مصري أشقر.. كيف؟
لماذا
بين المصريين من هو أزرق العينين.. أو أخضرهما. ولماذا بينهم من هو أصفر
الشعر.. أبيض الوجه.. بل شديد البياض. ولماذا بينهم أيضا من هو أسود الوجه،
وليس مجرد أسمر الوجه.. وبعضهم مجعد الشعر أو قصيره.. وإذا عرفنا «سمات»
إنسان البحر المتوسط من لون البشرة والتجاهيد والجمجمة وشكل الأنف.. فإن
بيننا من تختلف صفاته عن صفات سكان البحر المتوسط.. وبالذات الشاطئ
الجنوبي..
**
أقول إن السر يكمن في أن مصر «كانت» دولة جاذبة للبشر الباحثين عن لقمة
العيش.. فجاءها من يحاول الغزو والاستيطان ومن يسعي لبناء الامبراطوريات من
الفرس إلي الإغريق إلي الرومان، وحتي الفرنسيين والأنجلوسكسون وأيضا من
جاء يبحث عن حياة رغدة لينة مثل المغول والتتار..
ولكن
المؤكد أن كل من جاءوها- مسالمين، وغازين- استطاعت طبيعة الأمة المصرية أن
تستوعبهم. بل وتصهرهم وتختمهم بالخاتم المصري الأصيل.. ليصبح، بعد عدد
قليل من الأجيال.. مصرياً حتي ولو كانت بشرته بيضاء ومن الشعر الأشقر
والعيون الخضراء!
**
ومن هؤلاء من هم أتراك بفعل الغزو. وعندما استقلت مصر وصدر قانون الجنسية
عام 1929 تم إبلاغهم، إما يحتفظون بجنسيتهم التركية.. أو يتنازلون عنها
ليحملوا الجنسية المصرية «الجديدة».
وهكذا-
قبلها وبعدها- حدث تزاوج بنسبة كبيرة بين المصري والتركية.. وكان للمصريين
عشق كبير للزواج من التركيات لأسباب عديدة.. وعودوا إلي الأدب المصري
العريق..
ولكن
من هؤلاء جماعات كبيرة من الشركس جاءوا مصر مع بعض المماليك ومع بعض
القبائل التركية، سواء خلال الحكم المملوكي.. أو مع الغزو العثماني التركي
لمصر الذي عاش بيننا من عام 1517 إلي 1914 عندما فرضت بريطانيا حمايتها علي
مصر وقطعت رسمياً علاقتنا بالدولة التركية العثمانية..
**
وللشركس وجود قوي لا ننكره. وهم أيضا يمثلون جاليات كبيرة في الأردن ولهم
نسبة من المقاعد في البرلمان الأردني. وكذلك في العراق وفي سوريا.. والست
الشركسية تتميز عن التركية بشدة البياض. وهم جنس غير الأتراك الذين ينحدرون
من القبائل الآرية كما في إيران- وأفغانستان- ثم في شبه جزيرة الأناضول،
أي تركيا الحالية.. ولكن في مصر أيضا نسبة كبيرة من أصول كردية جاءوا مصر
حتي قبل صلاح الدين الأيوبي وكان كردياً.. ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقي..
وكذلك عملاقنا عباس محمود العقاد.. وأيضا الشاعر علي الجارم وغيرهم..
**
أما أصحاب البشرة السوداء- وهم غير البشرة السمراء- فإن معظمهم جاءوها من
السودان. ومن الحبشة «إثيوبيا الآن» ومن إريتريا والصومال.. إما بفعل الغزو
المصري لهذه البلدان.. وإما للعمل والتجارة فيها.. ولكن فيها أيضا من
أصحاب الشعر السايح من أوروبا بالذات في اليونان وإيطاليا وجزر البحر
المتوسط وفي مصر عائلات من كريت منهم الدكتور علي الكريتلي، أي الجريتلي..
والقبرصلي والمالطاوي.
ولكن
عظمة الشعب المصري تتجلي في قدرته علي هضم كل هذه التدخلات البشرية.. بين
الجنس المصري الأصيل.. مهما تزوج المبعوثون من بنات فرنسا وانجلترا
وأمريكا.. لأن الجينات المصرية استطاعت أن تتغلب علي كل هذه الجينات..
الأجنبية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق