تأكيد مفكر تونسي
أن الإسلام لم يحرّم الخمر يثير
جدلا كبيرا في البلاد
تونس ـ «القدس العربي»
من حسن سلمان:
أثار مفكر تونسي جدلا كبيرا بعد
تأكيده بعدم وجود نص قرآني يحرم شرب الخمر، إضافة إلى نسبه حديثا للنبي
محمد (اعتبره البعض مُحرفا) حول هذا الأمر، وهو ما اضطر مفتي تونس إلى
إصدار بيان يدعو فيه إلى إغلاق باب الجدل حول هذا الأمر، مؤكدا أن تحريم
الخمر في القرآن والسنة واضح ولا مجال للتشكيك فيه.
وكان المفكر محمد الطالبي أكد خلال استضافته مؤخرا بإحدى الفضائيات المحلية أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يحرما الخمر، ونسب حديثا للنبي محمد يقول فيه للسيدة عائشة «ناوليني الخمرة من المسجد»، وهو ما عرضه لهجوم كبير، حيث اتهمه آخرون بتحريف النص، فيما دعا آخرون وسائل الإعلام إلى احترام سنه (93 عاما) و «تراجع مداركه العقلية»، وعدم استغلاله كمادة للترويج.
وقال المفكر الإسلامي بدري المدني إن الضجة التي أحدثها الطالبي في «تفسيره» لآيات قرآنية وتحليله لشرب الخمر «يحيلنا الى ضرورة التأكيد على أن تفسير القرآن الكريم ليس لعبة يتسلى بها من يريد، إذ لا بد للمفسر من شروط ومؤهلات ومهارات ينطلق منها»، مشيرا إلى أن الطالبي لا يمتلك «المؤهلات والمهارات الشخصية والمواصفات النفسية» التي تؤهله لذلك.
فيما اتهم الشيخ فريد الباجي (رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية) الطالبي بـ «تحريف» الحديث النبوي حول موضوع الخمر، مشيرا إلى كلمة «الخُمرة» (بضم الخاء لا فتحها) المستخدمة في الحديث تعني الحصيرة المصنوعة من السعف والتي كانت تستخدم للصلاة، ولا علاقة لها بالخمر.
وطالب الشيخ عبد الفتاح مورو (نائب رئيس حركة النهضة) وزارة الثقافة بـ «حماية الطالبي من أن يكون أضحوكة في المنتديات العامة»، مشيرا إلى أنه لا يوافقه رأيه حول عدم تحريم القرآن للخمر و»لكن سنه وماضيه يفترضان حمايته من أن يكون ألعوبة».
وأضاف في تصريح إذاعي»مثل تلك القضايا لا تناقش في بلاتوهات التلفزة واعتمادها كتسلية للمشاهدين، بل يجب أن تطرح ضمن أُطر أخرى تحترم الرصيد الفكري للطالبي من خلال نقاشات مع أشخاص تتقارب معهم في المستوى الفكري».
وأصدر مفتي تونس الشيخ حمدة سعيد بيانا أكد فيه أن «تحريم الخمر وكل أنواع المسكرات والمخدرات أمر لا منازعة فيه ولا يرتاده الشك والارتياب بأدلة متعاضدة من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة قديما وحديثا»، داعيا في الوقت نفسه إلى «احترام الرأي بالغا ما بلغ وعدم اتخاذ التفسيق أو التكفير ذريعة الى إلجام الأفواه أو تهديد الناس في ذواتهم أو الاعتداء عليهم»، في إشارة إلى الهجوم الكبير الذي تعرض له الطالبي.
وأضاف البيان «للتوضيح، فإنه يجدر التذكير أن من خصائص الفكر العلمي عند المسلمين رحابته واتساعه للرأي وضده سواء في علم الكلام أو في الفلسفة أو في الفقه وغير ذلك، وقد بلغ الاختلاف في مراحل تاريخية أشده حتى طال البحث في الذات الإلهية (…) على أن قضية الشعب التونسي اليوم هي التغلب على الإرهاب، وتحقيق التنمية في كل أبعادها، وحل مشاكل البطالة. وما عدا ذلك فهو إلهاء للعقول وصرف للعزائم لا جدوى منه».
ويُعتبر محمد الطالبي من أبرز الباحثين الإسلاميين في تونس، حيث أصدر عددا كبيرا من المؤلفات بالعربية والفرنسية، من بينها «كونية القرآن» و «مفكر حر في الإسلام» و «مرافقة من أجل إسلام معاصر»، فضلا عن مساهماته الكثيرة في عدد من الصحف الدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق