الثلاثاء، 19 يوليو 2016

واشنطن تحذّر أنقرة من تجاوز الإجراءات القانونية…

واشنطن تحذّر أنقرة من تجاوز الإجراءات القانونية… وتركيا تلوّح بإعادة النظر في صداقتها وتعتبر انتقادات أوروبا دعما لمحاولة الانقلاب

إجراءات أمنية غير مسبوقة: اعتقالات وعزل آلاف الموظفين وتفتيش قاعدة «إنجيرليك»

Jul 19, 2016


إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

 وسّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما يُمكن وصفه بـ»الانقلاب المضاد» ضد المشتبه بمشاركتهم أو تواطؤهم مع منفذي محاولة الانقلاب مساء الجمعة، حيث طالت الاعتقالات والإقالات التي تعد بالآلاف ولاة المناطق والشرطة، بعد أن انحصرت في الأيام الماضية في جهازي الجيش والقضاء، وقالت أنقرة إنها ستعيد النظر في علاقاتها بالولايات المتحدة ما لم تسلمها رجل دين تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب. فيما قالت الخارجية الأمريكية إنها حذرت تركيا من تجاوز الإجراءات القانونية في إحالة المتآمرين للعدالة.
ورد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو برفض الانتقادات واعتبرها دعما لمحاولة الانقلاب.
كما رفض الوزير التركي تصريحات المفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، يوهانس هان، وقال عبر حسابة على «تويتر»: «لا يمكن قبول تصريح المفوض الأوروبي هان، الذي قال فيه إن قوائم الاعتقال (الضالعين في محاولة الانقلاب) أُعدت مسبقا، وللأسف لم يدرك هان التطورات التي شهدتها بلادنا، بشكل كامل».
ودخلت قوات من الشرطة الخاصة وعناصر من النيابة العامة قاعدة إنجيرليك الجوية التي تتمركز فيها القوات الأمريكية في تركيا وقامت بعمليات بحث وتفتيش.
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أوضح الاثنين عقب أول جلسة لمجلس الوزراء بعد محاولة الانقلاب أن عدد «شهداء» محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت الجمعة الماضية، بلغ 208، بينهم 60 شرطيا و3 جنود و145 مدنياً، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة للاطلاع على خلفيات المحاولة، وملاحقة الضالعين فيها».
وأعلن يلدريم أنّ عدد المصابين خلال المحاولة بلغ ألفا و491 آخرين، فيما وصل عدد الموقوفين إلى 7 آلاف و543، بينهم 100 شرطي، و6 آلاف و38 عسكرياً يحملون رتباً مختلفة، و755 من جهاز القضاء، و650 مدنياً.
من جهتها، عزلت وزارة الداخلية التركية نحو تسعة آلاف موظف في أنحاء البلاد من الخدمة، حسبما أفادت وكالة الأنباء التركية الرسمية. وذكرت الأناضول أن 8777 موظفا يعملون في الوزارة تم تسريحهم من الخدمة بينهم ثلاثون حاكما واثنان وخمسون مفتشا في الخدمات المدنية وستة عشر مستشارا قضائيا.
وقالت تقارير إعلامية أخرى إن ضباطا في الشرطة والجيش وخفر السواحل عزلوا أيضا من الخدمة. وكشفت وسائل إعلام تركية أن مئة وثلاثة ضباط برتبة جنرال وأميرال جرى احتجازهم في أنحاء البلاد للتحقيق معهم في محاولة الانقلاب الفاشلة.
ورفعت القوات التركية إجراءاتها الأمنية بشكل غير مسبوق، وانتشر في مدينة اسطنبول فجر الاثنين 1800 عنصر من القوات الخاصة التابعة للشرطة التركية قادمين من المدن المجاورة، واتخذوا مواقع لهم في المرافق الحيوية وانطلقوا في دوريات في المدينة، بينما قال أمين عام البرلمان التركي عرفان نذير أوغلو «إن مستوى التدابير الأمنية في البرلمان تم رفعها إلى فوق المستوى الاعتيادي».
كما قرر يلدريم إلغاء الإجازات السنوية لكل الموظفين الحكوميين الأتراك حتى إشعار آخر، وفق نص القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية. ودعي الموظفون الذين هم في إجازة إلى العودة إلى عملهم «في أقرب الآجال»، وفق النص الذي يشمل ثلاثة ملايين شخص، وسط أنباء عن قرار حكومي بمنع سفر جميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين لخارج البلاد.
إلى ذلك أمر رئيس شرطة اسطنبول مصطفى تشاليسكان بإسقاط أي مروحية تحلق في سماء المدينة دون أي سابق إنذار، وذلك عقب أمر أردوغان بنشر طائرات أف-16 للقيام بأعمال الدورية في المجال الجوي التركي في أنحاء البلاد، وفقا لوكالة الأناضول.
وفي أنقرة، قتلت الشرطة التركية الاثنين رجلا فتح النار على شرطيين أمام محكمة العاصمة حيث يمثل جنود متهمون بالمشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة، وتبين أن المسلح كان جنديا ولكن لم يتم الكشف عن علاقة بين الحادث ومحاولة الانقلاب. وتوجهت الى المكان عربات مصفحة وقوات من الشرطة في حين تسود حالة تأهب في أنقرة.
وفي حادث آخر في إسطنبول، أُصيب جميل جانداش، نائب رئيس بلدية حي «شيشلي» بجراح بالغة الخطورة، جراء تعرضه لإطلاق نار في مقر عمله، مساء الاثنين، لكن مصادر أمنية قالت في وقت لاحق إن خلفية الحادث هي جنائية على الأغلب وليس لها علاقة بمحاولة الانقلاب.
ومساء الاثنين، داهم عناصر من الشرطة مع مدعين عامين قاعدة إنجيرليك الجوية في جنوب تركيا التي تستخدمها قوات التحالف الدولي لشن ضربات جوية ضد تنظيم «الدولة» في سوريا والعراق، خاصة القوات الأمريكية في ظل اتهامات من قبل وسائل إعلام تركية بوجود مشاركة كبيرة للوحدات التركية العاملة في القاعدة بمخطط الانقلاب.
وفي مؤشر جديد على تصاعد الخلاف مع واشنطن، قال يلدريم إن بلاده ستلجأ إلى إعادة النظر في صداقتها مع الإدارة الأمريكية في حال عدم تسليم الأخيرة فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال يلدريم: «إذا كان أصدقاؤنا يطالبوننا بأدلة وبراهين تثبت ضلوع ذاك القابع في الولايات المتحدة، بمحاولة الانقلاب، (في إشارة إلى فتح الله غولن) رغم كل هذا التنظيم والإدارة من قبله، فإننا سنصاب بخيبة أمل وربما نلجأ إلى إعادة النظر في صداقتنا معهم.»
وأعلن الحلف الأطلسي ـ الناتو ـ أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ تحادث الاثنين مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وذكّره بـ»ضرورة» ان تحترم تركيا بشكل كامل دولة القانون والديمقراطية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
إلى ذلك نقلت محطة (سي.إن.إن) الإخبارية الأمريكية عن الرئيس قوله أمس الاثنين إن البرلمان هو الذي سيفصل في مسألة إعادة تطبيق عقوبة الإعدام وإنه في حالة إقرار ذلك سيوقع على الإجراء ليصبح قانونا.
وألغت تركيا عقوبة الإعدام في عام 2004 في إطار جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لكن المطالبة بإعادتها تزايدت في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل الذي وقع مساء الجمعة وراح ضحيته أكثر من 200 شخص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق