الرباط
ـ «القدس العربي»:
أعرب الملك محمد السادس عن تطلعه إلى «تجديد الالتزام
والتضامن الصادق» مع الجارة الجزائر، مؤكدا في الوقت نفسه التزام بلاده
تجاه البلدان الأفريقية والمهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء.
وقال
الملك في خطاب وجهه مساء السبت لمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب
«إننا نتطلع لتجديد الالتزام، والتضامن الصادق، الذي يجمع على الدوام،
الشعبين الجزائري والمغربي، لمواصلة العمل سويا، بصدق وحسن نية، من أجل
خدمة القضايا المغاربية والعربية، ورفع التحديات التي تواجه القارة
الأفريقية».
وذكر الملك بـ»الحاجة في ظل الظروف الراهنة، التي تمر بها
الشعوب العربية، والمنطقة المغاربية، لتلك الروح التضامنية» في إشارة إلى
«المرحلة التاريخية التي تميزت بالتنسيق والتضامن، بين قيادات المقاومة
المغربية، وجبهة التحرير الجزائري، حيث تم الاتفاق على جعل الذكرى الثانية
لثورة 20 آب/أغسطس كمناسبة لتعميم الثورة في الأقطار المغاربية».
وتأتي
دعوة الملك للجزائر في وقت تصاعدت فيه حدة التوتر في العلاقات بين البلدين
بسبب نزاع الصحراء الغربية، وهي المستعمرة الإسبانية التي تخضع للإدارة
المغربية منذ أواسط السبعينيات، وتطالب جبهة بوليساريو مدعومة بالجزائر
بتقرير مصيرها.من ناحية ثانية أكد الملك محمد السادس على التزام بلاده تجاه
القارة الأفريقية باعتبارها «في قلب» سياسته الخارجية.
وبالنسبة للملك
محمد السادس فإن رغبة المغرب التي عبرعنها أخيرا من أجل العودة إلى حضن
الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام 32 سنة بسبب قبول عضوية «الجمهورية
الصحراوية» فيه، تعد بمثابة «تجسيد لهذا الالتزام العميق والمربح للطرفين».
واحتل
الإرهاب حيزا من الخطاب الملكي، وأكد الملك محمد السادس أن «الإرهابيين
باسم الإسلام ليسوا مسلمين، ولا يربطهم بالإسلام إلا الدوافع التي يركبون
عليها لتبرير جرائمهم وحماقاتهم. فهم قوم ضالون، مصيرهم جهنم خالدين فيها
أبدا».
وتساءل «هل من المعقول أن يأمر الله، الغفور الرحيم، شخصا
بتفجير نفسه، أو بقتل الأبرياء؟ علما أن الإسلام لا يجيز أي نوع من
الانتحار مهما كانت أسبابه. قال سبحانه : »من قتل نفسا بغير نفس، أو فساد
في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا».
وحذر العاهل المغربي من ان الجميع
مستهدف من هذا الإرهاب، وقال «فكلنا مستهدفون. وكل من يفكر أو يؤمن بما
قلته هو هدف للإرهاب. وقد سبق له أن ضرب المغرب من قبل، ثم أوروبا والعديد
من مناطق العالم». ودعا المسلمين والمسيحيين واليهود، إلى »الوقوف في صف
واحد من أجل مواجهة كل أشكال التطرف والكراهية والانغلاق».
وأوضح
الملك أن «المغرب يعطي دائما لشعوب القارة الأفريقية، ولا ينتظر أن يأخذ
منها والتزامه من أجل قضاياها وانشغالاتها، لم يكن يوما من أجل استغلال
خيراتها، ومواردها الطبيعية، خلافا لما يسمى بالاستعمار الجديد».
وأشار
الملك إلى السياسة الجديد للهجرة التي تبنتها المملكة المغربية لتسوية
وضعية نحو 30 ألف مهاجر منحدرين من دول جنوب الصحراء واصفا إياها
بـ»السياسة التضامنية الحقيقية، لاستقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء وفق
مقاربة إنسانية مندمجة، تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم».
وفي اشارة إلى
الدولة الأوروبية دعا الملك الذين ينتقدون المغرب أن «يقدموا للمهاجرين،
ولو القليل مما حققناه»، معربا عن الأسف لـ«التوجه المنحرف، الذي أخذه
تدبير قضايا الهجرة بالفضاء المتوسطي، بحيث تم تغييب أي سياسة حقيقية
لإدماج المهاجرين».
وكان المغرب قد أطلق طيلة سنة 2014 مسلسلا من أجل
تسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين المقيمين على أراضيه وأغلبهم من دول
جنوب الصحراء، وقد مكنت العملية لحد الآن من تسوية أكثر من 18500 مهاجر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق