الخميس، 25 يونيو 2015

الدغدغة الأمريكية وسياسة (يتمنّعون وهم الراغبون)




الدغدغة الأمريكية

 وسياسة (يتمنّعون وهم الراغبون)




المهندس / فتح الله سرقيوه

يُمكن أن (تتمنّعن النساء وهن الراغبات) كما يُقال مع تقديرى وإحترامى للمرأة الليبية الفاضلة ، ولكن أبدأ بقولى بالمثل  الشعبى الليبى الذى يقول (بيت الزر إمهدّوم) .. حيث يُقال هذا المثل عندما يجتمع البعض من الوجهاء والحكماء من أجل تقريب وجهات النظر بين الزوجين الّذين زادت بينهما الخلافات مما دعت الضرورة   للتدخل من قبل  أطراف أخرى أو إحلال الوفاق والمصالحة والتقريب بين زوجين متخاصمين لأن أحدهما يرفض العودة للطرف الآخر،  حيث يُحاول أحد الحكماء المُخضرمين أن يضغط على الميعاد بضرورة عودة كل منها للآخر وهنا تتوتر الأمور ويرفع أحد الحكماء صوته عالياً بقوله (يا وجوه الخير بيت الزر إمهدوم) أى ، حتى ولو رجع أحد الزوجين الرافض لإعادة المياه إلى مجاريها كما كانت ، لن يستقر وضعهما حسب ما سمعناه من كل واحد منهما على حده .

 وهنا يطلب  أحد المشائخ الأجلاء الكلمة ويوضح بقوله أن الزوجة لديها أسبابها الجوهرية ، فيُقاطعه آخر بقوله غناوة علم (إللى ما بلاه أتحمل ** تقديعك على عيبا خطا) وهو من طرف الزوج لا شك فى ذلك مُدافعاً عنه أى كأنه يقول أن الزوجة لن تتحمل الإبتعاد عن زوجها وكأنه متأكد من ذلك ، يرد أحد من أهل الزوجة بقوله (إن غاب ما عليه سوال ** وإن جاء كى مرزوق عندنا) أى يُلمّح بقوله إن إبنكم لم يعد له قيمة عند إبنتنا فهو زواج لم  يكن موفقاً ولا مقبولاً من صاحبة الأمر نفسها (أحصلنا فيكم والله غالب)   ومرزوق عند أهلنا فى البادية يعنى (الكلب يكرمكم الله) !! ويرد الآخر نحن  لم نضربكم على أيديكم وإذا كان الأمر كذلك ردوا علينا هدايانا وما صرفناهم على إبنتكم !! .

  ويشتد الجدل بين الحكماء ويكرر الذى فتح الميعاد قائلاً ألم أقل لكم   (بيت الزر إمهدوم) أى أن البيت سيُهدم لا محالة ويومها ستجدون أنفسكم أمام  ميعاد آخر وهكذا !! وعليه يتطلب الأمر من الآن فك الإرتباط نهائياً وكل واحد منهما يذهب لحاله (لا عيب لا سيات) فربما سيجد نصيبه مع طرف آخر وينعم بحياة هادئة وهناك من يُفضل البقاء وحيداً دون تدخل طرف آخر يُعكر صفوه  وينغص عليه حياته بعد أن ملك أمره فى يده فجمال الديمقراطية الزوجية أن تعيش بداخلك لا أن تعيش فى أحلامها بفضل الغير حيث يصبح ذلك الفضل والجميل  (مسمارجحا). .

  أهلنا فى الزمن الماضى أحياناً تأخذهم العزة بالإثم و كانت لديهم قناعات متوارثة  فى الحياة الإجتماعية ومنها إستخدام ما يسمى (بيت الطاعة) نتيجة لعدم الوعى الثقافى بالأمور الحياتية والإجتماعية وهو فى حقيقته ظلم صارخ يقع على المرأة والتى تفقد فى ما يُسمى بيت الطاعة حقوقها الإنسانية كإنسانة  التى من حقها أن تختار شريك حياتها وأن تنعم بالتوافق معه فى الكثير من الأمور وأن تجد فيه الصفات التى تتمناها فى هذا الشريك الذى لم تجلس معه وتتعرف عليه عن قرب ، ولكن هناك عقليات مٌتحجرة كانت تنظر للمرأة عبارة عن  تابع ليس من حقها الإعتراض .

فعندما ترفض الزوج الذى أُجبرت عليه غصباً عنها ويتم الزواج تحت ضغوط إجتماعية من كل جانب أو زواج مبنى على المصلحة تضطر أحياناً للرفض المُطلق للتعايش معه والخلاص منه عندما تكتشف فيه أمور يصعب قبولها وأن هذا  الزوج  لا يتوافق معها فى أى شئ ، ومن هنا يأتى أمر آخر وهو كرامة الزوج الجاهل المُتخلف حيث يُسيطر عليه غروره وأنفته وكبرياؤه بأن يُصر على رأيه ويطلبها فى ما يُسمى بيت الطاعة تحقيراً لها وإمتهاناً لشخصيتها وكرامتها .

 فإذا كانت قوية وتمتلك الشجاعة للدفاع عن نفسها بقوة وأمرها فى يدها ، فلن ترضخ لتلك التهديدات أو الإغراءات بجميع أنواعها إذا كان الزوج ميسور الحال ويخاف من الإشارة إليه بالبنان من أنه قاصر وغير كامل الرجولة وهو السبب الرئيسى الذى يُذكر فى مجتمعنا فى مثل هذه الحالات عندما تطلب المرأة أن (تخلع زوجها) بالرغم من أن هناك أسباب كثيرة تعرفها المرأة أكثر من الرجل .

سامحونى على الإطالة ولكن الموضوع يتطلب مدخلاً وإننى أعلم أن هناك قراء أعزاء يفضلون الوصول للهدف بطريقة سريعة ومباشرة ولا يحبون الإطناب فى المقالات .

كانت لى مقالة تحت إسم (أمريكا وسياسة كلكم أولادى ما دمتم فى طاعتى) لم أتطرق فيها لمعنى الطاعة التى أقصدها فى مقالتى وما أريده من خلال تلك العبارة ، ولكن الأمور بدأت تتسارع و يبدو أن بيوت الطاعة التى يٌستدعى إليها ساستنا الجدد برضاهم  أو ربما بدون إرادتهم تتطلب الإشارة إليها ليس طعناً ولا قذفاً وإنما نقداً إيجابياً المراد به كرامة ومكانة وقيمة ليبيا أولاً وأخيراً وهى فوق كل إعتبار . 

فإذا كان لابد من طأطأت الرأس يُمكن أن نقبل ببيت طاعة واحد إن أردنا أن تُسلب إرادتنا  فعلينا بالكبير لأن (الكبير ديما كبير) وخصوصاً عندما قرأت فى بعض الوكالات العالمية أن أمريكا هى من خططت للقاءات من وردت أسمائهم لدخول بيت الطاعة  بطرابلس أوغيرها وأشرفت على الإتصالات بالخارج والداخل وحماية الساسة حتى دخولهم قاعات الحوار للإنصات وهز الرؤوس فقط وما يُمليه عليهم الكبار وهذا يدل على إهتمامها بنا ورعاية مصالحنا .(شكراً أمريكا).

فهل دخلت ليبيا اليوم بيت الطاعة (الأمريكى) ؟؟  بعد ما كان ساستها يتمنّعون وهم الراغبون فى دغدغة أمريكا لهم تارة والتلويح بالعصا تارة أخرى ، أم أنه لا زال ساسة ليبيا الجدد الذين جاءت بهم الأقدار ليبتلى بهم الوطن  (زامقين  وإيديهم فى القصعه) كما يقال .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق