الاثنين، 20 أبريل 2015

جزء من مقالة .....هواء جديد للمكتئبين


هواء جديد للمكتئبين

بروين حبيب


ينصح الأطباء مرضاهم المكتئبين بالسفر، لأنه أكثر علاج لديه مفعول قوي على تقشير طبقات الحزن من على قلوبهم.

يقترح عليهم مدنا جميلة تناسبهم، وتناسب ميولهم، لأن أول عامل للإكتئاب هو المحيط وهذا يعني أنه عامل خارجي. بحيث يتعرض المريض للضغط يوميا، فيما يظن نفسه أقوى من غيره وأنه واع تماما لما يحدث له، وأن الأمور ستنصلح لحالها. ولكن في خضم دوامته تلك يأكل الحزن من معنوياته ويكبر ويتحوّل إلى وحش يبتلعه في النهاية.

وعادة لا يدرك المكتئب أنه فريسة إكتئاب، لأن أعراض مرضه تبدو مبهمة، كأن يقلق ليلا في ساعة معينة ويغادره النوم، ورغم عودته للنوم إلا أنه يستيقظ مفكّكًا في الصباح، منهكا تماما، يفترسه النعاس في كل لحظة.

البعض يعاني من أوجاع متنقلة، مرة في الظهر ومرة في الكتفين ومرة في المعدة وكل زياراته للأطباء تنتهي بنتيجة واحدة وهي أنه بخير وليس به شيء.

وسأتفق معكم أني لست طبيبة ولكن المثل يقول «إسأل مجرب ولا تسأل طبيب». والإكتئاب بسبب ضغط العمل، والبعد عن الدفء العائلي وأشياء أخرى مرتبطة بالبعد عن الوطن والتعامل مع أشكل وألوان من البشر، عشته بين فترات متقطعة. 

وسبحان الله يكفي أن أحزم حقيبتي وأملأها بالكتب التي أحب والموسيقى التي أعشق وأسطّر وجهتي نحو مكان هادئ لأعود منتعشة ومشحونة بالرغبة في العمل بروح جديدة.

المكتئب يقول: «إذا قشّرتُ بصلة فإنها هي من سيبكي».

يقول أيضا: «الإبتسامة تخفي كل شيء، حتى رغبتي في الموت» وهذه في الحقيقة صرخة المكتئب اللامباشرة بأنّه يتألّم. إذ من العادة أن المكتئب بدل أن يتفهم من حوله مرضه وتعبه، يصبحون العنصر الأول لتغذية آلامه، إمّا لأنهم يعتبرونه شخصا مدللاً يتذمّر من كل شيء حوله، أو أنهم يصنعون جحيمه حين يمطرونه بنصائح تزيد من حجم الضغوطات التي يعاني منها. 

فجأة يتحوّل الأصدقاء والأهل والمعارف إلى الطوق الذي يتقلّص حول عنقه ليصبح الأمر شبيها بالموت.
تحديدا إلى ما يشبه مشنقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق