السبت، 24 أغسطس 2013

الثورة ليست ارفع شأنا من الانسان الذى صنعها !!



الثورة ليست ارفع شأنا

من الانسان الذى صنعها !!



27067_2_1363645758[1]

  يقلم الكاتب / فتح الله ساسي


هل نحن نعاني جنون الاضطهاد ؟!



عندما نسمع عبر الفضائيات ..  احاديث ومُداخلات : ( جبريل والدبّاشي وتربل وشلقم وعبد الجليل والترجمان والسائح والصلابي والشهيبي وعقيل والعيضة والحبّاسي والامين ودوغة وغوقة وشمام والمسماري والبعجة والترهوني وحفتر وبوقعيقيص والحريري .. ومن سمعنا اصواتهم قبل استشهادهم .. امثال ” على حدوث العبيدي والشهيد المغدور عبد الفتاح يونس والشهيد الغرياني الذى زُهقت روحه وهو يُكبّر لخالقه عزوجل ” ) ! و كثيرون لم تسعفني الذاكرة على حصرهم جميعا .. من الوطنيين الشرفاء ،، نزداد تفاؤلا بالوطن وبقيام الدولة الليبية الجديدة دولة الحق والقانون التي كثيرا ماحلمنا بها وظحى من اجلها الشهداء الذين تواصلت تضحياتهم عبر ما يزيد عن اربعة عقود من الزمن البائس تكللت بالانتفاضة  الشعبية الكبرى في السابع عشر من فبراير !.


هذه الاصوات التي نسمعها من حين لآخر عبر الفضائيات وتبعث في نفوسنا الحائرة الامل بمستقبل افضل .. لا يُمكن لهذه الاصوات الا ان تصدر من اناس وطنيون شرفاء طيبون قلوبهم على الوطن .. عندما سمعنا حديث ” عمر الحباسي ” عبر قناة  ”الدولية”  الفضائية في برنامج ” ليبيا في اسبوع ” ووصفه لقانون ” العزل السياسي” بالقانون الظالم الجائر وتحدث عن اشياء اخرى تتعلق بالوطن والثورة .. قلنا : ” هذا هو  الحبّاسي  الذى نعرفه ” وكنا نُناصر نضاله ورفاقه في نقابة محاميّ طرابلس عبر المواقع الالكترونية قبل انتفاضة السابع عشر من فبراير.. رغم ما قيل عنه اثناء وجوده  في هيئة النزاهة والوطنية ! ولكن الحرّ يظل حرا لا يقبل الظلم أيا كان مصدره ولايُقبل ان يُمسّ وطنه !.


وبالمقابل .. هناك اناس كُنا نسمعهم عبر الفضائيات ، كنا نعتقد انهم ثوار حقيقيون  ! همهم من هم الوطن .. فاذا هم دُعاة عزل وفُرقة وشقاق ، ُتحركهم احقادهم الدفينة وحُبهم للسلطة والتسلط ! يُريدون احتكار ثورة الشعب ، الثورة التي سطّرتها دماء الشهداء وعذابات الجرحى والمشوهين ومحن الامهات الماجدات اللائي فقدن فلذات اكبادهن ! واختزالها في شخوصهم  بعد ان نصّبوا انفسهم اوصياءً عليها واقصاء منافسيهم السياسيين لينفردوا بالمشهد السياسي .. ولو بحثتم ستجدون في نفس كل واحد من هؤلاء : ” قذافي صغير” ينمو داخله ! .. لا يُريدون المصالحة الوطنية ولا يُريدون حتى قيام الدولة وبناء جيشها .. فيقولون عن جيشها ” جيش معمر ” ويقولون عن امنها : ” امن معمر ” بمعنى الاّ تفكروا ايها الليبيون  في رجالات الجيش والامن السابقين !


يعني اقصاء وعزل كل من عمل في هاتين المؤسستين ” الجيش والامن ” واصدروا حكما مطلقا على كل من عمل في هاتين المؤسستين بغض النظر عن انشقاقه عن النظام ومقاتلته له !.. هذه بعض من الحجج الواهية التي يسوقونها هؤلاء التخوينيون والتي لا تستند الى عقل او منطق لكي يشككوا في ولاء كل الشرفاء سواء الذين كانوا في الجيش الليبي او في الامن العام وكأنه لا يوجد شرفاء في الشعب الليبي وفي شرائحه المهنية الاّ هم وحدهم ! فهم يدركون تماما انه بإقصاء وتخوين رجالات الجيش والامن السابقين في مؤسستي الجيش والامن ، لا يمكن قيام جيش او امن ، ولهذا هم من يعرقل قيام الجيش الوطني ويعرقلون تفعيل الامن في شكلهما المعتاد والمتعارف عليه !! ..


 انهم ينهجون نهج ” برايمر” الذى نصبته الولايات المتحدة الامريكية حاكما عسكريا على العراق بعد احتلاله  وسقوط نظامه  ، فأول ما فعله هذا الحاكم هو حل الجيش العراقي وتسريح عناصره ! .. ما يُعانيه العراق منذ عشر سنوات من فوضى عارمة وانفلات امني وصراع طائفي وسفك لدماء العراقيين واستباحة اراضيهم ،. كان بسبب ذلك التصرف الاحمق الذى تصرفه ” برايمر ” بحل الجيش وتسريح عناصره .. وحتى الأن عجزت السلطة الحاكمة في العراق ان تُعيد الجيش العراقي للوضع الذى كان عليه او ان تُعيد الهدوء والامن للشارع العراقي وتحفظ دماء العراقيين المستباحة !.


 ولكي يظل الوضع في بلدنا على ما هو عليه يُراوح في ذات المكان دون امن ودون جيش  !.. كان بعض هؤلاء يرفض وبشدة التخلي عن السلاح ويُحرّض الثوار عبر الفضائيات على عدم تسليم اسلحتهم ويُملون على الحكومة وعلى الشعب فرض مطالبهم ! .. الحقيقة انهم  يُريدونها فوضى عارمه ، لا يُريدون امنا ولا يُريدون جيشا .. يُريدونه بلداً مستباحاً يدخله من يدخل ويخرج منه من يخرج ! تتقاذفه المليشيات المسلحة ويُقاتل فيه الليبيون بعضهم بعض  !! .. يُريدونه جيشا مليشياويا  من ابتكارهم وعلى مزاجهم وتحت تسلطهم ! ويُريدونه امنا مُفصّلا على مقاسهم ليخدمهم ويُحقق اغراضهم  !..

 الحقيقة التي عرفها كل الليبيون ان انقلاب ” القذافي” ونظامه القائم على الجريمة  استمد شرعيته من قوة تسلّطه على اجهزة الدولة الليبية.. ويبدو ان هذا ما يسعون اليه .. ونحن لا يمكن ان نقبل بتكريس الوضع الفوضوي القائم المهدد لأمن الوطن والمواطن  مهما كانت المبررات ومهما كانت الحُجج والذرائع التي يتعكّز عليها هؤلاء !.. نُريدها فقط دولة للقانون بجيشها وامنها الوطنيين.. لأننا نُدرك تماما انه  اذا  لم نقم بالتعجيل بإصلاح الحاضر لن يكون لنا مستقبل !.


 نسي هؤلاء او تناسوا ان قوات الصاعقة التي تحرس” بنغازى” الآن كانت محسوبة على جيش ” معمر ” وان الذين قاموا بتدريب الثوار وقاتلوا معهم جنبا الى جنب في جبهات القتال مع طلائع الشعب الليبي كانوا ايضا في جيش ” معمر” ولكنهم استشهدوا في جبهات القتال دفاعا عن الوطن ! .. وكذلك الحال بالنسبة لرجال الامن الذين اثبتوا وفاءهم للوطن وللشعب حيث رفضوا الاوامر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين بداية الثورة وناصروا ثورة الشعب بدمائهم قتالا في الجبهات !! .. والذين لم يقاتلوا من هؤلاء في جبهات القتال .. قاتل ابناءهم واخوتهم واخوالهم واعمامهم وابنا عمومتهم وكانت بناتهم ونساءهم في ساحات الاعتصام حتى استشهد منهم من استشهد وجُرح منهم من جُرح وفُقد منهم من فُقد  !! .


 لا اعتقد ان من قدم نفسه شهيدا من اجل الوطن يُصبح موضع مُزايدة وتخوين من آخرين لم يقدموا شيئا للوطن !!. والسؤال ؛ هل نحن نعاني ” جنون الاضطهاد ”  يجعلنا نشعر ان اعداءً كثيرون يقفون لنا بالمرصاد يحاولون الحاق الاذى بنا مما يجعلنا ذلك نفقد الثقة في كل الناس وحتى في انفسنا ، ام انه اذا ساءت فِعالنا ساءت ظنوننا ؟!.


لازلت اذكر ما كتبه  ” السليمي” في موقع ” الجزيرة نت ”  مشيرا الى ان الذى يحمل السلاح في يده لن يتخلى عنه بسهوله حين قال : ( ان كليب بن ربيعة بن الحارث ثار وحرّر قومه بعد ان هزم التُبّع اليماني وهو – الملك حسّان الذى كان ملكا على بلاد اليمن- فعندما ثار وحرّر قومه من حكم التتابعة الجائر ، صفقوا له قومه وهللّوا ! فلم يترك سلاحه وتسلّط على قومه واذلّهم بهذا الجميل سنين طويلة !!


 ثم اضاف ان ” القذافي ” ثار في اول سبتمبر 1969 واطاح بنظام الحكم الملكي وحرّر بلده من القواعد الامريكية والبريطانية ومن الجالية الايطالية .. فصفق له الليبيون وهللّوا وهتفوا ولكنه لم يترك سلاحه هو الآخر وتسلّط على شعبه واذلّه بهذا الجميل اربعين عاما ويزيد !!


وهاهم الثوار ! الذين ثاروا وشاركوا في تحرير وطنهم  من ظلم ” القذافي ” واطاحوا به وبنظامه ! فهلّل لهم شعبهم وكبرّوا ولكنهم لم يتركوا سلاحهم !! فهل بهذا الجميل  سيذلون بسلاحهم شعبهم لأربعين عاما قادمة ؟! .. والسؤال الذى يفرض نفسه في هذا المقام : هل هؤلاء كلهم بعضهم من بعض ؟! تختلف الاسماء والطاغوت واحد ؟!!. اتمنى الا  يكون ذلك كذلك !.. نحن لا نُريد ان تسفك دماء او تتدحرج رؤوس كثيرة هنا وهناك تحت شعار الدفاع عن الثورة وكأن الثورة هي ارفع شأنا من الانسان الذى صنعها !!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق