الحوار الليبي والحفاظ على وحدة البلاد

رأي القدس

March 5, 2015

انطلقت في منطقة الصخيرات قرب الرباط مساء أمس جولة حوار جديدة بين أطرف ليبية تضم ممثلين عن البرلمانين في طرابلس وطبرق برعاية الأمم المتحدة، وحضور دبلوماسي أوروبي، وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق حول شخصية تقود حكومة وحدة وطنية.

وإضافة إلى الحوار السياسي في الصخيرات، هناك حوارات موازية بين الميليشيات المسلحة، وأخرى بين زعماء القبائل، وأخرى بين البلديات كي يتوافق الجميع على حل سياسي، ينقذ ليبيا التي غرقت منذ الإطاحة بنظام القذافي أواخر 2011 في الفوضى والعنف المسلح.

وحسب سمير غطاس، نائب ليون بيرناردينو رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، فالحوار وهو السياسي الأساسي بقيادة المبعوث الأممي بمشاركة طرابلس وطبرق يبحث نقاطا أساسية، تتضمن الجانب الأمني بغرض التوقف عن الاقتتال، وهو أمر إنْ تم الاتفاق عليه سيهيئ الوضع للتوافق حول الشخصية التي ستقود حكومة الوحدة الوطنية، إضافة إلى نوابه وأعضاء الحكومة، ثم سيهيئ الأجواء من أجل التشاور حول صياغة الدستور.

ولا بد من التأكيد على ما دعا له رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور وهو ضرورة صياغة دستور لكل الليبيين بمختلف توجهاتهم وآرائهم، وأن يستوعب هذا الدستور كل الليبيين داخل وخارج البلاد، وأن يكون توافقيا، وبعيدا عن التجاذبات السياسية والانقسامات التي تشهدها ليبيا.

ورغم بدء الحوار في الصخيرات والمتوقع أن يستمر حتى يوم غد السبت، طلبت حكومة طبرق من لجنة العقوبات في مجلس الأمن منحها استثناءات على حظر الأسلحة والسماح لها بتعزيز قدراتها الجوية، وشراء 14 طائرة مقاتلة من طراز ميغ، وسبع طوافات، و150 دبابة، و150 ناقلة جند تحمل أيضا أسلحة رشاشة، فضلا عن 10 آلاف سلاح قاذف للقنابل وذخائر ومدافع هاون، وجميعها في إطار صفقات دفاع مع اوكرانيا وصربيا وتشيكيا.

ورغم أن السفير الليبي لدى الأمم المتحدة إبراهيم دباشي قال أمام مجلس الأمن إن هذه «الطلبات تتعلق بتعزيز قدرات سلاح الجو لمراقبة أراضي البلاد وحدودها ولمنع الإرهابيين من الوصول إلى الحقول والمنشآت النفطية، من أجل حماية ثروات البلاد»، إلا أن الواقع على الأرض يقول غير ذلك.

 ومن المؤكد أن رفع الحظر من شأنه إشعال العنف أكثر، فقبل ساعات من بدء حوار الصخيرات كانت طائرات حربية تابعة لحكومة طبرق تنفذ ضربات جوية على مطار في طرابلس. وتسليح أي طرف سيزيد من الهوة بين الحكومتين في ليبيا.

وإنْ كان لابد من تدخل دولي أو عربي في ليبيا، فيجب أن يقتصر على دفع الطرفين للتفاهم خاصة وأن هناك قوى دولية وعربية تسعى بكل جهدها لإفشال الحوار.

 وكان التباين في الآراء جليا في القاهرة يوم أمس أثناء اجتماع المندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية بحضور مبعوث الأمين العام للجامعة العربية ناصر القدوة تناول التطورات الراهنة بشأن الأزمة الليبية تحضيرا لتفاهم قبل انعقاد الاجتماع الوزاري العربي المقبل، وكان نفس الموقف والتباين واضحا في اجتماعات مجلس الأمن في نيويورك.

 لكن المفاوضات والحوارات للوصول لحل سياسي يحافظ على وحدة البلاد واستقرارها ويجنبها التقسيم بعيدا عن التهديدات العسكرية تتطلب، دائما، الصبر والجهد. وقد تستغرق وقتا أكثر من المتوقع من أجل إنجاحها إذا ما توفرت الإرادة الطيبة والنوايا الحسنة.

رأي القدس