الأربعاء، 19 فبراير 2014

كسر الحصار وفكّ الجدار .. ! حول الجيش الليبي.

 

كسر الحصار وفكّ الجدار .. !

حول الجيش الليبي.



ساسى
بقلم / فتح الله ساسى


القضية ليست قضية غياب الكوادر العسكرية أو نقص في الأموال التي نراها تُغدق بسخاء على وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة ونحن نعرف كيف تُنفق هذه الأموال وعلى من تُنفق ؟! ولكن القضية تكمن في عدم الرغبة في بناء الجيش الذى يحمي الوطن ويحمي حدوده المنتهكة ويشكّل عامل ردع لأى جماعة أو فئة مارقة تخرج عن القانون ..

لا رئاسة الحكومة ولا وزارة دفاعها ولارئاسة أركانها ولاحتى المؤتمر الوطني العام الذى يكتنفه الغموض والريبّة حول هذا الأمر ، يذكرون لنا المشاكل الفعلية التي تقف حائلاً دون تكوين الجيش الليبي ! ولكن مالم يقوله هؤلاء هو أن هناك قُوى داخل المؤتمر وخارجه تُهيمن على المؤتمر العام  وتفرض سلطانها على الحكومة من أحزاب وكتائب مسلحة وجماعات مؤدلجة لا ُتريد بناء جيش وأمن وطنيين فهي  تُخوّنهما وتقُصيهما من خلال التشكيك في ولائهما  ! ..

هذه هي الاشكالية التي تكشّفت لنا منذ وجود المجلس الانتقالي المُهيمن عليه من الإخوان ومن الجماعات المتشددّة والمتطرفين السياسيين الذين كانوا يرفضون بناء الجيش وإعادة هيكلته وطرحوا البديل عنه وهو ما يُعرف  " بالدروع " لتحل محل الجيش الليبي المُحاصر بأفكار هؤلاءالتخوينيين وأسسّوا اللجنة الأمنية العليا لتحل محل الشرطة ووفرت لهما الدولة المال والإمكانات اللازمة ! فأصبحت هذه الأجسام نشازاً ليست من طبيعة الدولة المدنية الديمقراطية  دولة القانون والحرية  وأصبحت عائقا نحو تأسيس الجيش الليبي المحاصر بالفكر التخويني الإقصائي وعائقا في طريق بناء الدولة المدنية  بل وأصبحت هذه الأجسام واقعاً مفروضاً على الدولة يصعب التخلص منه !.

من شرعن ياترى فكرة الكتائب المسلحة ؟! ..  من أتى بها ومن دعمها ؟!   من أراد لها أن تحل محل الجيش الوطني التقليدي ومحل الشرطة ؟!.. ما الغاية والغرض من ذلك ؟! .. من الذى  نشر ثقافة القتل والخطف والتفجير والتخوين  والإقصاء في مجتمع كانت تسوده روح المحبة والتآخي ؟!  كيف يتعطل بناء الجيش الذى يُشكل الضمانة الوحيدة والأكيدة لأمن الوطن والمواطن والإعتماد على كتائب وملشيات هي ليست من طبيعة الدولة المدنية ولا تمتلك الشرعية لتحل محله ؟! كيف يتم إقصاء ضباط الجيش بإخراجهم من الجيش وإحالتهم على التقاعد المبكّر وتجاهل كوادر الجيش الليبي وقادته العسكريون الذين يعتكفون في بيوتهم ولم يتم إستدعاؤهم أو إستنفارهم  ، بل إنهم وجدوا أنفسهم على هامش الوطن ؟! ..

     هل رجال الجيش القابعون الآن في بيوتهم والذين قاتل كثيرون منهم الى جانب الشعب في ثورته وقاموا بتدريب الثوار على إستخدام السلاح في جبهات القتال واستُشهد كثيرون منهم ؛ هل هم حقا  ينتمون إلى  جيش " معمر" مثلما يُردّد من لا يُريد جيشاً وطنياً ويُريد كياناً آخر ليحل محله ؟! .. هذه هي الحُجة الواهية التي يتعكّز عليها هؤلاء التخوينيون عن الجيش وعن الشرطة ، وهم بهذا التخوين يريدون تشويه الجيش والأمن الوطنيين وتخوينهما تمهيداً لإقصائهما عن الساحة حتى تخلوا لهم ولأتباعهم الذين عملوا بدهاء شديد على إيفادهم الى الخارج للتدريب العسكري ليكونوا نواة لجيشهم الخاص المؤدلج وفقا لعقيدتهم .. هذا الأسلوب أُتبّع أيضا في إيفاد المدنيين من أتباعهم ليخلقوا كوادر فنية وإدارية خاصة بهم !.

     إن الذين يقولون عن الجيش الليبي :  "جيش معمر" وعن الشرطة : " شرطة معمر" لو تبعناهم وفقا لنظريتهم هذه لأصبح كل من في الوطن الليبي من : ( معلمين ومهندسين وأطباء وموظفين وعمال وفلاحين وحرفيين وصنّاع الخ .. ) هم تبَعٌ " لمعمر" ! ؟ وهذا ليس صحيحاً .. فالموظف يخدم في وطنه ، والفلاح يزرع في أرض وطنه ، والعامل يعمل لوطنه ، والحرفي يعمل لحرفته والصانع لصنعته ، والجندى في وطنه يُؤمّن حدوده ويدافع عنه ويحرس ثرواته  ! .. هؤلاء لا يعملون لأحد في شخصه الاّ إذا أرادوا هؤلاء أن يقولوا لنا لسنا مواطنين وإنما تبَعٌ لهم وهذا أيضا ليس صحيحاً ! ..والسؤال هل التخوين والإقصاء الذى استهدف الجيش والشرطةيشمل هذه  الشرائح أيضا بإحتسابها على شخص  " معمر " ؟! اذاً لماذا الإقصاء والتخوين استهدف الجيش والشرطة وترك الشرائح الأخرى ؟! هل لأنهما عاملاً رادعاً  يخشونهما ؟!  هؤلاء يُريدون أن يختزلوا الوطن والذين عملوا فيه في شخص " معمر " وهذا أيضا ليس صحيحاً ! ولكن الهدف أصبح واضحاً وضوح الشمس وهو إقصاء القوة الفاعلة والرادعة في الوطن وهي الجيش ليخلوا لهم الميدان وحدهم دون منازع  ودون رادع !!.

ونحن نتساءل كالعادة  .. هل تعطيل بناء الجيش حتى الآن واستهداف قادته وكوادره العسكرية بإحالتهم على التقاعد المُبكّر، ومنح الثوار رُتباً عسكرية ليحلوا محل هؤلاء الضباط المحترفين .. ثم إغتيال ضباط الجيش في بنغازي ودرنه وإصطيادهم واحداً تلو الآخر  ! فهل كل هذا يحدث بمحض الصدفة ؟ أم أن هناك مخططاً رهيباً للقضاء على الجيش الليبي والتخلص من ضباطه وكوادره العسكرية بالتقاعد المبكر ، وإستهدافهم إقصاءً وإغتيالاً ؟!.

إن محاولة إقناع الناس أن هناك خطوات عملية وجادة لإيفاد أعداد كثيرة للتدريب في الخارج تلبية للمطالبات الشعبية ببناء جيش وطني قوى .. لتُحسّسنا أنها ليست مُقصّرة فها هي تُوفد أعداداً كبيرة الى بلدان مُتعددّة لتدريب هذه الأعداد الضخمة التي ستعود للوطن لتكُون نواة الجيش الوطني ! ..ولكن ثمة تساؤلات مُحيّرة .. أي نوع من الجيوش الذى نتحدث عنه ونُريده ؟! هل هو الجيش الوطني ؟! ماهي عقيدته ؟! هل تحددّت أهدافه : عقيدته السياسية  وماذا يُراد منه .. وهل تحدّد شكل الدولة وأهدافها الوطنية  ؟! .. لمن تتبع هذه الأعداد التي سيتم تدريبها ؟!

.. إن العقل يقول إن أعداداً كبيرة تُرسل الى بلدان مُتعددة كيف يُمكن أن يُكوّن منها جيشا واحداً له عقيدة وطنية واحدة ؟ وهو سؤال مشروع لذوى العقول الطيبة ، ولكن ما وراء الظاهر ربما شيء آخر .. وهو أن هذه الاعداد وإن اختلفت الأماكن التي تدربوا فيها فإنهم في النهاية يمثلون عقيدة لتكوين أو تكوينات حزبية ! المهم عند هذه التكوينات ليست العقيدة الوطنية ولكن العقيدة السياسية والحزبية ! .. وأعتقد أن هذا قد تم بخبث وذكاء من الذين يلعبون هذه اللعبة عن طريق هذه الأعداد حيث امتلكوا القوة من ناحية وضمنوا بذلك السيطرة في المستقبل على القوة الفاعلة في الوطن وهي الجيش ! الذى سيكون وفقا لهذا المخطط جيشا يتبع عقيدة معينة لا تمت للعقيدة الوطنية بصلة ..

ان هذا المخطط التآمرى الرهيب الذى يستهدف تعطيل قيام الجيش والسعي الحثيث للتخلص من ضباطه إما بالتخوين والإقصاء أو بإحالتهم على التقاعد المبكّر تسبّب ذلك في الإنفلات الأمني وخلق حالة من عدم الإستقرار وتفشي الفوضى التي عمّت الوطن نتيجة غياب جيش قوى ذي عقيدة وطنية يحمي الوطن ويفرض الأمن والإستقرار في المجتمع ويجعل للدولة الليبية هيبتها .

نحن لا نعترض على ضم الثوار الحقيقيون ممن تنطبق عليهم الشروط الواجب توفرها في العسكريين النظاميين ولكن السؤال : إن الدولة وعبر مؤسساتها ومؤتمرها العام وحتى الشارع الليبي لا يعرفون الآن من هم الثوار بعد أن اختلط  الحابل بالنابل ؟! لا ننكر أن هناك ثواراً حقيقيين شاركوا في التحرير ولكن بالمقابل هناك أشباه للثوار وهناك وبحسب تصريح وزير الخارجية ما يزيد عن ( 16000 ) ستة عشر الفا - فارين من السجون - يرتدون الآن ملابس الثوار ويحملون البنادق وتُغدق عليهم الأموال ! .. وهناك كتائب للمتشددّين الذين يلتحفون برداء الاسلام ويقولون بأنهم ثوار أيضا ! وغيرهم من الإنتهازيين والإسترزاقيين والنفعيين واللصوص الذين لا يمكن حصرهم .. كيف يتم فرز الثوار من هؤلاء  بعد أن اختلطت الجرباء بالصحيحة ؟ .. وكم يستغرق ذلك من وقت ثم كيف نسمح بإبعاد  ضباط مُحترفين وإقصائهم من الجيش وفسح المجال لأناس لا يؤمنون بوجود جيش في شكله التقليدي ويطرحون بدائل أخرى تخدم غايات وأهدافاً لا علاقة لها بالوطن !!..

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق