الإيبولا: حرب بيولوجية ضد إفريقيا؟
رأي القدس
ابتليت البلدان المعروفة ب»العالم الثالث»، وخصوصاً القارة الإفريقية،
في العصر الحديث، بعدد من الجائحات والأمراض المميتة مثل الإيدز (أو
السيدا)، المالاريا، السل، الديزنطاريا؛ وينتمي ايبولا، الوباء الأخطر الذي
يجتاح وسط وغرب إفريقيا حالياً، لعائلة فيروسات لا يعرف علماء العالم عنها
شيئاً، والحاضنة الطبيعية التي جاء منها غير معروفة، وليس هناك لقاح أو
مضاد للفيروس مكتشف بعد، مما رفع معدل وفاة المصابين به الى 50 – 90 بالمئة
خلال سبعة أيام من الإصابة.
ويعتبر نوع الإيبولا المنتشر في الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) والسودان مسؤولاً عن قتل اكثر من 95 بالمئة من حالات الإصابة، وإضافة الى الكونغو الديمقراطية والسودان، يتموضع المرض في اوغندا، والغابون وأنغولا والكونغو وساحل العاج وسيراليون وغينيا .
ولعلّ من سوء طالع مواطني هذه البلدان التي انتشر هذا المرض فيها، أن انتشاره في دول فقيرة سبب كبير لتجاهله والتعامل مع مواطني تلك البلدان كمصابي الجذام أو الطاعون في العصور القديمة، بحيث يتم العمل على تحويل بلدانهم بأكملها الى محاجر صحية يحاصر مواطنوها ويعاملون كخطر مميت يجب القضاء عليه لا مساعدتهم على النجاة، وهو ما قد يدفع بلداناً أخرى انتقل المرض الى مواطنيها الى محاولة التكتم على المشكلة بدل إعلانها كي لا تضمّ البلد ومواطنوها الى قائمة «المسلخ العالمي».
وللتذكير، فحين بدأ مرض الإيدز بالانتشار قامت الكثير من الدول بإنكار وجود إصابات فيها وتمنّعت عن معالجة المصابين في مستشفياتها العامة مما أدى إلى إفقار شديد لمجموعات سكانية كبيرة في عدد كبير من بلدان العالم ولخسائر اقتصادية كبيرة للأمم نفسها على المدى الطويل، وساهمت الوكالات الدولية والإقليمية، منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي في تمويل برامج وقاية وعناية تركز على السلوكيات الفردية، بدلا من التركيز على السلوكيات ضمن السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونتيجة تجاهل الحقائق المحلية كان انتشار المرض أسرع بكثير من برامج علاجه، بحيث أصبح، المصابون به عام 2008 يقاربون 34 مليون شخص، وصار المصابون به في بلد مثل اوغندا (التي هي إحدى مناطق تركز ايبولا حالياً)، عام 2000 يشغلون نسبة سبعين بالمئة من أسرّة المستشفيات وبلغ عدد المصابين به قرابة المليونين بحيث سبب 12 بالمئة من عدد الوفيّات.
مع اتجاه العالم الحثيث الى العولمة الاقتصادية، وخصوصاً في وسائل الإتصال (الميديا، الإنترنت والجوّال)، تظهر الثورات والنزاعات الأهلية والإثنية والدينية، كما لو كانت مضادّات طبيعية للعولمة، ويشكّل ظهور أوبئة مثل الإيدز والإيبولا إشكالية كبرى لهذه العولمة، فهذه الأوبئة تستخدم ما وفرته العولمة من إمكانيات (السياحة والهجرة والتهريب والتبادل العالمي للبضائع) لمساءلة إمكانياتها على الرد، ولامتحان فرضيّاتها وميثولوجياتها، ومن ذلك بالطبع، نظرية المؤامرة.
تجلّى ذلك أثناء انتشار مرض الإيدز، منذ التسجيل الأول لانتشاره عام 1981، حيث سادت نظرية مؤامرة تقول ان المخابرات المركزية الأمريكية قامت بنشر الفيروس المميت للتخلص من المثليين جنسياً والأفارقة الأمريكيين، وكان هناك عدد من الشخصيات المشهورة التي آمنت بتلك النظرية مثل الرئيس الجنوب إفريقي ثابو مبيكي، معترضاً على فكرة أن الفيروس بدأ انتشاره في إفريقيا ومتهما الحكومة الأمريكية بتصنيع الفيروس في مختبراتها العسكرية، بل إن عالم البيئة الكيني وانغاري ماثاي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، استخدم منصة الجائزة لدعم تلك الفرضية، ويشير الكثيرون بأصابع الإتهام الى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الذي قام بدمج قسم الأسلحة البيولوجية للجيش مع المؤسسة القومية للسرطان عام 1971.
وقد روى وزير سودانيّ زار «القدس العربي» قبل سنوات تفاصيل كثيرة ومعلومات استقاها من معارفه الدبلوماسية وخبراته عن خطّ عام يعكس قناعة غربية بمآلات إفريقيا، ومن ذلك ترك مناطق كبرى منها لتباد بالأوبئة والجائحات والكوارث الطبيعية والسياسية، وهي نظرية غريبة تعكس ريبة وانعدام ثقة كبيرين بآراء الغرب وسياساته.
من المعلوم، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر فيروس إيبولا شكلاً من أشكال الحرب البيولوجية، وليس وباء ساريا فحسب، ولا ندري إن كان إعلان واشنطن عزمها إرسال 3 آلاف عسكري الى غرب إفريقيا للمشاركة في جهود مكافحة فيروس الإيبولا، ودعوتها مجلس الأمن الدولي الى عقد اجتماع استثنائي لمناقشة الوباء الخميس المقبل سيرفعان من أسهم نظرية المؤامرة تلك أم سيخفضانها؟
ويعتبر نوع الإيبولا المنتشر في الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) والسودان مسؤولاً عن قتل اكثر من 95 بالمئة من حالات الإصابة، وإضافة الى الكونغو الديمقراطية والسودان، يتموضع المرض في اوغندا، والغابون وأنغولا والكونغو وساحل العاج وسيراليون وغينيا .
ولعلّ من سوء طالع مواطني هذه البلدان التي انتشر هذا المرض فيها، أن انتشاره في دول فقيرة سبب كبير لتجاهله والتعامل مع مواطني تلك البلدان كمصابي الجذام أو الطاعون في العصور القديمة، بحيث يتم العمل على تحويل بلدانهم بأكملها الى محاجر صحية يحاصر مواطنوها ويعاملون كخطر مميت يجب القضاء عليه لا مساعدتهم على النجاة، وهو ما قد يدفع بلداناً أخرى انتقل المرض الى مواطنيها الى محاولة التكتم على المشكلة بدل إعلانها كي لا تضمّ البلد ومواطنوها الى قائمة «المسلخ العالمي».
وللتذكير، فحين بدأ مرض الإيدز بالانتشار قامت الكثير من الدول بإنكار وجود إصابات فيها وتمنّعت عن معالجة المصابين في مستشفياتها العامة مما أدى إلى إفقار شديد لمجموعات سكانية كبيرة في عدد كبير من بلدان العالم ولخسائر اقتصادية كبيرة للأمم نفسها على المدى الطويل، وساهمت الوكالات الدولية والإقليمية، منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي في تمويل برامج وقاية وعناية تركز على السلوكيات الفردية، بدلا من التركيز على السلوكيات ضمن السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونتيجة تجاهل الحقائق المحلية كان انتشار المرض أسرع بكثير من برامج علاجه، بحيث أصبح، المصابون به عام 2008 يقاربون 34 مليون شخص، وصار المصابون به في بلد مثل اوغندا (التي هي إحدى مناطق تركز ايبولا حالياً)، عام 2000 يشغلون نسبة سبعين بالمئة من أسرّة المستشفيات وبلغ عدد المصابين به قرابة المليونين بحيث سبب 12 بالمئة من عدد الوفيّات.
مع اتجاه العالم الحثيث الى العولمة الاقتصادية، وخصوصاً في وسائل الإتصال (الميديا، الإنترنت والجوّال)، تظهر الثورات والنزاعات الأهلية والإثنية والدينية، كما لو كانت مضادّات طبيعية للعولمة، ويشكّل ظهور أوبئة مثل الإيدز والإيبولا إشكالية كبرى لهذه العولمة، فهذه الأوبئة تستخدم ما وفرته العولمة من إمكانيات (السياحة والهجرة والتهريب والتبادل العالمي للبضائع) لمساءلة إمكانياتها على الرد، ولامتحان فرضيّاتها وميثولوجياتها، ومن ذلك بالطبع، نظرية المؤامرة.
تجلّى ذلك أثناء انتشار مرض الإيدز، منذ التسجيل الأول لانتشاره عام 1981، حيث سادت نظرية مؤامرة تقول ان المخابرات المركزية الأمريكية قامت بنشر الفيروس المميت للتخلص من المثليين جنسياً والأفارقة الأمريكيين، وكان هناك عدد من الشخصيات المشهورة التي آمنت بتلك النظرية مثل الرئيس الجنوب إفريقي ثابو مبيكي، معترضاً على فكرة أن الفيروس بدأ انتشاره في إفريقيا ومتهما الحكومة الأمريكية بتصنيع الفيروس في مختبراتها العسكرية، بل إن عالم البيئة الكيني وانغاري ماثاي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، استخدم منصة الجائزة لدعم تلك الفرضية، ويشير الكثيرون بأصابع الإتهام الى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الذي قام بدمج قسم الأسلحة البيولوجية للجيش مع المؤسسة القومية للسرطان عام 1971.
وقد روى وزير سودانيّ زار «القدس العربي» قبل سنوات تفاصيل كثيرة ومعلومات استقاها من معارفه الدبلوماسية وخبراته عن خطّ عام يعكس قناعة غربية بمآلات إفريقيا، ومن ذلك ترك مناطق كبرى منها لتباد بالأوبئة والجائحات والكوارث الطبيعية والسياسية، وهي نظرية غريبة تعكس ريبة وانعدام ثقة كبيرين بآراء الغرب وسياساته.
من المعلوم، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر فيروس إيبولا شكلاً من أشكال الحرب البيولوجية، وليس وباء ساريا فحسب، ولا ندري إن كان إعلان واشنطن عزمها إرسال 3 آلاف عسكري الى غرب إفريقيا للمشاركة في جهود مكافحة فيروس الإيبولا، ودعوتها مجلس الأمن الدولي الى عقد اجتماع استثنائي لمناقشة الوباء الخميس المقبل سيرفعان من أسهم نظرية المؤامرة تلك أم سيخفضانها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق