تدمير الغطاء النباتى بالجبل الأخضر جريمة لا يمكن السكوت عنها
تدمير الغطاء النباتى بالجبل الأخضر
جريمة لا يمكن السكوت عنها
المهندس / فتح الله سرقيوه
ها
أنا للمرة الثانية أنشر مقالتى بعنوان(تدمير الغطاء النباتى بالجبل الأخضر
جريمة لا يمكن السكوت عنها) التى كنت نشرتها بتاريخ 11/1/2012م وقد رأيت
نشرها مرة أخرى لأن نزيف تجريف الغابات وحرقها من أجل توزيعها أراضى للسكن
وفلل للترفيه ليحل بدلها الخرسانة المسلحة ونكون بذلك فقدنا أعظم تجمع
للأعشاب الطبية بالعالم أجمع ، فهل هناك من لديه ضمير ليوقف هذا النزيف؟؟).
مساء
الإربعاء الموافق 11/1/2012م وأنا فى طريقى إلى درنه حيث الغيث النافع
ينهمربشدة فأجد صعوبة فى القيادة وكأننى أسمع قطرات المطر تردد بعزف جميل
على زجاج السيارة الأمامى وهى تقول إنها رحمة الله بعد أن وقف إلى جانبكم
فى التخلص من (الفرعون) وها هو يزيدكم غيث ورحمة فهل تعوّون ذلك ؟ فأتقوا
الله تعالى وأعلموا أن الله يدافع عن الذين آمنوا …
وهنا
فتحت الراديو وإذا ببرنامج عبر أثير إذاعة ليبيا الحرة (البيضاء) …مجموعة
من المختصين والمسؤولين يناقشون الإعتداءات على الغابات ببعض مناطق الجبل
الأخضر !! حقيقة شدنى موضوع الحلقه الذى يتحدث عن تدمير الغابات وتحديداً
فى محيط مدينة البيضاء ، ونظراً لخطورة الموضوع حاولت أن أتحصل على مداخلة
على الهواء مباشرة لأن موضوع الحلقة يندرج فى إطار الجرائم البشعة التى
تتعرض لها البيئة والمتمثلة فى تدمير الغطاء النباتى .
غاباتنا التى حبانا الله تعالى بها نعتدى عليها علناً أمام الجهات المختصة
بالقطع والحرق دون أن نحسب لأحد أى حساب لأننا متأكدون أن الرادع
القانونى غير موجود وهنا إنتشرت الفوضى فى كل مكان حتى طالت الغابات التى
تعتبر ملكاً لجميع الليبيين وليس من حق أى مواطن فى أى مكان بالوطن أن
يعتدى عليها ولو كان القانون مُفعلاً لإحتكمنا إليه ضد كل من تسّول له نفسه
تدمير بيئتنا ومياهنا وهوائنا فلا جمعيات لحماية البيئه لها دور إيجابى
فى الحماية ولا ما يُسمى الحرس البلدى ولا حرس الغابات وغيرهم الذين
تتجاوز أعدادهم الآلاف لهم أى تأثير فى حراسة تلك الغابات … ولا حول ولا
قوة إلا بالله .
أيها
السادة الكرام … غاباتنا ضحية لا شك فى ذلك كما كان المواطن البسيط ضحية
طيلة العقود الأربعة الماضية .. وهنا أود أن أرجع بكم إلى زمن ليس بالبعيد
وهو 1996م تلك السنة التى ما زال أهالى شهداء الجبل الأخضر و مدينة درنه
بالذات يتذكرونها أكثر من غيرهم والتى ضاع فيها أبنائهم على يد جنود
ومرتزقة الطاغية ومن كان فى خدمتهم بالمنطقة حيث كان النظام يلاحق شباب
آمنوا بالله تعالى ورفعوا أصواتهم يطالبون بالعدل والحرية فكان الرد عليهم
قصف مكثف طيلة أسابيع بالقنابل المحرمة دولياً ، فوسفورية وعنقودية ونابالم
تُدك بها وديان الجبل الأخضر إبتداءَ من وادى قحام مروراً بوادى درنه
والطير والمعلق ، لقد قرر ذلك النظام المستبد تدمير جغرافية الجبل الأخضر
وكهوفه ووديانه حتى يقضى على العشرات من المجاهدين الذين إحتموا بتلك
الوديان من طائراته وصواريخه المدمرة .
فكانت أبشع جريمة نفذتها كتائب النظام فى تلك الفترة وهى (حرق غابة رأس
الهلال والأثرون) جريمة ما زال أهل تلك المنطقة يتذكرونها وكـأنها اليوم
حيث أمطرت العموديات جبال رأس الهلال وحتى الأثرون بوابل من المواد الحارقة
ليلاً ثم ألقت عليها طلقات الإنارة لتُحترق فى وقت واحد ، حيث تم القضاء
على جميع الحيوانات البرية والتى كانت تُشاهد وهى تهرب من الغابة المُحترقة
لتصل إلى شاطئ البحر وهى تصب اللعنات على ذلك الطاغية المجرم وأن يُعجل
الله بنهايته ومن ساعده فى تنفيذ تلك الجريمة .
حيث
كان أحد الضباط الذين شاركوا فى أبشع جريمة لم تُنفذ أيام الإستعمار
الإيطالى وهويُردد أمام البعض من زبانيته وأقربائه متبجحاً مستكبراً لقد
حرقنا عليهم الغابة وسوف يخرجون منها (كالجرابيع) هذا الضابط اليوم بين
يدى الله أما من أعطى الأوامر فهو أحد الأزلام الذين هربوا مذعورين
مرعوبين من الثوار حيث إستقر به المقام مؤقتاً فى المغرب كما تتناقل
وكالات الأنباء ويدعى (التهامى خالد) فوجوده لن يطول وسيُجّر يوماً إلى
المحاكم الليبية عن قريب لأننا شعب نتناسى ولكننا لا ننسى أبداً من أساء
إلينا ونؤمن بقول الله تعالى (ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب).
علماً
بأن المختصين فى هذا المجال يتحدثون عن خمسة عقود كى ترجع تلك الغابة إلى
ما كانت عليه قبل 1996م والتى تم حرقها وتدميرها على يد الطاغية واتباعه.
لا
شك أن كل من فى الجبل الأخضر سمع فى تلك الفترة بمعركة (سيدى خالد) وهى
المنطقة المتشابكة بأشجار البطوم والعرعار والشيح وغيرها من الأشجار التى
تستخدم فى (طب الأعشاب) ..
تلك
المعركة التى وُضع فيها أنوف الجبابرة فى التراب حيث أستشهد البعض من
أولئك المجاهدين وتم قتل الكثير من أتباع النظام ومنهم من أقرباء الطاغية
شخصياً وينتمون لعائلته . هذه المنطقة تجولت فيها كثيراً وهى تمتد من
الطريق الساحلى وحتى البحر من أعلى الجبل حيث تطل على منطقة (كرسه) والذى
يُدهشك فى تلك المنطقة أنها تنتهى بشكل جغرافى يطلق عليه (العميمه) وهو
شكل يُوحى لك أنها خريطة ليبيا .
وكأن
الغابة تقول لك إحذر أنا ملك لجميع أبناء الوطن فلا تعبث بممتلكات
الليبيين وللتأكيد أرفق لكم صورة فوتوغرافية لذلك المشهد فسبحان الله العلى
القدير الذى أبدع فى الكون تفصيلاً ، وكأنه يأمرنا بأن ليبيا لنا جميعاً
فلا نفسد فيها بأى مبررات كانت ، فهل نسينا أن غابات الجبل الأخضر قاتلت مع
المجاهدين قديماً وحديثاً وكانت لهم داعماً ومُسانداً فى الإختفاء
ومباغتة العدو فهل هذا جزاء هذه الشجرة المباركة أن تُحرق وتُقطع يا أهلنا
فى الجيل الأخضر .
ومن
هنا أتوجه للسادة المختصين فى جمعيات حماية البيئة الدوليه والمحلية
للوقوف وبسرعة عاجلة على هذا الأمر الخطير وزيارة تلك المناطق عن قرب
وإتخاذ ما يلزم لحماية غاباتنا حتى لا يتم القضاء على الغطاء النباتى
نهائياً وحتى يزحف علينا التصحر فى سنوات معدوده وسيعتبرنا العالم المتحضر
الذى يراقب كل كبيرة وصغيرة بواسطة محطات الإستشعار عن بعد ومنها التى
تُراقب الغطاء النباتى عن طريق الأقمار الصناعيه فى دول شمال وجنوب البحر
الأبيض المتوسط .
لقد كان حرق غاباتنا فى سنة 1996م بسبب نظام فاسد (فاجر وقادر) لا يهمه
الإنسان فما بالك بالبيئة ولكن ما هو المُبرر اليوم الذى يمكن أن نرد به
على من يستفسر ويسأل ؟؟!! .. سوى (أللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا)
.
منطقة العميمه (مُجسم لخريطة الوطن)
لقد تحولت الغابات إلى غابات جرداء
على يد الطاغيه وأتباعه فى 1996
أشجار وأعشاب
غابات الجبل الأخضر تختفى من غاباتنا كل يوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق