الثلاثاء، 25 مارس 2014

تباً لكم ولنفطكم ! .


تباً لكم ولنفطكم ! .  



لا أعدكم بشئ

سوى الدم والدموع

 


قتخ-الله-سلسى-1024x770

الكاتب / فتح الله ساسى 

                                                

إن الربيع الذى كنا نظن أنه ربيع عربي مزهر سينقلنا  إلى وضع ربما يكون أفضل أخذنا إلى المجهول والى نفق مظلم .. ولم نعد نعرف عن المستقبل الذى تفاءلنا به  شيئا رغم ما قدمه الليبيون من تضحيات جسام ! ..

لقد حلّ الكره والتنافر والشقاق في المجتمع محل التآخي والتعاضد والوئام ! .. وما يجعل القلب يقطر دما ، إن أرواح الليبيين الأبرياء اصبحت رخيصة مستباحة سقطت عنها حرمتها ! .. لم تعد للأرواح في وطننا حرمة ! حيث  تزهق أرواح الليبيين صباح مساء أمام بيوت الله و بيوتهم .. وتسفك دماؤهم بفعل الليبيين انفسهم في درنه وبنغازى وفي سرت ! واصبح المواطن الليبي المرعوب في هذا الوطن الدامي إمّا فاراً أو نازحاً أو مقموعاً في معتقله أو محروماً من حقه أو قاتلاً أو مقتولاً !! ..

 ما هذه الحياة البائسة التي نعيشها ؟ ومن هؤلاء القتلة السفاّحون الذين يسلبون الناس أموالهم وأرواحهم ! من أين جاؤوا وماذا يرُيدون من الشعب الليبي ؟! من يحكمنا ؟! وهل الذين يحكموننا قلوبهم على الوطن ؟! هل المؤتمر العام ( منتهي الولاية ) والحكومة المؤقتة اللذين ابتلينا بهما  يهمهما حال الوطن والمواطن ؟!  ..

وإن كان ذلك كذلك لماذا هذا الصمت المطبق إزاء ما يرتكب من جرائم في درنه وبنغازى وفي سرت ؟! وكأنهما يقولا لنا ما قاله - ونستون تشرشل -  للشعب الإنجليزى في مواجهته للنازية : ( ..لا أعدكم بشيء سوى الدم والدموع .. استمتعوا بالسيء فالأسوأ قادم .. ) !! قد نلتمس العذر - لتشرشل - لأن بلده كان يخوض حربا ..

ولكن ماذا عنا نحن ؟ هل نحن نخوض حربًا ؟! .. إن  الدولة الليبية ، وعبر مؤتمرها العام أصبحت تشبه في سياستها القبيلة الطامع شيوخها في الحكم ، ما إن تزحزح أحمقَ عنها حتى تولي أحمقَ !!.. إن المواطن الليبي  - مواطنا كان أو مسئولا – أصبح يهمس بالحقيقة ولكنه لا يستطيع أن يُجاهر بها ووجد المواطن نفسه بين حالين : بين ماضٍ أليم يُذكّره بمآسيه .. وحاضر مفجع ملئ بالتحديات أربكته وعكّرت عليه صفو حياته وأنسته المستقبل الذى كان يحلم به !!..

 ثم تأتي قوات من الغرب الليبي ومن شرقه يدفعهما الحماس القبلي والجهوى  الاستعراضي الزائف ليتحاربا على النفط !!.. ويتركون درنه وبنغازى تسفك فيهما دماء الأبرياء ! ..ونسي هؤلاء ان ( الحروب تبدأ عندما تُريدها ولكن لا تنتهي عندما تُريدها ولا تُحدد من هو المصيب ، بل تُحدد فقط من هو الباقي ..)  كان الأولى بالقوات التي تناصر - الجضران - وتسمى - قوة دفاع برقة - أن تكون في بنغازي حيث القتل وليس في - الوادى الحمر – حيث النفط ! لتساهم في تأمين بنغازي وملاحقة الذين يغتالون ويفجرون ! وبينما كانت هذه القوة تعسكر في - الوادى الحمر -. متأهبة للقتال وقادتها يطلقون عبر الفضائيات التهديد والوعيد وإعلان الحرب ! ..

كانت أشلاء ضحايا  تفجير - الثانوية الفنية - في بنغازي تتطاير في الهواء وتسيل دماؤهم  في الشوارع ! .. لقد أثبت هؤلاء لليبيين أن النفط عندهم أغلى من دماء الليبيين !! .. كان الأجدر بالقوات القادمة من الغرب الليبي  أن تُعرّج على سرت  لتفرض الأمن فيها  ! .. إن المواطن الليبي لم يعد يثق في هذه القوات الميليشياوية قبلية كانت أو ثورجية أو جهادية أو جهوية  في الشرق الليبي أو في غربه ! ولن تكون بديلا عن الجيش الوطني  بأي حال فهو وحده المنوط به استخدام السلاح حماية للسيادة الوطنية وفرض هيبة الدولة  وردع المتمردين !...

 من يُخرجنا من هذا النفق المظلم الذى أدخلنا فيه ؟ ومن ينقذنا من هذا المأزق اللعين الذى وضعنا فيه ؟! لم يعد لليبيين أية مطالب أو تطلعات ! لقد تقلّص سقف المطالب إلى أدنى حد وتبخّرت الآمال والتطلعات .. كل ما يُريده الليبيون الآن هو الأمن والأمان ! .. حتى الذى يحتلك أو يستعمرك مُلزم بأن يُوفر لك الأمن والأمان وحاجاتك الضرورية .. فما بالك بأبناء وطنك ؟! المنشغلون بالنفط والسلطة عن حال الوطن وهموم المواطن !.. وأصبح النفط عندهم أغلى من الدم الليبي المستباح  !!..

 لقد عجزت الدولة أن تضع حداً للإرهاب الذى لم يتوقف ويبدو أنه لن يتوقف ! ولا  يكاد يمر يوم واحد إلاّ ويسقط فيه ضحايا .. والسؤال ؛ هل قام الليبيون بانتفاضتهم في السابع عشر من فبراير لكي تصبح ليبيا بؤرة للإرهاب وبلدا تعمّه الفوضى والإنفلات الأمني والسياسي ولكي تسفك فيه دماء الليبيين  في الشوارع والميادين ؟! ..

في هذه الحالة وأمام عجز الدولة وأجهزتها الأمنية الهشة وفي غياب جيشها الوطني .. لم يعد هناك سبيل أمام الليبيين إلاّ اللجوء إلى المجتمع الدولي وإلى مجلس الأمن للتدخل بإرسال قوة لتوقف القتل ولتردع الإرهابيين ولتؤمّن حدود الوطن المنتهكة التي عجز الليبيون أن يحموها ولتحمي حقول النفط من الطامعين ووضع حد لفوضى السلاح ! " شريطة إبعاد تركيا وقطر من هذه المهمة " ..

والتأخير في الطلب إنما يعني المزيد من القتل والإرهاب ! وسيتكشّف للشعب الليبي من هم الذين يُريدون استمرار القتل والترهيب ولكي يبقى الوطن الليبي هكذا تعمّه الفوضى والانفلات عند معارضتهم لهذا المطلب ويعرقلون  قيام الجيش والأمن الوطنيين وعدم قيام الدولة ! ..

سنجد من يعترض على ذلك و يصفه بالإحتلال أو انتهاك سيادة الدولة ويعزفون على وتيرة الوطن المخترقة حدوده و المنتهكة سيادته  ! .. ولكنهم في واقع الأمرهم يُريدون  استمرار الإرهاب والإنفلات الأمني ولا يُريدون أن تقوم الدولة وأن يقوم جيشها ولا يُريدون أن ينعم المواطن الليبي المرعوب  بالأمن والأمان !!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق