الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

فتنة الحرب في ليبيا :: بقلم الأستاذ/ محمد علي المبروك



 فتنة الحرب في ليبيا


الحقيقة العامة للفتنة



محمد على

بقلم الأستاذ/ محمد علي المبروك


اذا رأيتم صالحين يتقاتلان ، واذا رأيتم رجلين أهدافهما واحدة يتخاصمان او يتشاجران وقد زين بينهما ان احدهما صالح والآخر غير صالح رغم أنهما صالحان معا وزين بينهما ان اهداف احدهما ضد اهداف الآخر وزين بينهما القتال فهذه هى الفتنة بصور مبسطة .

فتنة القتال بين جماعة فجر ليبيا وجماعة جيش الكرامة :-

أعدادا من أفراد جماعة فجر ليبيا هم صالحون وأعدادا من أفراد جماعة جيش الكرامة هم  صالحون وهم بعض من ثوار فبراير الفعليّين وبعض الوطنيين الذين يتألمون لألم ليبيا ويفرحون لفرحها مع وجود أعدادا في الجماعتين هم مجرمون ولصوص وحثالات من مجتمعنا وقتلة وبدأت الفتنة واضحة في صورها بالحرب بين الصالحين من الجماعتين .

 جذور الفتنة :-

كان المناخ العام في ليبيا مهيئ لحدوث هذا التصادم بين جماعة فجر ليبيا وجماعة جيش الكرامة سواء في بنغازي او طرابلس بسبب الانهيار الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، والذي كان سببه اليقيني قيادات فبراير التشريعية والحكومية الفاشلة ، حكام ليس لهم غرض وطني الا اقتناص المناصب واختلاس الأموال وتكوين الثروات فكان طوافهم في ليبيا طواف للغنيمة وليس طواف للكفاح والعمل من اجل ليبيا ، فظهرت في الشرق الليبي مايعرف بعملية الكرامة لبسط سلطة الجيش على الارض الليبية وإنهاء حالة الانهيار الأمني والتي فشلت فيها حكومات فبراير وانضمت في الغرب الليبي وحدات عسكرية محسوبة على مدينة الزنتان الى جماعة جيش الكرامة وكانت حرب جماعة جيش الكرامة شاملة على جميع الجماعات ، دينية وغير دينية ، متطرفة وغير متطرفة ، متهمة وغير متهمة ، ارعب ذلك الجماعات الدينية المتطرفة وبعض الكتائب المسلحة في الغرب الليبي من الاخوان المسلمين والسلفية الجهادية* وغيرها وقامت هذه الجماعات بتحريض ثوار فبراير على جماعة جيش الكرامة وكونت اعتقاد بين ثوار فبراير الفعليّين ان جماعة جيش الكرامة تسعى الى الانقلاب على ثورة فبراير بقتالها لجماعات الثوار في الشرق الليبي وكان هذا الاعتقاد أقوى في الجماعات المحسوبة على مصراتة فتحالفت هذه الجماعات المتكونة من بعض ثوار فبراير والاخوان المسلمين و السلفية الجهادية وعرف تحالفهم بعملية فجر ليبيا  واندفعت الى الوحدات العسكرية المحسوبة على مدينة الزنتان والتي هى الجناح الغربي من ليبيا لجماعة جيش الكرامة  وحدث بينها القتال وحرب ظالمة في طرابلس وغربها ثم مدن الجبل ، لذلك فان القتال والحرب القائمة الآن هى بين ثوار فبراير الفعليّين من جماعة فجر ليبيا ومن جماعة جيش الكرامة مع تحالفات شاذة منضمة إليهما هى تحالفات دينية متطرفة وتحالفات إجرامية والذي جعل رفقاء الأمس أعداء اليوم هم الجماعات الدينية التى جاملها ودعمها واستنهضها حكام فبراير ، خسرت جماعتا جيش الكرامة وفجر ليبيا ارصدتهما الوطنية وشابتهما التهم لأنهما  ضما واستعانا بالمجرمين والقتلة ، وكان من تداعيات ذلك قتل لعائلات ليبية وتهجير لها وحرق لبيوتها وتم هذا الأجرام باسم الأهداف الوطنية وباسم اهداف فبراير ، واي جماعة تستعين بالمجرمين وحثالة المجتمع فإنها جماعة تجيز ضمنيا الأجرام تحقيقا لأهدافها.

أوجه كارثية برزت في هذه الفتنة :- 

1- استعان طرفا الفتنة بفتيان خرجوا لتوهم من سن الطفولة المتأخرة ليدخلوهم في مطب حياتي مدمر بزجهم في القتال المحتدم بين الجماعتين  تغريرا بهم وتزيينا ان من يقاتلوهم هم ضد ليبيا وضد الوطن، وهو أعداد وتأهيل عملي حتى يكونوا مجرمي ومقاتلي المستقبل في ليبيا، وهذا هو ذات الأسلوب الذي استخدمته العصابات الافريقية في بعض بلدان افريقيا للزج بالأطفال في القتال .

2 - قتل وتهجير العائلات الليبية وحرق بيوتها في مناطق الحرب وهى أفعال غير مسبوقة لم يحدث لها شبيه الا في عهد الغزو الايطالي لليبيا .

 3 - تقسيم فعلي لليبيا ، اداريا وسياسيا واقتصاديا الى دولتين ، دولة في الغرب الليبي من سرت شرقا الى راس أجدير غربا وجنوبا الى الحدود الليبية السابقة ، ودولة في الشرق الليبي من سرت غربا والى أمساعد شرقا وجنوبا الى الحدود السابقة ، ولكل دولة من الدولتين حكومة ومجلس نواب ، تعتمد حكومة الشرق الليبي في مصاريفها  على الإيرادات الحاضرة من النفط الليبي وتعتمد حكومة الغرب الليبي على مدخرات ليبيا المودعة في المصرف المركزي .

4 - حكام في الجنة وشعب في الجحيم ، رجال دولة الشرق الليبي من حكومة ومجلس نواب ورجال دولة الغرب الليبي من مؤتمر وطني بائس وحكومة  هم خارج الواقع الليبي ويحيطهم النعيم الذي لا يحيط أبناء الشعب الليبي ومن نعيمهم  *( أطايب من الطعام وتدار عليهم لذات الصحائف والجفان. وتطرح لهم الموائد. بطعام غير سائد. لحوم مما يشتهون. وفاكهة بما رغبوا او لا يرغبون. وطحين. قمحه جنين. وحلوى من عسل ولوز وجوز وسمن. وقهوة فاخرة غالية الثمن . ومن مرض منهم له دواء. يقوض من فوره الداء. مواده الشافية من غابات الأمازون. ومن ملكات النحل والحلزون. وإذا لم يجدوا لهم علاجا ،على الفور تفتح لهم الخزائن للعلاج في جنان الدول الأخرى .

من جنة وبستان ليبيا، كسوتهم براقة جاذبة للأبصار واجسادهم تتوهج عطورا وطيبا من أرقى العطور والطيب. يلهون. يسبحون. يلعبون. وعلى جلسات التدليك يتناوبون.وسياراتهم مصفحة فيها أقصى مواصفات الرفاه والسلامة والأمان  ويحيطهم حراس. شديدي البأس . لا يرضون بهم مساس. إقامتهم قصوراً او دياراً او دوراً فخمة. ضخمة. ترتفع أسقفها بأعمدة من المرمر المنحوت وتتوهج ارضياتها لمعانا ويسري عبر الجدران ماء عذب معالج بأحدث أجهزة التنقية وهو ليس للشرب بل للغسل وصنابير مياه من معدن خالص يتدفق منها الماء باللمس وليس بالتدوير والحمامات مياهها ساخنة وباردة ومعتدلة يخالطها ماء الورد او ماء الزهر واحواضها من المرمر العاجي. والفخار الزجاجي. بثت في القصور والديار والدور الزرابي الأصلية والفرش الرطبة الحريرية الزاهية والأرائك العريضة والخزائن المصقولة. والستائر المفتولة. والشاشات المرئية. واللوحات الجدارية. والمجسمات المنزلية. والمصابيح الوهاجة  والسررالغاطسة في أعماق النعومة.) .

وهذا ابلغ درجات الانحطاط الأخلاقي و سوء الخلق لحكام فبراير الذين يتمتعون بنعيم وأنعام ليبيا وابناء الشعب الليبي يقاتل بعضهم بعضا وابناء الشعب الليبي في الشتات ، بعضهم نازح وبعضهم مهجر وبعضهم مشرد ، ينتظرون الهبات والصدقات ،كرامتهم المعيشية مرغت في الوحل وهم أعز  من ان تمرغ كرامتهم .

5 - شحن على شحن ، شحن الشعب الليبي على شحنه الماضي بالعداوة والحقد والبغض على بعضه .

6 - أوجه اخرى لهذه الحرب ، تكوين مناطق منكوبة إنسانيا ، رفع وتيرة الأطماع الدولية في ليبيا، إفراغ ليبيا من فعالياتها الوطنية ، الاعلامية والعلمية والعقلية والثقافية والاقتصادية وغيرها باتخاذ الهجرة مقصدا .

_______________________________________________________________
* مابين القوسين ، جزء من مقال سابق عنوانه ( ليبيا جنة للحكام وجحيم للمحكومين ) من كتاباتي يتفق فيه هذا الجزء مع المعنى الوارد أعلاه في المقال .
* السلفية الجهادية في ليبيا ، هى الجماعة الليبية المقاتلة ، انصار الشريعة ، القاعدة ، جماعات جهادية متفرقة لا تنتمي الى اسم معين منشقة عن جماعاتها الاساسية ، جماعة التكفير والهجرة    
 
محمد علي المبروك خلف الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق