الثلاثاء، 10 مارس 2015

هل سيتم طرد ونفي العرب والمسلمين مرة أخرى؟ د. الهادي شلوف



هل سيتم طرد

ونفي العرب والمسلمين مرة أخرى؟


الهادى شلوف


صحيفة العرب القطريه .
 
القضاء الفرنسي يستدعي طفلا عمرة لم يتجاوز 8 سنوات للتحقيق أمام الشرطة القضائية بسبب أنه رفض أن يقف دقيقة حداد على موتى شارل إبيدو بل اتهم هذا الطفل أنه قام بتقديم تهديدات للفرنسيين والمسيحيين وأنه يعتبر إرهابياً حسب وصف إدارة المدرسة.
  المحكمة الدستورية الفرنسية أي المجلس الدستوري ولأول مرة بالتاريخ يقرر بسحب الجنسية عن مغربي قد صدر عليه حكم بالسجن بقضية إرهاب.
الاتهام بالإرهاب بدأ يلاحق المسلمين في كل البلاد الأوروبية، حيث تقوم أجهزة المخابرات باختلاف أنواعها وأشكالها باستعمال كل الوسائل لمتابعة وتعقب أي مسلم لأن المسلم أصبح متهما إلى أن تثبت براءته وهو عكس مبادئ القضاء والقانون وحقوق الإنسان أن الإنسان بريء إلى أن تثبت على التهمة. الحقيقة، من الجهل والغباء ألا نقتدي بالقاعدة القائلة: إن التاريخ يعيد نفسه من وقت إلى آخر وكلما اقتضت المصالح والأهداف في التاريخ السياسي الدولي.
التاريخ الإسلامي المسيحي هو أكبر ترجمة للتاريخ السياسي مروراً بغرناطة وحروب الصليبين والرجوع إلى التاريخ الحديث من استعمار مباشر إلى استعمار حديث يتمثل في الاستعمار المتمثل في الثقافة والسيطرة التكنولوجية. فحقيقة الصراع الثقافي بكل معانية من عسكري إلى اقتصادي بين الدين الإسلامي والمسيحي أو بمعنى أكثر دقة الحرب على المسلمين تبدأ بعد هزائم المسلمين على يد إيزابيلا وفيرنارد، حيث عندها وقعت أول اتفاقية بين المسلمين والإسبان في غرناطة عام 1492 وهو ما يسمى اليوم في القانون الدولي باتفاقية الاستسلام الغير مشروط والتي تعطي المنتصر الحق في أن يملي ما يريده فكانت اتفاقية الإسلام والمسيحية هي بداية إلى قاعدة المنتصر والمهزوم، ورغم أنه وحسب بنود هذه المعاهدة أو هذه الاتفاقية تعطي أو تنص بالسماح لرعايا الملك بالاحتفاظ بمساجدهم ومعاهدهم الدينية، ولهم حق استخدام لغتهم والاستمرار بالالتزام بقوانينهم وعاداتهم، إلا أن بنود تلك المعاهدة قد نقضت خلال السنوات السبع التالية بل أصبح التهجير والنفي علنا وأصبح المسلمون بين خيارين إما التنصر أو الرحيل إلى شمال إفريقيا أو القتل.
فحتى المسلم الذي تنصر وأصبح كاثوليكيا لم ينج من المتابعة والملاحقة سرياً وعلنياً وفي حال أن يرفض احتساء الخمر، أو تناول لحم الخنزير تتهمه المحكمة الكاثوليكية مباشرة بأنه ليس مسيحيا، وإنما هو مسلم ومن ثم يجب قتله وصلبه أو حرقه أو نفيه إلى شمال إفريقيا إن كان محظوظا.
بل إن المحكمة الكاثوليكية تعتبر كل من له تصرفات مثل تناول “الكسكس” وهو غذاء شمال إفريقي، واستخدام الحناء، أو رمي الحلوى خلال حفلات الزفاف، والرقص على إيقاع الموسيقى العربية أو البربرية تعتبره المحكمة الكاثوليكية عادات غير مسيحية ويجب نفيه أو عقابه ومصادرة أمواله.
أما بالنسبة للمغاربة الذين كانوا مسيحيين أصليين، فقد كانوا يعتبرون كمواطنين من الدرجة الثانية، وكانوا يتعرضون للنقد من قبل المسلمين والمسيحيين على حد سواء. ورغم أن إطلاق اسم Morisco على المغربي يعتبر لفظاً ينتقص من قدره، فإن المؤرخين يرون أن هذا الاسم مناسب لتمييز العرب أو المغاربة الذين بقوا في إسبانيا بعد سقوط غرناطة.
قام “فيليب الثاني” في عام 1567م بتجديد مرسوم لم يتم تنفيذه بإحكام من قبل لقد أصدرته إيزابيلا. وهو ينص على عدم شرعية استخدام اللغة العربية، وحظر الدين الإسلامي واللباس والعادات الإسلامية. وقد صدر هذا المرسوم في فترة التمرد الثانية للبوجراسيين (1568م – 1570م) والذي بدا أنه قام بمؤامرة سرية مع الأتراك. 
وتم القضاء على الانتفاضة بوحشية من قبل نبيل النمسا “الدون جوان”. وكان من أكثر الأعمال الوحشية التي ارتكبها هو تدمير مدينة “جاليرا” وحتى شرق غرناطة ومحوها تماماً، حيث قام بمذبحة راح ضحيتها 2500 امرأة وطفل، وإلى تشتيت شمل إسبانيا حوالي 80000 مسلم متواجدين في غرناطة والذين ذهبوا فيما بعد إلى المناطق الأخرى من إسبانيا، حيث تمت معاملتهم على أنهم عبيد، واستقر المسيحيون القدامى، وهم من شمال إسبانيا في مدنهم وبيوتهم.
وبحلول عام 1582م، اقترح مجلس دولة الملك فيليب الثاني فكرة طرد المسلمين، ورأى المجلس أن ذلك هو الحل الوحيد للصراع القائم بين الجاليات، رغم وجود بعض المخاوف من حدوث حالة تردي اقتصادي مؤذ حيث سيفتقد إلى المهارة الحرفية، وسيكون هناك نقص في الخبرة والقوة البشرية العاملة في الزراعة.
وبما أن هناك معارضة من قبل بعض النبلاء، ونظراً لأن الملك كان مشغولاً بالأحداث العالمية، فإنه لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن حتى عام (1609م – 1610م) حيث أصدر فيليب الثالث ،مرسوم الطرد ومصادرة جميع حقوق من هم بقوا بإسبانيا من مسلمين مرتدين أو معتنقين المسيحية.
وفي يوليو عام 1610م، أوصت الكنيسة بأن يتم بيع جميع الأطفال المسلمين من هم فوق سن السابعة الموجودين في مملكة بلنسية إلى المسيحيين القدامى بشكل دائم، وهم: أيتام المتمردين، والأطفال الذين استحوذ عليهم الجنود وآخرون لم يفصح عن هويتهم، كانوا يظنون أنهم بذلك يفعلون الخير.
وحسبما جاء في الوثيقة المؤرخة في 17 أبريل عام 1610م، فقد أرسل من مملكة بلنسية حوالي 1832 من الصبية والفتيات المسلمين وأعمارهم ما بين السابعة أو أدنى -وكان ذلك ضد رغبة أوصيائهم- إلى قشتالة لخدمة الأساقفة وكبار قوم المملكة.
لقد أدرك المسلمون آنذاك أنهم خسروا كل الحروب ولم يعد أمامهم إلا الهجرة وترك إسبانيا وأن منطق القوة هو الذي جعل البقية الباقية من المغاربة يغادرون إسبانيا في نهاية القرن السادس عشر بعد التمثيل بهم وبعد أن لحقت الإهانة حتى بكل أولئك الدين اعتنقوا المسيحية ولم تقم أية قيامة للمسلمين في أوروبا فيما بعد.
  خلال القرن الثامن عشر وأطماع أوروبا في الهيكل المتهاري للأمة الإسلامية بدأت حقبة الاستعمار لشمال إفريقيا من قبل فرنسا وبريطانيا ومن بعد إيطاليا.
المسلمون عادوا إلى أوروبا أولا كخدم للمستعمر ثم كجنود للقتال ضد قوات المحور خلال الحرب العالمية الأولي ثم الثانية.
المسلمون عادوا إلى أوروبا أيضاً كعمالة رخيصة مهانة تبحث عن لقمة العيش ومن بعد بدأت هجرات فردية إلى أوروبا حتى القرن العشرين حيث بدأ المسلمون بهجرة مكثفة إلى دول أوروبا للهرب من أوطانهم هربا من الجوع والفقر ثم من الأنظمة السياسية الحاكمة في بلدانهم.
  لعل الهجرات الأخيرة والهرب من سوريا والعراق وليبيا ولبنان وأفغانستان والصومال وغيرها من بلاد الإسلام قد جاءت وأحداث 11 سبتمبر 2001 لقد رسخت عقيدة أن المسلم الإرهابي الذي يجب الحذر منه والابتعاد عنه بقدر الإمكان.
السؤال المطروح للنقاش هل سيأتي اليوم الذي سيتم فه طرد المسلمين والعرب من أوروبا باسم الإرهاب ووفقا لقانون تسنه أوروبا من جديد كما حصل في إسبانيا أو لربما اتفاقية دولية بين البلاد العربية والإسلامية من جهة وأوروبا من جهة أخرى لاستلام مواطنيها.
أعتقد أنه على المسلمين والعرب أن يفكروا من اليوم لأن التاريخ يعيد نفسه كلما تغيرات مجريات وأحداث الأيام الخاصة بالدول.
shallufhadi@yahoo.com
تحرير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق