صفات حان الوقت لإعادة النظر فيها!
صفات حان
الوقت لإعادة النظر فيها!
د. إبراهيم قويدر
وصف
النظام الليبي السابق الشباب المنتفض ضده بأنهم جرذان، وتمادى إعلامه في
نعتهم بأقذر النعوت، وهذا بطبيعة الحال لانعدام الثقافة الأخلاقيه عند رأس
النظام وأعوانه والمسئولين عن إعلامه، الذين لا يعرفون احترام الإنسان،
سواء كان معهم أو ضدهم، كافرًا أو مسلمًا، عربيًّا أو عجميًّا، هذه الثقافة
الأخلاقيه التي علمنا إياها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذتْها من
ثراتنا الإسلامي الدول المتقدمة لتحقق من خلال اتباعها الرقي والتقدم
والعدالة والمساواة وكرامة الإنسان بل حتى الحيوان.
وبعد
انتصار الانتفاضة الشعبية الليبية وخروج العديد من مريدي النظام السابق
إلى دول الجوار أطلقوا هم وبعض الإعلاميين المرتزقة من العرب والأجانب
الذين كانت- وما زالت- تربطهم علاقات مع مسئولي إعلام النظام السابق
استخدموا ضد الإدارة الليبية الجديدة ألا وهي ( ثوار الناتو)، وأهموا
أنفسهم بأن ما حدث في ليبيا احتلال من قبل العالم ضد الجماهيرية العظمى،
وأن كل من انحاز إلى هذه الانتفاضة فهو خائن عميل للناتو.
ونسي
هؤلاء- أو تناسوا- أن الأمر ليس هكذا، فهم يعلمون أن الشعب فعلاً خرج في
كل ليبيا وإن بدأ في الشرق وأنه كان يسعى للخلاص من نظام فاسد بمعني
الكلمة، وعندما ووجهت هذه الانتفاضة السلمية بالقوة المفرطة وسال الدم،
كلنا انحزنا للشعب والعالم انحاز معنا؛ لأن النظام السابق لم يترك بقعة في
العالم إلا وساهم في إفسادها، هذه هي الحقيقة.
وفي
الجانب الآخر- وبطبيعة الحال كلنا ليبيون متأثرون بالتخلف الثقافي
الأخلاقي السالف الإشارة إليه- أطلق العديد من الأفراد الليبيين على أعوان
النظام السابق ومريديه ألفاظًا عديدة مثل: الطحالب والأزلام.
وبنفس
الثقافة المتخلفة أصبح يطلق علي القذافي لقب "المقبور"، وهنا أقف وأقول:
إن هذا القول أو إن وصف القذافي بالطاغية وأن أعوانه أعوان الطاغية ما دامت
مواصفات الطاغية تنطبق عليه قولاً وفعلاً، فأنا شخصيًّا أستخدمها، ولأن كل
من استمر في أن يكون من أعوانه، فهو بحق ينطبق عليه مقولة: أعوان الطاغية
ما دام ساهم بشكل أو بآخر في تمكينه من أن يحقق طغيه على الشعب بمساعدته في
تعديب الناس وقتلهم واغتصاب نسائهم.
الآن
بعد مرور هذه الفترة الزمنية- وإن كانت ما تزال قصيرة قياسًا بأعمار
الشعوب ومسيراتها التاريخية- فإني أرى أنه آن الأوان لنعيد النظر فيها
ونشرع في تنقيح هذه المسميات، وأن يتفق الطرفان على معيار أو مجموعة
معايير، ومن تنطبق عليه فيجب أن يقدم للمحاسبة ليؤخذ الحق منه من كلا
الطرفين، واقترح أن تكون المعايير كالتالي:
♦ القاتل في غير المعارك الحربية.
♦ الذي مارس الاغتصاب الجنسي.
♦ السارق للأموال العامة والخاصة.
♦ من مارس التعذيب وانتهك حقوق الإنسان.
من
ارتكب إحدى هذه الأفعال ويعرف من تلقاء نفسه أنه فعلها فعليه أن يعلم أن
القصاص يجب أن يؤخذ منه وفقًا للقانون، طال الزمن أو قصر، سواء كان من
أنصار القذافي أو من الذين مارسوا ذلك بعد ثورة فبراير.
وعلينا
ونحن نريد أن نسهم في بناء دولة ليبيا التي تسع الجميع أن نرمي وراء
ظهورنا، هذه الصفات والمسميات، وأن نتوافق على أن كل من فعل هذه الأفعال
يجب أن يخضع للحساب سواء كان موجودا وتحت يد العدالة أو هارب فيحاكم
غيابيًّا، أما ما عدا ذلك فلنعد إلى رشدنا، وليبيا تسع الجميع ويستطيع كل
من كانوا من مريدي النظام السابق ولم يرتكبوا هذه الأفعال أن يعودوا إلى
بلدهم ليبيا ليعيشوا فيها، ويعملوا بعيدًا عن أي دائرة من دوائر السلطة حتي
تنتظم الحياة الدستورية.
وعلى الجهات المسئولة في ليبيا أن تضمن عدم التعدي عليهم أو إهانتهم وواجب
أن يملأ كل منهم استمارة بيانات قبل عودته وبعد التحري عنه بأنه لم يقم
بأي فعل من هذه الأفعال السالف الإشارة إليها، ليدخل البلاد إلا إذا كان قد
اعترف هو شخصيًّا بضلوعه في أحد هذه الأفعال، فتوفر له كل الظروف
الإنسانية التي تمكنه من محاكمة عادلة.
هكذا
علينا أن نعمل وأن نحدد لهذا العمل سقفًا زمنيًّا بعد أن يتم فيه الفرز
وينتهي يعلن عن المصالحة الوطنية العامة والعفو العام على غير مرتكبي
الوقائع والأفعال السالف الإشارة إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق