الأحد، 25 أكتوبر 2015

ماذا تعنى كلمة (التغيير) فى مفهومنا العام ؟؟




ماذا تعنى كلمة (التغيير)

فى مفهومنا العام  ؟؟


 بقلم / فتح الله سرقيوه


يقول الله فى كتابه العزيز في سورة الرعد بسم الله الرحمن الرحيم ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، فالآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله سبحانه لكمال عدله ، وكمال حكمته ، لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة ، ومن شدة إلى رخاء ومن ظلم إلى عدل ومن فزع إلى أمن وإستقرار حتى يُغيروا ما بأنفسهم.


فإذا كانوا في سوء ومعاصي أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا، واستقاموا على طاعة الله ، غيّر الله حالهم السيئة إلى حالٍ حسنة ، فغيّر تفرقهم إلى إجتماع ووئام ومحبة ،  وغيّر شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء ، غيّرهم من الجدب والقحط الذي هم فيه وقلة المياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ، ونبات الأرض وغير ذلك من وجوه الخير، هكذا معنى الآية الكريمة التى أبدأ بها مقالتى كمرجعية من قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.).... صدق الله العظيم .


هناك فرق كبير عندما لا نُعرّف كلمة التغيير بدون الألف واللام ونقول (تغيير) فقط على سبيل المثال تغيير نمط حياتنا اليومى فى الأكل والشرب والرجيم مثلاً لكى نخفف أوزاننا حماية لصحتنا أو تغيير سلوكنا فى التعامل مع من حولنا وهكذا ...

 ولكن عندما نقول التغيير فهى تعنى تغيير كل شئ إبتداءاً من تغيير النظام الحاكم برمته وإيجاد النظام السياسى البديل وإقراره فى شكل نظام ديمقراطى يرضى عنه أغلبية الشعب وحتى تغيير أصغر إدارة فى المؤسسات التنفيذية .


عندما إنطلقت ما يُسمى (الإنتفاضات) ولا أقول (الثورات)  العربية بما أطلق عليها (الربيع العربى) ، الكل كان مستبشراً بهذا الربيع الفاقد للملامح الربيعية مع كل التضحيات الجسيمة التى ضحّت بها هذه الثورات من أبنائها المتمثلة فى الشهداء والجرحى والمفقودين علماً بأن القوافل لا زالت مستمرة .

 فالشعوب العربية المتعطشة للأمن والأمان والحرية والربيع الحقيقى كانت على أمل أن يكون ربيعاً بحدائق غناء مليئة بالورود والخضرة حيث أن هذه الإنتفاضات كانت تسعى إلى التغيير الشامل فى ظل دول جديدة قد تنعم بأنظمة ديمقراطية غير أنه ربما من يأتون للسلطة ويصلون إلى الكراسى قد يكون إيمانهم بالديمقراطية مجرد إيماناً لفظياً أو قد تكون طبيعة السلطة يتوجب على من يصل إليها أن ينتهج التسلط والإستحواذ عليها وهى نزعة متوارثة لدى الشعوب العربية أو الشرقية بصفة عامة .

 ولا شك أن الإطاحة بالأنظمة التى يطلقون عليها التسلطية والإستبدادية فى دول الربيع العربى كان سهلاً بالرغم من كل التضحيات حيث تم التخلص من البعض منها بمساعدة الدول الغربية والمجتمع الدولى بغطاء حماية المدنيين ، ولكن يبدو أن النظام الجديد لدينا فى ليبيا يحتاج إلى فُسحة زمنيه ليست بالبسيطة لكى نؤسس لنظام يقتنع به الشعب الليبى حيث يحتاج التأسيس إلى برنامج ثقافى شامل وإعادة بناء من الأساس لأننا فى حالة إختلت فيها المعايير ما بين الماضى والحاضر .


لذلك لزاماً علينا إستبدال الترسبات الثقافية القبلية التى سيطرت علينا فى الماضى  وعلى عقولنا وذلك  ليس من السهل إنتزاع تلك الثقافة المتجضرة فى كل بيت ليبي بالسرعة التى يتمناها الليبيون ، حيث أن الإنتفاضة خلقت حالة من حالات الفوضى والإحتجاجات المستمرة لأى سبب من الأسباب ،  إضافة إلى أن شعبنا الليبى بطبيعته الإجتماعية تغلب عليه النزعة القبلية والجهوبة والمناطقية وهى أمور تتطلب نشر ثقافة جديدة تُلائم الوضع السياسى الجديد أى أن الأمر يتطلب التغيير بما تعنيه هذه الكلمة من معنى دون أى إعتبار لعامل الزمن وأن يقود المرحلة الإنتقالية رجال وطنيون عقلانيون لديهم الحكمة والكاريزما السياسية فى حسن الأداء .

 أقول ... أن السلطة الإنتقالية  لن تكون مُجديه بأسلوبها الذى تنتهجه من تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن ولكن يتطلب من السلطة أن تكون أكثر وضوحاً وشفافية لكى يكون المواطن فى الصورة وكأنه هو الحاكم بإطلاعه على كل المستجدات والإختراقات وغيرها وعدم إخفاء أى معلومات عن المواطن بأى شكل من الأشكال وبأى مبررات كانت ، وعدم ترك المواطن فى مقارنة بين النظام الجديد وبين النظام السابق وهو ما يولد الإحباط العام إذا ما تركت السلطة الإنتقالية الأمور دون إيجاد الحلول لها ومعالجتها فى الوقت المناسب دون تأخير وهو أمر جد خطير .

ولا ننسى أن أى إقصاء لآى فئة من فئات الشعب الليبى فى الماضى والحاضر ، يزيد من إحتقانها وقد يدفعها للتفكير فى الإنتقام والتخطيط فى الخفاء لعرقلة أى قرارات أو إجراءات محلية مجرد أن تطالها يدها ، وهى لا يمكن أن تتنازل عن حقها الطبيعى فى الحياة على أرض ليبيا ، ولن تتوقف عن التحرك  من جديد فى غياب إتفاق بين الساسة الجدد ومشاحناتهم وفشلهم فى النجاح وأعنى بهم (التكتلات السياسية) على صيغة عملية للوصول إلى نظام يطمئن إليه الشعب من أجل الأجيال القادمة ، فنحن فى أمس الحاجة للتغيير السريع وليس البطئ فى ظل التقدم العلمى المتوفر بين أيدينا..  لنبدأ بنوايا حسنة ... ونفتح صدورنا لبعضنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق