القاهرة
ـ من محمود رضا مراد: حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الخميس من
محاولات الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في بلاده، وذلك بعد وقوع عدة
حوادث طائفية في محافظة المنيا في صعيد مصر خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال في كلمة خلال حفل تخرج دفعة جديدة من الكلية الحربية «كلنا كمصريين
(يجب أن) ننتبه جدا لكل المحاولات التي تبذل للوقيعة بين المصريين… عندما
نتكلم عن أننا كلنا شركاء فهذا معناه أننا مصريون جميعا.. حقنا متساو.. لا
لأحد زيادة على الآخر».
وقالت مصادر أمنية ومصادر في الكنيسة
الأرثوذكسية إن شابا مسيحيا يبلغ من العمر 27 عاما قتل وأصيب ثلاثة آخرون
عندما اندلعت مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين في قرية طهنا الجبل في محافظة
المنيا يوم الأحد الماضي».
وأضافت أن المشاجرة وقعت بسبب خلاف على عدم
السماح بمرور مركبة يستقلها مسلمون أمام منزل قس في القرية. ولم تصدر رواية
رسمية حول الواقعة رغم تعدد الروايات حولها في وسائل الإعلام».
ولم
يشر السيسي في خطابه أمس الخميس إلى هذه الواقعة أو غيرها من الوقائع التي
حدثت مؤخرا، لكنه قال «كلنا شركاء في هذا الوطن. لا يليق بنا أن نقول هذا
مصري مسلم وهذا مصري مسيحي.. هو مصري له ما لنا وعليه ما علينا».
وأضاف «هناك دولة اسمها دولة القانون… من يخطئ يحاسب بالقانون من أول رئيس الجمهورية إلى أي مواطن».
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن المسيحيين الأرثوذكس يشكلون نحو عشرة
بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 90 مليونا ويمثلون أكبر تجمع للمسيحيين في
الشرق الأوسط.
والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر يسودها
الوئام بشكل عام لكن تندلع أعمال عنف بدوافع طائفية بين الحين والآخر.
وعادة ما يحدث ذلك بسبب نزاعات على بناء كنائس أو تغيير الديانة أو
العلاقات العاطفية بين الرجال والنساء.
وتقول جماعات مدافعة عن حقوق
الإنسان وسكان إن تلك الأحداث عادة ما يصاحبها حرق منازل وإتلاف محاصيل
ومهاجمة كنائس كما يجبر الأقباط أحيانا على الرحيل عن قراهم.
وإلى جانب
حادث قرية طهنا الجبل شهدت قرى في محافظة المنيا الواقعة جنوبي القاهرة
ثلاث حوادث أخرى ذات بعد طائفي على مدى الشهور القليلة الماضية.
ففي مايو/ أيار اندلعت اشتباكات في قرية الكرم بعد تردد أحاديث عن علاقة بين مسيحي ومسلمة.
وقال شهود عيان إن مسلمين جردوا والدة المسيحي من ملابسها خلال الاشتباكات
التي أصيب فيها شخصان وأحرقت خلالها منازل عدد من المسيحيين.
وأثارت الواقعة غضبا كبيرا من المسيحيين والمسلمين على حد سواء في باقي محافظات مصر. وندد السيسي بالواقعة آنذاك.
ناقوس خطر
وفي
يونيو/ حزيران أحرق مسلمون غاضبون منازل ثلاثة أشقاء مسيحيين بعد تردد
شائعات عن بناء أحدهم كنيسة بشكل مخالف. وفي وقت سابق هذا الشهر تكرر الأمر
نفسه في قرية تدعى عزبة أبو يعقوب.
وتشير تقديرات إلى أن المنيا فيها أكبر تجمع للمسيحيين على مستوى البلاد.
وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان في بيان إنه ناقش في اجتماع له الخميس
«ببالغ القلق الأحداث الطائفية التي جرت في محافظة المنيا والنتائج الأولية
لبعثة تقصي الحقائق التي أوفدها المجلس للمحافظة بخصوص هذا الشأن».
وأضاف «أوضحت المناقشات الزيادة المطردة في الأحداث الطائفية في مناطق
محددة في البلاد سواء اتصالا بالاختلافات حول دور العبادة أو الاحتكاكات
الاجتماعية».
وانتقد المجلس ـ وهو جماعه حقوقية شبه رسمية ـ لجوء
الأجهزة المعنية للحلول العرفية التي قال إنها «تأتي في المعتاد لصالح
الفئات الأقوى وتفضي أحيانا إلى تهجير بعض المواطنين من قراهم ومنازلهم».
وقالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ـ وهي منظمة غير حكومية ـ في تقرير
أمس الخميس إن الحوادث التي شهدتها المنيا مؤخرا تعد «بمثابة ناقوس خطر
لمؤسسات الدولة بضرورة التعامل مع هذه الأزمات المتتالية ووضع حلول واقعية
بعيدا عن المسكنات وجلسات الصلح العرفية».
وأضاف التقرير الذي حمل
عنوان (متى تضع الدولة حلولا واقعية لأحداث العنف الطائفي؟!) أن الدولة لم
تضع «حلولا جدية لأزمة دور العبادة التي طالما تكون المحرك لمثل هذه
الأحداث».
وانتقد التقرير تأخر إصدار قانون مقترح منذ فترة طويلة
لتنظيم عمليات بناء دور العبادة ويطلق عليه (قانون دور العبادة الموحد).
(رويترز)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق