بعض من حقيقة الله تعالى -1
بقلم / محمد علي المبروك
(( غريبا ما بدأ يظهر من حالات شك في وجود الله وحالات إنكار لوجود الله تعالى خصوصا في بلدان مثل ليبيا وتونس ومصر وذلك بعد ماعرف بثورات الربيع العربي ويبدو ان هذه الحالات كانت حالات مكتومة في عهد الأنظمة السابقة وهاهى بدات تعلن عن نفسها بصورة فردية في هيئة كتابات او أفعال بعد انحلالها من الرقابة الدينية الصارمة للأنظمة السابقة وقد تتطور فيما بعد من حالات فردية الى حالات جماعية في صورة منظمات اوجماعات منكرة لوجود الله تعالى ، وإمام هذا التيه المزعج المفجع ، كان هذا المقال الذي هو جزء اول سيتبعه سلسلة من المقالات عن حقيقة الله تعالى وذلك بالحجة العقلية ولن استند فيها على ديني حتى لا اتهم بالانحياز الى ديني بل بالمقاصد الفكرية الفلسفية والعقلية ودون الاعتماد على اي مصدر وانصح كل من أراد ان يقرأ هذا المقال ان يستحضر معي تفكيره وتدبيره ولا يتعجل في القراءة وان يسكن كل العبارات في باطن تفكيره وليس ظاهره ، فإنني لاانصح من تعجل ومن قرأ ظاهرا بقراءة هذا المقال فيجب عندئذ ان يتركه ويبحث عن غيره ، وانصح بقراءة هذا المقال والمقالات اللاحقة له للذين يمعنون التفكير والتأمل والتدبير )) . الى المقال :-
يحيا الكون بنظام تلقائي ذاتي محكم هذا النظام الكوني هو نظام مخلوق ولم يظهر عبثا ولم يتكون بمترتبات بدائية ناتجة كما سوقت بعض النظريات الحديثة عن نشوء الكون والتي تقول باطلا ان الكون تكون بذاته من تفاعل لبعض العمليات الحيوية غير المنظمة ، والحقيقة ان الكون خلق وتكون بذات عظيمة هى ذات الله وإلا ماكان للكون هذه الذاتية في استمراره وهذه التلقائية في استمرار الحياة عليه .
من أمثلة الذاتية اوالتلقائية في الكون ، تشرق الشمس فتقع علي ظلام الليل فتدفعه وتقع حرارتها على البرودة فتعدلها او تحل بدلها الحرارة وتقع إشعاعات الشمس على المسطحات المائية من بحار وانهار فتبخرها ليتحول بخارها الى سحاب ثم السحاب يدفعه الريح الى مناطق الجفاف ثم يسقط المطر من السحاب وذلك متى كانت الرياح من أسفل الى اعلى وبهطول المطر ترتوي الارض وتندفع النباتات والأشجار للنمو وتلقائيا يأتي الانسان اوالحيوان من بعد هذا التسلسل التلقائي الذاتي ليأكل من النباتات والأشجار ليدفع جوعه ويحل الشبع مكان جوعه هذه التلقائية هى مجموعة من الاندفاعات بين عناصر الكون ترتبط كالسلسلة بعضها وراء بعض لتكون الحياة في وجودنا وهى تلقائية مدبرة مخلوقة ودلالة من الدلالات على وجود الله الذي رتب عناصر الكون ترتيبا تفاعليا ناتج للحياة ، هو نظام كوني دقيق لا يكون الا من قوة منظمة هذه القوة هى الله، وليس مصادفة ان يكون هناك على الارض ظلام ثم تكون من بعده الشمس لتدفع هذا الظلام وليس مصادفة ان يكون هناك على الارض جفاف ثم يكون من بعده المطر لتروي هذا الجفاف وليس مصادفة ان يكون على الارض برودة ثم تكون من بعدها حرارة الشمس لتعادل هذه البرودة ، فالكون خلق بمتقابلات او أضداد مرتبة يمنح كل مقابل لمقابله الحياة فالليل يقابله النهار الذي يمنح لليل الحياة والجفاف يقابله المطر الذي يمنح للجفاف الحياة والبرودة يقابلها الحرارة التى تمنح للبرودة الحياة وهى مرتبة من الأكبر وهى الشمس التى تقابلها الارض وهى التي تمنح الحياة للأرض .
لقد خلق الله هذاالكون خلقا مباشرا وهى بداية هذا الكون ثم وضع له هذه الذاتية اوالتلقائية التى يستمر عليها الى الآن وهى تلقائية مضبوطة منظمة يحيا بها الكون من الزمن البعيد الى الزمن الحديث ولو لم تكن هذه التلقائية مخلوقة ماكنت منظمة وما استمر الكون طول هذه القرون البعيدة ولايجوز التحجج بان عدم رؤية الله يعني عدم وجوده فليس من الجائز ولا الطبيعي ان يكون الله الذى خلق هذا الكون وخلق تلقائيته اوذاتيته عنصرا ماديا في تلقائية اوذاتية هذا الكون كباقي العناصر المادية من شمس وأرض ونهار وليل وغيرها بحيث يمكن رؤيته او مشاهدته او سماعه او النظر اليه من الطبيعي الا يكون الله مرئيا ومشاهدا في هذا الكون لان الكون خلقه الله ولم يخلقه احد لله حتى يكون الله عنصرا كونيا فيه فهذه حال المخلوقات وليس من طبيعة الخالق تعالى ، فعدم رؤية الله في الوجود ليست حجة على إنكار وجوده ، خلق الله الوجود حتى يكون عليه ولم يخلق الوجود حتى يكون فيه كأي موجود اخر، هو موجود على هذا الوجود وليس في الوجود المادي الأدنى وهو ذات لايطابقها ولايناظرها ولا يحاذيها شيئا في طبيعة الكون لذلك فان الله يعرف بالدلالات المادية للكون اي ان الكون يدلل على وجوده ولان إدراكنا ماديا يعتمد أساسا على عناصر الكون المادية فلا نرى الأشياء الا بمادة الضوء التي تقع على الأشياء ثم تنعكس في أبصارنا ولا نسمع الا بموجات مادية من الصوت تندفع عبر الهواء لتبلغ الأسماع فلا يمكن للإنسان ادراك الله ومعرفة وجوده الا بعناصر الكون المادية على سبيل الدلالة وليس على سبيل المعرفة المطلقة لله تعالى ، لقد خلق الله إدراكنا وأحكمه بالمعرفة والعلوم الكونية المؤسسة على المادة فلا يمكن ادراك ذات الله من باب رؤيته ومشاهدته الا من باب الدلالة عليه لانه ليس مثله عنصر وليس مثله شئ وهو ذات لايمكن ان تستوعبها الأبصار أوتتماثل صورتها في آدمغتنا التي هى ليست مؤهلة الا للرؤية المادية وليست مؤهلة لرؤية ومشاهدة الله تعالى الذي هو ذات غير مادية مجسمة ، الله تعالى ليس مادة وليس عنصر مجسم له تكوين معين يكمن ان يشاهد لان المادة لاتكون الا مخلوقة من الله والعناصر المجسمة التي لها تكوين معين كالليل والنهار والبحر والبر هى أيضاً مخلوقة فلايمكن للمادة ان تخلق مادة ولايمكن لعنصر له تكوين ان يخلق عنصر اخر له تكوين ، فلا تخلق المادة الكونية والعناصر الكونية الا من ذات هى اكبر من معرفتنا واكبر من إدراكنا ذات هى خارج حدود الزمان وحدود المكان اللذين ندركهما وليس من الطبيعي ان يكون الله الذي خلق الزمان والمكان في حدود الزمان او المكان اللذين خلقهما ولا يكون في حدود الزمان والمكان الا الخلائق وليس الخالق لهذا لا نرى الله وهو يرانا . (( انتظروا المقالات اللاحقة لمعرفة اكثر عن الله ))
______________________________________________________________
*
من أصل مؤلفاتي وكتاباتي هو البحث والدراسة في ظواهر وموجودات الكون
اعتمادا على الفكر والتأمل ولدي من ذلك مؤلفات عدة منها سلسلة كتاب الحقيقة
والصادر منها الى الآن خمسة كتب ونصوص ادبية في الشعر والرواية ، ذلك
للعلم حتى أزيل بعض من الحيرة لدى القراء الذين يعرفونني بالكتابة الصحفية
والسياسية ولم يعرفوني بمثل هذه الكتابات .
محمد علي المبروك خلف الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق