الخميس، 6 يونيو 2013


أملاك الوقف فى ليبيا

بين الإستيلاء والإستحواذ والتزوير



الصورة الشخصية2
المهندس / فتح الله سرقيوه

يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز … بسم الله الرحمن الرحيم (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا *الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا *أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) صدق الله العظيم … ويقول سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته :علماً علمه ونشره . وولدا صالحاً تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجداً بناه ، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه ،أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته ).

 

إن كثيرا من الناس من يكفر بالله ظانا أنه يحسن بكُفره صُنعا، أو يُسيء ظاناً أنه مُحسن ، أو يُفسد في الأرض ظاناً أنه يُصلح ، أو يُشرك ظاناً أنه موحِّد ، أو يظلم ويعتقد أنة مظلوم . فلماذا يحاول البعض قطع الرحمة والأجر على غيرهم فهل أولئك الذين أوقفوا أملاك وأراضى ومزارع للأوقاف لوجه الله تعالى ؟ ، كأولئك الذين لم يُعرف عنهم سوى الطمع والجشع ونهب المال العام ويستغلون مناصبهم وعلاقاتهم بالمتنفذين فى الدولة وفى أى زمن كان ولا يستحون فى تزوير أو غش أو إستيلاء فى مال عام أو أملاك للدولة أو أملاك وقف.


لقد عُرفت بعض المدن الليبية بإحترام الأوقاف وممتلكاته دعماً وحماية وإستثماراً وتقديراً ومن هذه المدن طرابلس ومصراته وزليتن ومسلاته وبنغازى والبيضاء ودرنه وغيرها من المدن التى يُقيم أهلها وزناً لما تعارف عليه المُسلمون الذين يحبون الله ورسوله ويتبعون سنته . وإننى أتذكر أن أهلنا كانوا يوصُون دائماً بإحترام أراضى الوقف وعدم اللعب فيها أو قطع أشجارها أو الأكل من ثمارها إلا بإذن من حارسها ، حيث كان فى مدينتى درنه (حى بومنصور) وهو أكثر أحياء المدينة بأملاك الوقف فقد كانت الكثير من الأراضى بهذا الحى الذى يحتضن مقبرة صحابة رسول صلى الله عليه وسلم وخصوصاً تلك المقبرة التى كان يطلق عليها (مقبرة سيدى إمحمد بى) وهو رجل مصلح قدم إلى درنه فى العهد العثمانى الأول وكان أهالى حى بومنصور يقدرون الأولياء الصالحين ويحترمون أملاك الوقف ويعتبرون أن لها حُرمة خاصة .


 ففى مدينة درنه وفى زمان الود بين الناس والطيبة والإيمان الخالص لوجه إلله كان أهالى المدينة كافة يحترمون (إدارة الأوقاف) التى تُشرف على أملاك الوقف منذ العهود التركيه المُتعاقبة ويثقون فى كلام الدُعاة والعلماء والفُقهاء بأن كل من وهب أرض أو مزرعة أو عقار لهيئة الوقف فهى صدقة جارية يكافئه الله تعالى عنها إلى يوم يبعثون .. إيمان فطرى فى حب الله ورسوله وكم من مزارع وعقارات وبيوت فى مدينة درنه كانت تُؤجر من أجل أن تعود بعائد مالى تُستخدم فى الصدقات للفقراء والمساكين وفى صيانة المساجد وزوايا تحفيظ القرآن ومساعدة عابر السبيل والمحتاج ولم يُفكّر يوماً أحد أو تجرأ من سكان هذه المدينة أن يعتدى على أملاك الوقف لأن ذلك يُعد عملاً مُشيناً فى حق نفسه وأسرته وقبيلته ويصبح مضرباً للأمثال فى الإعتداء على حدود إلله ورسوله .


أيها السادة الكرام القراء .. كم يؤسفنى اليوم وأنا أسمع كيف تم الإعتداء على الوقف الذى يُعتبر من الحرمات الإسلامية ومن حق صاحبه الذى أوقفه لخدمة الإسلام والمُسلمين ، وهذه الإعتداءات لم تكن صدفة وإنما هى مُدبّرة من الجهات الإدارية والتنفيذية فى أواخر العهد السابق الذى فتح المخالفات والإعتداءات على أملاك الوقف وقام بتخصيص عقارات الوقف لمن يدورون فى فلكه من التُبع قضاة ومحامين ومهندسين ومُتنفذين ومسؤولين ورجال سلطة بدون وجه حق ويا ليت ذلك من أجل مواطن فقير أو مُحتاج أو مُعدّم ، اليوم نسمع بأن أراضى الوقف المُغتصبة تباع علناً بمئات الآلاف من الدينارات دون حياء ولا خجل من أولئك السماسرة الذين إستولوا عليها نتيجة لعلاقاتهم مع المتنفذين فى نظام القذافى ، هذه العقارات تقع فى وسط مدينة درنه ونواحيها وكان الأجدر بهم التنازل عنها وترجيعها لإدارة الأوقاف الجديدة لكى يعود الحق لأصحابه وأن يٌكّفروا عن ذنوبهم لإرتكابهم لهذا الظلم والخطأ الفاحش الذين سيعود على أسرهم وأبنائهم وعافيتهم وسيبتلوا بإنتقام الله فى الدنيا قبل الآخرة .


إننى ادعوا إدارة الأوقاف بمدينة درنه وبكل مدن ليبيا التى تم الإعتداء فيها فى السابق والآن  على عقارات الوقف أن يتحركوا بكل حزم وقوة لترجيع هذه العقارات ولو بالقوة وحتى يتم تفعيل القانون وتصحيح الأمور لأنهم مُساءلون أمام الله تعالى وأمام الناس وأمام القانون العادل ولكى يستردوا حق المسلمين الذى أوقفوا أملاكهم منذ مئات السنين من أجل عمل الخير ومن أجل أن يعود ذلك عليهم بالثواب والأجر .. أما أولئك الذين تجرأوا على أملاك الوقف وإستباحوها وإستخرجوا لها شهادات عقارية ظلماً وعدوانا وتزويراً فلا شك أنهم لا يقيمون لتعاليم الدين وزناً ولا إحتراماً فهم لا يخافون من الله ولا ممن أوكلت لهم مهام الحفاظ على أملاك الأوقاف … أللهم فأشهد إللهم إنى بلغت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق