووصف الإسلام بأنه معتدل لايخالف نصا قرآنيا منزلاً وحديثا نبوياً شريفا أوشيئا من ذلك.
وهناك قصة أخرى ذات موعظة وحكمة أقدمها لبعض زملائي الكتاب ولا أقول كلهم فمنهم والله مبدعون ومفكرون ولديهم الكثير من حكمة القول والحس الوطني العالى واختيار المواضيع الهادفة التي تفيد الشباب وتفيد الوطن ، ولكن أقصد بعض المتسرعين ، كما في القصة التالية :
دخل أستاذ الحصة على طلابه في الفصل وعددهم 30 طالبا فوزع عليهم من فوره ورقة بيضاء من القطع المتوسط فارغة من أي شئ ، لكن في طرفها نقطة سوداء !!!؟ وكتب السؤال على سبورة أو لوحة الفصل بالطباشير : ماذا ترى في الورقة ؟
كل التلاميذ كانت إجاباتهم متماثلة : أرى ورقة بيضاء فيها نقطة سوداء !! ما عدا تلميذ واحد قال : أرى ورقة بيضاء كبيرة فيها نقطة سوداء صغيرة ، فطلب الأستاذ منه الوقوف ، وطلب من الجميع التصفيق له .، أو كما يقولون ( انطر إلى نصف كوب الماء الممتلء ولا تنظر إلى النصف الفارغ ) أو ( أوقد شمعة واحدة بدلا من أن تلعن الظلام !؟).
القصد ، هناك بعض الشخصيات الاعتبارية والوطنية أو لها ثقل وطني أو كبيرة السن ومحترمة لا ننسى فضلها ومكانتها فنوجه لها التهم والتوبيخ والتقريع كأننا نتكلم مع ولد صغير أو إنسان غريب عن هذا البلد ونتناسى مكانته العلمية وتاريخه النضالى  أو وصية  نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الذي أخرجَهُ أحمدُ والطبرانيُّ:
 . ليسَ مِنَّا مَنْ لمْ يرحَمْ صغيرَنا ويُوَقِّرْ كبيرَنَا ويَعْرِفْ لعَالِمِنَا حَقَّهُ
والله لقد فكرت أكثر من مرة بالتوقف عن الكتابة في بعض المواقع من هول ما رأيت من مقالات لا تسمن ولا تغني من جوع ومقالات كأن طلعها رؤوس الشياطين تثير وتغذي الفتن ، وأخرى فيها العصبية التي أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بتركها ( اتركوها فإنها منتنة) وغيرها الخالية من الفكرة المحكمة أو العبرة المراد إيصالها للقارئ ،، يعني بعد ما تقرأ المقال مرة أو اثنتين تتسأل : ما الذي يريد هذا الكاتب قوله بالضبط فهو ممن ينطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى  ” مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ” 143 النساء …( لا هو مع الثوار ولا هو من أعوان النظام السابق!!؟) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…مرة كلامه إسلامي ومرة (ليبرالي ) ومرة (علماني ) وأحيانا تجتمع في مقالته التوجهات الثلاثة يعني ( عسل ، بصل ، تمر هند !!؟)
أسأل الله العفو والعافية لي ولكم ولجميع المسلمين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
adlipress@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق