على مصر أن تجوع لتشتري طائرات للرئيس
على مصر أن تجوع لتشتري
طائرات للرئيس
رأي القدس
Aug 19, 2016
تعدّدت
المناسبات التي استخدم فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مواهب
الإقناع لديه للطلب من الشعب التبرّع للدولة التي يرأسها أو لمشاريع
يحبذها.
يتذكر الناس مثلاً قوله «لو كل واحد من اللي بيتكلموا في
الموبايل صبح على مصر بجنيه في السنة هنعمل 4 مليارات جنيه»، والذي أردفه
بجملة مميّزة قال فيها «والله العظيم لو ينفع أتباع لاتباع» (والتي تتضمّن
فكرة ظريفة وهي أن لا أحد يمكن أن يشتري الرئيس).
كما يتذكرون طبعاً
مطالبته المصريين بالتبرع بمئة مليون جنيه يوميّاً لصندوق «تحيا مصر»
ومناشدتهم التبرع لمشروع مدينة زويل العلمية بأربعة مليارات جنيه (على أن
تتحمل القوات المسلحة مقاولة المشروع).
أما في خطابه الأخير يوم السبت
الماضي فطالب هذه المرّة المصريين بالتقشف والتقليل من الانفاق كما لمّح
إلى أنه سيقلّص حجم العمالة الزائدة في الإدارات الحكومية وشركات القطاع
العام متحدثاً عن رواتب 900 ألف شخص لا يحتاج القطاع الحكومي إليهم.
غير أن ما فاجأ المصريين يوم أمس كان اكتشاف أن الرئيس الذي طالب المرأة
المصرية بتقنين استهلاكها للكهرباء والمياه وترشيد نفقاتها هو نفسه الرئيس
الذي وافق على شراء أربع طائرات «فالكون إكس 7» فرنسية الصنع بقيمة 300
مليون يورو (3 مليارات جنيه أي ثلاثة أرباع مشروع جامعة زويل العلمية التي
طالب المواطنين بالتبرع بقيمتها) مخصصة لتنقّلاته الرئاسية وكذلك لطاقم
المسؤولين المقربين منه. الأسوأ من ذلك أن الرئيس القويّ الحجة في طلب
التبرّعات الشعبية لا يحتاج لهذه الطائرات الفخمة الجديدة فهي ستنضاف إلى
سرب طائرات رئاسية ضخم يضم 24 طائرة، وهذا السرب اشتراه الرئيس الأسبق حسني
مبارك بقيمة 507 ملايين دولار أبرز طائراته من طراز Airbus A320 وتتولى
قوات الحرس الجمهوري حمايتها في قاعدة بمطار القاهرة.
يأتي كل هذا على
خلفية الأنباء عن قرض بـ12 مليار دولار وافق صندوق النقد الدولي على
إدانتها لمصر، وقد سبقه قرض فرنسي لصالح وزارة الدفاع المصرية بقيمة 3.3
مليار يورو لتمويل صفقات تسليح من شركة «داسون» التي صنّعت الطائرات
الرئاسية الجديدة، وهي أنباء جعلت مرجعيات إعلامية واقتصادية عالمية تتساءل
عن جدواها للاقتصاد المصري وحقيقة المستفيدين منها.
فقد نشرت وكالة
«بلومبرغ» الاقتصادية الشهيرة تقريراً الثلاثاء الماضي حمّلت فيه السيسي
مسؤولية فشل الاقتصاد في بلاده واعتبر أن الأموال المقدّمة للنظام المصري
ستذهب هباء مقارناً بين عجز مصر الذي يقارب 12٪ من الناتج القوميّ، وعجز
تونس الذي يقارب 4.4٪، وهما بلدان عاشا الظروف نفسها تقريباً، مع فارق أن
النظام في مصر تلقّى عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات ولكن، بحسب
التقرير، «من الصعب ملاحظة أثرها أو معرفة أين تم صرفها».
والحال أن
المدقّق في هذه الأرقام والوقائع لن يعجز عن معرفة «أين ذهبت تلك
المليارات» ولماذا لم تخفف من معدل البطالة أو عجز الميزان التجاري
والميزانية العامة وكلمة السرّ هي: الجيش المصري الذي استولى على السلطة
فاعتبر مصر غنيمة له ومجالاً للتربّح والمقاولة ومن هنا نفهم طلب «بلومبرغ»
للجيش المصري أن يوقف تدخّله في الصناعات، وهو طلب متواضع لأن الجيش
المصري لا يتدخّل فقط في الصناعات (كما رأينا في مشروع السيسي لجامعة زويل)
بل يتدخّل أيضاً، من خلال السيسي، في الكارثة التي تسير فيها مصر.
يذكّر هذا الموقف المأساوي، للأسف، بالنكتة الشهيرة عن الرئيس الذي خطب في شعبه قائلاً: واحد منا يجب أن يجوع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق