تُجّار الآيدولوجيات
وسماسرة المُعارضة والإنقضاض
على السلطة والثروة
مقالة كتبتها فى فترة سابقة
خلال الأسبوع الماضى كنت فى
طرابلس لأداء عمل خاص فوجدتها أحلى مدينة كما عاهدتها منذ أن كنت طالباً فى
بداية السبعينيات بكلية الهندسة بجامعة طرابلس العريقة بمنطقة سيدى المصرى
، طيبة أهلها وبساطتهم لم تتغير، نشاطهم اليومى فى العمل كما هو، يتطلعون
إلى المستقبل ، غير أننى سجّلت بعض المُلاحظات من خلال تحاورى ونقاشى مع
بعض الفئات حول الأمن والأمان والخوف من عدم الأستقرار والصورة الضبابية
التى تسود فى جميع أرجاء الوطن ، فقد قال لى سائق أجرة أنه يستغرب ويتساءل
أين المسيرات المليونية التى كانت تخرج لتأييد القذافى وأين إختفوا أولئك
البشر ؟وأنه لا زال لا يُصّدق أنهم رحلوا عن طرابلس ويستفسّر هل لبسوا جلبات
ثورة فبراير وحملوا علم الإستقلال ؟! ، فقلت له المصالحة الوطنية والتصافح
كفيل بتجاوز كل ما مضى فلا تُشغل بالك بهذه الأمور وإنطلق ، وقلت له الخوف
ممن قفزوا على كراسى السلطة ويدّعون أنهم من حرّر الوطن ويطالبون الليبيين
بتسديد الثمن سلطة وثروة ووجاهة وعنحهية!!
من هنا رأيت التوقف قليلاً فى
مقالتى هذه حول ما جاء فى بيان نُشر فى 11/2/2011م بإسم (شباب التظاهرة فى
ليبيا يمنح القذافى الفرصة الأخيرة) حيث ذكرت بعض مما جاء فيه فى مقالة
سابقة وخصوصاً الطرح الذى عُرض على سيف القذافى فى ذلك البيان ، بأن تًنشأ
هيئة تسمى (هيئة الإصلاح والتغيير) ويتولى رئاستها سيف ويُعاونه خبراء
وعقول ليبية مُقيمة بالخارج سواءً كانوا أحزاباً أو تجمّعات مُعارضة أو
مستقلين وكذلك المخلصين من الكفاءات الليبية بالداخل الذين سيتم الإتفاق
عليهم ممن سبق ذكرهم .!! هذا ليس من عندى وإنما ما جاء فى البيان المُشار
إليه الذى نُشر بتاريخ 11/2/2011م أى قبل الإنتفاضة بأسبوع فقط أو قبل ما
أطلقوا عليها التظاهرة فى البيان وأعتقد أنه وصل للعديد من النشطاء
والمثقفين والكتاب داخل الوطن على البريد الإلكترونى لكل منهم ولا شك أن من
شارك فى نشر البيان هم من كانوا يُسمون التكنوقراط ومجموعات المُعارضة أى
مجموعة الزعلانين الذين أوفدهم النظام فى دراسات عليا للخارج وعلى حسابه
محسوبية وواسطة أو ممن يحظون بحب ورضى النظام ، فمنهم من عاد وعمل مع
النظام ليُثبت ولائه ومنهم من كان (زامق وإيدا فى القصعة) رجل فى ليبيا
ورجل برا !! ومنهم من كان يُلوح بما يُسمى المعارضة من أجل الإبتزاز وليس
حباً فى ليبيا ولا وطنية فائضة عن الحد ولا يُشغله أحد داخل الوطن ولو
كانوا أهله وعشيرته.
أقول … أيها الليبيون إن أغلب
ممن تشاهدونهم اليوم فى المؤتمر الوطنى العام الذى يعتبر إستنساخاً من ما
كان يُسمى (مؤتمر الشعب العام) فذاك كولسة فنادق سرت وجهوية النظام وقبلية
المتخلفين ومناطقية العنصريين ودعماً من القبيلة والعشيرة وبأموال مسروقة
من الميزانيات العامة ، وهذا إنتخاباً مدعوماً من أيدولوجيات مشبوهة
ودكاكين أحزاب وأموالاً مجهولة الهوية غربية وقطرية وإمارتية فهل هناك فرق
بينهما ؟!! أو الحكومات الفاشلة السابقة والأخيرة وحتى حكومة زيدان هى صورة
طبق الأصل من (اللجنة الشعبية العامة) حيث يتم الإختيار أيدولوجياً
بمباركة النزاهة والشفافية التى حلّت بدل (مكتب الإتصال باللجان الثورة)
وبدعم من رؤساء الأحزاب من وراء الكواليس !!.
كم يؤسفنى كثيراً من أن معظم من
يُطرحون اليوم على الساحة فى الصفوف الأمامية هم أول من إستفاد من النظام
السابق حيث تم إيفادهم على حساب النظام وصُرف عليهم من أموالنا نحن الشعب
الليبى ومعظمهم كانوا جزءً لا يتجزأ من مسؤولى القذافى الكبار وهم بطبيعة
الحال مسؤولين عن كل أخطائه فى ما أُرتكب فى العقود الأربعة فى حق
شعبنا من مظالم وكانوا يرتشعون أمامه خوفاً ورُعباً وكأن الواحد منهم
راقصة فى بدايتها عندما يستدعيه سيده القذافى !! فلو أن واحداً منهم
عندما كان مسؤولاً وقف وأعلن معارضته له وواجهه أمام الليبيين مهما
كانت النتائج لكان اليوم بطلاً حقيقياً وليس بطلاً من ورق فى مهب الريح ،
هؤلاء اليوم يتبجحون بدعم من الغرب وقطر وتركيا وغيرها الذين يوفرون لهم القنوات
الإعلامية تلميعاُ وميكياجاُ لإخفاء صورهم النتنة القبيحة !! بأنهم الصفوة
والنخبة ، ألم يكن منهم الوزير والسفير والمدير العام والصحفى ومن رحل عن
الوطن بدون سبب لتحسين وضعه المادى وعدم رغبته فى العيش بين الليبيين
طالباً للرفاهية والراحة النفسية ويرغب فى حياة خاصة بعيداً عن الضجيج
اليومى السائد فى ليبيا فى تلك الفترة ، هؤلاء جميعاً إذا شاركوا فى كتابة
ذلك البيان فإن هدفهم كان واضحاً بإبعاد القذافى عن الحكم والتعامل مع إبنه
مرحلياً إذا وافق على طلبهم وذلك من أجل الوصول للسلطة والحصول على قدر
أكبر من الثروة حتى ولو على حساب دموع الثكالى وتدمير المدن والقرى وإغتصاب
الحرائر الشريفات وتهجير العائلات الليبية خارج الوطن ونشر الحقد
والكراهية بين الليبيين لعقود قادمة يعلم الله بها وكيف ستنتهى ؟! ، وأولاً
وأخيراً جثث الشهداء الأبطال الذين خرجوا للجهاد وحاربوا فى الجبهات بشرف
ولم يظلوا وراء الحدود إنتظاراً لتحرير الوطن ،، فأولئك الرجال الأشاوس
خرجوا للإطاحة بالقذافى علناً وبهتاف مُزلزل يقول (الشعب يريد إسقاط
النظام) ولم يهتفوا بشعارات الإصلاح ولا بالإبقاء على سيف (رئيساً للإصلاح
والتغيير) التى إقترحها أولئك التكنوقراط وما يُسمى بسماسرة المُعارضة
وغيرهم من أصحاب الأجندات الخارجية ونحن نطالب النائب العام بأن تكون
محاكمة سيف علنية وعلى الهواء مباشرة حتى تتضح الأمور الخفية ليتعرّف عليها
الليبيون وحتى لا نُخدع مرتين.
أقول إن المجاهدين الشرفاء هم
أصدق من أولئك الذين يتلاعبون بالألفاظ بقولهم (لك أن تختار ، إما الإصلاح
أو المظاهرة) ولم يذكروا فى بيانهم قول (الثورة أو الإنتفاضة) لكى يكونوا
بعيدين عن الواجهة وعن الأنظار إذا وافق إين القذافى على الإصلاح
والتعامل معهم وهذا هو أسلوب المُرتعشين النفعيين الذين يُظهرون خلاف ما
يُبطنون فهم غير قادرين على المُواجهة ولا يؤمنون بأن الرجال الوطنيين محك
المصائب والكوارث ، فتركوا الأمر للشعب الليبى لكى يحقق لهم أهدافهم فى
الوصول إلى السلطة والإستيلاء على ثروات الشعب عن طريق ما يُسمى التكنوقراط
ويا ليتنا كنا نسمع عنهم فقط فقد فشلوا فشلاً ذريعاُ فى إدارة الأزمة
التنفيذية ونُهبت الأموال فى فترة وجيزة بفضل خبرتهم فى البزنس والصفقات
حيث تم تسجيل إختفاء المليارات من أموال الشعب الليبى بين المجلس الإنتقالى
والحكومات الإنتقالية المتردية.
يُقال أن الرعد والبرق علامة من
علامات المطر والغيث النافع وحتماً سينزل المطر لا شك فى ذلك بفضل الدعوات
الصالحات ، والظلم والقهر والوساطة والمحسوبية وإنتشار الرشوة والإعتداء
على المال العام والإستحواذ على مقاليد الأمور والقفز فوق جهود الغير كلها
علامة من علامات الإنتفاضة والثورة التصحيحية القادمة بإذن الله لتصحيح
الأمور ووضع قطار العدل والمُساواة على السكة ، فإذا كانت الأمور مرت من
أمام شعبنا الليبى العظيم فى عُجالة فقد كان همُه الأول هو تحرير الوطن
ولم يكن يفكّر فى الغنائم أبداً ، فكانت غفلة تصيّد فيها الإنتهازيون من
العائدين ودكاكين الأحزاب فأدت إلى قفز البعض منهم للمقدمة دون وجه حق ،
ورضا شعبنا بذلك لا يعنى سذاجة أو عدم دراية أو قلة إدراك للأمور
والدليل على ذلك أنه لم يتم ترويضه حتى الآن لكى يستسلم ويُسلم أمره لهذه
النماذج التى لم يستصيغها إلى الآن حيث لا زال الثوار يحتفظون بأسلحتهم
خوفاً من المؤامرة على الشعب الذى بفضله تحقق الإنتصار والتحرير .. وهنا
أقول .. لا شك أن الذئاب والثعالب والإفاعى قد تمر زحفاً على الأرض أو
بمشية الخُيلاء بجوار الأسود والسباع ليس شجاعة منها ولكن الرُعب والخُوف
يسيطر عليها لعل الأسود تنهض وستنهض قريباً لتصحيح الأمور وسيعود كل
إنتهازي لحجمه الحقيقى فليس بإستطاعتنا تغيير نواميس الطبيعة وسيقود الثوار
الأشاوس الذين حققوا التغيير فى نضال من الداخل دام لأكثر من ثلاثة عقود
من الزمن من قيادة بلادهم فهؤلاء خرجوا من رحم المعاناة وليس من صالات
الرفاهية ورحم العمالة مع إحترامى للبعض القلة ممن نعرفهم ونعرف أصولهم
العريقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق