الاثنين، 9 فبراير 2015

مصراتة وبرقة :: بقلم / فايزة بن سعود



 مصراتة وبرقة

 

بقلم / فايزة بن سعود

 

روي ان عميد بلدية بنغازي يوسف لنقي, استوقف الملك ادريس, رحمهما الله في احدى رحلاته البرية من طبرق الى طرابلس, ليستضيفه, واستوضح منه عما يهمس به الناس من انه لم يعد يكن الود لبنغازي لذلك يقاطعها بعد مقتل الشلحي, فرد الملك بان بنغازي هي عاصمة برقة التي لولاها ما كنت ملكا, ولكن الوجيه يوسف بك عاود سؤاله عن حدود برقة التي بالطبع لا يجهلها… فاجابه الملك بان حدودها عند جده الامام السنوسي الكبير هي من مصراتة التي كانت اول قبلة احتضنته في دار ال المنتصر بعد تركه الجزائر.


ليس هناك مدن طيبة واخرى شريرة.. هناك مدن معافاة, واخرى مبتلاة.. المدن كالبشر تمر باطوار من الهداية, والضلال.. اليقظة, والغفلة.. الامن, والخوف وطبعا الشبع والجوع.. ولكن البشر زمنهم قاصر ومنظورهم قاصر, بينما المدن اطول عمرا.

احد ألقاب بنغازي كان (بنية مصراتة).. كما اخبرني ابي.. رغم ان المصراتيين ليسوا اول اهل الغرب الذين استوطنوا بنغازي, ولكنهم الاكثر عددا.


في منتصف القرن الخامس عشر, كان التجار من الغرب الليبي ياتون السبخة عن طريق البحر (لان طريق البر لم تكن امنة), ويتبادلون السلع مع عرب المنطقة المحيطة بها … حتى اعجبهم المكان فاقتطعوا لهم الاراضي.. وولدت (كوية الملح) على انقاض المدينة الإغريقية هيسبيريديس,, و خليفتها برنيق.. واستقر فيها كثير من البرقاويين القدامى, ايضا منذ ذلك الزمان . … وما زالت اسماء عائلاتهم تزين الشوارع القديمة كعائلة كويري والعنيزي مثلا.


كان هذا قبل مجئ الترك بحوالي مئة عام.. ظهر اول تجمع حضري مدني (بالمعنى العلمي لكلمة مدينة).. حيث تقاسم المدينة شيخان: سعيد فكرون من قبيلة الكوافي. … وسالم ادغيم من الذكيران (التكيران). … كلاهما من اصول مصراتية عرفت جماعة الاول بالحاشية والثاني بالتكيران .. وكونا معا ما يعرف بالاهالي (العرب) .. في مقابل الكراغلة القادمين من مصراتة ايضا .. وفي مقدمتهم آل الكيخيا… واخيرا هناك الاشراف والمرابطين.


مؤسس بلدية بنغازي هو عبد الرحمن امنينة من قبيلة قصر حمد التي اسمها يدل على مصراتة.. وشارع وسط البلد ايضا ببنغازي يدل عليه.


كان الشيخ من قبائل برقة يرغب ابنه بالزواج من مصراتية, كما اخبرنى ابى ايضا (اي بنغازية غرباوية الاصل, ولو لم تكن مصراتية..فالاغلبية طبعت سكان المدينة) في ذلك الوقت .. ونتج عن تلك المصاهرات رجالا مثل عبد الحميد العبار (والدته من آل الجهمي), واحمد عقيلة الكزة (والدته من آل الكيخيا).. اللذين واجها القذافي بالكلمة الشهيرة:


خيخي وابن ايخي, وتعني الخوؤلة والنسب بيننا .. عندما حاول في ثمانينات القرن الماضي ان يحرض العواقير على الحضر.. وقال لهم كيف تسمحون للمصراتية, ان يستولوا على وطن اجدادكم؟


بشير السعداوي الذي قدم بيعة اقليم طرابلس للملك ادريس رحمهما الله وارسى معه وحدة الوطن, كان ايضا من قبيلة زمورة المصراتية, وان ولد في الخمس…. ويعرف كذلك المعجبون بالتجربة التونسية ان الجد الاول للرئيس ابورقيبة من درادفة مصراتة ايضا.


لا نغفل في سردنا هذا عن هجرة الجفاف, للقبائل من الغرب الليبي الى الشرق … ابان حقبة حكومة برقة, التي عملت الاختبار الشهير بالحلقة و والشبكة, والبقرة… بعدما استفحل امر المشردين .. فما كان من امر اهلهم الذين سبقوهم الى هذه المدينة بحوالي خمسة قرون كاملة, وكذلك, بقية السكان البرقاويين الا ان فتحوا لهم بيوتهم الى ان انفرجت الغمة ونزل الغيث في الغرب وعاد منهم من عاد وبقى من بقى, واستحقت بنغازي لقب رباية الذايح بجدارة, والفضل الاول يرجع للوجيه البنغازي, ابن قبيلة يدر المصراتية يوسف بن كاطو. الذي رفض ابعادهم .. حسب قانون الولاية, واصر في مبنى البلدية على ضرورة استقبالهم.


مصراتة و برقة حكاية, قد لا يعرفها البعض, ولكنها قديمة.. حديثة .. وما (حدوث) العظيم عنك ببعيد…. وطابور السويحلية (اقرأوا عنه اذا لم تسمعوا به) الذي جاهد في برقة ايضا يشهد.


اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.. واتمنى ان يسود تعليقاتنا الاحترام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق