الثلاثاء، 25 يونيو 2013

الغاسقون … ودرب المهابيل


الغاسقون … ودرب المهابيل



141[1]

بقلم : الأستاذ

رمضان عبدالله العريبى

حينما نضع تحت مجهر التشخيص الدقيق القائم علي متابعة الامور والاحداث خاصة الاحداث التي تتعلق بمصير التحولات الثورية والاجتماعية التي يسعي الناس من خلال هذه التحولات الي تحقيق امانيهم واستقرار وسائط عيشهم وخاصة عندما تحصل مواجهات خطيرة قد تنطوي علي مفاهيم وسلوكيات تحرك المسار الذي يتمناه الناس لبلادهم وطموحاتهم المختلفة لاسيما عندما  نري بالعين المجردة تلك المحاولات التي تأتي من مستعمر قديم او من قوي ذات جبروت ظالم يريد ان يبسط نفوذه من جديد علي حالات النهوض الثوري العربي ويحرف مسارها ويضع لها درباً يخدم مصالح قوي الهيمنة بعد ان هُزمت قوي الجبروت بفعل اجتياح شعبي ضاري اسقط تلك الادوات التي كانت في خدمة قوي التسلط العالمي وأدواته الصهيونية ..واذا وضعنا تحت هذا المجهر ماحدث في الثورات العربية الثلاث (14 يناير -25 يناير -17 فبراير )سوف نجد سلسة هائلة من التدخلات الاجنبية الاستعمارية التي سعت الي حرف مسار هذه الثورات وتوجيهها لوجهة اخري وقد اُتبع نهج خطير من قبل هذه التدخلات وتشكلت ادوات محلية تخدم تدخلات الجبروت الاجنبي وتطيح بأهداف الثورة ومشروع الحرية وخاصة عندما تم اختيار أدوات الجبروت من قوي تتغطي بغطاء يمثل حساسية عند الناس ولكنه في واقع  الامر غطاء خادع ثبت بالمارسة كشف حقائق توجهاته التي تختلف اختلافا جذرياً مع مضمون الثورة التي دفع شعبنا فيما اثمان باهظة من الشهداء الابرار والمعاناة علي امل ان يتحقق المضمون الحقيقي لمشروع الحرية ولكن تلك الادوات التي تم اختيارها من طرف جبروت تحريف المساروحرفه عن وجهته الحقيقة قد وضعت خطة اشرف علي ترتيب عناصرها متخصصون في العمل الاستراتيجي و منهم عناصر صهوينة تختفي في مؤسسات كامنة في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا ومن بين هذه العناصر الصهونية المنظر (برنارد لويس ) و (برنارد ليفى )  و (نيغروبينتي ) و (مارتن دينك ) و (ديفيد فلتمان ) وقد كانت خطة احتواءالثورات تسند الي العناصر التالية :


 1 ـ كان الذين يضعون الخطط اللازمة لاحتواء الثورات العربية يعتقدون بأن الناس فى الوطن العربي عموماً وفى أرض هذه الثورات على وجه الخصوص هم عبارة عن شعوب عاطفية تفتقر الى حالة الوعى اللازم وبالتالى يمكن ان يمرروا خططهم وترتيباتهم وحيلهم المختلفة على هذه الشعوب وذلك عبر أدواتهم التى صُنعت بمعرفتهم وخاصة تلك الادوات التى تستند الى منظومة فكر (حساس) وكان فى اعتقاد المنظرين الصهاينة ان مخططهم سيكون ناجحاً وتُمرر حيلهم على ذقون الشعب العاطفى ويُسجنوا من جديد فى نسخة أخرى من نسخ أنظمة الاستبداد القديمة وتعود (حليمة لعادتها القديمة )..


2 ـ اعتمد هؤلاء الذين وضعوا ترتيبات أستراتيجية الاحتواء أسلوباً أخر أكثر خطورة من حيث تنفيذ خططهم وهذا الاسلوب يتمثل فى بعث منظمات تحمل فى ظاهرها شعارات براقة وارسالها الى مناطق الثورات العربية وكان اساس عملها و تنفيذ مهمتها احتواء منظمات المجتع المدنى واغراقها بالمال وشراء الذمم حتى يتم تقييد حالة النهوض الشعبى وتكون سيطرة وسائل الانحراف ناجحة وفعالة وقد حدث هذا الاختراق فى رابعة النهار وانطلت أهدافه على كثير من الناس ومنظمات المجتمع المدنى ..ومع شديد الاسف لم تتحرك الحكومات الانتقالية ولا مجالسها المختلفة لانقاذ منظمات المجتمع المدنى وتحريرها من المخلب المتأمر على ثورات الشهداء ..وحتى نكون منصفين فقد قبضت أجهزة الأمن فى مصر على عدد من هذه المنظمات وكانت نتائج التحقيقات مع أعضاء هذه المنظمات (فضائحية) والعجيب فى الامر ان أدوات الجبروت المحلى قد تسترت بصورة فاضحة على تلك النتائج الفضائحية ..


3 ـ لقد اعتمد منظروا منهج الاحتواء أخطر الاساليب الدعائية التى تم تلقينها للادوات المحلية ومن أهم هذه الاساليب نشر دعايات تشوه هوية شعوب هذه الثورات وتشكك فى مرتكزاتها ومقوماتها وخاصة عروبة هذه الشعوب ومضمونها الرسالى وذلك استناداً الى التقولات الصهيونية ومن أهمها مقولة (يجب كنس كل المقومات الثقافية المعبرة عن هوية العرب عبر آليات نصنعها نحن )وقد مُنعت وسائل الاعلام فى أرض هذه الثورات من التعبير عن البعد المعنوى لهذه الهوية وهو ما نلاحظه فى العديد من القنوات كما تم صمت رهيب فى هذه الوسائط الاعلامية عن الحديث عن مضمون الثورة وأهدافها فى العدالة الاجتماعية والتنمية الافقية وتكافؤ الفرص بين الناس .. كما رُفع شعار خطير يقول ان الثورة تنتهي عند قيام الدولة اى دولتهم التى يريدونها نسخة جديدة من أنظمة الاستبداد المتستر وراء شعارات براقة خالية من أى مضمون وذلك لاعتقادهم بأن استمرار وهج الثورة فى نفوس الناس سيصحح مسارها مهما كانت الانحرافات وبالتالى لابد من قتل روح الثورة فى نفوس هذه الشعوب ومن ثم تستكين حالة النهوض الاجتماعي وتنطلى اللعبة القذرة على الجميع وتعود خيول طروادة عبثاً مفسداً يؤدى الى الاستبداد والاستعباد ..


4 ـ يجرى نشاط كبير تحت اشراف المنظرين الصهاينة فى الغرب الغبى وهذا النشاط يقضى بتحريك أنماط عنصرية وبعثها من جديد فى البعد الاجتماعي لهذه الثورات وتفكيك منظومتها الاجتماعية التى عاشت طيلة قرون ماضية مترابطة موحدة وهذا البرنامج الخطير قائم على نزوع عنصري تريد من خلاله الحركة الصهيونية احداث فتن وتخريب حالة الوئام الاجتماعي في شمال أفريقيا تنفيذاً للمقولة الصهيونية التى تقول (ان العرب فى شمال أفريقيا هم غزاة القرن السادس يجب تشتيتهم) وذلك على الرغم من ان العرب كانوا عبارة أمة رسالية حملت رسالة جاءت هديً للعالمين ولم يعتمدوا فى نهجهم الرسالى هذا اى نهج يوحي بسلوك عنصري ..لكن اصرار الاليات المعتمدة من طرف قوى التخريب والاحتواء مازال حتى يومنا هذا مصراً على بعث سمومه فى حالة الوئام التاريخى المعروفة في شمال أفريقيا ..


5 ـ لقد عُقدت اجتماعات للمطبخ الصهيوني فى أمريكا وبريطانيا وذلك فى شهر أبريل/2011 فى تركيا وفى جزر الخالدات وتقرر فى هذا الاجتماع (تطوير) الحالة المذهبية فى البعد الاجتماعى الاسلامى وتوسيع دائرة الفتنة بين ما يسمى بالمذهب الشيعى والمذهب السنى وقد أسندت هذه المهمة الى فرق اسلامية معدة سلفاً لهذا الغرض الخطير وأستخدمت وقائع تاريخية استخلصها المطبخ من اعماق تاريخنا وطُلب من هذه الفرق استخدام هذه الوقائع وتحريف الكلم عن مواضعه واخذت هذه الادوات فى نشر سموم الفتنة وتوسيع دائرتها وأستخدم فى هذا العمل الخطير أدعياء ..واغبياء.. وأبرياء.. وانطلت حيلة الصهاينة على هذه الادوات ورأينا بالعين المجردة كيف كان

بعض عناصر هذه الادوات يصدرون فتاوى خطيرة وغير مسئولة دون ان يدركوا أن ما بين الفتوى والفتنة خيط رفيع على الرغم من ان عناصر المطبخ القذر الذى يرأسه الصهيونى المسئول عن هذا الامر(نيغرو بينتى) لازال يجرى نحراً وتخريباً فى البعد الرسالى الاسلامى وتفكيك أواصره وروابطه الفكرية والفقهية ..كما أمر (نيغرو بينتى)عدد من الجهات والدول العربية بتخصيص مبلغ وقدره 82 مليار دولار مخصصة لقنوات فضائية نسميها الان بقنوات الفتنة والتى تعيث فساداً الان فى البعد الرسالى الاسلامى وأصبحت الأمة فى خضم مسميات كثيرة وشعارات مختلفة تُلقى على مسامع أجيال الامة فهذا سنى ..وهذا شيعى..وهذا وهابى ..وهذا اخوانى..وهذا قاديانى..وهذا اسماعيلى..وهذا صوفى..وهذاسلفى جهادى ..وهذا بوكوحرام.. وهذا قاعدى…..الخ  بينما فى الحقيقة البعد الرسالى لديننا الحنيف يرتكز على عناصر لا يمكن تفكيكها وهى ان الله واحد أحد وموحد ..وان قرأننا الكريم كتاب واحد وموحد ..وان نهج رسولنا الاكرم واحد وموحد ..لكن اصرار مخططى الاستراتيجيات المعادية لديننا الحنيف والتى لازالت تنفث بسمومها اعتقاداً منهم بأنهم سيتمكنون من تفجير البعد الرسالى للقرأن الكريم عبر تشتيت مكوناته الاجتماعية والجدير بالذكر ان هذه الخطة قد تم استنباطها من تجربة مر بها اليهود سنة 10 ميلادى وما قبلها بقليل عندما تشكلت عديد من الفرق اليهودية وحرفت الكلم عن مواضعه وتخلت عبر اجتهادات حاخاماتها عن مضمون رسالة سيدنا موسى وطُلب فى ذلك الوقت من هذه الفرق انشاء دين جديد لليهود تأتى عناصره الفقهية من قبل حاخامات وليس من قبل الوصايا العشر والجدير بالذكر ان المنظومة المشرفة على هذا المخطط تعمل الان على اعداد كتاب جديد سيكون بديلاً للقرأن الكريم وقد أُختير له اسم (الفرقان الحق) اعتقاداً منهم بأن الادوات التى أُختيرت لمقاتلة الاسلام بالاسلام سينجم عنها تفكيك المنظومة الفقهية والثقافية للاسلام وبالتالى ستكون الطريق ممهدة أمام نشر كتابهم (الفرقان الحق) القبيح…

6 ـ ان الذى ذكر اعلاه يقع تحت اطار نظرية الحروب المتماثلة التى تتكون عناصرها من أمر خطير المتمثل فى انهاك الشعوب وتآكل قدراتها العقلية ووضعها فى أوضاع محتقنة بشكل مستمر لأن الاحتقان فى علم النفس يشتت الافكار ويقضى على المقومات الرئيسية لبروز وعى متواصل لدى هذه الشعوب كما أنهم يعملون عبر أساليب مختلفة على انشاء وتكوين دول فاشلة غير قادرة على انجاز مهامها الوطنية ويخترقون هذه الدول بتشجيع عناصر فاشلة من انصاف المثقفين او الذين لا ثقافة لهم اساساً وهذا الاسلوب يقضى بالضرورة على ضرب المرتكزات الادارية للدولة باعتبار ان الذى يدير هذه المرتكزات هم العناصر التى تم الدفع بها الى سدة الادارة والحكم ويشجعون هذه العناصر بأن تتبنى فكرة الاستحواذ على المال وفكرة الاستحواذ على مراكز السلطة وبهذه الصورة تتكون ملامح الدولة الفاشلة وطنياً ونتيجة لهذا الوضع قد تتحول هذه الدولة الى نموذج شعوبى وجهوى قد يقضى على الكيان برمته وهذا ما يجرى الان فى بلاد الثورات العربية خاصة اعتمادهم على بعث صيغ قوانين اقصائية وتخريبية تساهم فى تفكيك البعد الاجتماعى  وعزله عن بعضه البعض (النموذج العراقى لازال ماثلاً بنتائجه أمام القاصى والداني)..

هذه هي اهم العناصر التي تشرف عليها منظومة العمل الصهيونى الكامن فى ثنايا الدول المذكورة والتى تهدف الى العبث والتخريب والتحريف فى أرض الثورات العربية لكننا نود أن نقول لكل أنماط وعناصر (الجاهلية الثالثة) ان الثورة تعتمد عادة على موجات متتالية يتكون من خلالها حالات صعود وعى اضافى متصاعد من مرحلة الى اخرى وهذا الوعى المتصاعد سيؤدى بالضرورة الى تصحيح مسار الثورة ويتولى شعبها وشرفائها تقديم المضمون الحقيقى للثورة وستلفظ حالات الوعي المتصاعد ثورياً كل أنماط  الانتهازية والتخريب وستختفى أدوات التأمر على مختلف صنوفها وسوف ينبعث مشروع الحرية والعدالة الاجتماعية ..وسيبنى ثوار الامة الباسلة أوطانهم وفقاً لارادتهم ومشروعهم الحضاري القائم على السيادة الكاملة لدولهم وسيندم المخربون الصهاينة وأدواتهم المختلفة..وقد أُعذر من أنذر ..وسيستمر المسار الرسالى فى ديننا الحنيف ناصعاً كما أنزله الله العلى القدير وكما رسخ أركانه الكريمة رسوله الاكرم وذلك رغم أنف كل الذين يسيرون الان دون وعى فى درب المهابيـــل ….


قال تعالى :ـ


            بســـم اللــــه الرحمــــن الرحيـــــم

((ان انزلنـــاه قرآنــا عربيـــا لعلهـــم يعقـــلون)) ))


قال الرسول الاكرم:ـ


((من رضى بالذل طائعــاً فليس منا )) ))

رمضان عبدالله العريبى

218918075212+

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق