الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

ام العز الفارسي: قانون مكافحة الإرهاب، ليس ألان

 

  ام العز الفارسي:
 قانون مكافحة الإرهاب،
 ليس ألان




 
لسنا من صنع الإرهاب لنقر قوانين محاربته أوحتى الحد منه، مع أن قوانين كهذا من صلب أعمال السلطة التشريعية التي تضع الضوابط والمحاذير، مرافقة للحقوق والواجبات، ولكننا في مرحلة انتقالية محفوفة بالمخاطر ولها أولوياتها، ودون الدخول في تفاصيل قانون مكافحة الإرهاب الذي صاغته وزارة العدل الليبية في الحكومة المؤقتة لتدافع عنه وتجعله علي قائمة أولويات مجلس النواب الحالي، وألان، مستندة في دفوعاتها عنه بالحالة الليبية المعقدة التي تنبئ باستمرار نزيف الدم الليبي، بل ومستقبل غامض قد تتحول معه ليبيا إلي دولة فاشلة تحتضن الإرهاب، غير أني أجد لزاما  أن أقول "لا... ليس الآن" ليس الآن يا مجلس النواب، فكل قوانين مكافحة الإرهاب التي وضعتها دول قبلنا، كانت قوانين إشكالية؛ فسرت علي أنها سلاح ذوحدين، فهي تنادي بمكافحة الإرهاب من ناحية، وفي نفس القوت تحد من حرية التعبير والتفكير، فمصطلح الإرهاب هومصطلح ظني مريب، وهلامي وغير متفق علي تعريفه، ولا علي حيثيات تصف من يقوم به، ولا كيفية إثبات جرمه، وهل الجرم جرمه أوجرم داعميه، ومناصريه والواقفين معه يكاتفونه، ويبررون أسبابه، ليحققوا أهدافهم ومآربهم؟


متفقون علي موقف مناهض لأعمال الإرهاب، ولدينا أحلام تتعلق بالسلام والأمان المجتمعي، وترفض العنف والاستبداد بكل صوره، خاصة بعد أن تمادت صور العنف في اختراق حياتنا وحياة أطفالنا وأدخلت الرعب إلي عقول أمهاتنا...، أعاقت حياتنا وأوقفت مظاهر استمرار جهود بناء بلادنا، متحدية الدولة وضاربة بما انجزناه عرض الحائط، لفرض نموذجها ورفض ما عداها... كلنا لدينا موقف موحد يرفض هذا الذي يقتل دون دليل، ويذبح دون رحمة، ولكن قانون للإرهاب، ألان! سيزيد الأمر تعقيدا.

فحتي الدول التي صنعته،وأقصد الإرهاب الذي يهدد حياة الجميع، ثم عانت منه لعقود، مرتبكة في مواجهته فتصريحات المسئولين الغربيين الذين يعرفون الارهاب جيدا، ولديهم من الاليات والاجهزة من يعرف عنه كل التفاصيل، متناقضة في تفسير الظاهرة وفي اسلوب معالجتها، ففي ظاهرها تبدوا متفقة علي أهمية مكافحة الإرهاب ومحاربته ولكن من لنا بمحاربة ومكافحة داعميه، هل لدينا القدرة علي كشف خبايا تنظيماته ومن يقف معها، ولماذا تنمو وتتكاثر في بلداننا، هل لدينا القدرة علي كشف الأخطاء، ومواجهة التضحيات للوصول إلي قانون حقيقي للحد من الإرهاب، أليس من الأولي أن نبحث في أسباب نموه في بلداننا، لنقضي عليها أولا؟؟ ومن له بإيقاف آليات الدعم والتسليح، هل نحن فعلا نمتلك القدرة علي الفعل؟


موضوع إصدار قانون لمكافحة الإرهاب اكبر من قضايا شأننا الداخلي ألان... فنحن في أمس الحاجة إلي خلق توافق علي أولويات المرحلة التي تمر بها حياتنا، وتعاني منها بلادنا، ونحتاج إلي إعادة الثقة في أجهزتنا الردعية التي افقدنا تاريخها الاستبدادي ثقتنا بها لعقود، نحن في حاجة لقوانين تعيد الثقة في مسؤلينا وتمنع الفساد المستشري في عقولنا، وتعيد روحنا الوطنية التي عانت من سياسات ممنهجة لخلق الفرقة والفتن بيننا لعقود، فالليبيين تجاوزوا الكثير من أزماتهم التاريخية، فمن حكم تركي إلي استعمار ايطالي، إلي حماية أوربية، إلي عهد طويل من السيطرة والاستبداد كانت أجهزته الأمنية تنظر بعين الشك والريبة إلي المواطن الليبي وتراه كعدو في بلاده! عوقب بالإعدام والاعتقال والمنافي لعقود بحجة مكافحة الإرهاب.


وبرغم ذلك كانت لهم دولة، ومازالت إن لم نقض عليها بسوء تقديرنا لعواقب مسؤولياتنا كمواطنين وكمسؤلين فوضت لهم اختصاصات إدارة شؤونها... فرفقا بنا، وكونوا في الموعد نوابنا، لا تأخذكم العواطف، وفكروا في ليبيا وثقوا أن ما تعملونه اليوم سيشكل لبنة في بناء ليبيا دولة الجميع، التي نحلم بها، أوفي هدم ليبيا التي كانت لنا، وحينها سيركلنا التاريخ.


فالإرهاب لا تكافحه القوانين التي تحد من الحريات وتعتقل الحقوق، بل يواجه بقوانين تصنع مؤسسات وطنية قوية وقادرة وحازمة، وأجهزة أمنية ومنظومات ردعية تضع نصب عينها أن  تحمي المواطن ولا تهدد سلامته أوترهبه أوتتقصي خطواته في الداخل والخارج وتتعامل معه كمجرم قبل أن يدان، وتعيد الثقة في محاكمنا وقضاتنا وتوفر لهم الحماية الكافية ليمارس العمل العدلي دون وصاية أوترهيب ووفقا للقانون وباستقلالية تضمن إقامة وسلامة الميزان، كما يتطلب الأمر عاجلا برفع الوصاية عن المجتمع وعن حق الناس في التعبير، وكفالة حق المراكز البحثية والمؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني في رصد توجهات الناس تجاه حياتهم واحتياجاتهم وأولوياتهم، للشروع في الوفاء بها، ليبيا ألان بحاجة ماسة إلى حملات توعية وتثقيف بأهمية بناء الدولة علي أسس دستورية تكفل الأمن والحقوق والحريات والعدالة والمساواة وحينها ستجفف منابع الإرهاب نفسها دونما حاجة لخلق قوانين لا تعد كونها حبرا علي ورق. لأنها لن تجد من يفرضها... دولة قوية تعني مؤسسات وعقول تديرها، تقدر أولوياتها وتقر الضمانات الاجتماعية التي تكفل العيش الكريم للمواطن الذي ضاق أفق انتظاره لبناء دولة مدنية تحتكم للديمقراطية والحرية والعدالة والتسامح بين الفرقاء كأساس لحوار بناء... ولن نفلح في مكافحة الإرهاب بسن القوانين التي لن تتجاوز ردود الأفعال، بل بعمل دوؤب ينزع السلاح، ويقوي مؤسسة الجيش والأمن كبداية للعمل ضد الإرهاب والإرهابيين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق