أولويات… ومبادئ
ضرورية لإنجاح الهيئة التأسيسية
بقلم / د. محمد بالروين
18/7/2013
أولويات… ومبادئ
ضرورية لإنجاح الهيئة التأسيسية
لكي ينحقق الحُلم الذي يحلم به كل الليبيين الشرفاء في كل ربوع الوطن الا وهو تأسيس دولتنا الدستورية الثانية… ولكي نقوم بصياغة دستورنا الجديد كما نُريد, لابد في أعتقادي من الاتفاق قبل شروع الهيئة التأسيسية في أعمالها من الاتفاق علي مجموعة من الآولويات الضرورية والمبادئ الهامة لتحقيق هذا الهدف. ولعل من أهم هذه الآولويات والمبادئ الآتي:
أولا: الاولويات
بإختصار شديد هناك مواد في الدستور يجب الإستفتاء عليها مُنفرده وقبل الشروع في صناعة الدستور.هذه المواد هي التي ستحدد شكل وطبيعة الدولة ونوع نظام الحكم ومكانة السلطة في الدولة. ولعل من أهم هذه المواد التى يجب استفتاء الشعب عليها مُنفردة الاتي:
ا. ماهو نوع نظام الحكم المنشود؟ ملكي أم جمهوري.
ب. اذا كان نظام الحكم جمهوري, هل يجب ان يكون؟ رئاسي أم برلماني.
ج. ماهو نوع السلطة ومكانتها في الدولة؟ مركزية أم اللامركزية.
ثانيا:المبادئ
لكى يكون دستورنا واقعى وعملى لابد أن يقوم على مجموعة من المبادئ الاساسية والضرورية والتي يجب ان يتفق عليها أبناء الشعب قبل الشروع في صياغة الدستور. ولعل من أهم هذه المباديء الآتي:
1. مبدأ الوحدة الوطنية: هذا المبدأ يقوم علي عنصرين اساسيين هما: “وحدة الوطن… ووطنية المواطن.” فالوحدة الوطن تعنى تجميع كل مكونات الدولة المتفرقة في وحدة واحدة. أما الوطنية فتعني الشعور الذاتي للمواطن بالانتماء وحب الوطن ووضع مصالح الوطن فوق كل المصالح الخاصة الآخري والاستعداد للتضحية في سبيل الوطن. وهنا لابد من التذكير بان الوطنية درجات. ففي الوقت الذي قد تجد إن هناك مواطن له درجة واحدة (1%) من الواطنية بينما قد يصل معدل الوطتية عند البعض الآخر الى درجة التضحيه في سبيل الوطن.
2. مبدأ اللامركزية المتوازنة: المقصود باللامركزية المتوازنة هنا هي المسافة بين اللامركزية المُفرطة والمركزية المقيتة وتشمل كل الابعاد السياسية والاقتصادية والادارية. بمعني آخر هي الاسلوب التنظيمي الذي يقوم على أساس توزيع السلطات والوظائف الإدارية بين السلطة المركزية والسلطات المحلية الآخري وفقا للآلية والكيفية التي يحددها الدستور.
3. مبدأ حكم الأغلبية وحقوق الأقليات: ببساطة يمكن القول ان مبدأ حكم الأغلبية يقوم على أساس أن الأكثرية فى المجتمع تملك حق اختيار المسئولين وتقرير السياسات العامة فى الدولة. ففى كل الدول المعاصرة يتم اتخاذ القرارات عن طريق الأغلبية. بمعنى عندما يختلف المواطنون حول شىء ما تكون السيادة فى العادة لقرار الأغلبية وما تعتقده صوابا. والأغلبية هنا يجب أن تتخذ قراراتها وفقاً للدستور وقوانين الدولة. وفى نفس الوقت عليها إن تحمي مصالح وحقوق الأقليات. وهنا لابد من الاشارة الى ان الحفاظ على حقوق الأقلية لا يعني ان سياسات الأقلية يجب أن تكون مقبولة من قِبل الأغلبية. وانما تعنى ان الحكومة لابد ان تضمن للأقليات حرياتها الأساسية وحقها فى الاعتراض.
وفي أعتقادي لابد ان نتفق بأن السمة المميزة للديمقراطية هي حق الشعب في تغيير الأغلبية السياسية عن طريق الانتخابات. بمعني لابد أن تملك الأقلية (أي الأحزاب والقوى السياسية التي ليست في السلطة) الحق في السعي لتصبح أغلبية وأن تمتلك جميع الحقوق اللازمة للتنافس في الانتخابات. وبمعنى آخر إذا أردنا ان نبنى مجتمع عادل يُحترم فيه كل المواطنين لابد أن يكون فيه لحكم الأغلبية آليات واضحة وحدود وضوابط يحددها الدستور.
4. مبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات: بمعني ان الكل (الحكام والمحكومين) في الدولة يجب ان يلتزموا ويتقيدوا بحرفية القوانين وانهم جميعن متساوين أمام القانون. وهذا يتطلب استقلال السلطة القضائية عن كل السلطات الآخري، واكتساب هذه السلطة الطابع القانوني والدستوري.
أما المقصود بمفهوم الموسسة هنا فيعني مجموعة من القوانين والادوات يديرها بعض الاشخاص من ذوي الاختصاص والخبرة وتُدعم من قبل الدولة ولا تتغير بتغير الافراد القائمين عليها. والمقصود بدولة المؤسسات انها دولة تقوم علي نظام فى تسيير الأمور وفق الرؤية المؤسسية والقانونية وليس وفق لرؤية أشخاص يحركون الأمور برؤاهم الشخصية. وبهذا الطابع المؤسسي للدولة تسطيع المنظمات والاجراءات في الدولة إكتساب القيم والمقدرة على التكيف والاستقلال الذاتي والاستقرار. ومن تم فان عملية إضفاء الطابع المؤسسي على المجتمع أمر لابد منه لترسيخ وتعزيز الديمقراطية في الدولة .
5. مبدأ الفصل بين السلطات: ان مبدا الفصل بين السلطات يعنى بإختصار شديد القيام بتوزيع السلطات بين فروع الحكومة الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية. فالسلطة التشريعية تقوم بسن القوانين، والسلطة التنفيذية تقوم بتطبيق وتنفيد القوانين، والسلطة القضائية تقوم بتفسير (أوالتمسك بمقاصد) القوانين. بمعنى آخر يقوم هذا المبدأ على أساس أن هناك ثلاث مجموعات منفصلة من المسئولين هم:
(أ) المشرعون وهم الذين من حقهم صنع القرارات والقوانين وفقاً للدستور.
(ب) المنفذون وهم الذين يقومون بتسيير الدولة وتنفيذ القوانين التى أصدرها المجلس التشريعي.
(ج) المفسرون وهم الذين يملكون حق تفسير القوانين وإلغاء كل ما هوغير دستورى.
6. مبدأ المراقبة والتوازن: إذا سلما بأنه لابد من الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. فلابد من التأكد بأن هذا الفصل يقودنا فى النهاية إلى الاهداف المنشودة. ولكى يكون هذا الفصل بين السلطات مُثمراً وفعالاً لابد أن يقوم على مبدأ “الاتزان بين السلطات وإمكانية مراقبة بعضها البعض.” بمعنى ان حق المراقبة والتوازن يعنى إعطاء كل سلطة من السلطات الثلاث بعض الوسائل السياسية والقانونية التى تمكنها من مراقبة السلطتين الآخرين بغرض تحقيق التوازن بينهما. وبمعني آخر ان يُعطى لكل سلطة حق رفض بعض أعمال (أوقرارات) السلطات الأخرى.
7. مبدأ المرجعية القضائية: هي عملية تمتع المحاكم بحق وسلطة النظر في قرارات المحاكم الدنيا والإجراءات التنفيذية والتشريعية. بمعني آخر حق السلطة القضائية إلغاء أي قانون صادر من البرلمان (أواي قرار او سياسة من الحكومة) اذا راءت المحكمة إنه يتعارض مع الدستور.
8. مبدأ التعددية السياسية: اذا سلمنا بان التعددية السياسية هي افضل وسيلة للحكم في هذا الزمان الذي يسمونه عصر الانفتاح والتنوع والتعدد السياسي و مظهر من مظاهر الحداثة السياسية في أي دولة تريد ان تتقدم وتتحضر, فعلية لابد ان يتضمن دستورنا الجديد هذا المبدأ. والمقصود بالتعددية السياسية هنا أولا وقبل كل شيء، وجود مجال اجتماعي وفكري يمارس الناس فيه أفكارهم وأرآءهم وبرامجهم بواسطة الحوار والنقد والاعتراض والأخذ والعطاء، وبالتالي التعايش في إطار من السلم القائم على الحلول الوسطى المتنامية التي يتبنها الاغلبية من ابناء شعبنا. وبمعني آخر ان التعددية السياسية تعني وجود صوت أوأصوات أخرى مخالفة لصوت السلطة الحاكمة.
9. مبدأ التداول السلمي علي السلطة: ما أعنيه هنا بمبدأ التداول السلمى للسلطة هو وجود آلية أوآليات دستورية تتيح الفرصة للشعب ان يُبقى المسؤولين فى مناصبهم أويقرر إستبدالهم بآخرين أحسن منهم. وهذا المبدا يعنى انه لا يجوز لأى فرد ولا جماعة ولا حزب مهما كانت قوته اومكانته ان يبقى فى السلطة مدة أطول مما حددها القانون إلا اذا قام الشعب بإعادة إنتخابة مرة أُخرى فى إنتخابات حرة ومفتوحة ودورية. وهذا المبدأ يعنى بإختصار شديد: (أ) إن السلطة قابلة للتداول بين كل ابناء الشعب وهى مفتوحة لكل من يعتقد انه أهل لها. (ب) أن يكون هذا التداول على السلطة بالاساليب والآليات السلمية التى ينص عليها ويحددها الدستور. و(ج) ان تبنى هذا المبدا سوف يتيح الفرصة لكل جيل ان يحكم نفسه بنفسه.
المقصود بالتداول السلمي على السلطة هو التعاقب الدوري للحكام على سدة الحكم تحت صيغ الانتخابات، حيث يمارس هؤلاء الحكام المنتخبون اختصاصاتهم الدستورية لفترات محددة سلفاً.
10. مبدأ الاسلام دين الدولة: بمعني, وطالما اننا دولة مسلمة, لابد ان يكون شعارنا هو “سمو مبادي الاسلام … وسيادة القانون.” والمقصود هنا بسمو مبادي الاسلام هو أن جميع القوانين التي تصدرها الدولة يجب الا تتعارض مع هذه المبادئ والقيم الأساسية للإسلام, وان تكون قواعد واسس الاسلام هى أعلى مرجعية لكل القواعد القانونية فى الدولة. بمعني لا يجوز للتشريعات التى يسنها البرلمان أوالاجراءات التى يقوم بها الرئيس ان تكون مخالفة لمبادي الاسلام. ومن جهة آخري ان كل القوانين والاجراءات التى لم يثبت انها تخالف مبادي الاسلام يجب إحترامها وقبولها ولا أحد يعلوا عليها. وبمعنى آخر يحق للشعب ان يسن كل القوانين وان يختار ما يراه مناسبا له وما تقتضية مصلحة الوطن من آليات وقوانين وسياسات وإجراءات بشرط الا تتعارض مع أحكام القران والثابت من السنة النبوية.
11. مبدأ العدالة الاجتماعية: هذا المبدأ يسعى الى تأسيس مجتمع يكون فيه حاضر كل مواطن مضمون بما يكتسب من عمل, ومستقبله يؤمنه المجتمع, ومريضه يعالج دون مقابل, وتعليم أولاده ليس عبئا عليه وحده ولكن من واجب الدولة. بمعني آخر ان مبدأ العدالة اجتماعية يقوم على أساس:
(أ) مبدا التكامل والتكافل الطبقى, وليس الصراع الطبقى.
(ب) محاربة الفقر ولكن ليس بمعاقبة الاغنياء وانما بمساعدة الفقراء.
(جـ) ضمان المساواة فى الحاجات الضرورية لكل المواطنيين.
(د) تشجيع الاعتماد على النفس, وان صاحب الشىء أحق بالقيام به.
(هـ) تقديس العمل وجعله عبادة وفريضة اسلامية ووضعه فى مرتبة الجهاد,.
(و) مبدأ لاضرر ولا ضرار.
(ر) محاربة الاحتكار والغش والاستغلال ولكن ليس بمنع التجارة الحرة وانما بالقضاء علي الفساد وبمصادرة كل وسائل الاستغلال والاحتكار.
ختاما وبإختصـــار شـديد, إن الدولة الدستورية التى نحلم بها جميعا هي الدولة التي: تُجمع…لا… تُفرق…
تُيسر…لا… تُعسر…
مُنفتحة…لا… مُنغلقة…
مُستقلة…لا… تابعة…
جاذبة…
لا… طاردة ..
تُعلم…لا… تُجهل…
مؤسسات…لا… عائلات…
تسمو فيها الشريعة…
ويحكم فيها قانون…
وفوق هذا وذاك .. دولة تقوم علي الاحترام.. لا..علي الخوف.
آخيرا لا تنسوا يا أحباب إن هذا مجرد إقتراح أعتقد إنه الصواب فمن أتى بإقتراح أحسن منه قبلناه ومن أتى بإقتراح بختلف عنه إحترناه… ولا أملك الا ان أقول أدعو الله أن أكون بذلك قد ساهمت في خدمة شعبي وإنجاح العملية الدستورية وبذلك تنحقق أهداف ثورتنا المباركة…
والله المســــــــتعــــان.
محمد عبد الرحمن بالروين
berween@hotmail.com
http://mohamedberween.blogspot.com
berween@hotmail.com
http://mohamedberween.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق